الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (٩٦) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (٩٧) ﴾ يقول تعالى ذكره: إن الذين آمنوا بالله ورسله، وصدّقوا بما جاءهم من عند ربهم، فعملوا به، فأحلوا حلاله، وحرّموا حرامه ﴿سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ في الدنيا، في صدور عباده المؤمنين. وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني يحيى بن طلحة، قال: ثنا شريك، عن مسلم الملائي، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله ﴿سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ قال: محبة في الناس في الدنيا. ⁕ حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ﴿سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ قال: حبا. ⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ﴿سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ قال: الودّ من المسلمين في الدنيا، والرزق الحسن، واللسان الصادق. ⁕ حدثني يحيى بن طلحة، قال: ثنا شريك، عن عبيد المُكْتِبِ، عن مجاهد، في قوله ﴿سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ قال: محبة في المسلمين في الدنيا. ⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهد، في قوله: ﴿سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ قال: يحبهم ويحببهم إلى خلقه. ⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ قال: يحبهم ويحببهم إلى المؤمنين. ⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. ⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا عليّ بن هاشم، عن بن أبي ليلى، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: يحبهم ويحببهم. ⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الحكم بن بشير، قال: ثنا عمرو، عن قتادة، في قوله ﴿سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ قال: ما أقبل عبد إلى الله إلا أقبل الله بقلوب العباد إليه. وزاده من عنده. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ : إي والله في قلوب أهل الإيمان. ذُكر لنا أن هرم بن حيان كان يقول: ما أقبل عبد بقلبه إلى الله، إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه، حتى يرزقه مودّتهم ورحمتهم. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، أن عثمان بن عفان كان يقول: ما من الناس عبد يعمل خيرًا ولا يعمل شرًّا، إلا كساه الله رداء عمله. ⁕ حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن الثوري، عن مسلم، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله ﴿سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ قال: محبة. وذُكر أن هذه الآية نزلت في عبد الرحمن بن عوف. ⁕ حدثني محمد بن عبد الله بن سعيد الواسطي، قال: أخبرنا يعقوب بن محمد، قال: ثنا عبد العزيز بن عمران، عن عبد الله بن عثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن أمه أمّ إبراهيم ابنة أبي عبيدة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيها، عن عبد الرحمن بن عوف، أنه لما هاجر إلى المدينة، وجد في نفسه على فراق أصحابه بمكة، منهم شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، وأميه بن خلف، فأنزل الله تعالى: ﴿إن الذي آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا﴾ . * * * وقوله ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ﴾ يقول تعالى ذكره: فإنما يسَّرنا يا محمد هذا القرآن بلسانك، تقرؤه لتبشر به المتقين الذين اتقوا عقاب الله، بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه بالجنة ﴿وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا﴾ يقول: ولتنذر بهذا القرآن عذاب الله قومك من قريش، فإنهم أهل لدد وجدل بالباطل، لا يقبلون الحق. واللدّ: شدة الخصومة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ﴿لُدًا﴾ قال: لا يستقيمون. ⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. ⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ﴿وتنذر له قوما لدا﴾ يقول: لتنذر به قومًا ظَلَمة. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا﴾ : أي جدالا بالباطل، ذوي لدة وخصومة. ⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا محمد بن فضيل، عن ليث، عن مجاهد، في قوله: ﴿وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا﴾ قال: فجارا. ⁕ حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله ﴿قَوْمًا لُدًّا﴾ قال: جدالا بالباطل. ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ﴿وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا﴾ قال: الألدّ: الظلوم، وقرأ قول الله ﴿وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾ . ⁕ حدثنا أبو صالح الضراري [[أبو صالح الضراري، بالضاد المعجمة، كما في (تاج العروس: ضرر) . في الأصل: بالضاد المهملة، تحريف.]] . قال: ثنا العلاء بن عبد الجبار، قال: ثنا مهدي ميمون، عن الحسن في قول الله عزّ وجلّ ﴿وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا﴾ قال: صما عن الحقّ. ⁕ حدثني ابن سنان، قال: ثنا أبو عاصم، عن هارون، عن الحسن، مثله. وقد بيَّنا معنى الألدّ فيما مضى بشواهده، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب