الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ﴾ الآية، "إِذْ" هنا لا يجوز أن يكون متعلقًا بما قبله على تقدير: أم حسبت إذ أوى الفتية؛ لأنه كان بين النبي -ﷺ- وبينهم مدة طويلة، فلم يتعلق الحسبان بذلك الوقت الذي أووا فيه إلى الكهف، وإذ يتعلق بمحذوف كأنه قيل: اذكر إذا أوى [["الدر المصون" 7/ 446، و"البحر المحيط" 6/ 102، و"التفسير الكبير" 11/ 83، و"إملاء ما من به الرحمن" 1/ 395.]]. كما قلنا في مواضع كثيرة. ومعنى ﴿أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ﴾: صاروا إليه وجعلوه مأواهم [["زاد المسير" 5/ 108، و"التفسير الكبير" 11/ 83، و"معاني القرآن" للزجاج 3/ 270.]]. قال ابن عباس: (يريد هربوا إلى الكهف) [[ذكرته كتب التفسير بلا نسبة. انظر: "النكت والعيون" 3/ 287، و"المحرر الوجيز" 9/ 239، و"زاد المسير" 5/ 108.]]. وذكرنا الكلام في الفتية عند قوله: ﴿وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ﴾ [يوسف: 62] في سورة يوسف. وقوله تعالى: ﴿فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً﴾ أخبر الله تعالى أنهم لما هربوا عمن يطلبهم اشتغلوا بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى: ﴿فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً﴾ أي: أعطنا من عندك مغفرة ورزقًا [["معالم التنزيل" 5/ 155 بمعناه، و"الكشاف" 2/ 381، و"المحرر الوجيز" 9/ 245، و"زاد المسير" 5/ 109.]]. قال ابن عباس: (يريدون تغنينا بها عن جميع من سواك) [[ذكر نحوه ابن الجوزي بلا نسبة في "زاد المسير" 5/ 109، والرازى في "التفسير الكبير" 21/ 83، والألوسي في "روح المعاني" 15/ 211.]]، يعني أن قولهم: ﴿مِنْ لَدُنْكَ﴾ تتضمن هذا المعنى. وقوله تعالى: ﴿وَهَيِّئْ لَنَا﴾ أي: أصلح، من قولك: هيأت الأمر فتهيأ ﴿مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ الرَّشَد، والرُّشْد، والرَّشاد، والرّشَاد: نقيض الضلال [["زاد المسير" 5/ 109، و"التفسير الكبير" 11/ 83، و"تهذيب اللغة" (رشد) 2/ 1411، و"مقاييس اللغة" (رشد) 2/ 318، و"لسان العرب" 3/ 1649.]]. قال أبو إسحاق: (أي أرشدنا إلى ما يقرب منك ويزلف عندك) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 270.]] وهذا معنى قول ابن عباس: (أرشد أفعالنا إلى محبتك) [[ذكرت كتب التفسير نحوه بدون نسبة. انظر: "زاد المسير" 5/ 109، و"التفسير الكبير" 21/ 83، و"روح المعاني" 15/ 211، و"أنوار التنزيل" 3/ 217.]]. وقال أهل المعاني: (تقدير الآية: هيئ لنا من أمرنا ذا رشد) [["التفسير الكبير" 11/ 83.]]. أي: أمر ذا رشد. فحذف الموصوف، ثم حذف المضاف أيضًا، كأنهم قالوا: هيئ لنا من أمرنا ما نصيب به الرشد.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب