الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿وأَطِيعُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ ولا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وتَذْهَبَ رِيحُكُمْ واصْبِرُوا إنَّ اللَّهَ مَعَ الصّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: ٤٦].
مدحُ الاجتماعِ والفُرْقةِ وذَمُّهُما:
في هذه الآيةِ: تعظيمٌ للاجتماعِ، وتحذيرٌ مِن الافتراقِ، خاصَّةً عندَ لقاءِ العدوِّ، وقد قدَّمَ اللهُ طاعتَهُ وطاعةَ نبيِّه على نهيِهِ عن التنازُعِ وأمرِه بالاجتماعِ، للدَّلالةِ على أنّ المرادَ بالاجتماعِ: أنّه على طاعتِهما، لا على الهَوى والدُّنيا ومَطامِعِها، فالاجتماعُ على غيرِ الحقِّ مذمومٌ، والتفرُّقُ بالحقِّ محمودٌ، وهكذا فعَلَ الأنبياءُ مع أُمَمِهم، وهذا الحمدُ للاجتماعِ مُقَيَّدٌ بالحقِّ الذي يثبُتُ به الدِّينُ، لا أنْ تختلِفَ الأُمَّةُ على فروعِ الدِّينِ اختلافًا يشُقُّ صَفَّها في مُقابِلِ عدوِّها، وتتفرَّقَ فيتسلَّطَ عليها الكفرُ ودَوْلَتُه، بحُجَّةِ أنّ الاجتماعَ يجبُ أنْ يكونَ على حقٍّ كاملٍ أو يكونَ الافتراقُ، فهذا لا يقولُ به إلاَّ جاهلٌ مِن أهلِ الغُلُوِّ والتنطُّعِ.
والاختلافُ منه ما هو مذمومٌ في كلِّ زمانٍ وفي كلِّ مكانٍ، وهو الاختلافُ على الحقِّ البيِّنِ، والأصلِ الواضحِ، ومِن الاختلافِ ما هو سائغٌ جائزٌ، كما يختلِفُ السلفُ على مسائلِ الدِّينِ، وهذا اختلافٌ لا يشُقُّ صَفَّ الأُمَّةِ، وهو مِن بابِ السَّعَةِ، وقد لا يُناسِبُ زمانًا أو حالًا، لا لِذاتِه، وإنّما لِما يُحِيطُ به مِن أحوالٍ، وما يَتْبَعُهُ مِن لوازمَ، والعاقلُ يُدرِكُ مواضعَ الخلافِ ومِقْدارَ أثرِهِ على أصلِ جماعةِ المؤمنِينَ، فمِن الخلافِ: ما هو سائغٌ في ذاتِه، ولكنَّ الزمانَ والحالَ لا يَحتمِلُه، لِضِيقِ النفوسِ، وتربُّصِ العدوِّ الأقربِ المنافِقِينَ، والعدوِّ الأَبعدِ الكافرِينَ.
آثارُ الاختلافِ:
ومِن أعظَمِ آثارِ الاختلافِ والتفرُّقِ: ذَهابُ النصرِ، وتسلُّطُ العدوِّ، فإنّ الكفرَ لا يتسلَّطُ على المُسلِمينَ إلاَّ بسببِ تفرُّقِهم، فيُقاتِلُهُمْ مُنفرِدِينَ وهو مجتمِعٌ، ولم يَنتصِرْ عليهم لضَعْفٍ فيهم، وإنّما لتفرُّقِهم، فالقويُّ المتفرِّقُ يَغلِبُهُ الضعيفُ المجتمِعُ، قال مجاهدٌ: ﴿وتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾، قال: «نصرُكُمْ»، قال: «وذهَبَتْ رِيحُ أصحابِ محمَّدٍ ﷺ حِينَ نازَعُوهُ يومَ أُحُدٍ»[[«تفسير الطبري» (١١/٢١٥)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٥/١٧١٢).]].
وأصلُ نِزاعِ الأُمَّةِ بسببِ ذُنوبِها، تختلِفُ قلوبُها، ثمَّ تختلِفُ أبدانُها وإنْ أصَّلَتْ وقعَّدَتْ لنفسِها الخلافَ بالحُجَجِ والبيِّناتِ، فكثيرًا ما تدخُلُ الأهواءُ على النفوسِ فتسلُكُ طريقًا، ثمَّ تحتجُّ لذلك الطريقِ مِن القرآنِ والسُّنَّةِ والأثرِ، وهكذا نزاعُ عامَّةِ الفِرَقِ والطوائفِ والجماعاتِ في الإسلامِ، ولذا ذكَرَ اللهُ بعدَ نَهْيِهِ عن الافتراقِ أمورًا باطنةً سيَّرَتِ المشرِكِينَ وحفَزَتْهُم، فنهى عن تسييرِها للمؤمنينَ، فقال: ﴿ولا تَكُونُوا كالَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيارِهِمْ بَطَرًا ورِئاءَ النّاسِ ويَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ واللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ وإذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أعْمالَهُمْ وقالَ لا غالِبَ لَكُمُ اليَوْمَ مِنَ النّاسِ﴾ [الأنفال: ٤٧ ـ ٤٨]، وفي هذا: إشارةٌ إلى أنّ أكثَرَ خلافِ الظواهرِ بسببِ بواطنَ خفيَّةٍ، مِن حُبِّ الرِّياءِ، والرِّياسةِ، والجاهِ، وطمعِ الدُّنيا.
{"ayah":"وَأَطِیعُوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَـٰزَعُوا۟ فَتَفۡشَلُوا۟ وَتَذۡهَبَ رِیحُكُمۡۖ وَٱصۡبِرُوۤا۟ۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق