الباحث القرآني

﴿قالُوا﴾ شُرُوعٌ في ذِكْرِ ضَرْبٍ آخَرَ مِن أباطِيلِهِمْ وبَيانِ بُطْلانِهِ ﴿اتَّخَذَ اللَّهُ ولَدًا﴾ (p-163)أيْ: تَبَنّاهُ ﴿سُبْحانَهُ﴾ تَنْزِيهٌ وتَقْدِيسُ لَهُ عَمّا نَسَبُوا إلَيْهِ، وتَعْجِيبٌ مِن كَلِمَتِهِمُ الحَمْقاءِ ﴿هُوَ الغَنِيُّ﴾ عَلى الإطْلاقِ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ في كُلِّ شَيْءٍ، وهو عِلَّةٌ لِتَنْزِيهِهِ سُبْحانَهُ، وإيذانٌ بِأنَّ اتِّخاذَ الوَلَدِ مِن أحْكامِ الحاجَةِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿لَهُ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ﴾ أيْ: مِنَ العُقَلاءِ وغَيْرِهِمْ، تَقْرِيرٌ لِغِناهُ، وتَحْقِيقٌ لِمالِكِيَّتِهِ تَعالى لِكُلِّ ما سِواهُ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنْ عِنْدَكم مِن سُلْطانٍ﴾ أيْ: حُجَّةٍ ﴿بِهَذا﴾ أيْ: بِما ذُكِرَ مِن قَوْلِهِمُ الباطِلِ، تَوْضِيحٌ لِبُطْلانِهِ بِتَحْقِيقِ سَلامَةِ ما أُقِيمَ مِنَ البُرْهانِ السّاطِعِ عَنِ المَعارِضِ فَـ"مِن" في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿مِن سُلْطانٍ﴾ زائِدَةٌ لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ، وهو مُبْتَدَأٌ، والظَّرْفُ المُقَدَّمُ خَبَرُهُ، أوْ مُرْتَفَعٌ عَلى أنَّهُ فاعِلٌ لِلظَّرْفِ لِاعْتِمادِهِ عَلى النَّفْيِ، و"بِهَذا" مُتَعَلِّقٌ إمّا بِـ"سُلْطانٍ" لِأنَّهُ بِمَعْنى الحُجَّةِ والبُرْهانِ، وإمّا بِمَحْذُوفٍ وقَعَ صِفَةً لَهُ، وإمّا بِما في (عِنْدَكُمْ) مِن مَعْنى الِاسْتِقْرارِ، كَأنَّهُ قِيلَ: إنْ عِنْدَكم في هَذا القَوْلِ مِن سُلْطانٍ، والِالتِفاتُ إلى الخِطابِ لِمَزِيدِ المُبالَغَةِ في الإلْزامِ والإفْحامِ، وتَأْكِيدِ ما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أتَقُولُونَ عَلى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ مِنَ التَّوْبِيخِ والتَّقْرِيعِ عَلى جَهْلِهِمْ واخْتِلافِهِمْ، وفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلى أنَّ كُلَّ مَقالَةٍ لا دَلِيلَ عَلَيْها فَهي جَهالَةٌ، وأنَّ العَقائِدَ لا بُدَّ لَها مِن بُرْهانٍ قَطْعِيٍّ، وأنَّ التَّقْلِيدَ بِمَعْزِلٍ مِنَ الِاعْتِدادِ بِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب