الباحث القرآني
﴿وما كانَ لِنَفْسٍ﴾ بَيانٌ لِتَبَعِيَّةِ إيمانِ النُّفُوسِ الَّتِي عَلِمَ اللَّهُ تَعالى إيمانَها لِمَشِيئَتِهِ تَعالى وُجُودًا وعَدَمًا بَعْدَ بَيانِ الدَّوَرانِ الكُلِّيِّ عَلَيْها كَذَلِكَ وقِيلَ: هو تَقْرِيرٌ لِما يَدُلُّ عَلَيْهِ الكَلامُ السّابِقُ مِن أنَّ خِلافَ المَشِيئَةِ مُسْتَحِيلٌ أيْ ما صَحَّ وما اسْتَقامَ لِنَفْسٍ مِنَ النُّفُوسِ الَّتِي عَلِمَ اللَّهُ تَعالى أنَّها تُؤْمِنُ ﴿أنْ تُؤْمِنَ إلا بِإذْنِ اللَّهِ﴾ أيْ بِمَشِيئَتِهِ وإرادَتِهِ سُبْحانَهُ والأصْلُ في الإذْنِ بِالشَّيْءِ الإعْلامُ بِإجازَتِهِ والرُّخْصَةُ فِيهِ ورَفْعُ الحَجْرِ عَنْهُ وجَعَلُوا ما ذُكِرَ مِن لَوازِمِهِ كالتَّسْهِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ بَعْضُهم في تَفْسِيرِهِ وخُصِّصَتِ النَّفْسُ بِالصِّفَةِ المَذْكُورَةِ ولَمْ تُجْعَلْ مِن قَبِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وما كانَ لِنَفْسٍ أنْ تَمُوتَ إلا بِإذْنِ اللَّهِ﴾ قِيلَ لِأنَّ الِاسْتِثْناءَ مُفَرَّغٌ مِن أعَمِّ الأحْوالِ أيْ ما كانَ لِنَفْسٍ أنْ تُؤْمِنَ في حالٍ مِن أحْوالِها إلّا حالَ كَوْنِها مُلابِسَةً بِإذْنِهِ سُبْحانَهُ فَلا بُدَّ مِن كَوْنِ الإيمانِ مِمّا يَؤُولُ إلَيْهِ حالُها كَما أنَّ المَوْتَ حالٌ لِكُلِّ نَفْسٍ لا مَحِيصَ لَها عَنْهُ فَلا بُدَّ مِنَ التَّخْصِيصِ بِما ذُكِرَ فَإنَّ النُّفُوسَ الَّتِي عَلِمَ اللَّهُ تَعالى أنَّها لا تُؤْمِنُ لَيْسَ لَها حالٌ تُؤْمِنُ فِيها حَتّى تَسْتَثْنِيَ تِلْكَ الحالَ مِن غَيْرِها انْتَهى.
وقَدْ يُقالُ إنَّ هَذا الِاسْتِثْناءَ بِالنَّظَرِ إلى النَّفْسِ الَّتِي عَلِمَ اللَّهُ تَعالى أنَّها لا تُؤْمِنُ مُفِيدٌ لِعَدَمِ إيمانِها عَلى أتَمِّ وجْهٍ عَلى حَدِّ ما قِيلَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وأنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إلا ما قَدْ سَلَفَ﴾ فَكَأنَّهُ قِيلَ: ما كانَ لِنَفْسٍ عَلِمَ اللَّهُ تَعالى أنَّها لا تُؤْمِنُ أنْ تُؤْمِنَ في حالٍ مِنَ الأحْوالِ كَسَلامَةِ العَقْلِ وصِحَّةِ البَدَنِ وغَيْرِهِما إلّا في حالِ مُلابَسَتِها إذْنَ اللَّهِ تَعالى وإرادَتَهُ أنْ تُؤْمِنَ وهي تابِعَةٌ لِعِلْمِهِ بِذَلِكَ وعِلْمُهُ بِهِ مُحالٌ لِأنَّهُ قَدْ عَلِمَ نَقِيضَهُ فَيَلْزَمُ انْقِلابُ العِلْمِ جَهْلًا فَتَكُونُ إرادَتُهُ ذَلِكَ مُحالًا فَيَكُونُ إيمانُها مُحالًا إذِ المَوْقُوفُ عَلى المُحالِ مُحالٌ وفي الحَواشِي الشِّهابِيَّةِ أنَّ (ما كانَ) إنْ كانَ بِمَعْنى ما وجَدَ احْتاجَ إلى تَقْيِيدِ النَّفْسِ بِمَن عَلِمَ أنَّها تُؤْمِنُ وإنْ كانَ بِمَعْنى ما صَحَّ لا يُحْتاجُ إلَيْهِ ولِذا ذَكَرَهُ مَن ذَكَرَهُ وتَرَكَهُ مَن تَرَكَهُ وفِيهِ خَفاءٌ فَتَأمَّلْ ﴿ويَجْعَلُ الرِّجْسَ﴾ أيِ الكُفْرَ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَزادَتْهم رِجْسًا إلى رِجْسِهِمْ﴾ بِقَرِينَةِ ما قَبْلَهُ وأصْلُهُ الشَّيْءُ الفاسِدُ المُسْتَقْذَرُ وعَبَّرَ عَنْهُ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ عَلَمًا في الفَسادِ والِاسْتِقْذارِ وقِيلَ: المُرادُ بِهِ العَذابُ وعَبَّرَ عَنْهُ بِذَلِكَ لِاشْتِراكِهِما في الِاسْتِكْراهِ والتَّنَفُّرِ وأنَّ إرادَةَ الكُفْرِ مِنهُ بِاعْتِبارِ أنَّهُ نُقِلَ أوَّلًا عَنِ المُسْتَقْذَرِ إلى العَذابِ لِلِاشْتِراكِ فِيما ذُكِرَ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلى الكُفْرِ لِأنَّهُ سَبَبُهُ فَيَكُونُ مَجازًا في المَرْتَبَةِ الثّانِيَةِ واخْتارَ الإمامُ التَّفْسِيرَ الأوَّلَ تَحاشِيًا مِمّا في إطْلاقِ المُسْتَقْذَرِ عَلى عَذابِ اللَّهِ تَعالى مِنَ الِاسْتِقْذارِ وبَعَّضَ الثّانِيَ لَمّا أنَّ كَلِمَةَ (عَلى) في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿عَلى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ 100﴾ أيْ لا يَسْتَعْمِلُونَ عُقُولَهم بِالنَّظَرِ في الحُجَجِ والآياتِ أوْ لا يَعْقِلُونَ دَلائِلَهُ (p-195)وأحْكامَهُ لِما عَلى قُلُوبِهِمْ مِنَ الطَّبْعِ تَأْبى الأوَّلَ وتُعُقِّبَ بِأنَّ المَعْنى يُقَدِّرُهُ عَلَيْهِمْ فَلا إباءَ ويُفَسِّرُ ﴿الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ﴾ بِما يَكُونُ بِهِ تَأْسِيسًا كَما سَمِعْتَ في تَفْسِيرِهِ ومِنهُ تَعْلَمُ أنَّ الفِعْلَ مُنَزَّلٌ مَنزِلَةَ اللّامِ أوَّلُهُ مَفْعُولٌ مُقَدَّرٌ وقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ التَّفْسِيرَيْنِ بِأنَّهم عَلى الأوَّلِ لَمْ يُسْلَبُوا قُوَّةَ النَّظَرِ لَكِنَّهم لَمْ يُوَفَّقُوا لِذَلِكَ وعَلى الثّانِي بِخِلافِهِ والأمْرُ الآتِي ظاهِرٌ في الأوَّلِ والجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلى مُقَدَّرٍ كَأنَّهُ قِيلَ: فَيَأْذَنُ لَهم بِالإيمانِ ويَجْعَلُ إلَخْ أوْ فَيَأْذَنُ لِبَعْضِهِمْ بِذَلِكَ ويَجْعَلُ إلَخْ وقُرِئَ (الرِّجْزَ) بِالزّايِ وقَرَأ حَمّادٌ ويَحْيى عَنْ أبِي بَكْرٍ (ونَجْعَلُ) بِالنُّونِ
{"ayah":"وَمَا كَانَ لِنَفۡسٍ أَن تُؤۡمِنَ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَیَجۡعَلُ ٱلرِّجۡسَ عَلَى ٱلَّذِینَ لَا یَعۡقِلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق