الباحث القرآني

﴿ألا إنَّ لِلَّهِ مَن في السَّماواتِ ومَن في الأرْضِ﴾ مِنَ المَلائِكَةِ والثَّقَلَيْنِ، وإذا كانَ هَؤُلاءِ الَّذِينَ هم أشْرَفُ المُمْكِناتِ عَبِيدًا لا يَصْلُحُ أحَدٌ مِنهم لِلرُّبُوبِيَّةِ فَما لا يَعْقِلُ مِنها أحَقُّ أنْ لا يَكُونَ لَهُ نِدًّا أوْ شَرِيكًا فَهو كالدَّلِيلِ عَلى قَوْلِهِ: ﴿وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ﴾ أيْ شُرَكاءُ عَلى الحَقِيقَةِ وإنْ كانَ يُسَمُّونَها شُرَكاءَ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ﴿شُرَكاءَ﴾ مَفْعُولَ يَدْعُونَ ومَفْعُولُ ﴿يَتَّبِعُ﴾ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ. ﴿إنْ يَتَّبِعُونَ إلا الظَّنَّ﴾ أيْ ما يَتَّبِعُونَ يَقِينًا وإنَّما يَتَّبِعُونَ ظَنَّهم أنَّها شُرَكاءُ، ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ (ما) اسْتِفْهامِيَّةً مَنصُوبَةً بِـ ﴿يَتَّبِعُ﴾ أوْ مَوْصُولَةً مَعْطُوفَةً عَلى مَن وقُرِئَ « تَدْعُونَ» بِالتّاءِ الخِطابِيَّةِ والمَعْنى: أيُّ شَيْءٍ يَتَّبِعُ الَّذِينَ تَدْعُونَهم شُرَكاءَ مِنَ المَلائِكَةِ والنَّبِيِّينَ، أيْ أنَّهم لا يَتَّبِعُونَ إلّا اللَّهَ ولا يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ فَما لَكم لا تَتَّبِعُونَهم فِيهِ كَقَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ﴾ فَيَكُونُ إلْزامًا بَعْدَ بُرْهانٍ وما بَعْدَهُ مَصْرُوفٌ عَنْ خِطابِهِ لِبَيانِ سَنَدِهِمْ ومَنشَإ رَأْيِهِمْ. ﴿وَإنْ هم إلا يَخْرُصُونَ﴾ يَكْذِبُونَ فِيما يَنْسُبُونَ إلى اللَّهِ أوْ يَحْزِرُونَ ويُقَدِّرُونَ أنَّها شُرَكاءُ تَقْدِيرًا باطِلًا. ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ والنَّهارَ مُبْصِرًا﴾ تَنْبِيهٌ عَلى كَمالِ قُدْرَتِهِ وعِظَمِ نِعْمَتِهِ المُتَوَحِّدُ هو (p-119)بِهِما لِيَدُلَّهم عَلى تَفَرُّدِهِ بِاسْتِحْقاقِ العِبادَةِ، وإنَّما قالَ ﴿مُبْصِرًا﴾ ولَمْ يَقُلْ لِتُبْصِرُوا فِيهِ تَفْرِقَةً بَيْنَ الظَّرْفِ المُجَرَّدِ والظَّرْفِ الَّذِي هو سَبَبٌ. ﴿إنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ سَماعَ تَدَبُّرٍ واعْتِبارٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب