الباحث القرآني

وقوله تعالى: ﴿وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ قال ابن عباس: هو أعلم بهم؛ لأنه خلقهم، فهدى بعفبهم، وأضل بعضهم؛ كما قال: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ﴾ [التغابن: 2]. وقال أهل المعاني: إنما ذكر أنه أعلم بهم بعد قوله: ﴿رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ﴾؛ ليدل به على أن تفضيل الأنبياء بعضهم على بعض وقع موقع الحكمة؛ لأنه من عالم بباطن الأمر [[ورد في "تفسير الطوسي" 6/ 490 بنصه.]]. وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ﴾ كلام المفسرين في هذا يدل على أن المعنى فيه: أن كل واحد منهم خُصّ بفضيلة؛ فقال قتادة: نعم فضّل الله بعض النبيين على بعض؛ فاتخذ إبراهيم خليلاً، وكلّم موسى تكْليمًا، وجعل عيسى كلمته وروحه، وآتى سليمان ملكًا لا ينبغي لأحد من بعده، وآتى داود زبورًا، وغفر لمحمد ما تقدم من ذنبه وما تأخر [[أخرجه "الطبري" 15/ 103، بنحوه، وورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 111 أ، بنحوه، انظر: "تفسير البغوي" 5/ 100، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 341، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.]]. وقال الكلبي: فضّل موسى بالكلام، وإبراهيم بالخُلَّة، واصطفى محمد -ﷺ-، وآتى داود زبورًا [[انظر: "تنوير المقباس" ص 301 مختصرًا.]]. وقال ابن عباس في هذه الآية: يريد لذلك فَضَّلت ولد آدم؛ فمنهم من عَصَمْتُ، ومنهم من خَذَلْتُ، وفَضَّلتُ داود حيث أعطيته الزبور، يعني أن ذكر تفضيل النبيين هاهنا يكون [[يكون ثابتة في جميع النسخ، وقد أدت إلى اضطراب المعنى، والأولى حذفها؛ لأن الكلام يستقيم بدونها.]] يدلّ على تفضيل ولد آدم. وقال أبو إسحاق: معنى ذكر داود هاهنا، أن الله أعْلَمَ أنه فضَّل بعض النبيين على بعض، أي فلا تُنْكِروا تفْضِيلَ محمد، وإعطاءه القرآن، فقد أعطى الله داود الزبور [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 245 بنصه.]]، وقرأ حمزة ﴿زُبُوًا﴾ بضم الزاي [[انظر: "السبعة" ص 382، و"إعراب القراءات السبع وعللها" 1/ 376، و"الحجة للقراء" 5/ 108.]]، وذكرنا وجه ذلك في أواخر سورة النساء [[آية [163].]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب