الباحث القرآني

﴿قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ ولَدًا سُبْحانَهُ هو الغَنِيُّ لَهُ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ إنْ عِنْدَكم مِن سُلْطانٍ بِهَذا أتَقُولُونَ عَلى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ ﴿قُلْ إنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلى اللَّهِ الكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ﴾ ﴿مَتاعٌ في الدُّنْيا ثُمَّ إلَيْنا مَرْجِعُهم ثُمَّ نُذِيقُهُمُ العَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ﴾: الضَّمِيرُ في (قالُوا) عائِدٌ عَلى مَن نَسَبَ إلى اللَّهِ الوَلَدَ، مِمَّنْ قالَ: المَلائِكَةُ بَناتُ اللَّهِ، أوْ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ، أوِ المَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، و(سُبْحانَهُ): تَنْزِيهٌ مِنَ اتِّخاذِ الوَلَدِ وتَعَجُّبٌ مِمَّنْ يَقُولُ ذَلِكَ. (هو الغَنِيُّ): عِلَّةٌ لِنَفْيِ الوَلَدِ، لِأنَّ اتِّخاذَ الوَلَدِ إنَّما يَكُونُ لِلْحاجَةِ إلَيْهِ، واللَّهُ تَعالى غَيْرُ مُحْتاجٍ إلى شَيْءٍ، فالوَلَدُ مُنْتَفٍ عَنْهُ، وكُلُّ ما في السَّماواتِ والأرْضِ مِلْكُهُ فَهو غَنِيٌّ عَنِ اتِّخاذِ الوَلَدِ. و(إنْ): نافِيَةٌ، والسُّلْطانُ: الحُجَّةُ، أيْ: ما عِنْدَكم مِن حُجَّةٍ بِهَذا القَوْلِ. قالَ الحَوْفِيُّ: وبِهَذا مُتَعَلِّقٌ بِمَعْنى الِاسْتِقْرارِ يَعْنِي: الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الظَّرْفُ. وتَبِعَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فَقالَ: الباءُ حَقُّها أنْ تَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ: ﴿إنْ عِنْدَكُمْ﴾ عَلى أنْ يُجْعَلَ القَوْلُ مَكانًا لِلسُّلْطانِ كَقَوْلِكَ: ما عِنْدَكم بِأرْضِكم نُورٌ، كَأنَّهُ قِيلَ: إنَّ عِنْدَكم فِيما تَقُولُونَ سُلْطانٌ. وقالَ أبُو البَقاءِ: وبِهَذا مُتَعَلِّقٌ بِسُلْطانٍ أوْ نَعْتٌ لَهُ، وأتَقُولُونَ: اسْتِفْهامُ إنْكارٍ وتَوْبِيخٍ لِمَنِ اتَّبَعَ ما لا يَعْلَمُ، ويُحْتَجُّ بِذَلِكَ في إبْطالِ التَّقْلِيدِ في أُصُولِ الدِّينِ، واسْتَدَلَّ بِها نُفاةُ القِياسِ وأخْبارِ الآحادِ. ولَمّا نَفى البُرْهانَ عَنْهم جَعَلَهم غَيْرَ عالِمِينَ، فَدَلَّ عَلى أنَّ كُلَّ قَوْلٍ لا بُرْهانَ عَلَيْهِ لِقائِلِهِ فَذَلِكَ جَهْلٌ ولَيْسَ بِعِلْمٍ. و﴿الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلى اللَّهِ الكَذِبَ﴾ [يونس: ٦٠]: عامٌّ يَشْمَلُ مَن نَسَبَ إلى اللَّهِ الوَلَدَ، ومَن قالَ في اللَّهِ وفي صِفاتِهِ قَوْلًا بِغَيْرِ عِلْمٍ، وهو داخِلٌ في الوَعِيدِ بِانْتِفاءِ الإفْلاحِ، ولَمّا نَفى عَنْهُمُ الفَلاحَ وكانَ لَهم حَظٌّ مِن إفْلاحِهِمْ في الدُّنْيا، لِحُظُوظٍ فِيها مِن مالٍ وجاهٍ وغَيْرِ ذَلِكَ قِيلَ: ﴿مَتاعٌ قَلِيلٌ﴾ [آل عمران: ١٩٧]: جَوابٌ عَلى تَقْدِيرِ سُؤالٍ، كَأنَّ قائِلًا قالَ: كَيْفَ لا يُفْلِحُونَ وهم في الدُّنْيا مُفْلِحُونَ بِأنْواعٍ مِمّا يَتَلَذَّذُونَ بِهِ، فَقِيلَ: ذَلِكَ مَتاعٌ في الدُّنْيا، أوْ لَهم مَتاعٌ في الدُّنْيا زائِلٌ لا بَقاءَ لَهُ، ثُمَّ يَلْقَوْنَ (p-١٧٨)الشَّقاءَ المُؤَبَّدَ في الآخِرَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب