الباحث القرآني

ثم ذكر الله تعالى أن هؤلاء اغتروا بطول الإمهال إذ لم يُعَجَّلوا بالعقوبة، فقال: ﴿بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ﴾ يعني أهل مكة متعهم الله بما أنعم عليهم ﴿حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ﴾ فاغترّوا بذلك، فقال الله تعالى: ﴿أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾. قال ابن عباس: يعني القرية تخرب حتى يكون [العمران] [[زيادة من الطبري يستقيم بها المعنى.]] في ناحية منها. قاله في رواية عكرمة [[رواه الطبري (16/ 494 - 495 شاكر)، من طريق عكرمة، عن ابن عباس. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 667 وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.]]. والمعنى: ألا يرون أنا نخرب القرى بأن ننقص من أطرافها نخرب ما حولها، أفلا [[في (ت): (فلا).]] يخافون أن نفعل ذلك بقريتهم؟ نخربها بموتهم وهلاكهم [[قال ابن كثير رحمه الله في "تفسيره" 3/ 180 عند هذه الآية: اختلف المفسرون في معناه، وأحسن ما فسر به قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الأحقاف: 27] والمعنى: أفلا يعتبرون بنصر الله لأوليائه على أعدائه وأهلاكه الأمم المكذبة والقرى الظالمة وإبحائه لعبادة المؤمنين. قال الشنقيطي في "أضواء البيان" 4/ 582: ما ذكره ابن كثير رحمه الله صواب، == واستقراء القرآن العظيم يدل عليه. وعليه فالمعنى: أفلا يرى كفار مكة ومن سار سيرهم في تكذيبك يا نبي الله، والكفر بما جئت به "أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها" أي: بإهلاك الذين كذبوا الرسل كما أهلكنا قوم صالح وقوم لوط وهم يمرّون بديارهم، وكما أهلكنا قوم هود، وجعلنا سبأ أحاديث ومزقناهم كل ممزق كل ذلك بسبب تكذيب الرسل والكفر بما جاؤا به .. فاحذروا من تكذيب نبينا محمد -ﷺ-؛ لئلا ننزل بكم مثل ما أنزلنا بهم.]]. وهذا معنى قول مجاهد وعكرمة، قالا: ننقصها من أطرافها بالموت وقبض الناس [[قول مجاهد رواه سفيان الثوري في "تفسيره" ص 201، وعبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 339، والطبري 16/ 496 تحقيق شاكر، وقول عكرمة رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 339، والطبري 16/ 496 تحقيق شاكر.]]. يخوفهم بالهلاك بعد طول الإمهال. وقال الكلبي: نفتح من أطرافها لمحمد [[ذكره عنه الرازي في "تفسيره" 22/ 175.]]. وهو قول السدي [[ذكره عنه السيوطي في "الدر المنثور" 1/ 666 وعزاه لابن أبي حاتم.]]. وقد أحكمنا هذا القول في آخر سورة الرعد [[سورة الرعد: 41.]]. ثم وبخهم فقال: ﴿أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ أي: أفتغلبون محمدًا [[الطبري 17/ 32 مع تصرف يسير.]]؟ وقيل: أفهم الغالبون أم نحن؟ [["الكشف والبيان" للثعلبي 3/ 30 أ.]] بعد أن فتحنا على محمد ما حول مكة. وهذا معنى قول ابن عباس: يريد بل لي الظفر، والغلبة [[هنا يبدأ الخرم في نسخة (ت).]] لأنبيائي، وحزبي هم الغالبون.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب