الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ﴾ هي: أنطاكية [[أنطاكية: بالفتح: السكون قصبة العوصم من الثغور الشامية، وهي من أعيان البلاد وأمهاتها، موصوفة بالنزاهة والحسن وطيب الهواء وعذوبة الماء وكثرة الفواكه وسعة الخير، قيل إن أول من بناها وسكها: أنطاكية بنت الروم بن اليقن بن سآم بن نوح -عليه السلام-، وقيل إن أول من بناها: أنطيغونيا في السنة السادسة من موت الإسكندر ولم يتمها، فأتمها بعد سلوقوس، وقيل غير ذلك، وفتحها أبو عبيدة بن الجراح سار إليها من حلب، وألزم أهلها بالجزية. انظر: "معجم البلدان" 1/ 266.]] في قول ابن عباس [["معالم التنزيل" 5/ 192، "المحرر الوجيز" 9/ 270 ذكره بدون نسبة، "زاد المسير" 5/ 175.]]. والأيلة، في قول ابن سيرين [["جامع البيان" 15/ 288، "معالم التنزيل" 5/ 192، " المحرر الوجيز" 9/ 270، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 24.]]. وقوله تعالى: ﴿فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا﴾ روى أبي بن كعب أن النبي -ﷺ- قال: "كانوا أهل القرية لئام" [[سبق تخريج الحديث وعزوه في بداية القصة.]]. والتضييف والإضافة فيه بمعنى واحد، يقال: ضافَه وتَضَيَّفه إذا نزل به وصار له ضيفًا، وأضافه وضيَّفه إذا أنزله وقراه، وأصل هذا في اللغة: من الميل والإمالة، يقال: ضاف يضِيف إذا مال، وأضافه إذا أماله، يقال: هذا مُضاف إلى كذا، أي: ممال إليه، ومنه قيل للدَّعي: مُضاف؛ لأنه مستند إلى قوم ليس منهم [[انظر: "تهذيب اللغة" (ضاف) 3/ 2080، "القاموس المحيط" (الضيف) ص 830، "مقاييس اللغة" (ضيف) 3/ 380، "الصحاح" (ضيف) 4/ 1392.]]. ومنه: (قوله -ﷺ- في النهي عن الصلاة: "إذا أضفت الشمس للغروب") [[أخرجه أبو داود في الجنائز، باب الدفن عند طلوع الشمس وعند غروبها 3/ 531، والترمذي في الجنائز، باب كراهية الصلاة على الجنازة عند طلوع الشمس وعند غروبها 3/ 348، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي في الجنائز، باب الساعات التي نهى عن إقبار الموتى فيهن 4/ 62، وابن ماجه في الجنائز، باب == ما جاء في الأوقات التي لا يصلى فيها على الميت ولا يدفن 1/ 486، والإمام أحمد 4/ 152، وأورده الألباني في "إرواء الغليل" 2/ 2368 وقال: صحيح.]]. أي: مالت. قال أبو عبيد: (ومنه سمي الضَّيف ضيفًا، يقال: ضِفْت فلانًا إذا ملت إليه، وأضفته: إذا أَمَلْتَه إليك) [["غريب الحديث" لأبي عبيد 1/ 22، "تهذيب اللغة" (ضاف) 3/ 2080.]]. ومن الناس من فرق بين التضييف والإضافة، قال شمر: (سمعت رجاء بن سلمة [[رجاء بن أبي سلمة مهران أبو المقدام الفلسطيني، نزل البصرة ثم تحول إلى الشام، روى عن: عمر بن عبد العزيز، وعمرو بن شعيب، والزهري، وغيرهم، وروى عنه: ابن عون، وابن عبلة، وبشر بن المفضل وغيرهم وثقه العلماء، وكان من أفاضل أهل زمانه، توفي رحمه الله سنة 61 هـ ، وله من العمر سبعين سنة. انظر: "الجرح والتعديل" 3/ 503، "الكشاف" 1/ 308، "حلية الأولياء" 6/ 92، "تهذيب الكمال" 9/ 161، "تهذيب التهذيب" 3/ 231]] يقول: التَّضيف الإطعام، تقول: ضيَّفته إذا أطعمتَه، وأضافه إذا لم يُطْعِمْهُ. وقال في هذه الآية معناه: فأبوا أن يطعموهما) [["تهذيب اللغة": (ضاف) 3/ 2081، "لسان العرب" (ضيف) 5/ 2625.]]. وقال أبو الهيثم: (هما عندنا بمعنى واحد) [["تهذيب اللغة": (ضاف) 3/ 2081.]]. وقال الفراء في هذه الآية: (لو قرئت يُضيِفُوهُما كان صوابًا) [["معاني القرآن" للفراء 2/ 155.]]. وقوله تعالى: ﴿فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارً﴾ هو الجَدْرُ، والجِدَارُ، ومنه الحديث: "حتى يبلغ الماء الجَدْرُ" [[أخرجه البخاري في "صحيحه" كتاب: الصلح، باب: إذا أشار الإمام بالصلح فأبي حكم عليه 3/ 171، ومسلم في "صحيحه" كتاب: الفضائل، باب: وجوب إتباعه -ﷺ- 4/ 1829، وأبو داود في "سننه" كتاب: الأقضية أبواب: من القضاء == 4/ 51، والترمذي في "جامعه" كتاب: الأحكام، باب: ما جاء في الرجلين يكون أحدهما أسفل من الآخر في الماء 3/ 644، والنسائي في "سننه" كتاب: آداب القضاة باب: الرخصة للحاكم الأمين أن يحكم وهو غضبان 8/ 173، والإمام أحمد في "مسنده" 4/ 5.]]. ومكان جَدِير ومجدور: قد بني حواليه جدار؛ وأصله من الرفع، ومنه: أجدرت الشجرة إذا أخرجت في الربيع وأطلعت، ومنه: الجدري [[انظر: "تهذيب اللغة" (جدر) 1/ 557، "مقاييس اللغة" (جدر) 1/ 431، "القاموس المحيط" (الجدار) ص 362،"الصحاح" (جدر) 2/ 609.]]. وقوله تعالى: ﴿يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ الإرادة في صفة الجِدَار مجاز على جميع أهل المعاني، ومعناه: قرب أن ينقض، وذلك على التشبيه بحال من يريد أن يفعل [["النكت والعيون" 3/ 175، "المحرر الوجيز" 9/ 371، "الكشاف" 2/ 398، "البحر المحيط" 6/ 151. وذهب قوم إلى منع المجاز في القرآن، قال الشنقيطي في "أضواء البيان" 4/ 179: وزعم من لا علم عنده: أن هذه الأمور لا حقيقة لها، وإنما هي ضرب أمثال زعم باطل؛ لأن نصوص الكتاب والسنة لا يجوز صرفها عن معناها الواضح المتبادر إلا بدليل يجب الرجوع إليه، وبذلك تعلم أنه لا مانع من إبقاء إرادة الجدار على حقيقتها، لإمكان أن يكون الله علم منه إرادة الإنقضاض وإن لم يعلم خلقه تلك الإرادة، مع أنه من الأساليب العربية إطلاق في الإرادة على المقاربة والميل إلى الشيء.]]. قال الفراء: (وذلك من كلام العرب أن يقولوا: الجدار يريد أن يسقط) [["معاني القرآن" للفراء 2/ 156.]]. ومثله قوله تعالى: ﴿ولَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ﴾ [الأعراف: 154]، وقوله: ﴿فَإِذَا عَزَمَ اَلأَمْرُ﴾ [محمد: 21]، يريد: أن إضافة السكوت إلى الغضب، والعزم إلى الأمر، كإضافة الإرادة إلى الجدار. وقال الكسائي: (قوله للجدار: ﴿يُرِيدُ﴾ من أفصح كلام العرب، وإنما إرادة الجدار ميله) [[ذكر نحوه بلا نسبة "الكشاف" 2/ 398، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 25، "البحر المحيط" 6/ 151.]]. قال أبو عبيد: (وهذا كقوله -ﷺ-: "لا تتراءى ناراهما") [[أخرجه أبو داود في "سننه" كتاب: الجهاد، باب: النهي عن قتل من اعتصم بالسجود 3/ 104، والترمذي في "جامعه"، كتاب: السير، باب: ما جاء كراهية المقام بين أظهر المشركين 4/ 132، والنسائي في كتاب: القسامة، باب: القود بغير حديدة 8/ 26، والطبراني في "المعجم الكبير" 1/ 109، والحاكم في "المستدرك" 2/ 141، وصححه ووافقه الذهبي، وأحمد في "مسنده" 4/ 365، والطبري في "جامعه" 15/ 290، وابن عطية في "المحرر الوجيز" 10/ 432، وقال عنه الألباني في "إرواء الغليل" 5/ 29: صحيح.]]. وإنما هو أن تكون ناران كل واحدة من صاحبتها بالموضع الذي لو قام فيه إنسان رأى الأخرى في القرب [["جامع البيان" 15/ 290.]]. وقال ابن قتيبة: (الجدار إذا أشرف على الانهيار يقال فيه: جدار يهم أن ينقض، أو يكاد، أو يقارب، وأياما يقال فقد جعل فاعلا، ولا يوصل إلى هذا المعنى إلا بمثل هذه الألفاظ. قال: والعرب تقول بأرض بني فلان شجر قد صاح، إذا طال وتبين للناظر بطوله جعلوه كأنه صائح؛ لأن الصائح يدل على نفسه بصوته) [["تأويل مشكل القرآن" ص 132.]]. ويقال: شجر واعد إذا نور؛ كأنه ما نور وعد أن يثمر، وكل هذا مجاز كلام العرب واستعارتهم، وأنشد أبو عبيدة في مثل هذه الآية [[البيت للحارثي.= انظر: "مجاز القرآن" 1/ 410، "جامع البيان" 15/ 289، "النكت والعيون" 3/ 331، "الكشاف" 2/ 398، القرطبي 1/ 168، "لسان العرب" (رود) 3/ 1772.]]: يريد الرمح صدر أبي براء ... ويرغب عن دماء بني عقيل وأنشد الفراء [[البيت ينسب لحسان بن ثابت -رضي الله عنه-. الشَّمل: الاجتماع يقال: جمع الله شملك، وجمع الله شملهم أي: ما تشتت من أمرهم. والجُمل: جماعة الشيء، وأجمل الشيء: جمعه عن تفرقه. انظر: "معاني القرآن" للفراء 2/ 156، "جامع البيان" 15/ 289، "الكشف والبيان" 3/ 391 ب، "الكشاف" 2/ 368، "زاد المسير" 5/ 123، "روح المعاني" 16/ 6، "تهذيب اللغة" (دهر) 2/ 1240، "لسان العرب" (دهر) 3/ 1439.]]: إنَّ دهرًا يلف شملي بجملٍ ... لزمان يهم بالإحسان وأنشد أبو عبيد لذي الرمة، يذكر حوضًا دارسًا قد كان [[هذا شطر من بيت لذي الرمة يقول فيه: من عطن قد هم بالبيود ... طلاوة من جائل مطرود بيد: باد الشيء يبيد بيودًا: إذا انقطع وذهب، وباد يبيد إذا هلك. انظر: "ديوان شعر ذي الرمة" (160)، "جامع البيان" 15/ 290.]]: ... قد هم بالبيود ومثل هذا كثير مستفيض في كلامهم. وقال أبو إسحاق: (الجدار لا يريد إرادة حقيقية، إلا أن هيئته في التهيؤ للسقوط قد ظهرت، كما تظهر أفعال المريدين القاصدين، فوصف بالإرادة إذا كانت الصورتان واحدة) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 306، وقال الطبري 15/ 187: والذكره نقول به في == ذلك: أن الله عز ذكره بلطفه جعل الكلام بين خلقه رحمة منه بهم ليبين بعضهم لبعض عما في ضمائرهم مما لا تحسه أبصارهم، وقد علمت أن معناه قد قارب من أن يقع أو يسقط، وإنما خاطب -جَلَّ ثناؤه- بالقرآن من أنزل الوحي بلسانه وقد عقلوا ما عني به، وإن استعجم عن فهمه ذو البلادة والعمى، وضل فيه ذو الجهالة والغبا.]]. وأنشد الراعي يصف إبلا [[البيت لعبيد بن حصين النميري الراعي. انظر: "ديوانه" ص 128، "جامع البيان" 15/ 290، "الكشاف" 2/ 398، "القرطبي" 11/ 26، "التفسير الكبير" 21/ 157، "معاني القرآن" للزجاج 3/ 306، "وضح البرهان في مشكلات القرآن" 2/ 39، "لسان العرب" (رود) 3/ 1772.]]: في مهمة فلقت به هاماتها ... فلق الفؤوس إذا أردن نصولا وقوله تعالى: ﴿أَنْ يَنْقَضَّ﴾ معنى الانقضاض: السقوط بسرعة يقال: انقض الحائط إذا وقع، وانقض الطائر إذا هوى من طيرانه ليسقط علي شيء. وقال الليث؛ (يقال: قضضنا عليهم الخيل فانقضت عليهم أي: أوقعنا عليهم فوقعت، وأنشد [[لم أهتد إلى قائله، وذكرته كتب اللغة بدون نسبة. انظر: "تهذيب اللغة" (قض) 3/ 2982، "لسان العرب" (قضض) 6/ 3161.]]: قضوا غضابًا عليك الخيل من كثبٍ وهذا قول مجاهد في هذه الآية: (يريد أن يسقط) [[ذكرته كتب التفسير بدون نسبة، انظر: "جامع البيان" 15/ 290، "بحر العلوم" 2/ 308،"المحرر الوجيز" 9/ 374، "معالم التنزيل" 5/ 193، "الكشاف" 2/ 494، "زاد المسير" 5/ 176.]]. وقال آخرون: (معنى ﴿يَنْقَضَّ﴾ ينكسر، يقال: قضضت الشيء إذا كسرته ودققته، ومنه قيل للحَصَى الصغار: قضض [["تهذيب اللغة" (قض) 3/ 2982، "القاموس المحيط" (قضض) ص 652، "الصحاح" (قض) 3/ 1102.]]. وكلا اللفظين ذكرهما المفسرون في تفسير ﴿يَنْقَضَّ﴾ فقالوا (ينكسر ويسقط)، وذكرهما ابن قتيبة [["تفسير غريب القرآن" ص 269، "النكت والعيون" 3/ 175، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 25.]]. وقوله تعالى: ﴿فَأَقَامَهُ﴾ روى ابن عباس عن أبي بن كعب عن النبي -ﷺ- قال: (انتهى إلى جدار مائل فدفعه بيده فقام) [[سبق تخريج الحديث وعزوه في بداية القصة.]]. وقال مجاهد: (مسحه بكفه حتى استوى) [[ذكر نحوه البغوي 5/ 193 ونسبه لسعيد بن جبير، وكذلك ابن عطية في "المحرر الوجيز" 9/ 374، والقرطبي 11/ 27، والسيوطي في "الدر المنثور" 4/ 429.]]. ومعنى أقامه: سواه، وذلك أن قوله: ﴿يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ معناه: مال، كأنه قال: فوجدا جدارًا قد مال فأقامه. فقال موسى: ﴿لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذتَ عَلَيْهِ﴾ أي: على إقامته وإصلاحه ﴿أَجرًا﴾ قال الفراء: (لو شئت لم تقمه حتى يقرونا فهو الأجر) [["معاني القرآن" للفراء 2/ 156.]]. وقال أبو إسحاق: (وذلك أنهما لما نزلا القرية لم يضيفهما أهلها، فقال موسى: لو شئت لأخذت أجرة إقامتك هذا الحائط) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 306.]]. وروى هارون. بن عنترة [[هارون بن عنترة بن عبد الرحمن الشيباني، أبو عبد الرحمن بن أبي وكيع الكوفي، تابعي ثقة، روى عن أبيه، وعبد الرحمن بن الأسود، وسعيد بن جبير، ومحارب ابن دثار، وروى عنه: ابنه عبد الملك، وعمر بن مرة، وسفيان الثوري وغيرهم، وثقه أكثر العلماء، توفي رحمه الله من 142 هـ. انظر: "الثقات" لابن حبان 7/ 582، "الكاشف" 3/ 214، "الجرح والتعديل" 9/ 92، "تهذيب التهذيب" 11/ 10، "ميزان الاعتدال" 4/ 284.]] عن أبيه عن ابن عباس في هذه الآية قال: (كان قول موسى في الجدار لنفسه لطلب شيء من الدنيا، وكان قوله في السفينة وفي الغلام لله) [["زاد المسير" 5/ 178، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 33، "البحر المحيط" 6/ 153، "روح المعاني" 16/ 8.]]. وقراءة العامة: ﴿لَتَّخَذْتَ﴾، افتعلت من الأخذ. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو: لَتَخِذْتَ [[قرأ نافع، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وعاصم: (لتَّخذْتَ) وكلهم أدغم إلا ما روى حفص من عاصم فإنه لم يدغم. وقرأ أبو عمرو، وابن كثير: (لَتَخِذْتَ) بكسر الخاء، وكان أبو عمرو يدغم الذال، وابن كثير يظهرها. انظر: "السبعة" ص 396، "الحجة للقراء السبعة" 5/ 163، "التبصرة" ص 250، "العنوان في القراءات" ص 24، "النشر" 2/ 314.]]. وهي قراءة مجاهد، واختيار أبي زيد الأنصاري قال: (وكذلك هو مكتوب في الإمام، ومن قرأ: لاتخذت، فإنه يخالف الكتابة) [["تهذيب اللغة" (أخذ) 1/ 130، "لسان العرب" (أخذ) 1/ 37.]]. قال الليث: (يقال: اتَّخذ فلان يتَّخِذ اتِّخاذًا، ويقال: تَخِذَ يتخذ تخذًا، وتَخِذْتُ مالاً كسبتُه، ألزمت التاء الحرف كأنها أصلية) [["تهذيب اللغة" (أخذ) 1/ 130، "لسان العرب" (أخذ) 1/ 37، "تاج العروس" (أخذ) 5/ 345.]]. قال الفراء: (وأصلها اتَّخَذَ افْتَعَل) [["معاني القرآن" للفراء 2/ 156.]]. وحكى [[في (ص): (حلي)، وهو تصحيف.]] النضر: (اسْتَخَذْتُ عليهم يدًا أي: اتَّخَذْتُ) [["تاج العروس" (أخذ) 5/ 345، "لسان العرب" (أخذ) 1/ 37.]]. ومثل هذا حكى سيبويه: (استخذ فلان أرضًا) [["الكتاب" لسيبويه 4/ 483.]]. قال أبو علي الفارسي: (وتأويله على أمرين أحدهما: أنه اتخذ فأبدل السين من التاء الأولى. والآخر: أنه استفعل من تخذ فحذف التاء التي هي فاء من تخذت) [["الحجة للقراء السبعة" 5/ 163.]]. وكلهم أنشدوا [[البيت للممزق العبدي، واسمه: شأس بن نهار. غرزها: الغرز للناقة مثل الحزام للفرس، والنسيف: أثر ركض الرجل بجنبي البعير. والأفحوص: المبيض، والمطرق: وصف للقطاة إذا حان خروج بيضها. انظر: "الحجة للقراء السبعة" 5/ 163، "الخصائص" 2/ 287، "الأصمعيات" ص 65، "الحيوان" 2/ 298، "مجالس العلماء" للزجاجي ص 333، "الإغفال فيما أغفله الزجاج من المعاني" ص 993، "تهذيب اللغة" (نسف) 4/ 3562، "لسان العرب" (فحص) 6/ 3356.]]: وقد تخذت رجلي إلى جنب غرزها ... نسيفًا كأفحوص القطاة المطرَّق فحصل من هذا أن تَخِذ لغة بمعنى اتخذ، وأصله: اتخذ، على ما قال الفراء، كأنهم لما رأوا التاء في اتخذ ظنوها أصلية فقالوا في الثلاثي: تخذ، كما قالوا: اتقى من يتقي [["إملاء ما من به الرحمن" ص 403، "سر صناعة الإعراب" 1/ 198.]]. قال أبو إسحاق: (وأصل تَخِذْتُ: أخَذْتُ) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 307.]]. وأنكر عليه أبو علي وقال: (تَخِذْتُ فعلت وأَخَذْتُ فعلت، وإبدال الحرف من الكلمة ليس يوجب تغيير بنائها عما كان عليه قبل البدل، لكن ينبغي أن يحافظ على البناء الأول، ليكون أدل على أنه قد أبدل منه شيء، ولا يظن أنه بناء آخر وصياغة أخرى) [["الإغفال فيما أغفله الزجاج من المعاني" ص 992.]]. وقال ابن الأنباري: (العرب تجعل تَخَذَ وتَخِذَ مستغنيا عما سقط منه، قائمًا بنفسه، جاريًا مجرى طعم أطعم، وعلمت أعلم، وبنوا يقنت على أيقنت، واتقى على يتقى، فلم يغيروا شيئًا من ماضيه ولا مستقبله ليجرى مجرى ما الساقط مظهر معه، وهو بالأفعال، وهذا لافتنانهم وإسباغ مبانيهم في لغاتهم) [[ذكر نحوه بلا نسبة "سر صناعة الإعراب" 1/ 98، "البحر المحيط" 6/ 152.]]. وقال أبو العباس: (الاختيار لاتخذت؛ لأنه هو أصل الحرف يعرى من الحذف واللبس، قال: والقراءة الأخرى من لغة معروفة) [[ذكر نحوه "تهذيب اللغة" (أخذ) 1/ 130، "لسان العرب" (أخذ) 1/ 37.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب