الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ٦٦ ] ﴿ألا إنَّ لِلَّهِ مَن في السَّماواتِ ومَن في الأرْضِ وما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ إنْ يَتَّبِعُونَ إلا الظَّنَّ وإنْ هم إلا يَخْرُصُونَ﴾ ﴿ألا إنَّ لِلَّهِ مَن في السَّماواتِ ومَن في الأرْضِ﴾ أيْ كُلُّهم تَحْتَ مَلْكَتِهِ وتَصَرُّفِهِ وقَهْرِهِ، لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ ومَشِيئَتِهِ وإقْدارِهِ إيّاهم. وقَوْلُهُ: ﴿وما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ إنْ يَتَّبِعُونَ إلا الظَّنَّ وإنْ هم إلا يَخْرُصُونَ﴾ تَأْكِيدٌ (p-٣٣٧٧)لِما سَبَقَ مِنِ اخْتِصاصِ العِزَّةِ بِهِ تَعالى، لِتَزِيدَ سَلْوَتُهُ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وبُرْهانٌ عَلى بُطْلانِ ظُنُونِهِمْ وأقْوالِهِمُ المَبْنِيَّةِ عَلَيْها. وفي (ما) مِن قَوْلِهِ ﴿وما يَتَّبِعُ﴾ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّها نافِيَةٌ، و(شُرَكاءَ) مَفْعُولُ (يَتَّبِعُ)، ومَفْعُولُ (يَدْعُونَ) مَحْذُوفٌ لِظُهُورِهِ. أيْ: ما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ، شُرَكاءَ في الحَقِيقَةِ، وإنْ سَمَّوْها شُرَكاءَ لِجَهْلِهِمْ، فاقْتَصَرَ عَلى أحَدِهِما لِظُهُورِ دَلالَتِهِ عَلى الآخَرِ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ (شُرَكاءَ) مَفْعُولَ (يَدْعُونَ)، ومَفْعُولُ (يَتَّبِعُ) مَحْذُوفٌ، لِانْفِهامِهِ مِن قَوْلِهِ ﴿إنْ يَتَّبِعُونَ إلا الظَّنَّ﴾ أيْ ما يَتَّبِعُونَ يَقِينًا، إنَّما يَتَّبِعُونَ ظَنَّهُمُ الباطِلَ. والوَجْهُ الثّانِي: أنَّها اسْتِفْهامِيَّةٌ، مَنصُوبَةٌ بِـ(يَتَّبِعُ)، و(شُرَكاءَ) مَفْعُولُ (يَدْعُونَ) أيْ: أيَّ شَيْءٍ يَتَّبِعُ هَؤُلاءِ؟ أيْ: إذا كانَ الكُلُّ تَحْتَ قَهْرِهِ ومَلْكَتِهِ فَما يَتَّبِعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَيْسَ بِشَيْءٍ، ولا تَأْثِيرَ لَهُ ولا قُوَّةَ، إنْ يَتَّبِعُونَ إلّا ما يَتَوَهَّمُونَهُ في ظَنِّهِمْ، ويَتَخَيَّلُونَهُ في خَيالِهِمْ، وما هم إلّا يُقَدِّرُونَ وُجُودَ شَيْءٍ لا وُجُودَ لَهُ في الحَقِيقَةِ. ثُمَّ نَبَّهَ تَعالى عَلى انْفِرادِهِ بِالقُدْرَةِ الكامِلَةِ، والنِّعْمَةِ الشّامِلَةِ، لِيَدُلَّ عَلى تَوَحُّدِهِ سُبْحانَهُ بِاسْتِحْقاقِ العِبادَةِ، بِقَوْلِهِ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب