الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾، قال ابن عباس: يريد: لا ملك إلا لله في السموات ولا في الأرض [["تنوير المقباس" ص 216 بمعناه من رواية الكلبي.]]. وقال الزجاج: أي: يفعل بهم وفيهم ما يشاء [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 27، وليس فيه لفظ: بهم.]]. وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ﴾ ذكر أهل التفسير والمعاني في (ما) هاهنا قولين: أحدهما: أنه نفي وجحد كأنه قيل: وما يتبعون شركاء على الحقيقة؛ لأنهم يعدونها شركاء شفعاء لهم، وليست على ما يظنون، فإذن ما يتبعون شركاء. الثاني: أن (ما) استفهام كأنه قيل: أي شيء يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء؟ تقبيحًا [[في (ى): (تفخيمًا)، وهو خطأ.]] لفعلهم يعني أنهم ليسوا على شيء؛ لأن هذا الاستفهام معناه الإنكار [[انظر القولين في: "مشكل إعراب القرآن" ص 348، "معالم التنزيل" 4/ 142، "الكشاف" 2/ 244، "مفاتيح الغيب" 17/ 137، "التبيان في إعراب القرآن" 5/ 176 - 177، "البحر المحيط" 5/ 176 - 177، "الدر المصون" 6/ 235، واقتصر على القول الأول المؤلف في "الوسيط" 2/ 554، وابن الجوزي في "زاد المسير" 4/ 45، وعلى الثاني "الطبري" 11/ 139، و"السمرقندي" 2/ 105، و"الثعلبي" 7/ 20 ب.]]. وذكر صاحب النظم في هذا قولين آخرين: أحدهما: أن التأويل: وما يتبع الذين يَدْعُون من دون الله فيما يدعون من الشركاء من يجب اتباعه في ذلك من نبي دعاهم إلى ذلك فهم يتبعونه فيه، كما يقال في الكلام: فلان متبع وفلان مبتدع، والمتبع [[في (م): (فالمتبع).]] الذي يتبع السنة، فاعلم أنهم لا يتبعون [ولكن يبتدعون، فلما كف عن هذا البيان وأضمره، بَيَّنَ في قوله: ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ح).]] إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾ أنّ اتباعهم فيما يدعون من دون الله إنما هو ظن وتخرص [[من (م) وفي غيرها: (تخريص).]]، فعلى هذا القول: الشركاء منصوبة بـ (يدعون) لا بـ (يتبع) ويكون مفعول (يتبع) محذوفًا على ما ذكر من التقدير [[في (ى): (التقدير الأول).]]. القول الثاني: أن قوله: ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ﴾ تكرير لقوله: ﴿وَمَا يَتَّبِعُ﴾ والتأويل [[ساقط من (ى).]]: وما يتبع الذين يدعون شركاء من دون الله إلا الظن، أي: يتبعون الظن ويعملون به، فيكون قوله: ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ﴾ مكررًا على قوله: ﴿وَمَا يَتَّبِعُ﴾ و (ما) و (إن) الخفيفة جحدان معناهما واحد، ومثاله من الكلام: ما يأكل الذي يغصب ويظلم الناس ويأخذ أموالهم، إن يأكل إلا النار، فيكون قوله: إن يأكل، توكيدًا لقوله: ما يأكل، ومثل هذا من التكرير قوله: ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النحل: 110] النحل: 110]، فكرر قوله: ﴿إِنَّ رَبَّكَ﴾ [على قوله] [[ساقط من (ى).]] ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ﴾ ولو لم يكرر الآخر لكان في الأول كفاية، وقوله تعالى: ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ﴾ يريد: ظنهم أنها تشفع لهم يوم القيامة. ﴿وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾ قال ابن عباس: يقولون ما لا يكون [["تنوير المقباس" ص 216 بلفظ: يكذبون للسفلة، وفي كتاب "غريب القرآن" لابن عباس: (يخرصون) يكذبون بلغة هذيل. وانظر: "زاد المسير" 4/ 46، وفي "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص 204: (يخرصون) يحدسون ويحزرون اهـ. وبكلا المعنيين جاءت اللغة كما في "لسان العرب" (خرص) 2/ 1133.]]، وذكرنا معنى الخرص في سورة الأنعام عند قوله: ﴿إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ﴾ [[من الآية 148.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب