الباحث القرآني
﴿تَبَارَكَ﴾ قال ابن عباس: تعالى عما قال القائلون. وروي عنه: جاء بكل بركة [[لم أجد هذا القول فيما تيسر لي من المراجع، والذي ذكره ابن جرير في تفسيره 18/ 179، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: تفاعل من البركة، وهو كقول القائل: تقدس ربنا. وإسناده فيه ضعف وانقطاع؛ لأن فيه بشر بن عمارة وهو ضعيف، وفيه الضحاك وهو لم يلق ابن عباس. "تفسير ابن كثير" 1/ 113. وضعفه ابن حجر في كتابه "العجاب في بيان الأسباب" 1/ 223، وأخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2659، بإسناد ابن جرير، بلفظ: تفاعل من البركة. وهو كذلك عند الثعلبي في تفسيره 8/ 92 أ، ثم قال: كأن معناه: جاء بكل بركة. ﴿تَبَارَكَ﴾ اسم مختص بالله تعالى، لم يستعمل في غيره، ولذلك لم يصرف منه مستقبل، ولا اسم فاعل. "تفسير ابن عطية" 11/ 2، و"تفسير السمرقندي" 2/ 452.]].
وقال الفراء: البركة والتقدس: العظمة، وهما سواء، وهو كقولك: تقدس ربنا [["معاني القرآن" 2/ 262، وفيه تقديم وتأخير.]]. وذكرنا الكلام في ﴿تَبَارَكَ﴾ في سورة: الأعراف [[عند قوله تعالى: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف: 54] قال == الواحدي: قال الليث: تفسير ﴿تَبَارَكَ اللَّهُ﴾ تمجيد وتعظيم. وقال أبو العباس: ﴿تَبَارَكَ اللَّهُ﴾: ارتفع، والمتبارك: المرتفع. وقال ابن الأنباري: ﴿تَبَارَكَ اللَّهُ﴾ باسمه يتبرك في كل شيء. وقال الزجاج: ﴿تَبَارَكَ﴾ تفاعل من البركة، كذلك يقول أهل اللغة.]].
﴿الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ﴾ قال المفسرون: يعني القرآن [[قال قتادة: هو القرآن، فيه حلال الله، وحرامه، وشرائعه، ودينه، فرق الله به بين الحق والباطل، أخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2660، وزاد السيوطي 6/ 235 نسبته إلى عبد بن حميد، وابن المنذر. وهو قول مقاتل 42 ب. والثعلبي 8/ 92 أ.]]. قال ابن عباس: قرآنا فرقت فيه بين الحق والباطل، وجعلت فيه المخرج من جميع الشبهات [[لم أعثر على من نسبه لابن عباس، فيما لديّ من المراجع. وفي "تفسير مقاتل"، 42 ب: يعني القرآن، وهو المخرج من الشبهات. وأخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2659، بسنده عن مجاهد وفي إسناده رجل لم يسمَّ. وقال الزجاج: والفرقان: القرآن، يُسمى فرقانًا؛ لأنه فُرِّق به بين الحق والباطل. ولم ينسبه. وذكر نحوه القرطبي 13/ 2، ولم ينسبه.]]. والكلام في ﴿تَبَارَكَ﴾ ماض [[عند قوله تعالى: ﴿وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [البقرة: 53] قال الواحدي: الفرقان مصدر فرقت بين الشيئين أفرق فرْقًا وفرقانًا، كالرجحان والنقصان، هذا هو الأصل، ثم يسمى كل فارق: فرقانًا، كتسميتهم الفاعل بالمصدر، كما سمي كتاب الله: الفرقان؛ لفصله بحججه وأدلته بين المحق والمبطل، وسمى الله تعالى يوم بدر: يوم الفرقان، في قوله: لأنه فرق في ذلك اليوم بين الحق والباطل فكان ذلك اليوم يوم الفرقان.]].
وذكر أبو علي، في "المسائل الحلبية"، الفرق بين: ﴿الْفُرْقَانَ﴾ و ﴿الْقُرْآنَ﴾ فقال: الفرقان: صفة لأنه بمعنى الفارق [[أي: أن الفرقان صفة لكلام الله تعالى، سواء كان هذا الكلام في القرآن، أو الإنجيل، أو التوراة. قال الماوردي 4/ 131، في تفسيره للفرقان: وقيل: إنه اسم لكل كتاب منزل كما قال تعالى: ﴿وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ﴾.]]. ويقوي كونه صفة مجيئه على وزن يجيء عليه الصفات، نحو: عُرْيَان، وخُمْصَان [[الخَمْصان، والخُمْصان: الجائع الضامر البطن. "مقاييس اللغة" 2/ 219، و"اللسان" 7/ 29.]]، وهو صفة لا تجري على موصوف بل استعمل [[في (أ): (استعمال).]] استعمال الأسماء، كالعبد، والصاحب، فإنهما صفتان في الأصل، وقد استعملا استعمال الأسماء، ومن ثمّ لم يعمل: صاحبٌ، أعمال أسماء الفاعلين، نحو: ضارب، وقاتل، وكذلك الأَجرَعُ [[مصدر جَرع الماء يجرعه، لا غير، والجَرَع: جمع جَرَعة، وهي: دِعص بكسر الدال من الرمل لا ينبت شيئًا. واجَرَع: التواء في قوّة من قوى الحبل تكون ظاهرة على سائر القوى. المشوف المعلم 1/ 149، و"مجمل اللغة" 1/ 184، و"القاموس المحيط" 915، وقيل: هي الرملة السهلة المستوية. "اللسان" 8/ 46.]]، والأَبْطَح [[الأبطح: البطيحة والأبطح والبطحاء: كل مكان متسع. "مجمل اللغة" 1/ 128، أو: مسيل واسع فيه دُقاقُ الحصى. "القاموس المحيط" 273.]]، والأُدْم [[الآدَم، هكذا من اللون: الأسمر، والأنثى: أدماء. المشوف المعلم 1/ 58، والأَدَمَة: باطن الجلد، والبشرة ظاهرها، والأَدَم: جمع الأَديم. والإدام: ما يطيب به الطعام. "مجمل اللغة" 1/ 90، والأُدمَة بالضم: القرابة، والوسيلة. "القاموس المحيط" 1388. وفي "المسائل الحلبية" ص 300: الأدهم، بدل الأدم.]]، حيث كُسِّرت [[أي: جمعت جمع تكسير.]] على الأفاعل فتَعَدَّوا فيها: فُعْلا وفُعْلان، والحمر [[في "المسائل الحلبية" ص 300 كأحمر وحمر وحمران، وأسود وسود وسودان.]] والحمران، والسود والسودان، وإذا كثر في كلامهم هذا النحو من الصفات التي تجري مجرى الأسماء، وأن لا تجري على موصوف، كذلك: الفرقان والقرآن في الأصل مصدر وليس بصفة، إلا أن القرآن أضيف إلى ضمير التنزيل في قوله: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: 17] ولو كانت صفة لم تجز إضافته إلى نفسه [["المسائل الحلبية" 299. وفيه: إن الدلالة قد قامت على أن القرآن لا يكون صفة كما جاز أن يكون الفرقان صفة، ألا ترى أن القرآن قد أضيف إلى ضمير التنزيل في قوله: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: 17] ولو كان صفة لم تجز هذه الإضافة فيها؛ لأن من أضاف المصدر إلى الفاعل نحو قوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ﴾ [البقرة: 251] لم يضف إليه اسم الفاعل فيقول: هذا ضاربُ زيد، فيضيف الصفة إلى الفاعل؛ من حيث كان اسم الفاعل هو الفاعل في المعنى، والشيء لا يضاف إلى نفسه ... وقد نقله الواحدي بالمعنى.]]. وسنذكر هذا الفصل مشروحًا إذا انتهينا إلى هذه الآية [[لم أجد في تفسير الواحدي لهذه الآية ما يتعلق بهذه المسألة، حيث ذكر فيها معنى جمع القرآن في الآية، المراد به، ونقل أقوال المفسرين وأهل اللغة في ذلك. والله أعلم.]] ﴿عَلَى عَبْدِهِ﴾ محمد -عليه السلام- [[أخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2660، عن ابن إسحاق.]]. ليكون محمد بالقرآن ﴿لِلْعَالَمِينَ﴾ يعني الجن، والإنس [[أخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2660، عن ابن عباس. قال السمرقندي 2/ 453: وأراد هاهنا جميع الخلق. وقد يذكر العام ويراد به الخاص من الناس كقوله -عز وجل-: ﴿وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة: 47، 122] أي: على عالمي زمانهم. ويذكر ويراد به جميع الخلائق كقوله تعالى: ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. قال ابن زيد: لم يرسل الله رسولاً إلى الناس عامة إلا نوحاً -ﷺ- بدأ به الخلق، فكان رسولَ أهل الأرض كلهم، ومحمدًا -ﷺ- ختم به. أخرجه ابن جرير 18/ 180. قال البرسوي 6/ 188: وأما نوح -عليه السلام- فإنه وإن كان له عموم بعثة لكن رسالته ليست بعامّة لمن بعده.]] ﴿نَذِيرًا﴾ مخوفًا من عذاب الله، هذا قول المفسرين في النذير أنه: محمد -عليه السلام-، وأجاز آخرون أن يكون النذير هو: القرآن، وقالوا: إنه نذير للعالمين إلى يوم القيامة [[ويشهد له قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الإسراء: 9] حيث == أضاف الهداية إليه. "تفسير الرازي" 24/ 45. قال السمين الحلبي: وفي اسم يكون ثلاثة أوجه؛ أحدها: أنه ضمير يعود على الذي نزل؛ أي: ليكون الذي نزل الفرقان نذيرًا. الثاني: أنه يعود على الفرقان، وهو القرآن؛ أي: ليكون الفرقان نذيرًا. الثالث: أنه يعود على عبده؛ أي: ليكون عبده محمد -ﷺ-، نذيرًا. وهذا أحسن الوجوه معنىً وصناعة لقربه مما يعود عليه، والضمير يعود على أقرب مذكور. الدر المصون 8/ 453. وذكر هذا الترجيح الشوكاني 4/ 58، ولم ينسبه. قال ابن زيد: النبي النذير، وقرأ: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ [فاطر 24] وقرأ: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ﴾ [الشعراء: 208]. أخرجه ابن جرير 18/ 180، وابن أبي حاتم 8/ 2660، قال ابن عطية 11/ 3: وقد يكون النذير ليس برسول، كما روي في ذي القرنين، وكما ورد في رسل رسول الله -ﷺ- إلى الجن؛ فإنهم نذر وليسوا برسل.]].
{"ayah":"تَبَارَكَ ٱلَّذِی نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِیَكُونَ لِلۡعَـٰلَمِینَ نَذِیرًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق