الباحث القرآني

﴿والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ﴾ هم مُؤْمِنُو أهْلِ الكِتابِ كَعَبْدِ اللهِ بْنِ سَلامٍ وأضْرابِهِ، مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا بِكُلِّ وحْيٍ أُنْزِلَ مِن عِنْدِ اللهِ، وأيْقَنُوا بِالآخِرَةِ إيقانًا زالَ مَعَهُ ما كانُوا عَلَيْهِ مِن أنَّهُ لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إلّا مَن كانَ هُودًا أوْ نَصارى، وأنَّ النارَ لَنْ تَمَسَّهم إلّا أيّامًا مَعْدُوداتٍ. ثُمَّ إنْ عَطَفْتَهم عَلى الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ دَخَلُوا في جُمْلَةِ المُتَّقِينَ. وإنْ عَطَفْتَهم عَلى المُتَّقِينَ لَمْ يَدْخُلُوا، فَكَأنَّهُ قِيلَ: هُدًى لِلْمُتَّقِينَ وهُدًى لِلَّذِينِ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إلَيْكَ، أوِ المُرادُ بِهِ وصْفُ الأوَّلِينَ، ووَسَّطَ العاطِفَ كَما يُوَسَّطُ بَيْنَ الصِفاتِ في قَوْلِكَ: هو الشُجاعُ والجَوادُ. وقَوْلُهُ: ؎ إلى المَلِكِ القَرِمِ وابْنِ الهُمامِ ∗∗∗ ولَيْثِ الكَتِيبَةِ في المُزْدَحَمِ والمَعْنى: أنَّهُمُ الجامِعُونَ بَيْنَ تِلْكَ الصِفاتِ وهَذِهِ ﴿بِما أُنْـزِلَ إلَيْكَ﴾ يَعْنِي: القُرْآنَ. والمُرادُ: جَمِيعُ القُرْآنِ لا القَدْرُ الَّذِي سَبَقَ إنْزالُهُ وقْتَ إيمانِهِمْ، لِأنَّ الإيمانَ بِالجَمِيعِ واجِبٌ. وإنَّما عَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ الماضِي وإنْ كانَ بَعْضُهُ مُتَرَقَّبًا، تَغْلِيبًا لِلْمَوْجُودِ عَلى ما لَمْ يُوجَدْ، ولِأنَّهُ إذا كانَ بَعْضُهُ نازِلًا، وبَعْضُهُ مُنْتَظَرَ النُزُولِ، (p-٤٣)جُعِلَ كَأنَّ كُلَّهُ قَدْ نَزَلَ ﴿وَما أُنْـزِلَ مِن قَبْلِكَ﴾ يُعْنى: سائِرَ الكُتُبِ المُنَزَّلَةِ عَلى النَبِيِّينَ عَلَيْهِمُ الصَلاةُ والسَلامُ ﴿وَبِالآخِرَةِ﴾ وهي تَأْنِيثُ الآخِرِ الَّذِي هو ضِدُّ الأوَّلِ، وهي صِفَةٌ والمَوْصُوفُ مَحْذُوفٌ، وهو الدارُ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: ﴿تِلْكَ الدارُ الآخِرَةُ﴾ [القَصَصُ: ٨٣] وهي مِنَ الصِفاتِ الغالِبَةِ، وكَذَلِكَ الدُنْيا. وعَنْ نافِعٍ أنَّهُ خَفَّفَها بِأنْ حَذَفَ الهَمْزَةَ، وألْقى حَرَكَتَها عَلى اللامِ ﴿هم يُوقِنُونَ﴾ الإيقانُ: إتْقانُ العِلْمِ بِانْتِفاءِ الشَكِّ والشُبْهَةِ عَنْهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب