﴿وَرَبُّكَ أعْلَمُ بِمَن في السَّماواتِ والأرْضِ﴾ وبِأحْوالِهِمْ فَيَخْتارُ مِنهم لِنُبُوَّتِهِ ووِلايَتِهِ مَن يَشاءُ، وهو رَدٌّ لِاسْتِبْعادِ قُرَيْشٍ أنْ يَكُونَ يَتِيمُ أبِي طالِبٍ نَبِيًّا، وأنْ يَكُونَ العُراةُ الجُوَّعُ أصْحابَهُ. ﴿وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ﴾ بِالفَضائِلِ النَّفْسانِيَّةِ والتَّبَرِّي عَنِ العَلائِقِ الجُسْمانِيَّةِ، لا بِكَثْرَةِ الأمْوالِ والأتْباعِ حَتّى داوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَإنَّ شَرَفَهُ بِما أُوحِيَ إلَيْهِ مِنَ الكِتابِ لا بِما أُوتِيَهُ مِنَ المُلْكِ. قِيلَ هو إشارَةٌ إلى تَفْضِيلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وقَوْلُهُ: ﴿وَآتَيْنا داوُدَ زَبُورًا﴾ تَنْبِيهٌ عَلى وجْهِ تَفْضِيلِهِ وهو أنَّهُ خاتَمُ الأنْبِياءِ وأُمَّتَهُ خَيْرُ الأُمَمِ المَدْلُولُ عَلَيْهِ بِما كُتِبَ في الزَّبُورِ مِن أنَّ الأرْضَ يَرِثُها عِبادِي الصّالِحُونَ، وتَنْكِيرُهُ ها هُنا وتَعْرِيفُهُ في قَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنا في الزَّبُورِ﴾ لِأنَّهُ في الأصْلِ فَعُولٌ لِلْمَفْعُولِ كالحَلُوبِ، أوِ المَصْدَرُ كالقَبُولِ ويُؤَيِّدُهُ قِراءَةُ حَمْزَةَ بِالضَّمِّ وهو (p-259)كالعَبّاسِ أوِ الفَضْلِ، أوْ لِأنَّ المُرادَ وآتَيْنا داوُدَ بَعْضَ الزُّبُرِ، أوْ بَعْضًا مِنَ الزَّبُورِ فِيهِ ذِكْرُ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ.
{"ayah":"وَرَبُّكَ أَعۡلَمُ بِمَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَلَقَدۡ فَضَّلۡنَا بَعۡضَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ عَلَىٰ بَعۡضࣲۖ وَءَاتَیۡنَا دَاوُۥدَ زَبُورࣰا"}