قوله تعالى: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ﴾ أي: هوناه وأنزلناه بلغتك ليسهل عليك الإبلاغ ﴿لِتُبَشِّرَ بِه﴾ أي: بالقرآن من أطاعك ﴿وَتُنْذِر﴾ من عصاك. وقال الكلبي: (هوناه على لسانك) [[ذكرت نحوه كتب التفسير بدون نسبة.
انظر "بحر العلوم" 2/ 334، "معالم التنزيل" 5/ 258، "زاد المسير" 5/ 266، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 162، "لباب التأويل" 4/ 262.]]. وعلى هذا لم يرد باللسان اللغة.
وقوله تعالى ﴿قَوْمًا لُدًّا﴾ قال أبو صالح [[هو باذام الهاشمي، مولى أم هانئ بنت أبي طالب.، تقدم]]: (عوجًا عن الحق) [["تفسير القرآن العظيم" 3/ 155، "البحر المحيط" 6/ 221، "روح المعاني" 16/ 144، "تفسير سفيان الثوري" ص 190.]].
وقال مجاهد: (لا يستقيمون) [["جامع البيان" 16/ 132، "معالم التنزيل" 5/ 258، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 155، "الدر المنثور" 4/ 513.]]. وقال قتادة: (جدلًا بالباطل) [["تفسير القرآن" للصنعاني 2/ 14، "جامع البيان" 16/ 132، "النكت والعيون" 3/ 391، "الدر المنثور" 4/ 513.]].
وذكرنا الكلام في هذا الحرف عند قوله: ﴿أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾ [البقرة: 204]. وروي عن الحسن أنه قال في "تفسيره": (صما) [["جامع البيان" 16/ 135، "معالم التنزيل" 5/ 258، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 155، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 162، "الدر المنثور" 4/ 513.]]. وزاد الربيع بيانًا فقال: (صم آذان القلوب) [["الجامع لأحكام القرآن" 11/ 162، "الكشف والبيان" 3/ 14 ب، وذكره ابن == كثير في "تفسيره" 3/ 155 بدون نسبة.]].
وهذه الأقوال كلها معنى وليس بتفسير. والتفسير قول قتادة، وذلك أن خصومتهم بالباطل إنما هو بصمم قلوبهم، ولو فهموا ما أتى به الي النبى -ﷺ- لتركوا جدالهم، فإذا الصمم وغير ذلك مما ذكرنا من قول المفسرين معاني اللدّ لا تفسيره.
قال ابن الأنباري: (وخص اللد بالإنذار؛ لأنهم إذا قامت عليه الحجة صار غيرهم لاحقًا بهم من أجل أن الذي لا عناد عنده يسرع انقياده، فالمقصود بالإنذار هؤلاء اللد المخاصمون) [[ذكر نحوه الزمخشري في "الكشاف" 2/ 426، والقرطبي 11/ 162.]].
قوله تعالى: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ﴾ يعني: قبل القوم اللد وهم قريش، وهذا تخويف لهم بالإهلاك.
وقوله تعالى: ﴿هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم﴾ أي: هل ترى من الذين أهلكناهم ﴿مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا﴾ أي: (صوتًا). قاله ابن عباس والمفسرون [["جامع البيان" 16/ 135، "النكت والعيون" 3/ 391، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 155 "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 162، "الدر المنثور" 4/ 514.]]. وقال زيد: (حسا) [["جامع البيان" 16/ 135، "النكت والعيون" 3/ 391،"الجامع لأحكام القرآن" 11/ 162.]]. وقال أهل اللغة: (الركز: الصوت الخفي) [[انظر (ركز) في "تهذيب اللغة" 2/ 1459، "القاموس المحيط" ص 512، "الصحاح" 3/ 880، "اللسان" 3/ 1717، "المفردات في غريب القرآن" ص 202.]]، وأنشدوا قول لبيد [[البيت للبيد، ذكره في معلقه.
انظر "ديوانه" ص 173، "شرح القصائد العشر" للتبريزى ص 184،"شرح المعلقات السبع" للزوزبي ص 238، "الدر المصون" 7/ 654.]]: وَتَوَجَّسْتُ رِكْزَ الأَنِيْسِ فَرَاعَهَا ... عَنْ ظَهرِ غَيْبٍ وَالأَنِيْسُ سَقَامُهَا
ومضى الكلام في معنى أحس [[عند قوله سبحانه: ﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّه﴾ الآية [آل عمران: 52].]]، وتحقيق معنى الآية: وكم أهلكنا قبلهم من قرن بتكذيب المرسلين يعضهم بهذا، ويلزمهم الاعتبار بمن تقدم من الأمم المكذبة.
{"ayah":"فَإِنَّمَا یَسَّرۡنَـٰهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ ٱلۡمُتَّقِینَ وَتُنذِرَ بِهِۦ قَوۡمࣰا لُّدࣰّا"}