الباحث القرآني
﴿زُيِّنَ لِلنّاسِ﴾ كَلامٌ مُسْتَأْنِفٌ سِيقَ لِبَيانِ حَقارَةِ شَأْنِ الحُظُوظِ الدُّنْيَوِيَّةِ بِأصْنافِها وتَزْهِيدِ النّاسِ فِيها وتَوْجِيهِ رَغَباتِهِمْ إلى ما عِنْدَهُ تَعالى إثْرَ بَيانِ عَدَمِ نَفْعِها لِلْكَفَرَةِ الَّذِينَ كانُوا يَتَعَزَّزُونَ بِها، والمُرادُ بِالنّاسِ: الجِنْسُ.
﴿حُبُّ الشَّهَواتِ﴾ "الشَّهْوَةُ": نُزُوعُ النَّفْسِ إلى ما تُرِيدُهُ، و المُرادُ هَهُنا: المُشْتَهَياتُ، عَبَّرَ عَنْها بِالشَّهَواتِ مُبالَغَةً في كَوْنِها مُشْتَهاةً مَرْغُوبًَا فِيها، كَأنَّها نَفْسُ الشَّهَواتِ أوْ إيذانًَا بِانْهِماكِهِمْ في حُبِّها بِحَيْثُ أحَبُّوا شَهَواتِها، كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنِّي أحْبَبْتُ حُبَّ الخَيْرِ﴾ أوِ اسْتِرْذالًَا لَها، فَإنَّ الشَّهْوَةَ مُسْتَرْذَلَةٌ مَذْمُومَةٌ مِن صِفاتِ البَهائِمِ، و "المُزَيِّنُ": هو البارِي سُبْحانَهُ وتَعالى، إذْ هو الخالِقُ لِجَمِيعِ الأفْعالِ والدَّواعِي، و الحِكْمَةُ في ذَلِكَ ابْتِلاؤُهم. قالَ تَعالى: ﴿إنّا جَعَلْنا ما عَلى الأرض زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ﴾ الآيَةُ، فَإنَّها ذَرِيعَةٌ لِنَيْلِ سَعادَةِ الدّارَيْنِ عِنْدَ كَوْنِ تَعاطِيها عَلى نَهْجِ الشَّرِيعَةِ الشَّرِيفَةِ وسِيلَةً إلى بَقاءِ النَّوْعِ، وإيثارُ صِيغَةِ المَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ لِلْجَرْيِ عَلى سُنَنِ الكِبْرِياءِ، وقُرِئَ عَلى البِناءِ لِلْفاعِلِ. وقِيلَ: "المُزَيِّنُ" هو الشَّيْطانُ لِما أنَّ مَساقَ الآيَةِ الكَرِيمَةِ عَلى ذَمِّها. وفَرَّقَ الجِبائِيُّ بَيْنَ المُباحاتِ، فَأسْنَدَ تَزْيِينَها إلَيْهِ تَعالى وبَيْنَ المُحَرَّماتِ، فَنَسَبَ تَزْيِينَها إلى الشَّيْطانِ.
﴿مِنَ النِّساءِ والبَنِينَ﴾ في مَحَلِّ النَّصْبِ عَلى أنَّهُ حالٌ مِنَ الشَّهَواتِ، وهي مُفَسِّرَةٌ لَها في المَعْنى. وقِيلَ: "مِن" لِبَيانِ الجِنْسِ، وتَقْدِيمُ النِّساءِ عَلى البَنِينَ لِعَراقَتِهِنَّ في مَعْنى الشَّهْوَةِ، فَإنَّهُنَّ حَبائِلُ الشَّيْطانِ وعَدَمُ التَّعَرُّضِ لِلْبَناتِ لِعَدَمِ الِاطِّرادِ في حُبِّهِنَّ.
﴿والقَناطِيرِ المُقَنْطَرَةِ﴾ جَمْعُ قِنْطارٍ، وهو المالُ الكَثِيرُ، وقِيلَ: مِائَةُ ألْفِ دِينارٍ، وقِيلَ: مِلْءُ مَسْكِ ثَوْرٍ، وقِيلَ: (p-15)سَبْعُونَ ألْفًَا، وقِيلَ: أرْبَعُونَ ألْفَ مِثْقال، وقِيلَ: ثَمانُونَ ألْفًَا، وقِيلَ: مِائَةُ رَطْلٍ، و قِيلَ: ألْفٌ ومِائَتا مِثْقالٍ، وقِيلَ: ألْفا دِينارٍ، وقِيلَ: مِائَةُ مَنٍّ و مِائَةُ رِطْلٍ ومِائَةُ مِثْقالٍ ومِائَةُ دِرْهَمٍ، وقِيلَ: دِيَةُ النَّفْسِ. و اخْتُلِفَ في أنَّ وزْنَهُ فِعْلالٌ أوْ فِنْعالٌ، ولَفْظُ "المُقَنْطَرَةِ" مَأْخُوذٌ مِنهُ لِلتَّأْكِيدِ، كَقَوْلِهِمْ بَدْرَةٌ مُبْدَرَةٌ، وقِيلَ: المُقَنْطَرَةُ المُحْكَمَةُ المُحَصَّنَةُ، وقِيلَ: الكَثِيرَةُ المُنَضَّدَةُ بَعْضُها عَلى بَعْضٍ أوِ المَدْفُونَةُ، وقِيلَ: المَضْرُوبَةُ المَنقُوشَةُ.
﴿مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ﴾: بَيانٌ لِلْقَناطِيرِ، أوْ حالٌ.
﴿والخَيْلِ﴾ عَطْفٌ عَلى القَناطِيرِ، قِيلَ: هي جَمْعٌ لا واحِدَ لَهُ مِن لَفْظِهِ كالقَوْمِ والرَّهْطِ، الواحِدُ فَرَسٌ، وقِيلَ: واحِدُهُ خائِلٌ وهو مُشْتَقٌّ مِنَ الخُيَلاءِ.
﴿المُسَوَّمَةِ﴾ أيِ: المُعَلَّمَةُ مِنَ السُّومَةِ، وهي العَلامَةُ أوِ المَرْعِيَّةُ مِن أسامَ الدّابَّةَ وسَوَّمَها إذا أرْسَلَها وسَيَّبَها لِلرَّعْيِ، أوِ المُطَهَّمَةُ التّامَّةُ الخَلْقِ.
﴿والأنْعامِ﴾ أيِ: الإبِلُ والبَقَرُ والغَنَمُ.
﴿والحَرْثِ﴾ أيِ: الزَّرْعُ، مَصْدَرٌ بِمَعْنى المَفْعُولِ.
﴿ذَلِكَ﴾ أيْ: ما ذُكِرَ مِنَ الأشْياءِ المَعْهُودَةِ.
﴿مَتاعُ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ أيْ: ما يُتَمَتَّعُ بِهِ في الحَياةِ الدُّنْيا أيّامًَا قَلائِلَ فَتَفْنى سَرِيعًَا.
﴿واللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ المَآبِ﴾ حُسْنُ المَرْجِعِ، وفِيهِ دِلالَةٌ عَلى أنْ لَيْسَ فِيما عُدِّدَ عاقِبَةٌ حَمِيدَةٌ، وفي تَكْرِيرِ الإسْنادِ بِجَعْلِ الجَلالَةِ مُبْتَدَأً، وإسْنادِ الجُمْلَةِ الظَّرْفِيَّةِ إلَيْهِ زِيادَةُ تَأْكِيدٍ وتَفْخِيمٍ، ومَزِيدُ اعْتِناءٍ بِالتَّرْغِيبِ فِيما عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ مِنَ النَّعِيمِ المُقِيمِ، والتَّزْهِيدِ في مَلاذِّ الدُّنْيا وطَيِّباتِها الفانِيَةِ.
{"ayah":"زُیِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَ ٰتِ مِنَ ٱلنِّسَاۤءِ وَٱلۡبَنِینَ وَٱلۡقَنَـٰطِیرِ ٱلۡمُقَنطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلۡفِضَّةِ وَٱلۡخَیۡلِ ٱلۡمُسَوَّمَةِ وَٱلۡأَنۡعَـٰمِ وَٱلۡحَرۡثِۗ ذَ ٰلِكَ مَتَـٰعُ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ وَٱللَّهُ عِندَهُۥ حُسۡنُ ٱلۡمَـَٔابِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق