قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ فِيهِ وجْهانِ:
(p-٣٩١)أحَدُهُما: حُبًّا في الدُّنْيا مَعَ الأبْرارِ، وهَيْبَةً عِنْدَ الفُجّارِ.
الثّانِي: يُحِبُّهُمُ اللَّهُ ويُحِبُّهُمُ النّاسُ، قالَ الرَّبِيعُ بْنُ أنَسٍ: إذا أحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا ألْقى لَهُ المَحَبَّةَ في قُلُوبِ أهْلِ السَّماءِ، ثُمَّ ألْقاها في قُلُوبِ أهْلِ الأرْضِ.
وَيَحْتَمِلُ ثالِثًا: أنْ يَجْعَلَ لَهم ثَناءً حَسَنًا.
قالَ كَعْبٌ: ما يَسْتَقِرُّ لِعَبْدٍ ثَناءٌ في الدُّنْيا حَتّى يَسْتَقِرَّ مِن أهْلِ السَّماءِ.
وَحَكى الضَّحّاكُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَعَلَ لَهُ وُدًّا في قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ.
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿قَوْمًا لُدًّا﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: فُجّارًا، قالَهُ مُجاهِدٌ.
الثّانِي: أهْلَ إلْحاحٍ في الخُصُومَةِ، مَأْخُوذٌ مِنَ اللَّدُودِ في الأفْواهِ، فَلُزُومُهُمُ الخُصُومَةَ بِأفْواهِهِمْ كَحُصُولِ اللَّدُودِ في الأفْواهِ، قالَهُ ابْنُ بَحْرٍ.
قالَ الشّاعِرُ:
؎ بَغَوْا لَدَدِي حَنَقًا عَلِيَّ كَأنَّما تَغْلِي عَداوَةُ صَدْرِهِمْ في مِرْجَلِ
الثّالِثُ: جِدالًا بِالباطِلِ، قالَهُ قَتادَةُ، مَأْخُوذٌ مِنَ اللَّدُودِ وهو شَدِيدُ الخُصُومَةِ.
قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿وَهُوَ ألَدُّ الخِصامِ﴾ وقالَ الشّاعِرُ:
؎ أبِيتُ نَجِيًّا لِلْهُمُومِ كَأنَّنِي ∗∗∗ أُخاصِمُ أقْوامًا ذَوِي جَدَلٍ لُدّا
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿رِكْزًا﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: صَوْتًا، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ وقَتادَةُ والضَّحّاكُ.
الثّانِي: حِسًّا، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
الثّالِثُ: أنَّهُ ما لا يُفْهَمُ مِن صَوْتٍ أوْ حَرَكَةٍ، قالَهُ اليَزِيدِيُّ.
{"ayahs_start":96,"ayahs":["إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ سَیَجۡعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحۡمَـٰنُ وُدࣰّا","فَإِنَّمَا یَسَّرۡنَـٰهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ ٱلۡمُتَّقِینَ وَتُنذِرَ بِهِۦ قَوۡمࣰا لُّدࣰّا","وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّن قَرۡنٍ هَلۡ تُحِسُّ مِنۡهُم مِّنۡ أَحَدٍ أَوۡ تَسۡمَعُ لَهُمۡ رِكۡزَۢا"],"ayah":"فَإِنَّمَا یَسَّرۡنَـٰهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ ٱلۡمُتَّقِینَ وَتُنذِرَ بِهِۦ قَوۡمࣰا لُّدࣰّا"}