الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ﴾. يقال: مَن الذي زَيَّن للناس ذلك؟ فيقال: اللهُ تعالى زَيَّن للناس؛ بما جعل [[في (ب): (بحب أجعل).]] في الطِبَاع من المنازعة إلى هذه الأشياء محنةً، كما قال الله عز وجل: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ﴾ [الكهف: 7].
وقال بعضهم [[انظر: "معاني القرآن" للزجَّاج 1/ 383 حيث اقتبس منه المؤلف بعض العبارات.]]: الشيطان زينها؛ لأن الله تعالى زهَّد فيها؛ بأنْ أعلم وأرى زوالها [[في (د): (والها).]]، ولو زهَّد فيها [[(فيها): ساقطة من: (ج).]] حقيقةً؛ لوُجد ذلك في الخَلْقِ كلِّهم، كما وُجِد التزيين؛ فإنَّ حُبَّ هذه الأشياء موجودٌ في طِبَاع البَشَر [[وممن قال بهذا القول: الحسن البصري رضي الله عنه وممن قال بالقول الأول:== عمر بن الخطاب رضي الله عنه. انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 607، "تفسير الطبري" 3/ 199، "المحرر الوجيز" 3/ 40، "الدر المنثور" 2/ 1718. وقال الخازن في "تفسيره" 1/ 274: (قال أهل السنة: المُزيِّنُ: هو الله تعالى؛ لأنه تعالى خالق جميع أفعال العباد، ولأن الله تعالى خلق جميع ملاذ الدنيا، وأباحها لعبيده، وإباحتها للعبيد تزيين لها) ثم ذكر من الآيات ما يدل على ذلك، ثم قال: (ومما يؤيد ذلك: قراءةُ مجاهد: (زَيَّنَ) بفتح الزاي على تسمية الفاعل. وقال الحسن: المزين: هو الشيطان. وهو قول طائفة من المعتزلة، ويدل على ذلك: أن الله تعالى ... أطلق حب الشهوات، فيدخل فيه الشهوات المحرمة، والمُزَيِّن لذلك هو الشيطان، ولأن الله تعالى ذكر هذه الأشياء في معرض الذم للدنيا، ويدل عليه آخر هذه الآية، وهو قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ ونقل عن أبي علي الجبَّائي من المعتزلة أن كل ما كان حرامًا، كان المزين له هو الشيطان، وكل ما كان مباحًا كان المزين له هو الله تعالى. والصحيح: ما ذهب إليه أهل السنة، لأن الله تعالى خالق كل شيء، ولا شريك له في ملكه). ولكن الآية هنا تحتمل الأمرين؛ لأن تزيين الله لها، حقيقة، كما سبق إيضاح المؤلف له، وكما ورد في قول الخازن، أما تزيين الشيطان لها فبالوسوسة والخديعة وتحسين أخذها من غير وجهها، والحض على تعاطي الشهوات المحضورة فيها، وعلى هذا الوجه يُحمل كلام الحسن رضي الله عنه. انظر: "المحرر الوجيز" 3/ 40، "البحر المحيط" 2/ 396، "تفسير الرازي" 7/ 209، "الإنصاف" فيما تضمنه "الكشاف" من الاعتزال، لابن المنير (مطبوع على هامش "الكشاف" 1/ 416، "روح المعاني" 3/ 99.]].
والشهوة: تَوَقان النفس إلى الشيء، وقد ذكرناها في سورة الأعراف، عند قوله: ﴿شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ﴾ [الأعراف: 81].
وقوله تعالى: ﴿وَالْقَنَاطِيرِ﴾. جَمْعُ (قِنْطار)، وكثر الاختلاف في معنى (القنطار): فروى أبو هريرة [[هو: أبو هريرة بن عامر الدوسي. واختلف في اسمه كثيرًا، ولم يُختَلَف في اسم آخر مثله ولا ما يقاربه. فقيل: عمير، وقيل: عبد الله، وقيل: عبد الرحمن، وقيل غير ذلك. وقيل: إن اسم والده: صخر. وقيل: دومة، وقيل غير ذلك. أسلم بين == الحديبية وخيبر، وهاجر وسكن الصُّفَّة، وكان من ألزم الصحابة للنبي ﷺ، وأحفظهم للحديث عنه، وأكثرهم رواية. توفي سنة (57 هـ). انظر: "أسد الغابة" 6/ 318، "الإصابة" 4/ 202.]] عن النبي ﷺ، أنه قال: "القنطار: اثنا [[في (ب)، (ج)، (د): (اثني).]] عشر ألف أوقية" [[الحديث أخرجه: أحمد في "المسند" 2/ 363، وابن ماجه (3660) "كتاب الأدب" باب: (بر الوالدين)، وقال البوصيري في "زوائد ابن ماجه" مما نقله محقق "السنن": (إسناده صحيح، رجاله ثقات) ولكن ضعفه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" 2/ 494 برقم (2953)، وأخرجه الدارمي في "السنن" 4/ 2177 (3507) باب: (كم يكون القنطار). وأوقفه على أبي هريرة، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" انظر: "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان" 6/ 311 برقم: 2573، وقال محققه، شعيب الأرنؤوط: (إسناده حسن)، وأخرجه البيهقي في "السنن" 7/ 233 وأورده الثعلبي في "تفسيره" 3/ 15 ب، وابن كثير في "تفسيره" 1/ 377، ونسب إخراجه لوكيع في "تفسيره" وأورده السيوطي في "الدر" 2/ 18، والمتقي الهندي، في "كنز العمال" 2/ 5 برقم (2892).]].
وروى أنس عنه أيضًا: أن القنطار: ألف دينار [[أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 608، وقال محقق التفسير: إسناده ضعيف، ولم يصح رفعه. وأورده ابن كثير في "تفسيره" 1/ 377 ونسب إخراجه للطبراني، وأخرجه الثعلبي في "تفسيره" 3/ 15 ب، وأورده السيوطي في "الدر" 2/ 18، ونسب إخراجه كذلك لابن مردويه.
وقد ورد عن أنس رضي الله عنه بلفظ آخر، يرفعه: (القنطار: ألفا أوقية). رواه الحاكم في "المستدرك" 2/ 178 كتاب النكاح. وقال: صحيح الإسناد على شرط الشيخين، وأقرَّه الذهبيُّ، وأورده السيوطي في "الدر" 2/ 18، والمتقي الهندي في "كنز العمال" 2/ 5 برقم (2891).]].
وروى أُبَيُّ بن كعب، أنه قال: القنطار [[في (ج): (إن القنطار).]]: ألف ومائتا أوقية [[أخرجه ابن جرير في "تفسيره" 3/ 200، وأورده ابن كثير في "تفسيره" 1/ 377،== وأورده السيوطي في "الدر" 2/ 18، والمتقي الهندي في "كنز العمال" 2/ 5 برقم (2893)، وقال عنه ابن كثير: (وهذا حديث منكر أيضًا، والأقرب أن يكون موقوفًا على أبي بن كعب، كغيره من الصحابة).]] وهو قول ابن عمر [[الأثر عنه، في "تفسير الطبري" 3/ 200، "تفسير الثعلبي" 13/ 15 ب، "المحرر الوجيز" 3/ 41، "زاد المسير" 1/ 359. وورد عنه: أن القنطار سبعون ألفًا. انظر: "تفسير الطبري" 3/ 201، "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 609.]]، ومعاذ بن جبل [[الأثر عنه، في "سنن الدارمي" 4/ 2178 (3512) كتاب: فضائل القرآن، باب: (كم يكون القنطار)، "تفسير الطبري" 3/ 200، "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 608، "غريب الحديث" لأبي عبيد: 2/ 260، "تفسير الثعلبي" 3/ 15 ب، "سنن البيهقي": 7/ 233، كتاب الصداق، باب: (لا وقت في الصداق)، "تفسير البغوي" 2/ 15، "المحرر الوجيز" 3/ 41، "زاد المسير" 1/ 359، "الدر المنثور" 2/ 18، ونسب إخراجه لعبد بن حميد.
ومعاذ بن جبل، هو: أبو عبد الرحمن، الأنصاري الخزرجي. من كبار الصحابة، شهد العقبة والمشاهد كلها، بعثه النبي ﷺ قاضيًا على منطقة (الجَنَدِ) من اليَمَن، وهو مُقَدَّمٌ في علم الحلال والحرام، وممن جمع القرآن على عهد النبي ﷺ، توفي بالطاعون سنة (17هـ). انظر: "الاستيعاب" 3/ 459، "الإصابة" 3/ 426.]] وابن عبَّاس في [[في (ج): (وفي).]] رواية عَطيَّة [[الأثر عنه، في "تفسير الطبري" 3/ 20، "تفسير الثعلبي" 3/ 15 ب، "سنن البيهقي" 7/ 233، "الدر المنثور" 2/ 18.]].
وقال في رواية الوالبي: القنطار: اثنا [[في (ج): (د): (اثني).]] عشر ألفَ درهم، أو ألفُ دينار، دِيَةُ أحدِكم [[الأثر عنه، في "تفسير الطبري" 3/ 200، "تفسير الثعلبي" 3/ 16 أ، "سنن البيهقي" 7/ 233، "الدر المنثور" 2/ 18.]].
وبه قال: الحسن [[الأثر عنه، في "سنن الدرامي" 4/ 2174 (3501) كتاب: فضائل القرآن، باب: من قرأ من مائة آية إلى الألف، رواه مرة مرسلًا عنه، ومرة موقوفًا عليه. وورد في "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 608، "تفسير الثعلبي" 3/ 16 أ، "تفسير البغوي" 2/ 15، "المحرر الوجيز" 3/ 41، "زاد المسير" 1/ 359.]] [وقتادة] [[ما بين المعقوفين: زيادة من: د.
ولم أهتد إلى مصدر الأثر عنه، وإنما الوارد عنه في المعنى المذكور: روايته عن الحسن، وهي في "تفسير الطبري" 3/ 200. أما الوارد عنه من قوله هو: أن المثقال: ثمانون ألفًا من الورق، وهي الفضة، أو مائة رطل من ذهب. وقد ورد هذا الأثر في "تفسير الطبري" 3/ 199، "الزاهر" 1/ 432، "تفسير الثعلبي" 3/ 16 أ، "زاد المسير" 1/ 359، "المحرر الوجيز" 3/ 42، "الدر المنثور" 2/ 18، ونسب روايته لعبد بن حميد.]].
وقال الكلبي [[أورد قوله: أبو عبيدة في "مجاز القرآن" 1/ 89، وأورده نقلًا عن النقَّاش ابن عطية، في "المحرر الوجيز" 3/ 42، والقرطبي في "تفسيره" 4/ 31، وفي "الزاهر" 1/ 432، ينقل عن الكلبي، أن القنطار: ألف مثقال، ذهب أو فضة، وكذا في "زاد المسير" 1/ 359.]]: القنطار بلسان الروم: مِلْءُ [[في (ب): (ملاء)، وفي (ج): (ملو).]] مَسْكِ ثَوْر [[المَسْكُ: هو الجلد. انظر: "النهاية في غريب الحديث" 4/ 331.]]، من ذهب أو فضة. وهو قول أبي نَضْرة [[في (ج) في (د) أبي (نصرة).
الأثر عنه، في "سنن الدارمي" 4/ 2177 (3508) كتاب: فضائل القرآن، باب: كم يكون القنطار، "تفسير الطبري" 3/ 201، "الزاهر" 1/ 432، "تفسير الثعلبي" 3/ 16 أ، "المحرر الوجيز" 3/ 42، "ابن كثير" 1/ 377. ولكن أبو منصور الثعلبي، في "فقه اللغة" 1/ 199، ذكر أن مقداره في لغة الروم: اثنا عشر ألف أوقية. وأبو نضرة هو: المنذر بن ملك بن قُطَعة العبدي، العَوَقي، البصري. عده ابن حجر من الطبقة الوسطى من التابعين، ثقة، توفي سنة (108هـ) أو (109هـ). انظر: "سير أعلام النبلاء" 4/ 129، "تقريب التهذيب" (6890)، "تهذيب التهذيب" 4/ 154.]].
ويقال: إنَّه في التوراة كذا. وبلسان أفريقية، وأندلس: ثمانية ألف [[هكذا جاءت كتابتها في جميع النسخ. وهي كذلك في "الزاهر" 1/ 432، "تفسير الثعلبي" 3/ 16 أ، "المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب" للسيوطي: 132.]] مثقال من ذهب أو فضة [[ممن قال بهذا القول أبو حمزة الثُّمالي. انظر المصادر السابقة، "تفسير القرطبي" 4/ 31.]].
قال الزجَّاج [[في "معاني القرآن" 1/ 383، نقله عنه بتضرف.]]: والذي يخرج من اللغة أن (القنطار) مأخوذ من عَقْدِ الشيء وإحكامه، و (القَنْطَرة) من ذلك؛ لتوثيقها بعَقْدِ الطَّاق [[الطَّاق: ما عُطِف من الأبنية، والجمع: طاقات، أو عقد البناء حيث كان، والجمع: أطواق وطيقان. انظر: "اللسان" 5/ 2725 (طوق).]]. وكأن القنطار [[(القنطار): ساقطة من: (د).]]: هي الجملة التي تكُونُ عقْدَةً وثيقةً منه [[يعني: أن القنطار: الجملة من المال.]].
وهذا قول الربيع [[الأثر عنه، في "تفسير الطبري" 3/ 200، "تفسير الثعلبي" 3/ 15 أ، "زاد المسير" 1/ 359، "الدر المنثور" 2/ 18.]]، وابن كيسان [[قوله في "تفسير الثعلبي" 3/ 15 أ.]]، وأبي عبيدة [[في "مجاز القرآن" 1/ 88.]]؛ فإنهم لم يحدُّوا القنطار، فقالوا: إنه المال [[في (ج): (مال).]] الكثير.
وحكى أبو عبيدة عن العرب: أنهم يقولون: هو وزن لا يُحَدُّ [[وقد رجح الطبري هذا في "تفسيره" 3/ 200.]].
وقوله تعالى: ﴿الْمُقَنْطَرَة﴾ قال أهل اللغة: [[من قوله: (قال ..) إلى (.. القنطار): ساقط من: (د). والقائل هو أبو عبيدة، كما في "تفسير الثعلبي" 3/ 16ب.]] هو (مُفَعْلَلَة)، من: (القنطار)؛ كما قالوا: (إبلٌ مُؤبَّلةٌ)؛ أي: مجموعة، و (ألفٌ مؤلَّفٌ).
فمعنى: ﴿الْمُقَنْطَرَة﴾: أنها جُمعت حتى صارت قناطير؛ كما يقال: (دراهم مُدَرْهَمَة)؛ أي: مجعولة كذلك.
وقال يَمَان [[لم أقف على مصدر قوله. ويمان، أكثر من واحد، إلا أن المؤلف قد صَرَّح باسمه في أكثر من موضع من تفسيره، وسماه: يَمَان بن رَبَاب. انظر: "تفسير البسيط" تحقيق: د. الفوزان 91، 402، 903، 1084.
وقد ورد في بعض النسخ (رياب)، وأثبَتَها المحققُ: (رباب)، وقال بأنه لم يقف على حاله، سوى ما ذكره عنه البغدادي في "هداية العارفين" 2/ 548، وقول البغدادي فيه: هو اليمان بن رباب البصري، من رؤساء الخوارج ... له "إثبات إمامة أبي بكر الصديق"، "أحكام المؤمنين"، "الرد على المعتزلة في القدر"، "كتاب التوحيد"، "كتاب المخلوق"، "كتاب المقالات". "التفسير البسيط" 402. وقد وقفت عليه كذلك في "المغني في الضعفاء" للذهبي: 2/ 760، وسماه: (يَمَان بن رِئَاب)، وقال عنه: (خراساني. قال الدارقطني: ضعيفٌ، من الخوارج). وذكره ابن حجر في "لسان الميزان" 7/ 521، وسماه: (يَمَان بن رَبَاب)، وقال عنه مثل القول السابق.]]: قَنطر، أي: كَنَزَ [[في (د): (كثر).]].
وقال أبو العباس [[هو أحمد بن يحيى (ثعلب). وقد ورد قوله بأطول مما هنا في "اللسان" 6/ 3752 (قنطر)، وقد اختصره الواحدي قليلًا.]]: اختلف الناس في القنطار، والمعمول عليه عند العرب: أنه أربعة آلاف [[في (ج): (د): (الألف).]] دينار [قال: وقوله ﴿الْمُقَنْطَرَة﴾، يقال: (قد قنطر فلان): إذا مَلَكَ أربعةَ آلاف دينار] [[ما بين المعقوفين زيادة من: (د).]]، فإذا قالوا: مقنطرة؛ فمعناها: ثلاثة أدوار؛ دَوْرٌ، ودور، ودور. فمحصولها: اثنا عَشَرَ ألف دينار.
وقوله تعالى: ﴿مِنَ اَلذَّهَبِ﴾ الذهب: التِّبْر. والقِطْعَةُ ذَهَبَة [[في "الصحاح": (التِّبْر: ما كان من الذهب غير مضروب .. ولا يقال: (تِبْرٌ) إلَّا للذهب، وبعضهم بقوله للفظة، أيضًا) ص 600 (تبر).]]. ﴿وَالْفِضَّةِ﴾ الفَضُّ في اللغة معناه: التفريق، والكسر [[انظر: "كتاب العين" 7/ 13، "تهذيب اللغة" 3/ 2799.]]. ومنه: (لا يَفْضُض [[في (أ): يَفْضَضِ، بفتح الضاد الأولى. ولم تضبط بالشكل في بقية النسخ.]] الله فاكَ) [[فاك: ساقطة من: (ج). وهذه العبارة، دعاء؛ بمعنى: لا يسقط الله أسنانَك، وتقديره: لا يكسر الله أسنان فيك، فحذف المضاف. ويقال: لا يُفضِ الله ... ، من: (أفضيت)، والإفضاء: سقوط الثنايا من تحت ومن فوق. انظر كتاب "العين" 7/ 13، "النهاية في غريب الحديث" 2/ 453، "تهذيب اللغة" 3/ 2799، "الفائق" للزمخشري: 2/ 382.
وقد رُوي أن النبي ﷺ قال: "لا يفضض الله فاك" للعباس؛ لَمَّا مدحه شعرًا، وللنابغة الجعدي؛ لما أنشده بعض شعره انظر المصادر السابقة، "غريب الحديث" للخطابي: 1/ 189، "الاستيعاب" لابن عبد البَر: 2/ 358، "غريب الحديث" لابن الجوزي: 2/ 197، "أسد الغابة" لابن الأثير: 4/ 164، "الإصابة" لابن حجر: 2/ 271، وعزاه للبزَّار، والحسن بن سفيان، في مسنديهما، وأبي نعيم في "تاريخ أصبهان" والشيرازي في "الألقاب" "المؤتلف == والمختلف" للدارقطني، "الصحابة" لابن السكن، وغيرهم. وبَيَّن ابنُ حجر طرق روايتها عن النابغة. وأورده المتقي الهندي في "كنز العمال" 13/ 600 برقم (37541) ونسب إخراجه لابن عساكر، وابن النجار.]]، فالفضة سُمِّيت؛ لأن من شأنها أن تُفَرَّق بضرب الدراهم.
وقوله تعالى: ﴿وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ﴾ الخيل: جَمْعٌ لا واحد له من لفظه، كـ (القَوْلِ)، و (النساءِ)، و (الرَّهْطِ) [[انظر: "جمهرة اللغة" 1056 (خيل)، وكتاب "فقه اللغة" للثعالبي: 252.]].
سُمِّيت الأفراسُ (خيلًا)؛ لاختيالها في مِشْيتها بطول أذنابها؛ ألا ترى إلى قول امرئ القيس:
لها ذَنَبٌ مِثْلُ ذيلِ العروسِ ... تَسُدُّ [[في (د): (تشد).]] به فَرْجَها من دُبُرْ [[البيت، في: ديوانه: 164. وورد منسوبًا له في "أدب الكاتب" 155، وكتاب "المعاني الكبير" 1/ 149، "شرح أدب الكاتب" للجواليقي: 151، "الاقتضاب" للبطليوسي:3/ 111، "خزانة الأدب" 9/ 176، 177. وجاء في "الاقتضاب" (هذا البيت يروى لامرئ القيس، ويروى لرجل من النمر بن قاسط) 3/ 111. والشاعر هنا يصف فرسه ويذكر محاسن صفاتها، ومنها طول ذنبها ووفرته. وقال ابن قتيبة في "أدب الكاتب" 155: (لم يرد بالفرج هنا الرحم، وإنما أراد ما بين رجليها، تسدُّه بذنبها).]].
والاختيال: مأخوذ من (التَّخَيُّل)، والتخيُّل: التَّشَبُّه بالشيء [[في "أدب الكاتب" 58، "المجمل" 1/ 309: (أفعل ذلك على ما خيَّلت، أي: على ما شبَّهت)، وفي "اللسان" 4/ 2299: (وتخيل الشيءُ له): تشبَّه. و (وتخيَّل له أنه كذا)، أي: تشبَّه وتخايل).]]، ومنه يقال: (أخال عليه الأمرُ): إذا اشتبه، فالمختال [[في (د): (والمختال).]]، يَتَخيَّل في صورة من هو أعظم منه كِبْرًا، والخيال: صورة الشيء.
والأخْيَلُ [[في (أ): (الأخيَّل). والمثبت من كتب اللغة.]]: الشِّقِرَّاقُ [[في (ج): (السقراق)، في (د) الشفراق. والشِّقِرَّاق: طائر، وهو مشئوم عند العرب، ويقولون: أشأم من أخيَل. ونقل الأزهري عن الليث أنه طائر يكون في منابت النخيل، كقدر الهدهد، مرقَّط بحمرة وخضرة، وبمِاض وسواد. ويقال له: الشِّرقْراق، والشَّقِراق. ونقل صاحب "اللسان" عن ثعلب أنه يقع على دَبَر البعير، وينقُره، فيؤذي ظهره؛ ولهذا تشاءموا منه. انظر كتاب "العين" 4/ 305، "أدب الكاتب" 191، "جمهرة اللغة" 1056، "تهذيب اللغة" 2/ 1905، "اللسان" 4/ 2299 (خيل).]]؛ لأنه يَتَخيَّلُ، مرةً أخضر، ومرةً أحمر.
واختلفوا في معنى ﴿الْمُسَوَّمَةِ﴾: فقال ابن عباس في رواية عطية [[هذه الرواية، في "تفسير الطبري" 6/ 252، "تفسير الثعلبي" 3/ 16 ب، "زاد المسير" 1/ 360.]]: هي الراعية؛ يقال: (أَسَمْتُ الماشيةَ)، و (سوَّمتُها): إذا رَعَيتُها، فهي (مُسَامةٌ)، و (مُسَوَّمة) [[انظر: "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة: 98، "نزهة القلوب" للسجستاني: 419.]]، ومنه ﴿فِيهِ تُسِيمُونَ﴾ [النحل: 10].
وقال في رواية الوالبي [[هذه الرواية، في "تفسير الطبري" 3/ 201، "زاد المسير" 1/ 360.]]: هي المُعْلَمَةُ. وأصلها من: (السِّيْما)، التي هي: العلامة.
ومعنى العلامة ههنا: (الكَيُّ) في قول المؤرِّج [[انظر: "تفسير الثعلبي" 3/ 17 أ، "زاد المسير" 1/ 360.]]، والبَلَقُ [[البَلَقُ: سواد وبياض، وفي الفرس: أن يرتفع التحجيل وهو البياض في قوائمه إلى أن يتجاوز البطن، ويظهر في جسده دون رأسه وعنقه، ويكون في بياض بلقه استطالة وتَفَرُّق. انظر: "المنتخب من غريب كلام العرب" لكراع النمل: 1/ 312، "القاموس" (869) (بلق).]] في قول ابن كَيْسان [[انظر: قوله في "تفسير الثعلبي" 3/ 17 أ، "زاد المسير" 1/ 360.]]، والشِّيَةُ [[في (أ)، (ب): (المشبه)، في (ج): (السه). والتصويب من: (د). و (الشِّيَة)، هي: اللون المخالف للون سائر الجسد، وأصلها من: (وشَى الثوبَ، وشْيا، وشِيَةً): إذا نسجه على لونين. واستعير للحديث؛ فقيل: و (شَى كلامه)؛ أي: زَيَّنه ونمَّقه. انظر: (وشى) في "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب: 872، "عمدة الحفاظ" 632.]]، في قول قتادة [[انظر: قوله في "تفسير عبد الرزاق" 1/ 117، "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 610، "الطبري" 3/ 202، "تفسير الثعلبي" 3/ 17 أ، "زاد المسير" 1/ 360.]].
وقال مجاهد [[انظر قوله في "تفسيره" 123، "تفسير سفيان الثوري" 75، "تفسير عبد الرزاق" 1/ 117، ورواه البخاري تعليقًا في "الصحيح" 6/ 165 كتاب التفسير، سورة آل عمران، وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 610، والطبري في "تفسيره" 6/ 253، وأورده السيوطي في "الدر" 2/ 19، ونسب إخراجه كذلك لعبد بن حميد.]]، وعكرمة [[انظر: قوله في "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 610، "تفسير الطبري" 3/ 201، "زاد المسير" 1/ 360، "الدر المنثور" 2/ 19، وزاد نسبة إخراجه كذلك لعبد بن حميد.]]: الخيل المُسوَّمة: هي الحسان المُطَهَّمَةُ [[(المُطَهَّم) هنا: الحَسَنُ، الذي تمَّ كل شيء منه على حدته، فهو بارع الجمال، ويقال للناس والخيل. انظر: (طهم) في "أساس البلاغة" 2/ 86، "اللسان" 5/ 2714.]]، يُراد: أنها ذات سيما؛ أي: ذات حُسن. يقال: (لفلان سِيما)، و (له شارةٌ حَسَنة) [[(السَّيما): العلامة. ويقال: (سيما فلان حسنةٌ)؛ أي: علامة. وهي مأخوذة من: (وسَمْتُ، أسِمُ)، والأصل فيها: (وِسْمى)، فَحُوِّلت الواوُ من موضع الفاء إلى موضع العين، فصارت: (سِوْمى)، وجُعلت الواو ياءً؛ لسكونها وانكسار ما قبلها، فصارت (سِيما). ويقال كذلك: (سِيماء)، و (سيمياء). انظر: "الزاهر" 2/ 144، "اللسان" 4/ 2157 (سوم). قال الطبري في "تفسيره" 3/ 202: (وأولى هذه الأقوال بالصواب .. المعلَمة بالشِّيات، الحسان، الرائعة حسْنًا من رآها. لأن == (التسويم) في كلام العرب: هو الإعلام. فالخيل الحسان مُعلَمةٌ بإعلام الله إياها
بالحسن، من ألوانها وشِياتها وهيئاتها، وهي (المُطَهمة) أيضًا).]].
وقوله تعالى: ﴿وَالْأَنْعَامِ﴾ جمع (نَعَم)، والنَّعَم: الإبل والبقر والغنم. ولا يُقال لجنس منها: (نَعَمٌ)، إلَّا للإبل خاصة؛ لأنه غلب عليها [[انظر: كتاب "العين" 2/ 162، "معاني القرآن" للزجّاج: 1/ 384، "المذكر والمؤنث" لابن الأنباري: 1428 - 429.]]. ومضى فيما قبل اشتقاق (النَعَم).
وقوله تعالى: ﴿حُسْنُ الْمَآبِ﴾ المآب في اللغة: المرجعُ. يقال: (آب الرَّجُلُ، إِيابًا)، و (أَوْبَةً)، و (أبيَةً) [[في (أ)، (ب): أبية، والمثبت من: (ج) د، وهو الصواب. ويقال: أيْبَةً، وإيبَةً. انظر: "اللسان" 1/ 166 (أوب).]]، و (مآبًا) [[انظر: "تفسير الطبري" 3/ 205، "تهذيب اللغة" 1/ 94.]]. قال الله تعالى: ﴿إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ﴾ [الغاشية: 25].
قال الفرَّاء [[لم أهتد إلى مصدر قوله والذي في "معاني القرآن" 3/ 259: (سُئل الفراء عن (إيَّابهم) فقال: لا يجوز [أي: تشديد الياء] على جهة من الجهات)، وفي "تهذيب اللغة" 15/ 609 ينقل عن الفرَّاء، فيقول: (قال: هو بتخفيف الياء، والتشديد فيه خطأ).]]: ولا يجوز التشديد [[من قوله (التشديد ..) إلى (.. من أبت): ساقط من: (ج).]] في (الإياب)، وقارِئُه [[يعني بقارئه: أبا جعفر، يزيد بن القعقاع المدني. أحد القراء العشرة، تابعي، توفي سنة (130 هـ). انظر: "معرفة القراء الكبار" 1/ 72، "النشر" 1/ 187. وقد قرأها: ﴿إِيَابَهُمْ﴾ في سورة الغاشية: 25. انظر: "معاني القرآن" للزجاج: 5/ 319، "إعراب القرآن" للنحاس: 3/ 691، "المحتسب" 2/ 357.]] لعله ذهب على الإفعال، والإفعال من (أُبْتُ)، إنما [[في (ج): (أن).]] يأتي على مثل: (أقَمْتُه إقامَةً)، و (أزَغتُه إزاغةً).
فلو أردت ذلك، قلتَ: (أَأَبْتهُ إآبَةً) [[في (ج): (ابته ابه).]]، ولو أردت أن تُخرجَ المصدرَ [[في (أ): (المصدرُ).]] تامًا، قلت: (إيوابًا). ثم أعلم الله عز وجل أن خيرًا من جميع ما في الدنيا ما أعدَّه الله لأوليائه، فقال:
{"ayah":"زُیِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَ ٰتِ مِنَ ٱلنِّسَاۤءِ وَٱلۡبَنِینَ وَٱلۡقَنَـٰطِیرِ ٱلۡمُقَنطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلۡفِضَّةِ وَٱلۡخَیۡلِ ٱلۡمُسَوَّمَةِ وَٱلۡأَنۡعَـٰمِ وَٱلۡحَرۡثِۗ ذَ ٰلِكَ مَتَـٰعُ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ وَٱللَّهُ عِندَهُۥ حُسۡنُ ٱلۡمَـَٔابِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق