الباحث القرآني

ولَمّا لَمْ يَصْلُحْ هَذا لِأنْ يَكُونَ سَبَبًا لِاجْتِرائِهِمْ، أضْرَبَ عَنْهُ قائِلًا في مَظْهَرِ العَظَمَةِ، إشارَةً إلى أنَّ اغْتِرارَهم بِهِ سُبْحانَهُ - مَعَ ما لَهُ مِن دَلائِلِ الجَلالِ - مِن أعْجَبِ العَجَبِ، [بانِيًا عَلى نَحْوِ ”لا كالِئَ لَهم مِنهُ ولا مانِعَ“ -]: ﴿بَلْ مَتَّعْنا﴾ أيْ بِعَظَمَتِنا ﴿هَؤُلاءِ﴾ أيِ الكُفّارَ (p-٤٢٦)عَلى حَقارَتِهِمْ، أوِ الإضْرابِ عَنْ عَدَمِ اسْتِطاعَتِهِمْ لِلنَّصْرِ، والمَعْنى أنَّ ما هم فِيهِ مِنَ الحِفْظِ إنَّما هو مِنّا لِأجْلِ تَمْتِيعِهِمْ بِما لا يَتَغَيَّرُ بِهِ إلّا مَغْرُورٌ، [لا مِن مانِعٍ يَمْنَعُهم -] ﴿وآباءَهُمْ﴾ مِن قَبْلِهِمْ بِالنَّصْرِ وغَيْرِهِ ﴿حَتّى طالَ عَلَيْهِمُ العُمُرُ﴾ فَكانَ طُولُ سَلامَتِهِمْ غارًّا لَهم بِنا، فَظَنُّوا أنَّهُ لا يَغْلِبُهم عَلى ذَلِكَ التَّمْتِيعِ شَيْءٌ، ولا يُنْزَعُ عَنْهم ثَوْبُ النِّعْمَةِ. ولَمّا أقامَ الأدِلَّةَ ونَصَبَ الحُجَجَ عَلى أنَّهُ لا مانِعَ لَهم مِنَ اللَّهِ، تَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ الإنْكارِ عَلَيْهِمْ في اعْتِقادِ غَيْرِهِ فَقالَ: ﴿أفَلا يَرَوْنَ﴾ أيْ يَعْلَمُونَ عِلْمًا هو في وُضُوحِهِ مِثْلُ الرُّؤْيَةِ بِالبَصَرِ ﴿أنّا﴾ بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ، وصَوَّرَ ما كانَ يُجْرِيهِ مِن عَظَمَتِهِ عَلى أيْدِي أوْلِيائِهِ فَقالَ: ﴿نَأْتِي الأرْضَ﴾ [أيِ -] الَّتِي أهْلُها كُفّارٌ، إتْيانَ غَلَبَةٍ لَهم بِتَسْلِيطِ أوْلِيائِنا [عَلَيْهِمْ-] . ولَمّا كانَ الإتْيانُ عَلى ضُرُوبٍ شَتّى، بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿نَنْقُصُها مِن أطْرافِها﴾ بِقَتْلِ بَعْضِهِمْ ورَدِّ مَن بَقِيَ عَنْ دِينِهِ إلى الإسْلامِ، فَهم في نَقْصٍ، وأوْلِياؤُنا في زِيادَةٍ. ولَمّا كانَتْ مُشاهَدَتُهم لِهَذا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ قاضِيَةً بِأنَّهُمُ المَغْلُوبُونَ، تَسَبَّبَ عَنْهُ إنْكارُ غَيْرِ ذَلِكَ فَقالَ: ﴿أفَهُمُ﴾ أيْ خاصَّةً ﴿الغالِبُونَ﴾ أيْ مَعَ مُشاهَدَتِهِمْ لِذَلِكَ أمْ أوْلِياؤُنا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب