الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ قد مضى الكلام في مثل هذه اللام عند قوله: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ﴾ [آل عمران: 161]، و ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ [التوبة: 113]، و ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ﴾ [الأنفال: 33]، ومعنى ﴿إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾، قال ابن عباس في رواية عطاء وهو قول عطية: إلا ما سبق لها [[في (م): (له).]] في قضاء الله وقدره [[انظر قول ابن عباس في "الوسيط" 2/ 560، "زاد المسير" 4/ 67، وانظر قول عطية العوفي في "تفسير الثعلبي" 7/ 30 ب.]]، وقال عطاء [[في (ى): (عطية)، وهو خطأ.]]: بمشيئة الله [[انظر: "تفسير الثعلبي" 7/ 30 ب، وابن الجوزي 4/ 67.]]. وقال أبو إسحاق: وما كان لنفس الوصلة إلى الإيمان إلا بتوفيق الله -عز وجل- وهو إذنه [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 36.]]، وهذا قول الكناني [["تفسير الثعلبي"، الموضع السابق، والكناني هو: عبد العزيز بن يحيى.]]، قال ابن الأنباري: لأنه ليس كل مأمور بالإيمان يوفق للقبول [[ذكره بمعناه ابن الجوزي في "زاد المسير" 4/ 67.]]. وقوله تعالى: ﴿وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾، قال الحسن: الرجس: العذاب [[المصدر السابق 4/ 68، "الوسيط" 2/ 561.]]، وهو قول الفراء [["معاني القرآن" 1/ 480، ولفظه: العذاب والغضب.]]، والزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 36.]]، وعلى هذا هو بمعنى الرجز، وروي عن ابن عباس أنه قال: الرجس السخط [[رواه ابن جرير 11/ 174، وابن أبي حاتم 6/ 1990، من رواية علي بن أبي طلحة.]]، وهذا كالأول؛ لأن [[ساقط من (ى).]] السخط سبب العذاب. وقال الكسائي [["الحجة للقراء السبعة" 4/ 307.]]، وابن الأنباري [[لم أقف على قوله، وهو سند أبي علي في روايته عن الكسائي هذا القول.]]: الرجس النتن، قال أبو علي فكأن [[من (م) وفي بقية النسخ: وكأن، وأثبت ما في (م) لموافقته لما في "الحجة".]] الرجس على الوجهين [[في "الحجة" ضربين.]]: أحدهما: أن يكون في معنى الرجز، وهو العذاب، والمعنى في قوله: ﴿وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾ أنهم يعذبون، كما قال: ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ﴾ [الفتح: 6]. والآخر: أن يُعنى به النجس والقذر، ومن ذلك قوله: ﴿أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾ [الأنعام: 145]، ويكون المعنى فيه أنه يحكم بأنهم رجس كما قال: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ [التوبة: 28]، أي: ليسوا من أهل الطهارة، فذموا على خروجهم منها، وإن لم تكن عليهم نجاسة من نحو البول والدم والخمر، والمعنى: إن الطهارة الثابتة للمسلمين هم خارجون عنها، ومباينون لها، وهذه الطهارة هي ما تثبت لهم من قوله: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة:103]، وهي طهارة من جهة الحكم وإن لم تُزل شيئًا نجسًا عن [[في (ح): (على).]] أبدانهم [["الحجة للقراء السبعة" 4/ 307، 308 بتصرف واختصار.]]. وقوله تعالى: ﴿عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾، قال ابن عباس: يريد لا يؤمنون [["الوسيط" 2/ 561.]]، والمعنى: لا يعقلون عن الله أمره ونهيه وما يدعوهم إليه، وقال أبو بكر: معناه: لا يعقلون القرآن ووصاة الأنبياء عن الله -جل وعز- عنادًا للحق، وهم يعقلون غيره، كما يقول القائل: فلان أصم [[في (م): (صم).]] عن كلامي، يريد لا يسمعه، وما يزال يعرض عنه، فهو فيه كالأصم، ولو كان سميعا لغيره [[لم أقف عليه.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب