الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ﴾ [قال ابن عباس والمفسرون: يريد أمامه جهنم] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ش)، (ع).]] بين يديه [[ورد في تفسيره "الوسيط" 1/ 312 بنصه عن ابن عباس، و"ابن الجوزي" 4/ 351 بنحوه عن ابن عباس، وانظر: "الطبري" 13/ 195، و"الثعلبي" 7/ 148 أ، و"الماوردي" 3/ 127.]]، ووراء يكون لخلف وقُدَّام، وإنما معناه ما توارى عنك؛ أي: ما اسْتَتَر عنك [[ورد في "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 156 بنصه.]] فعلى هذا إنما قيل (من ورائه) لما بين يديه؛ لاستتاره عنه، فصار كما يكون خلفه لمّا كان لا يراه. وذهب قوم إلى أن الوراء من الأضداد؛ يكون الخلف والقُدَّام [[انظر: "ثلاثة كتب في الأضداد" للأصمعي ص20، والسجستاني ص 82، و"الأضداد" لابن الأنباري ص 68، و"تأويل مشكل القرآن" ص 189، و"جمهرة اللغة" 1/ 236، وقد أنكر الزجاج والنحاس أن تكون وراء من الأضداد، ورجحا أن تكون بمعنى الاستتار، وهو ما ذهب إليه ثعلب؛ فقد سئل لم قيل الوراء للأمام، فقال: الوراء اسم لما توارى عن عينك، سواءً أكان أمامك أم خلفك. "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 157، و"معاني القرآن" للنحاس 3/ 522، وانظر: "تفسير ابن الجوزي" 4/ 352، و"تفسير الشوكاني" 3/ 143.]]، وهو قول أبي عبيدة [["مجاز القرآن" 1/ 237 بنحوه.]]، وابن السِّكِّيت [["الأضداد" لابن السكيت "ثلاثة كتب في الأضداد" ص 175، وانظر (ورى) في "تهذيب اللغة" 4/ 3879.]]، وأبي الهيثم [[ورد في "تهذيب اللغة" (ورى) 4/ 3879 بنحوه، وأبو الهيثم هو: الرازي، تقدمت ترجمته.]]. قال أهل المعاني: وإنما جاز ذلك [[أي كون (وراء) ميت الأضداد.]] لأنه ما من مكان إلا ويصح أن يكون خلفًا وقدامًا، ولمّا [[في (أ)، (د): (إنما)، والمثبت من (ش)، (ع).]] كان ما هو خلف يجوز أن يصير قدامًا، جاز أن يقع الوراء على القُدَّام [["معاني القرآن" للفراء 2/ 157 بنحوه، و"معاني القرآن وإعرابه" 3/ 305 بنحوه، وانظر: "الأضداد" للجسستاني "ثلاث كتب في الأضداد" ص 82، و"الأضداد" لابن الأنباري ص 68.]]، ومن هذا قوله تعالى: ﴿وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ﴾ [الكهف:79]، أي: أمامهم [[انظر المصادر السابقة.]]، ويقال: الموت من [[(من) ساقطة من (ش)، (ع).]] وراء الإنسان، أي: أمامه، وذكر ابن الأنباري وجهًا ثالثًا؛ وهو: أن وراء هاهنا بمعنى بعد [[انظر: "تفسير ابن الجوزي" 4/ 352، و"الفخر الرازي" 19/ 103، وورد بلا نسبة في "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 157، و"تهذيب اللغة" (ورى) 4/ 3878، و"تفسير الماوردي" 3/ 128، و"تفسير القرطبي" 9/ 350، وقد انتصر ابن عطية لهذا المعنى في رده على الطبري وغيره ممن فسَّروا (ورائه) بـ (أمامه)، وذكر أن (وراء) هاهنا على بابها؛ أي: ما يأتي بعد في الزمان. انظر: "تفسير ابن عطية" 8/ 217.]]، والكناية فيه تعود إلى اليأس الذي دلَّ عليه قوله: ﴿وَخَابَ﴾ كأنه قال: من بعد يأسه [[في (أ): (بانيه)، وفي (د): (بابنيه)، وفي (ش)، (ع): (ناسه)، والتصويب من "تفسير ابن الجوزي" 4/ 352.]] جهنم، كقول النابغة: ولَيْسَ وَرَاء اللهِ للمَرْءِ مَذْهَبُ [[صدره: حلفتُ فلم أترك لنفسك رِيبةً "ديوان النابغة" الذبياني ص 27، وورد في "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 157، "الأضداد" لابن الأنباري ص 70، و"تهذيب اللغة" (ورى) 4/ 3879، و"تفسير الماوردي" 3/ 128، و"تفسير القرطبي" 9/ 350، و"الألوسي" 13/ 301، وهذا البيت من قصيدة قالها يعتذر بها إلى النعمان بن المنذر ويمدحه.]] أي: وليس بعد الله مذهب. وقال مقاتل: ﴿مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ﴾ يعني بَعْده [["تفسير مقاتل" 1/ 192 أ، وعبارته: من بعدهم؛ يعني من بعد موته، وانظر: "تفسيرالثعلبي" 7/ 148 أ، بنصه، ونقلها عنه.]]، وهذا على معنى أن جهنم تلحقه، وأن عاقبته تصير إليها؛ كما يقال: وراءك برد شديد؛ أي: أنه يأتيك ويبلغك، وأنا من وراء هذا الأمر، أي: أصل إليه طالبًا، ومنه قول لبيد: أَلَيْسَ وَرَائِي إنْ تَرَاخَتْ مَنِيَّتي ... لُزُومُ العَصَا تُحْنَى عليها الأصَابعُ [["شرح ديوان لبيد" ص 170، وورد في: "الأضداد" للسجستاني [ثلاثة كتب في الأضداد] ص 83)]، و"الأضداد" لابن الأنباري ص 69، و"تهذيب اللغة" (ورى) 4/ 3878، و"الأغاني" 14/ 99، و"اللسان" (وري) 1/ 4823، وفي جميع النسخ: (وراء) بحذف الياء والمثبت هو الصواب، والتصويب من الديوان وجميع المصادر السابقة.]] جعل الشيب وزمانه وراءه، على معنى أنه يأتيه [[في (أ)، (د): (ثابتة)، والمثبت من (ش)، (ع).]] ويلحقه. وبقي شيء من الكلام في وراء سنذكره عند قوله: ﴿وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ﴾ [الكهف: 79]، إن شاء الله. وقوله تعالى: ﴿وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ﴾ الصديد في اللغة: ماء الجرح المختلط بالدم والقيح [[انظر: "مجاز القرآن" ص 338، و"الغريب" لابن قتيبة 1/ 236، و"معاني القرآن وإعرابه" 3/ 157، و"نزهة القلوب" ص 297، (صدّ) في "تهذيب اللغة" 2/ 1985، و"مقاييس اللغة" 3/ 282، و"مجمل اللغة" 2/ 532، و"اللسان" 4/ 2410 (صدد).]]، يقال: أصَدَّ الجرح. قال ابن عباس: يريد صديد القيح والدم الذي يخرج من فروج الزُناة [[ورد بلا نسبة في "تفسير الثعلبي" 7/ 148أ، وتفسيره "الوسيط" 1/ 312 بنصه.]]، وهو قول القرظي [[ورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 148 أ، بنحوه، وانظر: "تفسير ابن الجوزي" 4/ 353، و"الخازن" 3/ 73، و"حاشية الجمل على الجلالين" 2/ 519، و"تفسير الألوسي" 13/ 202، و"صديق خان" 7/ 98.]]، والربيع [[ورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 148 أ، بنحوه، وانظر: "تفسير القرطبي" 9/ 352، و"الألوسي" 13/ 202.]]. وقال قتادة والكلبي: هو ما يخرج من جلد الكافر ولحمه [[أخرجه عن قتادة: عبد الرزاق 2/ 341 بنحوه، والطبري 13/ 195 بنحوه من طريقين، وورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 148 أبنصه عن قتادة، وانظر: "تفسير ابن الجوزي" 4/ 352، عن قتادة، وابن كثير 2/ 578، عن قتادة.]]، وتلخيص قوله: ﴿مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ﴾: من مائع سائل هو صديد، وقال أبو علي: تقديره: من ماء ذي صديد، قال: وهذا خلاف قوله. ﴿وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا﴾ [[لم أقف على مصدره.]] [الإنسان: 21].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب