الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾. قال مجاهد: الآيات الأربع من أول هذه السورة نزلت في جميع المؤمنين [[الأثر عن مجاهد أخرجه الطبري 1/ 103، وذكره الثعلبي 1/ 47ب، وابن كثير، وقال: قاله مجاهد، وأبو العالية، والربيع بن أنس، وقتادة 1/ 46.]] سواء كانوا من العرب، أو من أهل الكتاب. فعلى هذا القول (الواو) في قوله ﴿وَالَّذِينَ﴾ لتعديد صفاتهم، فهو عطف صفة على صفة، والموصوف واحد [[انظر: "الطبري" 1/ 107، و"ابن كثير" 1/ 46، "الكشاف" 1/ 133، 135.]]، كما قال: إلى الملكِ القَرْم وابنِ [[في (ج): (بن).]] الهُمام ... وليثِ الكتيبةِ في المُزْدحَمْ [[البيت غير منسوب في "معاني القرآن" للفراء1/ 105، و"الثعلبي" 1/ 73 أ، "الكشاف" 1/ 133، و"القرطبي" 1/ 328، وابن كثير 1/ 46، "خزانة الأدب" 1/ 451 ، 5/ 107 ،6/ 91، "البحر" 1/ 202، "الدر المصون" 1/ 97. القرم: الفحل المكرم الذي لا يحمل عليه، ويسمى السيد من الناس قرما، والهُمام: من أسماء الملوك، لعظم همتهم، أو لأنه إذا هم بأمر فعله، والكتيبة. الجيش، المزدحم. المعركة، لأنها موضع المزاحمة والمدافعة.]] ولم يرد إلا شخصا واحدا. وقال ابن عباس في رواية أبي صالح، وابن مسعود في رواية مرة [[ذكره ابن جرير بسنده من طريق السدي عن أبي مالك، وعن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي ﷺ 1/ 105 - 106، وانظر ابن كثير 1/ 46. وأبو صالح هو مولى أم هانئ بنت أبي طالب، اسمه (باذان) تابعي وثقه أكثرهم. انظر ترجمته في "الجرح والتعديل" 2/ 431، "تهذيب التهذيب" 1/ 211. ومُرَّة هو مُرَّة بن شراحيل الهمداني الكوفي، من كبار التابعين ثقة. انظر ترجمته في "الجرح والتعديل" 8/ 366، "تهذيب التهذيب" 4/ 48. وقد تكلم أحمد شاكر كلامًا جيدًا وأطال حول هذا الإسناد في حاشية الطبري 1/ 156 - 159 (ط. شاكر). أفاد فيه أن للسدي كتابا في التفسير جمع فيه مفرق == هذِه التفاسير عن الصحابة الذين ذكرهم، ذكر في أوله هذِه الأسانيد، "تفسيره" من أوائل الكتب التي ألفت في هذا وهو من طبقةِ عالية من طبقة شيوخ مالك.]]: (إن آيتين من أول السورة نزلتا في مؤمني العرب، والآيتان بعدهما نزلتا في مؤمني أهل الكتاب)، لأنه لم يكن للعرب كتاب كانوا مؤمنين به قبل محمد ﷺ [[ذكره ابن جرير واستدل على هذا بقوله: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾. وذكر قولا ثالثا. أن الآيات الأربع في مؤمني أهل الكتاب خاصة. وقد رجح أن الآيتين من أول السورة في مؤمني العرب، والآيتين بعدهما في مؤمني أهل الكتاب. انظر: "تفسير الطبري" 1/ 102، 106، 107. ورجَّح ابن كثير في "تفسيره" قول مجاهد 1/ 47.]]. فعلى هذا (الواو) [[(الواو) ساقطة من (ب).]] لعطف مؤمني أهل الكتاب على مؤمني العرب [[انظر: "الكشاف" 1/ 135.]]. وقوله تعالى: ﴿إِليْكَ﴾ الأصل في (إليك) و (عليك): (إلاك) و (علاك)، كما تقول: إلى زيد، وعلى زيد، إلا أن (الألف) غيرت مع الضمير [[في (ب): (المضمر) ومثله عند الزجاج في "المعاني" 1/ 37.]]، وأبدلت (ياء) ليفصل بين (الألف) التي في آخر المتمكنة مثل: القفا والعصا، وبين الألف في أواخر غير المتمكنة [التي] [[في جميع النسخ (إلى) وفي "معاني القرآن" للزجاج (التي) والكلام بنصه منقول منه 1/ 37.]] الإضافة لازمة لها، ألا ترى أن (إلى) و (على) و (لدى) [[في (ب): (لدن).]] لا تنفرد من الإضافة [["معاني القرآن" للزجاج1/ 37.]]. وقوله تعالى: ﴿هُمْ يُوقِنُونَ﴾. دخلت (هم) توكيدًا، يسميه الكوفيون: عمادا، والبصريون: فصلاً [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 1/ 47 ب، ويجوز: في (هم) أن تكون ابتداءً ثانيًا == للتوكيد و (المفلحون) خبره، والجملة خبر (أولئك) ويجوز: أن يكون (هم) عمادًا، أو فصلاً. انظر "معاني القرآن" للزجاج 1/ 37، "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 133.]]. و ﴿يُوقِنُونَ﴾ أصله (يُيْقِنون)، لأنه (يُفْعِلون) من اليَقين، فلما سكنت (الياء) وانضم ما قبلها صارت (واوا) [[انظر: "الكتاب" 4/ 338، "سر صناعة الإعراب" 2/ 584، وقال العكبري: (أصله (يؤيقنون) لأن ماضيه (أيقن) والأصل أن يؤتى في المضارع بحروف الماضي، إلا أن الهمزة حذفت لما ذكرنا في (يؤمنون) وأبدلت الياء واوا لسكونها وانضمام ما قبلها) (الإملاء) 1/ 13.]]، كما صارت (الواو) (ياء) لكسرة ما قبلها [[مع سكون (الياء) انظر "الكتاب" 4/ 335، "سر صناعة الإعراب" 2/ 732.]] في قولك: إيثاق وإيشال [[في (ب): (اسياق) ولم أجدها فيما اطلعت عليه من كتب اللغة.]] وميثاق وميعاد. واليقين: هو العلم الذي يحصل بعد [[في (ب): (به).]] استدلال ونظر، لغموض المنظور [[في (ب): (المقصود).]] فيه أو لإشكاله على الناظر [[قال ابن عطية: (اليقين أعلى درجات العلم وهو الذي لا يمكن أن يدخله شك بوجه) 1/ 149، وعرفه الراغب فقال: (هو سكون الفهم مع ثبات الحكم) مفردات الراغب ص 552. وانظر كتاب "معرفة أسماء نطق بها القرآن" 2/ 618 (رسالة ماجستير)، "تفسير الرازي" 2/ 32، 35.]]، يقوي ذلك قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾ [الأنعام: 75] ولذلك [[في (ب): (وكذلك).]] لم يجز أن يوصف القديم سبحانه به، لأن علمه لم يحصل عن نظر واستدلال [[انظر: "تفسير الرازي" 2/ 32. ومذهب السلف: أن الله لا يوصف بذلك لعدم ورود النص به.]]. ويقال: أَيْقَن بالأمر واسْتَيْقَن وتَيَقَّن كله واحد. ويقال في الثلاثي: يَقِنَ يَيْقَن يَقَناً فهو يَقِنٌ، واليَقِنُ: اليَقِين [[انظر: "العين" 5/ 220، "تهذيب اللغة" (يقن) 4/ 49983، "اللسان" (يقن) 98/ 4964.]]. وقوله تعالى: ﴿وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾. تخصيص بعد التعميم على قول مجاهد [[هو ما سبق من قوله: إن الآيات الأربع في جميع المؤمنين. انظر ص 445.]]، لأن الإيقان بالآخرة داخل في قوله: ﴿يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ على التفسير الأول في [[التفسير الأول للغيب هو ما ذكره عن أبي العالية. يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وجنته وناره ولقائه وبالبعث بعد الموت.]] (الغيب) [[في (أ)، (ب): (للغيب).]] ومثل هذا قوله: ﴿الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)﴾ [العلق: 1، 2] عمَّ بقوله: ﴿خَلَقَ﴾ جميع المخلوقات، ثم خص بعد.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب