الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿حافِظُوا عَلى الصَّلَواتِ والصَّلاةِ الوُسْطى وقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ﴾ [البقرة: ٢٣٨].
أمَرَ اللهُ بالمحافَظَةِ على الصلواتِ، ومرتبةُ المحافَظَةِ فوقَ مرتبةِ الأداءِ، لأنّ الأداءَ يقَعُ مِن الفعلِ مَرَّةً، والمحافظةُ تكونُ على الدوامِ، ثمَّ أمَرَ اللهُ بالقيامِ قنوتًا للهِ، لبيانِ أنّ القصدَ مِن الأمرِ بالصلاةِ ليس مجرَّدَ الأداءِ أوِ المداوَمَةِ على أيِّ وجهٍ جاء، دون أنْ يكونَ ذلك أداءً ومحافَظةً بقنوتٍ للهِ خالِصًا، وهذا يتضمَّنُ الأمرَ بالخشوعِ وحضورِ القلبِ، فمِن معاني القنوتِ: الدعاءُ، وطُولُ القيامِ، والسكوتُ، والخشوعُ، والإمساكُ عمّا يُخِلُّ بالصلاةِ، وكلُّ ذلك مستلزِمٌ لحضورِ القلبِ.
الحكمةُ من الأمرِ بالصلاةِ بعد أحكامِ الطلاقِ والعِدَدِ والرجعةِ:
وجاء الأمرُ بعدَ ذِكْرِ أحكامِ الطلاقِ والعِدَدِ والرَّجْعةِ والصَّداقِ، وهذه صِلَةٌ بينَ الزوجَيْنِ، وللصلاةِ أثرٌ في الإحسانِ فيها، فأكثرُ الناسِ صلاةً وأدوَمُهم عليها أشدُّهم إحسانًا في فِعْلِه، وأحسنُ الناسِ تعامُلًا مع الخالقِ أحسَنُهُمْ تعامُلًا مع المخلوقِ، فالصلاةُ تَنْهى عنِ الفحشاءِ والمنكَرِ، وتُعِينُ العبدَ على التواضُعِ للمخلوقِ، فأكثرُ الناسِ صلاةً أكثَرُهُمْ تواضُعًا، وقد حمَلَ بعضُ السلفِ قولَهُ تعالى: ﴿سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِن أثَرِ السُّجُودِ﴾ [الفتح: ٢٩] على التواضُعِ، قاله مجاهِدٌ[[«تفسير الطبري» (٢١/٣٢٣).]].
والصلاةُ التي لا تُورِثُ صاحِبَها صلاحًا بينَهُ وبين الناسِ: قاصِرةٌ في حقيقتِها، فالصلاةُ تُصلِحُ صاحِبَها، ولازِمُ صلاحِهِ في نفسِهِ صلاحُهُ مع غيرِه، ولهذا أمَرَ اللهُ بالصلاةِ بعدَ ذِكْرِ أحكامِ صلةِ الزوجَيْنِ بعضِهما ببعضٍ، ومَن صلَحَ في بيتِهِ، صلَحَ في غيرِه، فالأخلاقُ تَبِينُ في البيوتِ وبين الأزواجِ، ولا تَبِينُ في الأَبْعَدِينَ، فقد تصلُحُ صلةٌ مع الأبعدِينَ وهي فاسِدةٌ مع الأقرَبِينَ، لطولِ المجالَسةِ والمنادَمةِ، ومشقَّةِ حبسِ النفسِ عن إخراجِ ما تطبَّعَتْ عليه مِن خُلُقٍ.
والمحافظةُ على الصَّلَواتِ مِن أفضلِ القُرُباتِ، ففي «الصحيحَيْنِ» عن ابنِ مسعودٍ، قال: سَأَلْتُ رسولَ اللهِ ﷺ: أيُّ العَمَلِ أفْضَلُ؟ قالَ: (الصَّلاةُ لِوَقْتِها)، قالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: (بِرُّ الوالِدَيْنِ)، قالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: (الجِهادُ فِي سَبِيلِ اللهِ) [[أخرجه البخاري (٥٢٧) (١/١١٢)، ومسلم (٨٥) (١/٨٩).]].
والمحافَظَةُ على الصلاةِ زكاءٌ مِنَ النفاقِ، وطُهْرةٌ مِن السُّمْعةِ والرِّياءِ، لأنّ الذي يُحافظُ عليهنَّ جميعًا يدورُ به الوقتُ في اليومِ والليلةِ فيُصاحِبُهُ الإيمانُ كلَّ يومِهِ وليلتِه، والنِّفاقُ لا يُطِيقُ المداوَمَةَ، لأنّ المنافِقَ يتصنَّعُ ويتكلَّفُ، والمداوَمَةُ تَستعصي عليه، ولو كانت صلاةً واحدةً، لَقَوِيَ المنافِقُ عليها تصنُّعًا وتكلُّفًا، ولكنْ كانتِ الصلواتُ خمسًا متفرِّقاتٍ بين ساعاتِ الليلِ والنهارِ، تدورُ مع العبدِ تمحِّصُ نِفاقَهُ، وتَنفي خَبَثَه، ولا يُحافِظُ على الصلاةِ إلاَّ مؤمِنٌ.
الصلاةُ الوسطى:
وقد اختلَفَ المفسِّرونَ مِن السلفِ في الصلاةِ الوُسْطى على أقوالٍ كثيرةٍ، وهي نحوٌ مِن عشرينَ قولًا، وقد صنَّف فيه بعضُ المتأخِّرينَ تصنيفًا في جَمعِها، ومنها القويُّ، ومنها الضعيفُ، ومنها ما لا يُلتفَتُ إليه، وإنّما قال به واحدٌ ولم يُتابَعْ عليهِ، فقيل: إنّها صلاةُ العصرِ والفجرِ والظُّهْرِ والمغربِ والعشاءِ والجمعةِ والوِتْرِ والخوفِ والعِيدَيْنِ والضُّحا، ومنهم مَن قال: هي صَلاتانِ، وقيل: أكثَرُ، وقيل: إنّها أُبهِمَتْ، وقيلَ غيرُ ذلك.
وقد روى ابنُ جريرٍ، عن قتادةَ يحدِّثُ عَن سعيدِ بنِ المسيَّبِ، قال: «كان أصحابُ رسولِ اللهِ ﷺ مُختلِفِينَ في الصلاةِ الوُسْطى هكذا، وشَبَّكَ بينَ أصابعِهِ»[[«تفسير الطبري» (٤/٣٧٢).]].
وأقوى تلك الأقوالِ: القولُ بأنّها صلاةُ العصرِ، وصلاةُ الفجرِ، ثمَّ القولُ بأنّ اللهَ أبْهَمَها وقد يصدُقُ على أيِّ واحدةٍ منهنَّ.
وأكثرُ السلفِ وجمهورُ الفقهاءِ: على أنّها صلاةُ العصرِ، وذلك لما ثبَتَ في «الصحيحِ»، مِن حديثِ ابنِ مَسعودٍ، أنّ النبيَّ ﷺ قال يومَ الأحزابِ: (شَغَلُونا عَنِ الصَّلاةِ الوُسْطى، صَلاةِ العَصْرِ) [[أخرجه مسلم (٦٢٨) (١/٤٣٧).]].
وفي «صحيحِ مسلِمٍ»، مِن حديثِ أبي يُونُسَ مولى عائشةَ، عن عائشةَ، أنّها أمْلَتْ عليه في مُصْحَفِها عندَ قولِه: ﴿والصَّلاةِ الوُسْطى﴾ أن يَكتُبَ: «صَلاةِ العَصْرِ»[[أخرجه مسلم (٦٢٩) (١/٤٣٧).]].
وعِندَهُ مِن حديثِ شَقِيقِ بنِ عُقْبةَ، عن البَراءِ بنِ عازبٍ، قال: «نزَلَتْ: «حافِظُوا عَلى الصَّلَواتِ وصَلاةِ العَصْرِ»، فقرَأْناها على رسولِ اللهِ ﷺ ما شاءَ اللهُ، ثمَّ نسَخَها اللهُ عزّ وجل، فأنزَلَ: ﴿حافِظُوا عَلى الصَّلَواتِ والصَّلاةِ الوُسْطى﴾، فقال له زاهِرٌ ـ رجُلٌ كان مع شَقِيقٍ ـ: أفهِيَ العصرُ؟ قال: قد حدَّثْتُكَ كيفَ نزَلَتْ، وكيفَ نسَخَها اللهُ عزّ وجل»[[أخرجه مسلم (٦٣٠) (١/٤٣٨).]].
وقد قال به عليٌّ وابنُ عبّاسٍ وابنُ مسعودٍ وأُبَيٌّ وأبو هُرَيْرةَ وغيرُهم.
وأخَذَ به أبو حنيفةَ والشافعيُّ وأحمدُ، وصوَّبَهُ ابنُ جريرٍ في تفسيرِه[[«تفسير الطبري» (٤/٣٧٢).]].
قال التِّرْمِذيُّ: «وهو قولُ أكثرِ العلماءِ مِن أصحابِ النبيِّ ﷺ وغيرِهم»[[«سنن الترمذي» (١/٣٤٢).]].
وهو أرجحُ الأقوالِ، لصِحَّةِ الحديثِ، ولا مخالِفَ لعليِّ بنِ أبي طالبٍ مِن الخلفاءِ، وإذا صحَّ قولٌ عن خليفةٍ، ولم يخالِفْهُ مثلُهُ، فهو أقربُ إلى الصوابِ، ما لم يخالِفْهُ دليلٌ مرفوعٌ صحيحٌ.
وقال بأنّها صلاةُ الصُّبْحِ: معاذٌ وابنُ عبّاسٍ في القولِ الأصحِّ عنه، وقال به جابرٌ، وأخذَ به مالكٌ، وهو قولٌ للشافعيِّ في الجديدِ.
لأنّ صلاةَ الصُّبْحِ بين صَلاتَيْنِ نهاريَّتَيْنِ وليليَّتَيْنِ، وجعَلَ بعضُ السلفِ قولَهُ تعالى: ﴿وقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ﴾ قرينةً على كونِها الفَجْرَ، لأنّ القنوتَ الدعاءُ، ويكونُ في صلاةِ الفجرِ، ويُروى هذا عن بعضِ السلفِ، كابنِ عَبّاسٍ، وقال به بعضُ فقهاءِ المالكيَّةِ.
وفي تفسيرِ القنوتِ في الآيةِ بالدعاءِ في الصُّبْحِ نَظَرٌ.
والمرادُ بالتوسُّطِ: توسُّطُها زَمَنًا، لا صِفَةً، كما ذهَبَ إليه قَبِيصةُ بنُ ذُؤَيْبٍ[[«تفسير الطبري» (٤/٣٦٧).]]، حيثُ جعلَ الصلاةَ الوُسْطى صلاةَ المَغْرِبِ، لأنّ رَكَعاتِها ثلاثٌ، فهِيَ وُسْطى بهذا الاعتبارِ، فما فوقَها مِن الفرائضِ أربَعٌ، وما دونَها اثنَتانِ.
وقولُهُ مخالِفٌ لسياقِ الآيةِ، ولما عليه السلفُ.
ولا يُعرَفُ عن السلفِ القولُ بأنّها صلاةُ العشاءِ، وإنّما هو قولٌ لبعضِ الفقهاءِ بعدَهم.
وقد صَحَّ عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ، أنّه سُئِلَ عنها؟ فقال: «هي فِيهِنَّ، فحافِظُوا عليهِنَّ كُلِّهِنَّ»، رَواهُ عنهُ نافعٌ[[«تفسير الطبري» (٤/٣٧١).]].
فضلُ الصلاةِ في مشقَّتها:
ومُقتضى النصوصِ: أنّ الصلاةَ كلَّما كانت أشقَّ، كانت أعظَمَ أجرًا، والناسُ يختلِفونَ في المشقَّةِ وعوارضِها عليهم، فالمسافِرُ ليس كالمُقِيمِ، والصدرُ الأوَّلُ يختلِفُ عن زمانِنا اليومَ، والعصرُ في زمنِهم وقتُ تكسُّبٍ ورِزْقٍ وضربٍ في الأسواقِ، ولذا جاء تعظيمُ صلاةِ العشاءِ في نصوصٍ كثيرةٍ هي وصلاةِ الفَجْرِ.
وجاء تعظيمُ صلاةِ العشاءِ والفجرِ وفضلُهما، لكونِهما مَظِنَّةَ راحةٍ ونومٍ، فالعشاءُ أوَّلُ النَّوْمِ، والفجرُ آخِرُه.
وإذا شَقَّتِ الصلاةُ في زمنٍ أو على شخصٍ، كان أجرُها لو أدّاها أعظَمَ مِمَّن يؤدِّيها وهي عليه يسيرةٌ، وأثرُها عليه في نفيِ نفاقِهِ وصلاحِ سريرتِهِ أعظَمُ مِن غيرِها مِن الصلواتِ، فمَن كان ليلُهُ معاشًا كالمرابِطِينَ والمحتسِبِينَ والحُرّاسِ، أوِ العُمّالِ والصُّنّاعِ الذين يتناوَبونَ على عملٍ لا ينقَطِعُ، فإنّ نومَهُ سيكونُ نهارًا، فصلاةُ النهارِ في حَقِّهِ أعظَمُ، لأنّها أشقُّ، هذا مِن جهةِ المشقَّةِ.
وللصلواتِ فضلٌ مِن جهاتٍ أُخرى لا يُلْغِيهِ تقلُّبُ الزمانِ وتغيُّرُ المكانِ والحالِ، كفَضْلِ الفجرِ لشهودِ الملائكةِ لها: ﴿إنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كانَ مَشْهُودًا ﴾ [الإسراء: ٧٨]، وصلاةِ البَرْدَيْنِ، وصلاةِ الليلِ لنزولِ الرحمنِ في الثلثِ الأخيرِ مِن الليلِ، فلا يقالُ: إنّ صلاةَ النهارِ أفضَلُ مِن صلاةِ الليلِ لِمَن يَسهَرُ الليلَ وينامُ النهارَ، لأنّ فضلَ قيامِ الليلِ لنزولِ الرحمنِ وخفاءِ العبادةِ فيه عنِ الناسِ، وهذا ثابتٌ لا يتحوَّلُ مع تغيُّرِ حالِ الفردِ في نفسِهِ، ولكنَّ أسبابَ التفضيلِ تتنوَّعُ، واجتماعُها في عبادةٍ أقوى مِن تفرُّقِها في عباداتٍ.
وربَّما كان هذا الوجهُ هو ما جعَلَ بعضَ السلفِ كابنِ عُمَرَ يَمِيلُ إلى أنّها ليست في صلاةٍ معيَّنةٍ وأنّها عامَّةٌ، وهذا ما مال إليه ابنُ عبدِ البَرِّ وابنُ العرَبِيِّ المالكيّان، وقال به إمامُ الحرَمَيْنِ مِن الشافعيَّةِ، وغيرُهم.
ولابنِ عُمَرَ قولٌ في تعيينِها تقدَّمَ، ولعلَّ قولَهُ في عدَمِ تعيينِها، حتّى لا يَتَّكِلَ الناسُ على الوُسْطى ويفرِّطوا في غيرِها، ورُوِيَ هذا المعنى عن بعضِ السلفِ، كالرَّبيعِ بنِ خُثَيْمٍ وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ وغيرِهما.
الكلامُ في الصلاةِ:
وقولُهُ تعالى: ﴿وقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ﴾، فُسِّرَ القنوتُ على معانٍ عِدَّةٍ، وكلُّها دالَّةٌ بالصيغةِ أوِ اللزومِ على الخشوعِ وأهميَّتِه.
وفي الآيةِ: وجوبُ تركِ الكلامِ في الصلاةِ إلاَّ المشروعَ، ففي «الصحيحَيْنِ»، عن زيدِ بنِ أرقمَ، قال: «كان الرَّجُلُ يُكَلِّمُ صاحِبَهُ في عهدِ النَّبِيِّ ﷺ في الحاجةِ في الصَّلاةِ، حتّى نَزَلَتْ هذه الآيةُ: ﴿وقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ﴾، فأُمِرْنا بِالسُّكُوتِ»[[أخرجه البخاري (١٢٠٠) (٢/٦٢)، ومسلم (٥٣٩) (١/٣٨٣).]].
والنهيُ عنِ الكلامِ في الصلاةِ كان بِمَكَّةَ قبلَ الهجرةِ، والآيةُ مدنيَّةٌ أكَّدَتِ الحُكْمَ وثَبَّتَتْهُ، وربَّما استدَلَّ به زيدٌ على الحُكْمِ، وهذا لا يُنافي ثبوتَهُ سابقًا، وهذا يَرِدُ كثيرًا في تفسيرِ السلفِ، يستدِلُّونَ بدليلٍ نزَلَ في مناسَبةٍ لاحقةٍ على ما يشابِهُها مِن المناسَباتِ السابقةِ، فيَذْكُرونَ الدليلَ بِما يُفهَمُ منه أنّه سببُ النزولِ فيها، فيُظَنُّ أنّ السلفَ اختَلَفُوا في سببِ النزولِ.
وقد جاءَ عنِ ابنِ مسعودٍ، قال: «كنّا نُسَلِّمُ على النبيِّ ﷺ قبلَ أنْ نُهاجِرَ إلى الحَبَشةِ، وهو في الصَّلاةِ، فيَرُدُّ علينا، قال: فلمّا قَدِمْنا، سَلَّمْتُ عليه، فلم يَرُدَّ عَلَيَّ، فأَخَذَني ما قَرُبَ وما بَعُدَ، فلَمّا سَلَّمَ، قالَ: (إنِّي لَمْ أرُدَّ عَلَيْكَ إلاَّ أنِّي كُنْتُ فِي الصَّلاةِ، وإنّ اللهَ عزّ وجل يُحْدِثُ مِن أمْرِهِ ما يَشاءُ، وإنَّهُ قَدْ أحْدَثَ مِن أمْرِهِ ألاَّ يُتَكَلَّمَ فِي الصَّلاةِ» [[أخرجه أحمد (٣٥٧٥) (١/٣٧٧)، والنسائي (١٢٢١) (٣/١٩).]].
وفي «صحيحِ مسلمٍ»، أنّه ﷺ قالَ لمعاويةَ بنِ الحكَمِ السُّلَميِّ، حِينَ تكلَّمَ في الصلاةِ: (إنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ لا يَصْلُحُ فِيها شَيْءٌ مِن كَلامِ النّاسِ، إنَّما هُوَ التَّسْبِيحُ، والتَّكْبِيرُ، وقِراءَةُ القُرْآنِ) [[أخرجه مسلم (٥٣٧) (١/٣٨١).]].
وقد فسِّرَ القنوتُ بالطاعةِ، وهو مرويٌّ عن ابنِ عبّاسٍ وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ وعطاءٍ والشَّعْبيِّ ومجاهِدٍ وطاوُسٍ وغيرِهم، والمرادُ بالطاعةِ: الإخلاصُ والتجرُّدُ له بالتعبُّدِ، ولذا قالَ: ﴿لِلَّهِ﴾، أي: لا لغيرِه.
وهذا أعمُّ وأوسَعُ المعاني في تأويلِ القنوتِ، ويدخُلُ فيه غيرُهُ مِن التفاسيرِ الأخرى، كتفسيرِ القنوتِ بالسكوتِ، وهو الإمساكُ عنِ الكلامِ فيها على ما تقدَّمَ، فالمُنشغِلُ في صلاتِهِ بالكلامِ مع الناسِ لم يَتِمَّ قيامُهُ للهِ، بل وقَفَ ليُحادِثَ فلانًا وفلانًا، فالناسُ يَلْتَقُونَ في المساجدِ ما لا يَلْتَقُونَ في غيرِها، فإذا انشغَلُوا بالكلامِ والمسامَرةِ فيها، ما كان القيامُ للهِ، وإنّما يَلتقُونَ ويتَجاوَرُونَ في الصلاةِ للحديثِ والكلامِ في الدنيا.
ومِثْلُ هذا مَن فسَّر القنوتَ بالخشوعِ والخضوعِ والرَّهْبةِ، كمجاهِدِ بنِ جَبْرٍ وغيرِه.
{"ayah":"حَـٰفِظُوا۟ عَلَى ٱلصَّلَوَ ٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُوا۟ لِلَّهِ قَـٰنِتِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق