الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: واظبوا على الصلوات المكتوبات في أوقاتهن، وتعاهدوهن والزَمُوهن، وعلى الصلاة الوسطى منهنّ.
وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٥٣٧٨- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق بن الحجاج قال، حدثنا أبو زهير، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق في قوله:"حافظوا على الصلوات"، قال: المحافظة عليها: المحافظة على وقتها، وعدم السهو عنها.
٥٣٧٩- حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي قال، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق في هذه الآية:"حافظوا على الصلوات"، فالحفاظ عليها: الصلاة لوقتها= والسهو عنها: ترك وقتها. [[الأثر: ٥٣٧٩- هو: يحيى بن إبراهيم بن أبي عبيدة بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود المسعودي. روى عن أبيه وجده. قال النسائي: "صدوق"، وذكره ابن حبان في الثقات مترجم في التهذيب.]]
* * *
ثم اختلفوا في"الصلاة الوسطى". فقال بعضهم: هي صلاة العصر.
* ذكر من قال ذلك:
٥٣٨٠- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو عاصم= وحدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد= جميعا قالا حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال: والصلاة الوسطى"صلاة العصر. [[الخبر: ٥٣٨٠- روى أبو جعفر هنا، في تفسير الصلاة الوسطى ١١٣ خبرا، بين مرفوع وموقوف وأثر، على اختلاف الروايات في ذلك، بعضها صحيح، وبعضها ضعيف، مما لم نجده مستوعبا وافيا في غير هذا الموضع من الدواوين. واجتهد -لله دره- حتى أوفى على الغاية، ثم أبان عن القول الراجح الصحيح: أنها صلاة العصر، كعادته في الترجيح، واختيار ما يراه أقوى دليلا. فأولها: هذا الخبر عن علي، وهو موقوف عليه، وإسناده ضعيف جدا.
سفيان: هو الثوري الإمام.
أبو إسحاق: هو السبيعي الإمام.
الحارث: هو ابن عبد الله الأعور الهمداني. وهو ضعيف جدا، كما بينا فيما مضى: ١٧٤.
وهذا الخبر رواه الطحاوي في معاني الآثار ١: ١٠٣، من طريق إبراهيم بن طهمان، عن أبي إسحاق به، ولم يذكر لفظه، إحالة على روايات قبله. وسيأتي هذا القول عن علي، بأسانيد، فيها صحاح كثيرة ٥٣٨٢ - ٥٣٨٦، ٥٤٢٢ - ٥٤٢٩، ٥٤٤٤.]] .
٥٣٨١- حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال، حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق قال، حدثني من سمع ابن عباس وهو يقول:"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"، قال: العصر. [[الخبر: ٥٣٨١- وهذا موقوف على ابن عباس أيضًا. وإسناده ضعيف، لجهالة الرجل المبهم الرواية عنه"من سمع ابن عباس".
وسيأتي عن ابن عباس، من أوجه كثيرة: ٥٤١٣، ٥٤١٦، ٥٤٣٣-٥٤٣٥، ٥٤٦٨، ٥٤٧٢-٥٤٧٩، ٥٤٨١.]]
٥٣٨٢- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا مصعب بن سلام، عن أبي حيان، عن أبيه، عن علي قال: والصلاة الوسطى صلاة العصر. [[الخبر: ٥٣٨٢- هذا إسناد حسن على الأقل. مصعب بن سلام التميمي: صدوق، وثقه بعضهم، وضعفه آخرون. والظاهر من ترجمته أن الكلام فيه لأحاديث غلط فيها، فما لم يثبت غلطه فيه فهو مقبول. وله ترجمة مفصلة في تاريخ بغداد ١٣: ١٠٨-١١٠. أبو حيان: هو التيمي الكوفي العابد، واسمه: يحيى بن سعيد بن حيان. وهو ثقة، كان الثوري يعظمه ويوثقه. أخرج له أصحاب الكتب الستة. أبوه سعيد بن حيان: تابعي ثقة، روى عن علي، وأبي هريرة.]]
٥٣٨٣- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا أبو حيان، عن أبيه، عن علي مثله. [[الخبر: ٥٣٨٣- وهذا إسناد صحيح، متابعة صحيحة من ابن علية لمصعب بن سلام، في حديثه السابق.
وقد ذكر ابن حزم في المحلى ٤: ٢٥٩، نحو هذا المعنى: "عن يحيى بن سعيد القطان، عن أبي حيان يحيى بن سعيد التيمي، حدثني أبي: أن سائلا سأل عليا: أي الصلوات، يا أمير المؤمنين، الوسطى؟ وقد نادى مناديه العصر، فقال: هي هذه".]]
٥٣٨٤- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا مصعب عن الأجلح، عن أبي إسحاق، عن الحارث قال: سمعت عليا يقول: الصلاة الوسطى صلاة العصر. [[الخبر: ٥٣٨٤- الأجلح: هو ابن عبد الله الكندي، وهو ثقة، تكلم فيه بعضهم بغير حجة. وترجمه البخاري في الكبير ١ / ٢ / ٦٨، فلم يذكر فيه جرحا.]]
٥٣٨٥- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن أبي إسحاق، عن الحارث قال: سألت عليا عن الصلاة الوسطى، فقال: صلاة العصر. [[الخبر: ٥٣٨٥- عنبسة: هو ابن سعيد بن الضريس الأسدي. مضى مرارا، منها: ٣٣٥٦. وهذا الإسناد والذي قبله ضعيفان، من أجل الحارث الأعور، كما قلنا في: ٥٣٨٠.]]
٥٣٨٦- حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال، حدثنا أبو زرعة وهب بن راشد قال، أخبرنا حيوة بن شريح قال، أخبرنا أبو صخر: أنه سمع أبا معاوية البجلي من أهل الكوفة يقول: سمعت أبا الصهباء البكري يقول: سألت علي بن أبي طالب عن الصلاة الوسطى فقال: هي صلاة العصر، وهي التي فتن بها سليمان بن داود ﷺ. [[الخبر: ٥٣٨٦- أبو زرعة، وهب الله بن راشد، مضى في: ٢٣٧٧، ٢٨٩١. ووقع في المطبوعة هنا"وهب بن راشد"، وهو خطأ، وثبت على الصواب في المخطوطة. أبو صخر: هو حميد بن زياد الخراط، صاحب العباء، سكن مصر. وهو ثقة، أخرج له مسلم في الصحيح.
أبو معاوية البجلي: عقد له صاحب التهذيب ترجمة خاصة في الكنى ١٢: ٢٤٠، ونقل عن أبي أحمد الحاكم أنه"عمار الدهني"، وجعل ذلك قولا. والصحيح أنه هو"عمار بن معاوية الدهني البجلي"، وهو ثقة، أخرج له مسلم في الصحيح. وترجمه ابن أبي حاتم ٣ / ١ / ٣٩٠. و"الدهني": بضم الدال المهملة وسكون الهاء، نسبة إلى"دهن بن معاوية"، بطن من بجيلة.
أبو الصهباء البكري: لم أجد له ترجمة إلا في كتاب ابن أبي حاتم ٤ / ٢ / ٣٩٤، قال: "أبو الصهباء البكري، أنه سأل علي بن أبي طالب، روى عنه سعيد بن جبير". ثم قال: "سئل أبو زرعة عن اسمه؟ فقال: لا أعرف اسمه". ولم يذكر فيه جرحا. وقد استفدنا من هذا الموضع من الطبري أنه روى عنه أيضًا أبو معاوية البجلي، فارتفعت عنه الجهالة، وعرف شخصه. فهذا إسناد صحيح.
وقد ذكر ابن حزم في المحلى ٤: ٢٥٩، نحو معناه عن علي، من وجه آخر، من رواية سلمة بن كهيل، عن أبي الأحوص، عن علي.
وذكر السيوطي ١: ٣٠٥، نحوه أيضًا، وذكر كثيرا ممن خرجوه، منهم: وكيع، وابن أبي شيبة وعبد بن حميد، والبيهقي في الشعب.]]
٥٣٨٧- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا سيمان التيمي= وحدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن الفضل قال حدثنا التيمي= عن أبي صالح، عن أبي هريرة أنه قال:"الصلاة الوسطى"صلاة العصر. [[الخبر: ٥٣٨٧- أبو صالح: هو السمان الزيات، مولى جويرية بنت الأحمس، واسمه: ذكوان. وهو تابعي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وهو والد سهيل، وصالح، وعبد الله، روى عنه أولاده وغيرهم، من التابعين فمن بعدهم.
وهذا الخبر ذكره ابن حزم في المحلى ٤: ٢٥٨، "من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن سليمان التيمي، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة"، موقوفا. وكذلك رواه البيهقي ١: ٤٦٠ - ٤٦١، من طريق إبراهيم بن عبد الله البصري، عن الأنصاري، وهو محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري، عن سليمان التيمي، قال: "فذكره موقوفا". ثم رواه من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل. عن أبيه؛"حدثنا يحيى بن سعيد، عن التيمي، فذكره موقوفا". ثم حكى عن عبد الله بن أحمد، بالإسناد نفسه متصلا به، قال: "قال أبي: ليس هو أبو صالح السمان، ولا باذام. هذا بصري، أراه ميزان، يعني: اسمه باذام". وهذا الظن من الإمام أحمد رحمه الله، ينفيه تصريح من ذكرنا من الرواة بأنه"أبو صالح السمان". وأما"أبو صالح ميزان"، فإنه تابعي آخر ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري ٤ /٢ / ٦٧. ولكنهم لم يذكروا له رواية عن أبي هريرة.
بل إنَّه قد رواه البيهقي أيضًا، قبل ذلك مرفوعا: فرواه من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن سليمان التيمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، مرفوعا.
وسيأتي -مرفوعا- من هذا الوجه: ٥٤٣٢.
وسيأتي -موقوفا- من رواية سليمان التيمي، عن أبي صالح: ٥٣٩٠.]]
٥٣٨٨- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن عبد الله بن عثمان بن غنم، عن ابن لبيبة، عن أبي هريرة:"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"، ألا وهي العصر، ألا وهي العصر. [[الخبر: ٥٣٨٨- سويد: هو ابن نصر بن سويد المروزي، مضى في: ٢٩٤١. عبد الله بن عثمان بن خثيم: مضى في: ٤٣٤١. وجده"خثيم": بضم الخاء المعجمة وفتح الثاء المثلثة. ووقع في المطبوعة"غنم"، وهو خطأ. وثبت على الصواب في المخطوطة.
ابن لبيبة: هو عبد الرحمن بن نافع بن لبيبة الطائفي، لم أجد له ترجمة إلا في ابن أبي حاتم ٢ /٢ /٢٩٤، قال: "روى عن أبي هريرة، وابن عمر. روى عنه عبد الله بن عثمان بن خثيم، ويعلى بن عطاء". فهو تابعي معروف، لم يذكر بجرح، فهو ثقة. وذكر اسمه عند الطحاوي والسيوطي: "عبد الرحمن بن لبيبة"، وعند ابن حزم"عبد الرحمن نافع" فقط. كما سيأتي في التخريج.
والخبر رواه الطحاوي في معاني الآثار ١: ١٠٣-١٠٤، من طريق إسماعيل بن عياش، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، "عن عبد الرحمن بن لبيبة الطائفي: أنه سأل أبا هريرة. . . " فذكره مطولا.
وذكره السيوطي ١: ٣٠٤، مطولا، كرواية الطحاوي. ونسبه إليه وإلى عبد الرزاق في المصنف. وهو تساهل منه. لأن رواية عبد الرزاق مختصرة جدا.
وذكره ابن حزم في المحلى ٤: ٢٥٨-٢٥٩، مطولا، "من طريق إسماعيل بن إسحاق، حدثنا علي بن عبد الله، هو ابن المديني، حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا عبد الله بن عثمان، عن عبد الرحمن بن نافع: أن أبا هريرة سئل عن الصلاة الوسطى؟ . . . "، فذكره.
وأما رواية عبد الرزاق في المصنف ١: ١٨٢ (مخطوط مصور) - فإنها مختصرة جدا: "عبد الرزاق عن معمر، عن ابن خثيم، عن ابن لبيبة، عن أبي هريرة، قال: هي العصر".]]
٥٣٨٩- حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا أبي وشعيب بن الليث، عن الليث، عن يزيد بن الهاد، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول:"من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله"،"فكان ابن عمر يرى لصلاة العصر فضيلة للذي قال رسول الله ﷺ فيها أنها الصلاة الوسطى. [[الحديث: ٥٣٨٩- هذا إسناد صحيح جدا. وأصل الحديث المرفوع، دون رأي ابن عمر في آخره- رواه أحمد في المسند: ٤٥٤٥، عن سفيان، وهو ابن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي ﷺ. ورواه أصحاب الكتب الستة، كما في المنتقى: ٥٥٦.
ورواه أحمد أيضًا، من طرق كثيرة، عن نافع، عن ابن عمر. بيناها في الاستدراكين: ١٢٩٩، ١٥٤٢.
وأما الحديث، على النحو الذي رواه أبو جعفر هنا، بزيادة رأي عبد الله بن عمر-: فقد رواه عبد الرزاق في المصنف ١: ١٨١، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، بنحوه، مختصرا قليلا.
وكذلك ذكره السيوطي ١: ٣٠٤، ونسبه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد. ونسى أن ينسبه للطبري. وسيأتي بنحوه: ٥٣٩١. وذكر ابن حزم في المحلى ٤: ٢٥٩- رأى ابن عمر، دون أن يذكر الحديث المرفوع. وكذلك روى الطحاوي في معاني الآثار ١: ١٠١ قول ابن عمر، موقوفا عليه، صريح اللفظ: "الصلاة الوسطى صلاة العصر" - من طريق عبد الله بن صالح، ومن طريق عبد الله بن يوسف، كلاهما عن الليث، عن ابن الهاد، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه.
قوله: "وتر أهله وماله": هو بالبناء لما لم يسم فاعله. قال ابن الأثير: "أي نقص، يقال: وترته، إذا نقصته. فكأنك جعلته وترا بعد أن كان كثيرا. وقيل: هو من الوتر: الجناية التي يجنيها الرجل على غيره، من قتل أو نهب أو سبي. فشبه ما يلحق من فاتته صلاة العصر بمن قتل حميمه، أو سلب أهله وماله. يروى بنصب الأهل ورفعه، فمن نصب جعله مفعولا ثانيا لوتر، وأضمر فيه مفعولا لم يسم فاعله عائدا إلى الذي فاتته الصلاة. ومن رفع لم يضمر، وأقام الأهل مقام ما لم يسم فاعله، لأنهم المصابون المأخوذون. فمن رد النقص إلى الرجل نصبهما، ومن رده إلى الأهل والمال رفعهما".]]
٥٣٩٠- حدثني محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا معتمر، عن أبيه قال، زعم أبو صالح، عن أبي هريرة أنه قال: هي صلاة العصر. [[الخبر: ٥٣٩٠- هو تكرار للخبر: ٥٣٨٧. وكان مكانه أن يذكر عقبه، أو عقب الذي بعده. لأن إثباته في هذا الموضع فصل بين حديثي ابن عمر: ٥٣٨٩، ٥٣٩١- دون ما حاجة لذلك ولا حكمة. و"معتمر" - في هذا الإسناد: هو ابن سليمان التيمي.]]
٥٣٩١- حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال، حدثني عمي عبد الله بن وهب قال، أخبرني عمرو بن الحارث، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، عن رسول الله ﷺ بنحوه= قال ابن شهاب، وكان ابن عمر يرى أنها الصلاة الوسطى. [[الحديث: ٥٣٩١- هو تكرار للحديث: ٥٣٨٩، فصل بينهما -دون ما حاجة- بخبر أبي هريرة. فأوجب شبهة أن يكون قوله في هذا الحديث"بنحوه"، راجعا إلى خبر أبي هريرة. وليس كذلك، بل هو تكرار للحديث المرفوع ولرأي ابن عمر الذي استنبطه من الحديث.]]
٥٣٩٢- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عفان بن مسلم قال، حدثنا همام، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي سعيد الخدري قال: الصلاة الوسطى: صلاة العصر. [[الخبر: ٥٣٩٢- عفان بن مسلم بن عبد الله الصفار: ثقة من شيوخ أحمد والبخاري. وأخرج له أصحاب الكتب الستة. وله ترجمة جيدة في تاريخ بغداد ١٢: ٢٦٩-٢٧٧. الحسن: هو البصري. وقد روى ابن أبي حاتم في المراسيل، ص: ١٥، عن علي بن المديني، أن الحسن لم يسمع من أبي سعيد الخدري شيئا، وكذلك روى نحوه عن بهز. فهذا الخبر منقطع لهذا.
والخبر رواه الطحاوي في معاني الآثار ١: ١٠٣، عن ابن مرزوق، عن عفان عن همام، بهذا الإسناد. ولم يذكر لفظه، إحالة على ما قبله.
وسيأتي في: ٥٤٥١، رواية عن أبي سعيد الخدري: أنها الظهر. وهذا هو الذي ذكره السيوطي ١: ٣٠٢ نقلا عن الطبري.
وأبو سعيد ممن روي عنه أنها الظهر، وروي عنه أنها العصر، كما في ابن كثير ١: ٥٧٧، ٥٧٨، وفتح الباري ٨: ١٤٦. وقد ذكر الحافظ في الفتح أن أحمد روى عن أبي سعيد -من قوله- أنها صلاة العصر. وهذه الرواية لم أجدها في المسند، فما أدري: أهي في موضع آخر عرضا غير مسند أبي سعيد؟ أم في كتاب آخر من كتب أحمد غير المسند؟ وإن كان مقتضى الإطلاق أن يراد المسند!]]
٥٣٩٣- حدثني محمد بن معمر قال، حدثنا ابن عامر قال، حدثنا محمد بن أبي حميد، عن حميدة ابنة أبي يونس مولاة عائشة قالت: أوصت عائشة لنا بمتاعها، فوجدت في مصحف عائشة:"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي العصر وقوموا لله قانتين". [[الخبر: ٥٣٩٣- ابن عامر: هكذا ثبت في المخطوطة والمطبوعة! ولست أدري من هو؟ والراجح -عندنا- أنه خطأ، صوابه"أبو عامر"، وهو"أبو عامر العقدي عبد الملك بن عمرو" فهو يروي عن محمد بن أبي حميد، ويروي عنه محمد بن معمر، شيخ الطبري.
حميدة ابنة أبي يونس مولاة عائشة: لا أدري من هي، ولا ما شأنها؟ لم أجد لها ذكرا في كل المصادر التي بين يدي، ولا في كتاب الثقات لابن حبان، فأمرها مشكل حقا. وسيأتي خبران"عن أبي يونس مولى عائشة": ٥٤٦٦، ٥٤٦٧، وهذا تابعي معروف، كما سيأتي، فلعل هذه ابنته. وقد ذكر السيوطي ١: ٣٠٤ نحو هذا الخبر، هكذا: "وأخرج وكيع عن حميدة، قالت: قرأت في مصحف عائشة: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى، صلاة العصر".
وكذلك رواه ابن أبي داود في المصاحف، ص: ٨٤، عن محمد بن معمر، عن أبي عاصم، عن ابن جريج، عن ابن أبي حميد، قال: "أخبرتني حميدة"، ولم يذكر نسبها.
وستأتي أخبار أخر عن عائشة: ٥٣٩٤ - ٤٣٩٧، ٥٤٠٠، ٥٤٠١، ٥٤٦٦، ٥٤٦٧.]]
٥٣٩٤- حدثني سعيد بن يحيى الأموي قال، حدثنا أبي قال، حدثنا ابن جريج قال، أخبرنا عبد الملك بن عبد الرحمن: أن أمه أم حميد بنت عبد الرحمن سألت عائشة عن الصلاة الوسطى، قالت: كنا نقرؤها في الحرف الأول على عهد رسول الله ﷺ:"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى= [قال أبو جعفر: أنه قال] = صلاة العصر وقوموا لله قانتين".
٥٣٩٥- حدثني عباس بن محمد قال، حدثنا حجاج قال، قال ابن جريج: أخبرني عبد الملك بن عبد الرحمن، عن أمه أم حميد ابنة عبد الرحمن: أنها سألت عائشة، فذكر نحوه= إلا أنه قال: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر". [[الحديثان: ٥٣٩٤، ٥٣٩٥- عبد الملك بن عبد الرحمن بن خالد بن أسيد -بفتح الهمزة- القرشي: ثقة ترجمه ابن أبي حاتم ٢ /٢ /٣٥٥، قال: "روى عن أمه أم حميد، قالت: سمعت عائشة. روى عنه ابن جريج". ووهم العقيلي، فلم يرفع نسبه، وقال: "من ولد عتاب بن أسيد". واستدرك عليه الحافظ في لسان الميزان ٤: ٦٥-٦٦، ونقل ترجمته من ثقات ابن حبان، نحو كلام ابن أبي حاتم.
أمه"أم حميد ابنة عبد الرحمن": لم أتوثق من ترجمتها. ففي التهذيب ١٢: ٤٦٥- ترجمة هكذا: "أم حميد، ويقال: أم حميدة، بنت عبد الرحمن، عن عائشة، روى ابن جريج عن أبيه عنها". فإن لم تكنها فلا أدري؟
وهذان الحديثان بمعنى واحد، إلا أن في أولهما: "صلاة العصر"، بدون الواو، وفي ثانيهما: "وصلاة العصر"، بإثبات الواو. وهذه الواو العاطفة- في رواية إثباتها: هي من عطف الصفة على الموصوف، لا عطف المغايرة. كما يدل عليه الرواية الآتية: ٥٣٩٧، "وهي صلاة العصر". وانظر فتح الباري ٨: ١٤٨، وما يأتي: ٥٤٦٥-٥٤٦٨.
وهذا المعنى -عن عائشة- رواه عبد الرزاق في المصنف ١: ١٨٢، عن ابن جريج، بهذا الإسناد، ولم يذكر لفظه، إحالة على رواية قبله، فيها إثبات الواو.
ورواه ابن حزم في المحلى ٤: ٢٥٧-٢٥٨، بإسناده، من طريق عبد الرزاق.
ورواه ابن أبي داود في المصاحف، ص: ٨٤، بإسنادين: من طريق أبي عاصم، ومن طريق حجاج- كلاهما عن ابن جريج، به. ورواه الطحاوي في معاني الآثار ١: ١٠٢، من طريق الحجاج بن محمد، عن ابن جريج، به.]]
٥٣٩٦- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن محمد بن عمرو أبي سهل الأنصاري، عن القاسم بن محمد، عن عائشة في قوله:" الصلاة الوسطى"، قالت: صلاة العصر. [[الخبر: ٥٣٩٦- أبو سهل محمد بن عمرو الأنصاري الواقفي البصري: الراجح عندنا توثيقه، ترجم له البخاري في الكبير ١ /١ /١٩٤، فلم يذكر فيه جرحا، وذكره ابن حبان في الثقات، ثم ذكره في الضعفاء. وترجمه ابن أبي حاتم ٤ /١ /٣٢، فذكر الأقوال في تضعيفه فقط. وقال ابن حزم في المحلى ٤: ٢٥٦، "ثقة. روى عنه ابن مهدي، ووكيع، ومعمر، وعبد الله بن المبارك، وغيرهم". ووقع في المطبوعة: "محمد بن عمرو وأبي سهل الأنصاري"! وزيادة الواو قبل الكنية خطأ، وقع في المخطوطة أيضًا.
ووقع في المطبوعة أيضًا: "قال صلاة العصر". وهو خطأ واضح. صوابه"قالت".
والخبر، ذكر ابن حزم في المحلى ٤: ٢٥٦ أنه رواه"من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن أبي سهل محمد بن عمرو الأنصاري، عن محمد بن أبي بكر، عن عائشة أم المؤمنين، قالت: الصلاة الوسطى صلاة العصر". ثم قال ابن حزم: "فهذه أصح رواية عن عائشة".
وقوله في الإسناد"عن محمد بن أبي بكر" - هكذا وقع في المحلى، فلا أدري، الرواية عن ابن مهدي هكذا؟ فيكون محمد بن عمرو رواه عن القاسم بن محمد وعن أبيه! أم هو خطأ من ناسخي المحلى؟ وأنا أرجح أنه خطأ؛ لأن محمد بن أبي بكر الصديق قديم الوفاة. وشيوخ محمد بن عمرو كلهم مقارب لطبقة القاسم بن محمد، ثم إنهم لم يذكروا محمد بن أبي بكر في شيوخ محمد بن عمرو. وأكثر من هذا أنهم لم يذكروا -قط- راويا عن محمد بن أبي بكر، غير ابنه القاسم بن محمد. ولكن ابن حزم يشير بعد ذلك، ص: ٢٥٩ إلى رواية القاسم بن محمد عن عائشة"مثل ذلك". فالظاهر أن الخطأ قديم، في الكتب التي نقل عنها ابن حزم.]]
٥٣٩٧- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: كان في مصحف عائشة:"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر". [[الخبر: ٥٣٩٧ -المثنى- شيخ الطبري: هو ابن إبراهيم الآملي، كما بينا فيما مضى: ١٨٦، ١٨٧. ووقع في ابن كثير، نقلا عن هذا الموضع: "ابن المثنى"، وهو خطأ.
الحجاج: هو ابن المنهال الأنماطي، كما مضى في رواية المثنى عنه: ٦٨٢، ١٦٨٢، ١٦٨٣ حماد: هو ابن سلمة، كما تبين من رواية ابن حزم التي سنذكر.
والخبر نقله ابن كثير ١: ٥٨٠، عن هذا الموضع. ونقله الحافظ في الفتح ٨: ١٤٦، والسيوطي ١: ٣٠٤، ولم ينسباه لغير الطبري.
وذكره ابن حزم في المحلى ٤: ٢٥٤"عن حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة". ولكن فيه: "وصلاة العصر"، بدون كلمة"هي".
وكذلك هو بنحوه، في كتاب المصاحف لابن أبي داود، ص: ٨٣، من طريق يزيد، عن حماد، عن هشام، عن أبيه.
ورواه عبد الرزاق في المصنف ١: ١٨٢، عن معمر، عن هشام بن عروة، قال: "قرأت في مصحف عائشة رضي الله عنها: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين". فلم يذكر كلمة"هي". وجعله من قراءة هشام نفسه في مصحف عائشة، لا من روايته عن أبيه.
وهذه الرواية ذكرها السيوطي ١: ٣٠٢، ونسبها لعبد الرزاق، وابن أبي داود. ولم أجدها في كتاب المصاحف.]]
٥٣٩٨- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن داود بن قيس قال، حدثني عبد الله بن رافع مولى أم سلمة قال: أمرتني أم سلمة أن أكتب لها مصحفا وقالت: إذا انتهيت إلى آية الصلاة فأعلمني. فأعلمتها، فأملت علي:"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر". [[الخبر: ٥٣٩٨- داود بن قيس الفراء الدباغ المدني: ثقة حافظ، كما قال الشافعي. ووثقه ابن المديني وغيره.
عبد الله بن رافع المخزومي، أبو رافع المدني، مولى أم سلمة أم المؤمنين عتاقة: تابعي ثقة. وهذا الخبر رواه عبد الرزاق في المصنف ١: ١٨٢، عن داود بن قيس ولكن بلفظ: "وصلاة العصر"، بزيادة الواو.
وكذلك هو في المحلى ٤: ٢٥٤، نقلا عن عبد الرزاق.
وكذلك نقله السيوطي ١: ٣٠٣. ونسبه لوكيع، وابن أبي شيبة في المصنف، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي داود في المصاحف، وابن المنذر. ونسى أن ينسبه لعبد الرزاق.
وهو في كتاب المصاحف لابن أبي داود، ص: ٨٧ - ٨٨، من طريق ابن نافع، وطريق وكيع، وطريق سفيان - ثلاثتهم عن داود بن قيس. وفي الطريقين الأولين بإثبات الواو، وفي الثالث بحذفها.
وأشار إليه الحافظ في الفتح ٨: ١٤٨، ونسبه لابن المنذر، فقط. ووقع فيه"عبيد الله بن رافع" وهو خطأ من ناسخ أو طابع.]]
٥٣٩٩- حدثنا عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه قال: كان الحسن يقول: الصلاة الوسطى صلاة العصر. [[الخبر: ٥٣٩٩- هو أثر من كلام الحسن، بإسناد ضعيف مجهول، بقول الطبري: "حدثت عن عمار".
وسيأتي بإسناد آخر عن الحسن: ٥٤١٩.
وسيأتي نحو معناه عن الحسن، مرفوعا مرسلا: ٥٤٤١.]]
٥٤٠٠- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر، عن أبيه قال، حدثنا قتادة، عن أبي أيوب، عن عائشة أنها قالت: الصلاة الوسطى صلاة العصر.
٥٤٠١- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا يحيى، عن سليمان التيمي، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن عائشة مثله. [[الخبران: ٥٤٠٠، ٥٤٠١- المعتمر -في الإسناد الأول: هو ابن سليمان التيمي. يحيى- في الإسناد الثاني: هو ابن سعيد القطان.
أبو أيوب: هو يحيى بن مالك المراغي العتكي الأزدي. وهو تابعي ثقة مأمون.
و"المراغي": نسبة إلى"المراغ"، وهي بطن من الأزد. و"العتكي": نسبة إلى"العتيك" ابن الأزد". فالظاهر أن المراغ من العتيك. وأخطأ ابن حزم في المحلى، فذكر أن اسم أبي أيوب: "يحيى بن يزيد". وهو خلاف لما في الدواوين، بل قد ثبت اسمه في صحيح مسلم ١: ١٧٠ في حديث آخر: "عن قتادة، عن أبي أيوب، واسمه: يحيى بن مالك الأزدي، ويقال المراغي. والمراغ: حي من الأزد".
والخبر نقله ابن حزم في المحلى ٤: ٢٥٩، عن يحيى بن سعيد القطان، عن سليمان التيمي، به. وذكره السيوطي ١: ٣٠٥، قال: "وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، من طرق عن عائشة".]]
٥٤٠٢- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام قال، حدثنا عنبسة، عن المغيرة، عن إبراهيم قال: كان يقال: الصلاة الوسطى صلاة العصر.
٥٤٠٣- حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال: ذكر لنا عن علي بن أبي طالب أنه قال: الصلاة الوسطى صلاة العصر.
٥٤٠٤- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير قال: صلاة الوسطى صلاة العصر.
٥٤٠٥- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سالم، عن حفصة: أنها أمرت رجلا يكتب لها مصحفا فقالت: إذا بلغت هذا المكان فأعلمني. فلما بلغ"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"، قال: اكتب "صلاة العصر". [[الخبر: ٥٤٠٥- أبو بشر: هو جعفر بن أبي وحشية، مضى في: ٣٣٤٨. وسيأتي هذا الخبر مطولا: ٥٤٦١، من طريق شعبة، عن أبي بشر، عن عبد الله بن يزيد الأزدي، عن سالم. وفيه هناك: "وصلاة العصر". فظهر أن هذا الإسناد منقطع بين أبي بشر وسالم. وندع الكلام عليه إلى ذاك الموضع، إن شاء الله.]]
٥٤٠٦- حدثني المثنى قال، حدثنا حجاج بن المنهال قال، حدثنا حماد بن سلمة قال، أخبرنا عبيد الله بن عمر عن نافع، عن حفصة زوج النبي ﷺ: أنها قالت لكاتب مصحفها: إذا بلغت مواقيت الصلاة فأخبرني حتى أخبرك بما سمعت رسول الله ﷺ. فلما أخبرها قالت: اكتب، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول:"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر". [[الخبر: ٥٤٠٦- نافع مولى ابن عمر: تابعي ثقة. ولكن روايته عن حفصة بنت عمر مرسلة، كما نص على ذلك ابن أبي حاتم في المراسيل، ص: ٨١، وكذلك نقل عنه في التهذيب. وهذا الخبر سيأتي أيضًا: ٥٤٦٣، من طريق أسد بن موسى، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وفيه: "وصلاة العصر"، بدل"وهي صلاة العصر".
وكذلك سيأتي: ٥٤٦٢، من طريق عبد الوهاب، عن عبيد الله. ويدل على انقطاع هذا الإسناد والإسنادين الآتيين: أن ابن أبي داود رواه في المصاحف، ص ٨٥، عن محمد بن بشار -قال: ولم نكتبه عن غيره-: "حدثنا حجاج بن منهال، حدثنا حماد بن سلمة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن حفصة. . . ". وفيه أيضًا: "وصلاة العصر".
ثم رواه: ٨٥-٨٦، عن عمه وإسحق بن إبراهيم، قالا: "حدثنا حجاج، حدثنا حماد، قال: أخبرنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن حفصة، مثله. ولم يذكر فيه ابن عمر".
فقد ظهر أنه اختلف على الحجاج بن منهال في وصله وانقطاعه. والوصل زيادة ثقة، فتقبل. وروى نحوه عبد الرزاق في المصنف ١: ١٨٢، عن ابن جرير، قال: "أخبرني نافع: أن حفصة. . . " - وفيه أيضًا: "وصلاة العصر". ورواية ابن جريج هذه -ذكرها ابن حزم في المحلى ٤: ٢٥٣. ونستدرك هنا: أننا أشرنا في التعليق عليه إلى رواية الطبري هذه-: ٥٤٠٦- وقلنا هناك: "وإسناده صحيح جدا". وقد تبين لنا الآن أن هذا كان خطأ، وأن الإسناد ضعيف لانقطاعه، كما قلنا. نعم إن رواية ابن أبي داود، التي فيها زيادة"عن ابن عمر"، دلت على وصل الخبر، ولكنه إنما يكون صحيحا فيها، لا في رواية الطبري هذه.
وستأتي أسانيد أخر عن حفصة: ٥٤٥٨، ٥٤٦٤، ٥٤٦٥، ٥٤٧٠.]]
٥٤٠٧- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش قال: صلاة الوسطى هي العصر.
٥٤٠٨- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"، كنا نحدث أنها صلاة العصر، قبلها صلاتان من النهار، وبعدها صلاتان من الليل.
٥٤٠٩- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله:"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"، قال: أمروا بالمحافظة على الصلوات. قال: وخص العصر،"والصلاة الوسطى"، يعني العصر. [[الخبر: ٥٤٠٩- في المطبوعة"جبير" بدل"جويبر". وهو خطأ.]]
٥٤١٠- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عبيد الله بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"والصلاة الوسطى"، هي العصر. [[الأثر: ٥٤١٠- في المخطوطة والمطبوعة: "عبد الله بن سليمان"، وهو خطأ. هذا إسناد دائر في التفسير، أقربه رقم: ٥٣٥٦.]]
٥٤١١- حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال: ذكر لنا عن علي بن أبي طالب أنه قال:"الصلاة الوسطى" صلاة العصر.
٥٤١٢- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"حافظوا على الصلوات" - يعني المكتوبات-"والصلاة الوسطى"، يعني صلاة العصر.
٥٤١٣- حدثني أحمد بن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا قيس، عن أبي إسحاق، عن رزين بن عبيد، عن ابن عباس قال: سمعته يقول:"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"، قال: صلاة العصر. [[الخبر: ٥٤١٣- أبو أحمد: هو الزبيري، محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي. قيس: هو ابن الربيع الأسدي الكوفي، رجحنا توثيقه في: ٤٨٤٢، وفي المسند: ٦٦١، ٧١١٥.
أبو إسحق: هو السبيعي. وفي المطبوعة: "عن ابن إسحاق"، وهو تحريف ناسخ أو طابع. رزين بن عبيد: تابعي ثقة. ترجمه البخاري في الكبير ٢ /١ /٢٩٦، وابن أبي حاتم ١ /٢/ ٥٠٧ - فلم يذكرا فيه جرحا. وهذا كاف في توثيقه.
والخبر سيأتي: ٥٤١٦، من رواية إسرائيل، وهو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن جده أبي إسحاق.
وكذلك رواه البخاري في الكبير، في ترجمة"رزين"، من طريق إسرائيل.
وكذلك رواه الطحاوي في معاني الآثار ١: ١٠٢، من طريق إسرائيل. ووقع فيه خطأ في اسم التابعي.
وذكره السيوطي ١: ٣٠٥، "عن رزين بن عبيد: أنه سمع ابن عباس يقرؤها: والصلاة الوسطى صلاة العصر"! هكذا ذكره السيوطي، ونسبه لأبي عبيد، وعبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، والطحاوي؛ وفيه تساهل، فاللفظ عند البخاري والطبري والطحاوي ليس النص على قراءة الآية كذلك.
وذكر الهيثمي في مجمع الزوائد ١: ٣٠٩، أن البزار روى عن ابن عباس: "أن النبي ﷺ قال: صلاة الوسطى صلاة العصر". قال الهيثمي: "ورجاله موثقون"]]
٥٤١٤- حدثني أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن ثوير، عن مجاهد قال: الصلاة الوسطى صلاة العصر. [[الخبر: ٥٤١٤- ثوير -بالتصغير-: هو ابن أبي فاختة، وهو ضعيف جدا. كما مضى في: ٣٢١٢. ووقع في المطبوعة "ثور". وهو خطأ، وثبت على الصواب في المخطوطة.]]
٥٤١٥- حدثني يحيى بن أبي طالب قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك قال: الصلاة الوسطى صلاة العصر.
٥٤١٦- حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن رزين بن عبيد قال: سمعت ابن عباس يقول: هي صلاة العصر. [[الخبر: ٥٤١٦- هو تكرار للخبر: ٥٤١٣، بمعناه. وقد سبق الكلام عليه مفصلا.]]
٥٤١٧- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي قال، أنبأنا إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي ﷺ قال:"الصلاة الوسطى صلاة العصر". [[الخبر: ٥٤١٧- إسماعيل بن مسلم: هو المكي، بصري سكن مكة. وحديثه عندنا حسن، كما بينا في المسند في حديث آخر: ١٦٨٩، وفي شرح الترمذي ١: ٤٥٤. الحسن: هو البصري. وسمرة: هو ابن جندب الصحابي المعروف.
وسماع الحسن من سمرة، فيه كلام طويل لأئمة الحديث. والراجح سماعه منه. كما رجحه ابن المديني، والبخاري، والترمذي، والحاكم، وغيرهم. وانظر في ذلك شرحنا للترمذي ١: ٣٤٣، والجوهر النقي ٥: ٢٨٨-٢٨٩، وعون المعبود ١: ٣٦٩-٣٧٠، وغير ذلك من المراجع.
والحديث سيأتي بأسانيد أخر: ٥٤٣٨-٥٤٣٩.
ورواه أحمد في المسند ٥: ٧، ١٢، ١٣ -بأسانيد، من طريق سعيد، وهو ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة.
وكذلك رواه الترمذي، رقم: ١٨٢ بشرحنا، في كتاب الصلاة (١: ١٥٩-١٦٠ شرح المباركفوري) ، ورواه أيضًا في كتاب التفسير ٤: ٧٧ (شرح المباركفوري) ، من طريق ابن أبي عروبة. وقال في الموضع الأول: "حديث سمرة في الصلاة الوسطى حديث حسن". وقال في الموضع الثاني: "هذا حديث حسن صحيح". وكذلك رواه الطحاوي في معاني الآثار ١: ١٠٣، من طريق روح بن عبادة، عن ابن أبي عروبة، به. مرفوعا. ولم يذكر لفظه، إحالة على رواية سابقة. ورواه البيهقي ١: ٤٦٠، من طريق همام، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة. وذكره ابن كثير ١: ٥٧٨-٥٧٩، عن روايات المسند بأسانيدها. وذكره السيوطي ١: ٣٠٤، وزاد نسبته لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، والطبراني. وذكره قبله بلفظ: "أن رسول الله ﷺ قال: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى، وسماها لنا، وإنما هي صلاة العصر". ونسبه لأحمد، وابن جرير، والطبراني. هكذا قال. ولم أجد هذا اللفظ في المسند، ولا في تفسير الطبري، وإن كان موافقا في المعنى لما عندنا فيهما.]]
٥٤١٨- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا وهب بن جرير قال، حدثنا أبي قال، سمعت يحيى بن أيوب يحدث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرة بن مخمر، عن سعيد بن الحكم قال: سمعت أبا أيوب يقول: صلاة الوسطى صلاة العصر. [[الخبر: ٥٤١٨- مرة بن مخمر: ترجمه ابن أبي حاتم ٤ /١ /٣٦٦، قال: "مرة بن مخمر، روى عن سعيد بن الحكم، عن أبي أيوب، روى عنه يزيد بن أبي حبيب". ولم أجد له غير هذه الترجمة. ومن عجب أن البخاري لم يترجم له، في حين أنه أشار إليه مرتين، في الإشارة إلى هذا الخبر، كما سيأتي، ووقع اسمه في المشتبه للذهبي، ص: ٦"مرة بن حمير"!
وهو خطأ. سعيد بن الحكم: تابعي ثقة. ترجمه البخاري في الكبير ٢ /١/ ٤٢٥، قال: "سمع أبا أيوب: "الوسطى العصر". قاله وهب، حدثنا أبي سمعت يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرة. ويقال سعد بن أحكم". وهذه إشارة إلى هذا الإسناد، إذ رواه الطبري هنا من طريق وهب بن جرير عن أبيه.
ثم ترجم البخاري ٢ /٢ /٥٣، قال: "سعد بن أحكم، من السفاكة، بطن من يحصب ثم من حمير، سمع أبا أيوب. قاله يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرة. وقال وهب بن جرير، عن أبيه". ثم انقطع الكلام، ويظهر أن فيه سقطا، يفهم مضمونه من الترجمة الماضية.
وترجم ابن أبي حاتم ٢ /١ /١٣: "سعيد بن الحكم، مصري روى عن أبي أيوب. روى يزيد بن أبي حبيب، عن مرة بن مخمر، عنه".
وترجم ابن أبي حاتم ٢ /١ /٨١-٨٢: "سعد بن الحكم، مصري، من حمير. . . "،. ثم ذكر نحو ما قاله في"سعيد".
والذي لا أشك فيه أن ابن أبي حاتم أخطأ في الترجمة الثانية، إذ أتى بقول ثالث لم يقله أحد، وهو"سعد بن الحكم". وإنما الاختلاف فيه بين"سعيد بن الحكم"، و"سعد بن أحكم"، كما صنع البخاري. وقد نقل العلامة الشيخ عبد الرحمن اليماني -في تعليقه على الموضع الأول من التاريخ الكبير - أن ابن حبان ذكره على القولين، كصنيع البخاري، وأن الأمير ابن ماكولا ذكره كذلك، وأنه رواه أيضًا "ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرة بن مخمر الحميري، عن سعد بن أحكم".
وكذلك نص على ضبطه"سعد بن أحكم" - الذهبي في المشتبه، ص: ٦، والحافظ ابن حجر في تحرير المشتبه (المخطوط مصور عندنا) .
وعندي أن رواية"سعد بن أحكم" أرجح وأقرب إلى الصواب، لأنه هكذا رواه اثنان عن يزيد بن أبي حبيب، وهما: ابن إسحاق، فيما ذكر البخاري، وابن لهيعة، فيما ذكر ابن ماكولا. وانفرد يحيى ابن أيوب بتسميته"سعيد بن الحكم". واثنان أولى بالحفظ والثبت من واحد.
والخبر رواه البخاري في الكبير -إشارة- كما ذكرنا. وذكره السيوطي ١: ٣٠٥، وزاد نسبته لابن المنذر. أبو أيوب: هو الأنصاري الخزرجي، الصحابي الجليل. واسمه: "خالد بن زيد".]]
٥٤١٩- حدثنا ابن سفيان قال، حدثنا أبو عاصم، عن مبارك، عن الحسن قال: صلاة الوسطى صلاة العصر. [[الخبر: ٥٤١٩- ابن سفيان - شيخ الطبري: هكذا ثبت في المخطوطة والمطبوعة، ولا ندري من هو؟ ويحتمل أن يكون محرفا عن"ابن سنان". وهو: "محمد بن سنان القزاز". مضت روايته عن أبي عاصم، ورواية الطبري عنه: ١٥٧، ٤٨٥، ٧٠٢.]]
* * *
وعلة من قال هذا القول ما: -
٥٤٢٠- حدثني به محمد بن معمر قال، حدثنا أبو عامر قال، حدثنا محمد -يعني ابن طلحة- عن زبيد، عن مرة، عن عبد الله قال: شغل المشركون رسول الله ﷺ عن صلاة العصر حتى اصفرَّت، أو احمرت- فقال: شغلونا عن الصلاة الوسطى ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا [[الحديث: ٥٤٢٠ - أبو عامر: هو العقدي، عبد الملك بن عمرو.
محمد بن طلحة بن مصرف اليامي، مضى في: ٥٠٨٨.
زبيد، بالتصغير: هو ابن الحارث بن عبد الكريم، مضى في: ٢٥٢١
مرة: هو مرة الطيب، بن شراحيل الهمداني، مضى أيضًا في: ٢٥٢١. عبد الله: هو ابن مسعود الصحابي الكبير.
وهذا الحديث رواه الطبري هنا من طريق أبي عامر العقدي. وسيرويه بعد ذلك: ٥٤٢١، من طريق يزيد بن هرون. ثم: ٥٤٣٠، من طريق ثابت بن محمد - ثلاثتهم عن محمد بن طلحة بن مصرف.
وقد رواه أيضًا أبو داود الطيالسي في مسنده: ٣٦٦، عن محمد بن طلحة، مختصرا. ورواه أحمد في المسند: ٣٧١٦، عن يزيد، وهو ابن هارون. و: ٣٨٢٩، عن خلف بن الوليد. و: ٤٣٦٥، عن هاشم، وهو ابن القاسم أبو النضر - ثلاثتهم عن محمد بن طلحة، مطولا ومختصرا.
ورواه مسلم ١: ١٧٤، عن عون بن سلام، عن محمد بن طلحة.
ورواه الترمذي: ١٨١ بشرحنا، مختصرا، من طريق الطيالسي، وأبي النضر - كلاهما عن محمد بن طلحة. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
ورواه ابن ماجه: ٦٨٦، من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ويزيد بن هارون - كلاهما عن محمد بن طلحة.
ورواه البيهقي ١: ٤٦٠، من طريق الفضل بن دكين، وعون بن سلام - وكلاهما عن محمد بن طلحة. وذكره السيوطي ١: ٣٠٣، ونسبه لبعض من ذكرنا ولعبد بن حميد، وابن المنذر.]]
٥٤٢١- حدثني أحمد بن سنان الواسطي قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا محمد بن طلحة، عن زبيد عن مرة، عن عبد الله، عن النبي ﷺ بنحوه- إلا أنه قال: ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى". [[الحديث: ٥٤٢١- أحمد بن سنان الواسطي، القطان، الحافظ - شيخ الطبري: ثقة متقن من الأثبات. روى عنه الشيخان وغيرهما. مترجم في تذكرة الحفاظ ٢: ٩٣-٩٤. والحديث مكرر ما قبله.]]
٥٤٢٢- حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة قال: سمعت قتادة يحدث، عن أبي حسان، عن عبيدة السلماني، عن علي قال: قال رسول الله ﷺ يوم الأحزاب: شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى آبت الشمس، ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا= أو بطونهم نارا= شك شعبة في البطون والبيوت. [[الحديث: ٥٤٢٢- أبو حسان الأعرج: اسمه"مسلم"، دون ذكر اسم أبيه، في جميع المراجع، إلا التهذيب وفروعه ورجال الصحيحين، فإن فيها زيادة"بن عبد الله". وهو تابعي ثقة، أخرج له مسلم في صحيحه.
عبيدة- بفتح العين: هو السلماني، مضت ترجمته في: ٢٤٥.
والحديث رواه مسلم ١: ١٧٤، عن محمد بن المثنى ومحمد بن بشار -شيخي الطبري هنا- بهذا الإسناد.
ورواه ابن حزم في المحلى ٤: ٢٥٢، من طريق مسلم.
ورواه أحمد في المسند: ١١٥٠، عن محمد بن جعفر عن شعبة، بهذا الإسناد.
ثم رواه: ١١٥١، عن حجاج، وهو ابن محمد، عن شعبة، به.
ورواه النسائي ١: ٨٣، مختصرا، من طريق خالد، عن شعبة.
وسيأتي الحديث من رواية أبي حسان عن عبيدة: ٥٤٢٩، ٥٤٤٤، ومضى قول علي: "الصلاة الوسطى صلاة العصر": ٤٣٨٠، وأشرنا إلى سائر الروايات الآتية من حديثه، ومنها هذا الحديث.]]
٥٤٢٣- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن عاصم، عن زر قال: قلت لعبيدة السلماني: سل علي بن أبي طالب عن الصلاة الوسطى. فسأله، فقال: كنا نراها الصبح= أو الفجر= حتى سمعت رسول الله ﷺ يقول يوم الأحزاب:"شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر! ملأ الله قبورهم وأجوافهم نارا"! [[الحديث: ٥٤٢٣- عبد الرحمن: هو ابن مهدي وسفيان: هو الثوري. وعاصم: هو ابن أبي النجود. وزر: هو ابن حبيش. وهذا الحديث من رواية زر بن حبيش عن علي، بحضرته سؤال عبيدة السلماني وجواب علي. وهو يؤيد رواية أبي حسان الأعرج عن عبيدة: ٥٤٢٢. والحديث رواه عبد الرزاق في المصنف ١: ١٨١-١٨٢، عن الثوري، عن عاصم، عن زر ابن حبيش، به. وسيأتي: ٥٤٢٨، من رواية إسرائيل، عن عاصم. ورواه ابن أبي حاتم -فيما نقل عنه ابن كثير ١: ٥٧٨- عن أحمد بن سنان، عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد. ثم قال ابن كثير: "رواه ابن جرير، عن بندار، عن ابن مهدي، به". يعني هذا الإسناد. وبندار: هو محمد بن بشار شيخ الطبري. ورواه ابن حزم في المحلى ٤: ٢٥٢-٢٥٣، بإسناده إلى محمد بن أبي بكر المقدمي، عن يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن سفيان الثوري، به. ورواه البيهقي ١: ٤٦٠، من طريق محمد بن كثير، عن سفيان، عن عاصم، عن زر. ورواه ابن ماجه: ٦٨٤، مختصرا، من طريق حماد بن زيد، عن عاصم، عن زر. وأشار ابن حزم في المحلى ٤: ٢٥٣، إلى رواية حماد بن زيد. وذكره السيوطي ١: ٣٠٣، وزاد نسبته لابن أبي شيبة وعبد بن حميد، والبخاري والنسائي، وابن المنذر. وهو تساهل منه في نسبته للبخاري، فإني لم أجده في البخاري إلا من رواية ابن سيرين عن عبيدة، كما سيأتي في: ٥٤٢٧. وإسناد هذا الحديث -من رواية سفيان، عن عاصم، عن زر- إسناد صحيح. ومع ذلك فإن الإمام أحمد لم يروه في المسند من هذا الوجه بإسناد صحيح. بل روى نحوه مختصرا: ١٢٨٧، من طريق شعبة، عن جابر، وهو الجعفي، عن عاصم، عن زر. وهو إسناد ضعيف، من أجل جابر الجعفي. وروى ابنه عبد الله -في المسند-: ٩٩٠، معناه مختصرا جدا، بإسناد ضعيف أيضًا.]]
٥٤٢٤- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن شتير بن شكل، عن علي قال: شغلونا يوم الأحزاب عن صلاة العصر، حتى سمعت رسول الله ﷺ يقول: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر! ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا= أو أجوافهم نارا [[الحديث: ٥٤٢٤- أبو الضحى: هو مسلم بن صبيح -بضم الصاد المهملة- الهمداني الكوفي، وهو تابعي ثقة كثير الحديث.
شتير بن شكل بن حميد العبسي: تابعي ثقة، يقال إنه أدرك الجاهلية. ولذلك ترجمه الحافظ في الإصابة، في قسم المخضرمين ٣: ٢١٩-٢٢٠. "شتير": بضم الشين المعجمة وفتح التاء المثناة. و"شكل": بالشين المعجمة والكاف المفتوحتين. وهذان الاسمان من نادر الأسماء.
والحديث سيأتي: ٥٤٢٦، بنحوه من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، وهو أبو الضحى.
ورواه عبد الرزاق في المصنف ١: ١٨٢، عن سفيان الثوري، به.
ورواه أحمد في المسند: ١٢٤٥، عن عبد الرزاق.
ورواه أيضًا: ١٠٣٦، عن عبد الرحمن، وهو ابن مهدي، عن سفيان.
ورواه البيهقي ١: ٤٦٠، من طريق محمد بن شرحبيل بن جعشم، عن الثوري.
وأما طريق أبي معاوية الآتية: فقد رواه أحمد في المسند: ٦١٧، ٩١١، عن أبي معاوية، عن الأعمش. ورواه مسلم ١: ١٧٤، من طريق أبي معاوية.
وذكره ابن حزم في المحلى ٤: ٢٥٣، من طريق مسلم.
ورواه أيضًا أحمد في المسند: ١٢٩٨، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن الأعمش.
وذكره ابن كثير ١: ٥٧٨، من رواية أحمد عن أبي معاوية. ثم ذكر أنه رواه مسلم والنسائي.]]
٥٤٢٥- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن يحيى بن الجزار عن علي، عن النبي ﷺ أنه قال، يوم الأحزاب، على فرضة من فرض الخندق، فقال:"شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس! ملأ الله قبورهم وبيوتهم، نارا= أو بطونهم وبيوتهم نارا. [[الحديث: ٥٤٢٥- الحكم: هو ابن عتيبة، مضى في: ٣٢٩٧. يحيى بن الجزار العرني الكوفي: تابعي ثقة. وجزم شعبة بأنه لم يسمع من علي بن أبي طالب إلا ثلاثة أحاديث، هذا أجدها.
والحديث رواه أحمد في المسند: ١٣٠٥، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، بهذا الإسناد. ورواه أيضًا: ١١٣٢، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة.
ورواه مسلم ١: ١٧٤، من طريق وكيع، ومعاذ، وهو العنبري الحافظ - كلاهما عن شعبة. وأشار ابن كثير ١: ٥٧٨، إلى رواية مسلم هذه.
ورواه الطحاوي في معاني الآثار ١: ١٠٣، من طريق أبي عامر العقدي، عن شعبة، بهذا الإسناد. الفرضة: ما انحدر من جانب الخندق في موضع شقه. من"الفرض": وهو الشق. ومنه"فرضة النهر": وهو مشرب الماء منه. وهي ثلمة في شاطئه. وفرضة البحر: محط السفن.]]
٥٤٢٦- حدثني أبو السائب وسعيد بن نمير قالا حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن شتير بن شكل، عن علي قال: قال رسول الله ﷺ: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر! ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا! ثم صلاها بين العشاءين، بين المغرب والعشاء. [[الحديث: ٥٤٢٦- أبو السائب -شيخ الطبري: هو مسلم بن جنادة، مضى مرارا.
سعيد بن نمير- شيخ الطبري: لم أعرف من هو؟ ولم أجد له ذكرا ولا ترجمة في شيء من المراجع. وأخشى أن يكون محرفا عن شيء لا أعرفه الآن.
وكلمة"نمير" رسمت في المخطوطة رسما غير واضح، يمكن أن يكون محرفا عن"يحيى". فإن يكنه يكن: "سعيد بن يحيى بن الأزهر الواسطي". وهو ثقة، يروي عن أبي معاوية، وهو من طبقة شيوخ الطبري. ولا نجزم ولا نرجح عن غير ثبت.
والحديث مضى: ٥٤٢٤، من رواية الثوري عن الأعمش، وأشرنا إلى هذا، وإلى تخريجه هناك.]]
٥٤٢٧- حدثنا الحسين بن علي الصدائي قال، حدثنا علي بن عاصم، عن خالد، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة السلماني، عن علي قال، لم يصل رسول الله ﷺ العصر يوم الخندق إلا بعد ما غربت الشمس، فقال: ما لهم! ملأ الله قلوبهم وبيوتهم نارا! منعونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس. [[الحديث: ٥٤٢٧- الحسين بن علي الصدائي: مضى في: ٢٠٩٣.
علي بن عاصم بن صهيب الواسطي: ثقة من شيوخ أحمد وابن المديني. وبعضهم تكلم فيه، ورجحنا توثيقه في المسند: ٣٤٣.
خالد: هو ابن مهران الحذاء، مضى في: ١٦٨٣.
الحديث رواه أحمد في المسند، مختصرا قليلا: ٩٩٤، عن يحيى، وهو القطان، عن هشام، وهو ابن حسان، عن محمد، وهو ابن سيرين. ورواه أيضًا: ١٢٢٠، عن يزيد، وهو ابن هرون، عن هشام. ورواه البخاري ٦: ٧٦ / و٧: ٣١٢ / و٨: ١٤٥ /و١١: ١٦٥ (فتح) ، من طرق عن هشام. ورواه أبو داود: ٤٠٩، من طريق هشام أيضًا. ورواه ابن حزم في المحلى ٤: ٢٥٢، من طريق البخاري. وانظر ما مضى: ٥٤٢٣.]]
٥٤٢٨- حدثنا زكريا بن يحيى الضرير قال، حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن عاصم، عن زر قال: انطلقت أنا وعبيدة السلماني إلى علي، فأمرت عبيدة أن يسأله عن الصلاة الوسطى فقال: يا أمير المؤمنين، ما الصلاة الوسطى؟ فقال: كنا نراها صلاة الصبح، فبينا نحن نقاتل أهل خيبر، فقاتلوا، حتى أرهقونا عن الصلاة، وكان قبيل غروب الشمس، فقال رسول الله ﷺ: اللهم املأ قلوب هؤلاء القوم الذين شغلونا عن الصلاة الوسطى وأجوافهم نارا= أو املأ قلوبهم نار = قال: فعرفنا يومئذ أنها الصلاة الوسطى. [[الحديث: ٥٤٢٨- هذا الحديث في معنى الحديث: ٥٤٢٣. ولكن هذه الرواية فيها شذوذ، في أن الحديث كان في غزوة خيبر. والروايات الصحاح كلها على أنه كان في غزوة الأحزاب. ولذلك أفردها السيوطي بالذكر ١: ٣٠٣، فقال: "وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن زر. . . ". فلم ينسبها لغير الطبري، ولم أجد ما يؤيدها.
بل روى الطحاوي في معاني الآثار ١: ١٠٣، من هذا الوجه، مثل سائر الروايات: فرواه من طريق زائدة بن قدامة، عن عاصم، عن زر، عن علي، وفيه: "قاتلنا الأحزاب". ثم روى من طريق سفيان، عن عاصم، عن زر، أنه كلف عبيدة سؤال علي، قال: "فذكر نحوه".]]
٥٤٢٩- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي حسان الأعرج، عن عبيدة السلماني، عن علي بن أبي طالب: أن نبي الله ﷺ قال يوم الأحزاب: اللهم املأ قلوبهم وبيوتهم نارا كما شغلونا= أو: كما حبسونا= عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس! [[الحديث: ٥٤٢٩- يزيد: هو ابن زريع. وسعيد: هو ابن أبي عروبة. والحديث مضى: ٥٤٢٢، من رواية شعبة، عن قتادة.
ورواه أحمد في المسند: ٥٩١، عن محمد بن أبي عدي. و: ١١٣٤، عن عبد الوهاب، وهو ابن عطاء الخفاف، و: ١٣٠٧، عن محمد بن جعفر -ثلاثتهم عن سعيد، وهو ابن أبي عروبة. ورواه أيضًا: ١٣١٣، عن بهز، و: ١٣٢٦، عن عفان- كلاهما عن همام، عن قتادة. ورواه الترمذي ٤: ٧٧، عن هناد، عن عبدة، عن سعيد بن أبي عروبة، وقال: "هذا حديث حسن صحيح. وقد روى من غير وجه عن علي".]]
٥٤٣٠- حدثنا سليمان بن عبد الجبار قال، حدثنا ثابت بن محمد قال، حدثنا محمد بن طلحة، عن زبيد، عن مرة، عن ابن مسعود قال: حبس المشركون رسول الله ﷺ عن صلاة العصر حتى اصفرت الشمس= أو: احمرت= فقال رسول الله ﷺ: شغلونا عن الصلاة الوسطى! ملأ الله بيوتهم وقلوبهم نارا= أو حشا الله قلوبهم وبيوتهم نارا. [[الحديث: ٥٤٣٠- ثابت بن محمد، أبو إسماعيل الشيباني العابد: ثقة، ترجمه البخاري في الكبير ١ /٢ /١٧٠. وفي التهذيب كلمة موهمة، لعلها سبق قلم من الحافظ! قال: ذكره البخاري في الضعفاء، وأورد له حديثا وبين أن العلة من غيره"! والبخاري لم يذكره في الضعفاء، وإنما روى له حديثا -كما قال الحافظ- وبين أن العلة في غيره - فلا شأن له في ضعف الحديث إن كان ضعيفا. وهذه عادة للبخاري في كثير من التراجم.
والحديث مضى: ٥٤٢٠، ٥٤٢١، بإسنادين من طريق محمد بن طلحة. وانظر الحديث التالي لهذا.]]
٥٤٣١- حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال، حدثنا سهل بن عامر قال، حدثنا مالك بن مغول قال، سمعت طلحة قال: صليت مع مرة في بيته فسها = أو قال: نسي = فقام قائما يحدثنا= وقد كان يعجبني أن أسمعه من ثقة= قال: لما كان يوم الخندق - يعني يوم الأحزاب - قال رسول الله ﷺ: ما لهم! شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر! ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا. [[الحديث: ٥٤٣١- هذا الحديث ضعيف من وجهين: أولهما: من جهة"سهل بن عامر البجلي"، وهو ضعيف جدا، كما بينا في: ١٩٧١، وثانيهما: من جهة إرساله. لأن مرة تابعي. مالك بن مغول -بكسر الميم وسكون الغين المعجمة وفتح الواو- بن عاصم، البجلي: ثقة معروف، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
طلحة: هو ابن مصرف اليامي، وهو تابعي ثقة باتفاقهم. قال ابن إدريس: "كانوا يسمونه سيد القراء".
وهذا الحديث في ذاته صحيح. مضى بثلاثة أسانيد صحاح، من رواية محمد بن طلحة بن مصرف، عن زبيد، عن مرة، عن ابن مسعود: ٥٤٢٠، ٥٤٢١، ٥٤٣٠.]]
٥٤٣٢- حدثنا أحمد بن منيع قال، حدثنا عبد الوهاب، عن ابن عطاء، عن التيمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: صلاة الوسطى صلاة العصر. [[الحديث: ٥٤٣٢- أحمد بن منيع البغوي الأصم الحافظ -شيخ الطبري: ثقة، أخرج له الجماعة. عبد الوهاب بن عطاء الخفاف: ثقة من شيوخ أحمد وإسحاق. وثقه ابن معين وغيره. ووقع في المطبوعة هنا: "عبد الوهاب عن ابن عطاء"! جعله راويين. وهو خطأ لا شك فيه.
التيمي: هو سليمان بن طرخان.
وهذا الحديث مضى موقوفا من كلام أبي هريرة: ٥٣٨٧، ٥٣٨٨، ٥٣٩٠. وهو هنا مرفوع بإسناد صحيح. والرفع زيادة من ثقة، فهي مقبولة.
ورواه البيهقي ١: ٤٦٠، من طريق محمد بن عبيد الله بن المنادي: "حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، حدثنا سليمان التيمي. . . ".
ونقله ابن كثير ١: ٥٧٩، عن هذا الموضع من الطبري.
وذكره الحافظ في الفتح ٨: ١٤٥، ونسبه للطبري.
وذكره السيوطي ١: ٣٠٤، ونسبه للطبري والبيهقي.]]
٥٤٣٣- حدثني علي بن مسلم الطوسي قال، حدثنا عباد بن العوام، عن هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: خرج رسول الله ﷺ في غزاة له، فحبسه المشركون عن صلاة العصر حتى أمسى بها، فقال رسول الله ﷺ: اللهم املأ بيوتهم وأجوافهم نارا كما حبسونا عن الصلاة الوسطى! [[الحديث: ٥٤٣٣- علي بن مسلم الطوسي -شيخ الطبري: مضت ترجمته في: ٤١٧٠. عباد بن العوام -بتشديد الباء والواو فيهما- الواسطي. ثقة، من شيوخ أحمد.
هلال بن خباب -بالخاء المعجمة وتشديد الباء- العبدي: ثقة مأمون. من شيوخ الثوري وأبي عوانة بينا في شرح المسند: ٢٣٠٣ أنه لم يختلط ولم يتغير، خلافا لمن قال ذلك.
والحديث رواه أحمد في المسند: ٢٧٤٥، عن عبد الصمد، وهو ابن عبد الوارث، عن ثابت، وهو ابن يزيد الأحول، عن هلال، وهو ابن خباب، به.
ورواه الطحاوي في معاني الآثار ١: ١٠٣، من طريق أبي عوانة، عن هلال بن خباب، به. نحوه. ثم رواه من طريق عباد، عن هلال.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ١: ٣٠٩. وقال: "رواه أحمد، والطبراني في الكبير، والأوسط، ورجاله موثقون".
وذكره السيوطي ١: ٣٠٣-٣٠٤، ونسبه لعبد بن حميد، وابن جرير، فقط.
وسيأتي عقب هذا: ٥٤٣٤، ٥٤٣٥، بنحوه، من رواية مقسم، عن ابن عباس.]]
٥٤٣٤- حدثنا موسى بن سهل الرملي قال، حدثنا إسحاق، عن عبد الواحد الموصلي قال، حدثنا خالد بن عبد الله عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: قال النبي ﷺ يوم الأحزاب: شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس! ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا! [[الحديث: ٥٤٣٤- موسى بن سهل الرملي -شيخ الطبري: صدوق ثقة، كما قال ابن أبي حاتم ٤ /١ /١٤٦. ومضت رواية أخرى للطبري عنه: ٨٧٨.
إسحاق بن عبد الواحد الموصلي القرشي: ثقة، ذكره ابن حبان في الثقات، وفي التهذيب أن أبا علي النيسابوري الحافظ قال فيه: "متروك الحديث" -فيما نقل ابن الجوزي. وجزم الذهبي في الميزان- دون دليل - بأنه واه. وفي التهذيب أن الخطيب روى خبرا باطلا، من طريق عبد الرحمن بن أحمد الموصلي، عن إسحاق -هذا- عن مالك، وقال الخطيب: "الحمل فيه على عبد الرحمن، وإسحاق بن عبد الواحد لا بأس به". وترجمه ابن أبي حاتم ١ /١ /٢٢٩، فلم يذكر فيه جرحا. وهذا دليل على توثيقه إياه.
ثم إن إسحاق لم ينفرد برواية هذا الحديث، فسيأتي -عقبه- من رواية عمرو بن عون، عن خالد.
وكان في المطبوعة والمخطوطة: "إسحاق، عن عبد الواحد الموصلي"، وهو خطأ.
خالد بن عبد الله: هو الطحان، مضت ترجمته في: ٤٤٣٣.
ابن أبي ليلى: هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقد بينا فيما مضى في الحديث: ٣٢ أنه صدوق سيئ الحفظ، ولكنه لم ينفرد برواية هذا الحديث، فقد سبق قبله بإسناد آخر صحيح عن ابن عباس. الحكم: هو ابن عتيبة، مضى في: ٣٢٩٧.
مقسم: هو ابن بجرة، مضى في: ٤٠٨٦.
وفي التهذيب عن أحمد -في ترجمة الحكم- أن الحكم لم يسمع من مقسم إلا خمسة أحاديث، عينها. وليس هذا منها، فعلى هذا فهو منقطع.
والحديث ذكره الحافظ في الفتح ٨: ١٤٦، ونسبه لابن المنذر فقط.
وذكره السيوطي ١: ٣٠٣، وزاد نسبته للطبراني في الكبير، ولكنه جعله"من طريق مقسم وسعيد بن جبير، عن ابن عباس". فلعل رواية سعيد بن جبير تكون عند الطبراني.
ثم وجدت رواية سعيد بن جبير عند الطحاوي، فرواه في معاني الآثار ١: ١٠٣، من طريق محمد ابن عمران بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن ابن أبي ليلى -وهو محمد والد عمران- عن الحكم، عن مقسم وسعيد بن جبير، عن ابن عباس.
وهذا إسناد جيد متصل. محمد بن عمران بن أبي ليلى، وأبوه: ثقتان. والحكم بن عتيبة: لم يختلف في سماعه من سعيد بن جبير، بل روايته عنه ثابتة في الصحيحين في غير هذا الحديث، كما في كتاب رجال الصحيحين، ص ١٠٠.]]
٥٤٣٥- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا خالد، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: شغل الأحزاب النبي ﷺ يوم الخندق عن صلاة العصر حتى غربت الشمس، فقال النبي ﷺ: شغلونا عن الصلاة الوسطى! ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا= أو أجوافهم نارا. [[الحديث: ٥٤٣٥- عمرو بن عون بن أوس الواسطي الحافظ: ثقة، أخرج له الجماعة. والحديث مكرر ما قبله.]]
٥٤٣٦- حدثني المثنى قال، حدثنا سليمان بن أحمد الحرشي الواسطي قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال، أخبرني صدقة بن خالد قال، حدثني خالد بن دهقان، عن جابر بن سيلان، عن كهيل بن حرملة قال: سئل أبو هريرة عن الصلاة الوسطى فقال: اختلفنا فيها كما اختلفتم فيها ونحن بفناء بيت رسول الله ﷺ، وفينا الرجل الصالح أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، فقال: أنا أعلم لكم ذلك. فقام فاستأذن على رسول الله ﷺ، فدخل عليه، ثم خرج إلينا فقال: أخبرنا أنها صلاة العصر. [[الحديث: ٥٤٣٦- سليمان بن أحمد الجرشي الشامي، نزيل واسط: ضعيف، بل رماه بعضهم بالكذب، ولكنه لم ينفرد بهذا الحديث، كما سيجيء. وهو مترجم في الكبير ٢ /٢ /٤. وقال: "فيه نظر". وعند ابن أبي حاتم ٢ /١ /١٠١، وتاريخ بغداد ٩: ٤٩-٥٠، ولسان الميزان ٣: ٧٢. صدقة بن خالد الأموي الدمشقي: ثقة. وثقه أحمد، وابن معين، وأبو زرعة، وغيرهم. وأخرج له البخاري في صحيحه.
خالد بن دهقان الدمشقي: ثقة. ترجمه البخاري في الكبير ٢ /١ /١٣٥، وقال: "سمع خالد سبلان، روى عنه صدقة بن خالد، ومحمد بن شعيب". وبذلك ترجمه أيضًا ابن أبي حاتم ١ /٢ /٣٢٩. خالد سبلان: هو خالد بن عبد الله بن الفرج، أبو هاشم مولى بني عبس. وهو ثقة، وثقه أبو مسهر، كما نقل ابن عساكر، وترجمه البخاري في الكبير ٢ /١ /١٤١، قال: "خالد سبلان. عن كهيل بن حرملة الشامي. روى عنه خالد بن دهقان، وسمع منه سعيد بن عبد العزيز". ونحو ذلك عند ابن أبي حاتم ١ /٢ /٣٦٣، ولم يذكرا فيه جرحا. وترجمه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٥: ٦٧ من تهذيبه للشيخ عبد القادر بدران) ، وزاد أنه سمع معاوية وعمرو بن العاص.
"سبلان": بفتح السين المهملة والباء الموحدة وتخفيف اللام، كما ضبطه ابن ماكولا، فيما نقل عنه ابن عساكر، وكما في المشتبه للذهبي، ص: ٢٥٦. وهو لقب لخالد هذا، لقب به لعظم لحيته.
والبخاري وابن أبي حاتم لم يذكرا نسب خالد هذا، بل ترجمه البخاري في"باب السين" فيمن اسمه"خالد". وابن أبي حاتم ترجمه في باب"خالد" الذين لا ينسبون".
وإنما ذكر نسبه -الذي ذكرنا- ابن عساكر، وابن ماكولا في الإكمال، كما نقل عنه العلامة الشيخ عبد الرحمن اليماني في هوامش التاريخ الكبير وابن أبي حاتم. وذكره الذهبي في المشتبه باسم"خالد بن عبد الله". وذكر الحافظ في التهذيب ٣: ٨٧، في شيوخ"خالد بن دهقان"، باسم"خالد بن عبد الله سبلان". فيكون"سبلان" لقب خالد، كما بينا.
ووقع اسمه في المطبوعة هنا محرفا جدا: "جابر بن سيلان"!! وشتان هذا وذاك والراجح -عندي- أن هذا تحريف من الناسخين، لم يجدوا في التهذيب أو أحد فروعه. اسم"خالد سبلان"، ثم وجدوا ترجمة"جابر بن سيلان" (التهذيب ٢: ٤٠) فظنوه هو، وغيروه إلى ذلك. أو شيئا نحو هذا. وثبت اسمه على الصواب في ابن كثير، إذ نقله عن هذا الموضع من الطبري، ولكن زيد فيه"بن" بين الاسم واللقب. والظاهر أنه من تصرف الناسخين.
كهيل بن حرملة النميري: تابعي ثقة، ترجمه البخاري في الكبير ٤ /١ /٢٣٨، وقال: "سمع أبا هريرة. روى عنه خالد سبلان". ونحو ذلك في ابن أبي حاتم ٣ /٢ /١٧٣، ولم يذكرا فيه جرحا. وذكره ابن حبان في الثقات، ص: ٣١٨.
والحديث رواه ابن حبان في الثقات -في ترجمة كهيل- من طريق أبي مسهر، وهو عبد الأعلى بن مسهر الدمشقي الثقة الثبت، عن صدقة بن خالد، بهذا الإسناد.
وكذلك رواه الطحاوي في معاني الآثار ١: ١٠٣، من طريق أبي مسهر.
ورواه الحاكم في المستدرك ٣: ٦٣٨، من طريق العباس بن الوليد بن مزيد، وهو ثقة من شيوخ الطبري، مضت ترجمته: ٨٩١، عن محمد بن شعيب بن شابور، وهو أحد الثقات الكبار - عن خالد سبلان، بهذا الإسناد.
ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق، بإسناده إلى خالد سبلان - في ترجمته، ولكن مختصره الشيخ عبد القادر بدران حذف الإسناد إليه.
ونقله ابن كثير ١: ٥٧٩، عن هذا الموضع. ثم قال: "غريب من هذا الوجه جدا".
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ١: ٣٠٩، وقال: "رواه الطبراني في الكبير، والبزار، وقال: لا نعلم روى أبو هاشم بن عتبة عن النبي ﷺ - إلا هذا الحديث وحديثا آخر. قلت [القائل الهيثمي] : ورجاله موثقون".
ونقله الحافظ في الفتح ٨: ١٤٥ - ١٤٦، ولم ينسبه لغير الطبري.
ونقله السيوطي ١: ٣٠٤، ونسبه لابن سعد، والبزار، وابن جرير، والطبراني، والبغوي في معجمه. ووهم الحافظ في الإصابة جدا، في ترجمة"أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس" راوي هذا الحديث ٧: ١٩٧ - ١٩٨، ونسبه لأبي داود، والترمذي، والنسائي، والبغوي، والحاكم أبي أحمد!! أما كتابا البغوي والحاكم أبي أحمد، فليسا عندي، ولا أستطيع أن أقول في نقله عنهما شيئا.
وأما السنن الثلاث، فأستطيع أن أجزم بأنه ليس في واحد منها، على اليقين من ذلك. ولذلك لم ينسبه الحافظ نفسه إليها في الفتح. ولذلك ذكره صاحب مجمع الزوائد، وهو الزوائد على الكتب الستة. ولذلك لم يذكره النابلسي في ذخائر المواريث في ترجمة"أبي هاشم بن عتبة". وقد نبهت إلى هذا الوهم، في شرحي للترمذي ١: ٣٤١ - ٣٤٢.]]
٥٤٣٧- حدثني الحسين بن علي الصدائي قال، حدثنا أبي، وحدثنا ابن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبو أحمد = قالا جميعا، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن شقيق بن عقبة العبدي، عن البراء بن عازب قال: نزلت هذه الآية:"حافظوا على الصلوات وصلاة العصر"، قال: فقرأناها على عهد رسول الله ﷺ ما شاء الله أن نقرأها. ثم إن الله نسخها فأنزل:"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين"، قال: فقال رجل كان مع شقيق: فهي صلاة العصر! قال: قد حدثتك كيف نزلت، وكيف نسخها الله، والله أعلم. [[الحديث: ٥٤٣٧- الحسين بن علي الصدائي -شيخ الطبري- وأبوه، مضيا في ٢٠٩٣. ابن إسحاق الأهوازي - شيخ الطبري بعد تحويل الإسناد: هو أحمد بن إسحاق بن عيسى، مضى في: ١٨٤١.
أبو أحمد: هو الزبيري، محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي.
فضل بن مرزوق الأغر الكوفي: ثقة، وثقه الثوري، وابن معين، وغيرهما. وأخرج له مسلم في صحيحه. ووقع اسمه في المخطوطة والمطبوعة هنا"فضيل بن مسروق"! وهو خطأ من الناسخين.
شقيق بن عقبة العبدي الكوفي: تابعي ثقة. وثقه أبو داود، وابن حبان.
والحديث رواه مسلم في صحيحه ١: ٧٥، عن إسحاق بن راهويه، عن يحيى بن آدم، عن فضيل بن مرزوق، به. ثم قال: "ورواه الأشجعي، عن سفيان الثوري، عن الأسود بن قيس، عن شقيق بن عقبة، عن البراء بن عازب".
فوهم صاحب التهذيب، في ترجمة"شقيق بن عقبة" ٤: ٣٦٣، فقال: "له في مسلم حديث واحد في الصلاة الوسطى، قال: وهو معلق. . . "، ثم ذكر كلام مسلم. وغفل عن أنه رواه متصلا قبل هذا التعليق مباشرة.
ورواه ابن حزم في المحلى ٤: ٢٥٨، من طريق مسلم.
ورواه الطحاوي في معاني الآثار ١: ١٠٢، من طريق محمد بن يوسف الفريابي، عن فضيل بن مرزوق، به. ولكن وقع في نسخة الطحاوي: "محمد بن فضيل بن مرزوق"! وهو خطأ يقينا. ثم ليس في الرواة من يسمى بهذا.
ورواه الحاكم في المستدرك ٢: ٢٨١، من طريق يحيى بن جعفر بن الزبرقان، عن أبي أحمد الزبيري، عن فضيل بن مرزوق، به. وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي! وعليهما في ذلك استدراك، أنه رواه مسلم، كما ذكرنا.
ورواه البيهقي ١: ٤٥٩، عن الحاكم، بإسناده.
ووقع في المستدرك المطبوع بياض في"أبو أحمد الزبيري". صححناه من البيهقي.
ثم ذكر البيهقي أنه رواه مسلم، ثم ذكر إشارة مسلم إلى الرواية المعلقة، رواية الأشجعي عن سفيان الثوري. ثم رواه البيهقي من طريق الأشجعي، بإسناده متصلا.
والحديث ذكره أيضًا الحافظ في الفتح ١: ١٤٧، عن صحيح مسلم.
وذكره السيوطي ١: ٣٠٣، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وأبي داود في ناسخه. ولكنه لم ينسبه للحاكم. وذكره ابن كثير ١: ٥٨٢، عن صحيح مسلم. ثم قال: "فعلى هذا تكون هذه التلاوة، وهي تلاوة الجادة - ناسخة للفظ رواية عائشة وحفصة ولمعناها، إن كانت الواو دالة على المغايرة. وإلا فلفظها فقط" وهذا فقه دقيق وبديع.
وقوله في متن الحديث: "فقرأناها على عهد رسول الله ﷺ" - هذا هو الصواب الموافق لسياق القول: "فقرأناها"، والموافق لسائر الروايات. ورسمت في المطبوعة"فقرأتها". وهو غير جيد. ولعلها رسمت الأصول المنقول عنها على الكتبة القديمة بدون ألف ولا نقط "فقراتها" -فظنها الناسخ تاء المتكلم، إذ لم يجد بعدها ألفا. فأثبتها بالتاء على ظنه ومعرفته.]]
٥٤٣٨- حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع، وحدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن بكر ومحمد بن عبد الله الأنصاري= قالا جميعا، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، وحدثنا! بو كريب قال، حدثنا عبدة بن سليمان، ومحمد بن بشر وعبد الله بن إسماعيل، عن سعيد= عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي ﷺ قال: الصلاة الوسطى صلاة العصر. [[الحديث: ٥٤٣٨- رواه الطبري عن ثلاثة من شيوخه: حميد بن مسعدة، ومحمد بن بشار، وأبي كريب محمد بن العلاء. فحميد رواه له عن شيخ واحد، وابن بشار عن شيخين، وأبو كريب عن ثلاثة شيوخ. وهؤلاء الستة: يزيد بن زريع، ومحمد بن بكر، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، وعبدة بن سليمان، ومحمد بن بشر، وعبد الله بن إسماعيل - رووه جميعا عن سعيد، وهو ابن أبي عروبة. يزيد بن زريع: مضت ترجمته في: ١٧٦٩.
محمد بن بكر بن عثمان البرساني - بضم الباء وسكون الراء: ثقة، وثقه ابن معين، وأبو داود، وغيرهما. وأخرج له أصحاب الكتب الستة.
محمد بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري: ثقة من شيوخ أحمد، وابن المديني، والبخاري أخرج له الجماعة.
عبدة بن سليمان الكلابي: مضت ترجمته في: ٢٣٢٣.
محمد بن بشر بن الفرافصة العبدي: مضى في: ٤٢٢٢.
عبد الله بن إسماعيل: كوفي، زعم أبو حاتم - فيما رواه عنه ابنه ٢ /٢ /٣: أنه مجهول، وجزم الحافظ المزي في الأطراف بأنه"عبد الله بن إسماعيل بن أبي خالد"، كما نقل عنه الحافظ ابن حجر في التهذيب.
والحديث مضى: ٥٤١٧، من رواية إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن سمرة. وخرجناه هناك من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة. وهي هذه الطريق.]]
٥٤٣٩- حدثني عصام بن رواد بن الجراح قال، حدثنا أبي قال، حدثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن عن سمرة قال: أنبأنا رسول الله ﷺ أن الصلاة الوسطى هي العصر. [[الحديث: ٥٤٣٩- عصام بن رواد بن الجراح، وأبوه: مضيا في: ٢١٨٣.
سعيد بن بشير الأزدي: مضى في: ١٢٦ أنه صدوق يتكلمون في حفظه، ولكن كان سفيان بن عيينة يصفه بأنه"كان حافظا". والظاهر أن الكلام فيه عن غير تثبت، فإنهم أنكروا كثرة ما روى عن قتادة. فروى ابن أبي حاتم عن أبيه، قال: "قلت لأحمد بن صالح: سعيد بن بشير دمشقي شامي، كيف هذه الكثرة عن قتادة؟ قال: كان أبوه بشير شريكا لأبي عروبة، فأقدم بشير ابنه سعيدا بالبصرة يطلب الحديث مع سعيد بن أبي عروبة". فهذا هذا. فالإسناد إذن صحيح كالإسناد قبله.]]
٥٤٤٠- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي الضحى، عن شتير بن شكل، عن أم حبيبة، عن النبي ﷺ قال، يوم الخندق: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر حتى غربت الشمس= قال أبو موسى: هكذا قال ابن أبي عدي. [[الحديث: ٥٤٤٠- هذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وسليمان: هو الأعمش.
وهذا الحديث -عن أم حبيبة- لم أجده في مصدر آخر، غير هذا الموضع من الطبري، بل لم أجد إشارة إليه قط، إلا فيما نقل ابن كثير ١: ٥٧٨، عن الحافظ أبي محمد عبد المؤمن بن خلف الدمياطي، أنه ذكر"أم حبيبة" فيمن حكي عنهم القول بأن الصلاة الوسطى هي العصر. وهذه إشارة أرجح أنها إشارة لهذا الحديث، دون تصريح.
وشتير بن شكل: تابعي قديم، كما قلنا في: ٥٤٢٤. ولكن التهذيب، حين ذكر الصحابة الذين روى عنهم (٤: ٣١١) . قال: "وأم حبيبة، إن كان محفوظا"؛ فجهدت أن أعرف إلى أي حديث يشير؟ إلى هذا الحديث أم غيره؟
فوجدت أحمد قد روى في المسند: ٦: ٣٢٥ (حلبي) ، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن منصور، عن أبي الضحى، عن شتير بن شكل، عن أم حبيبة: "أن رسول الله ﷺ كان يقبل وهو صائم". وهذا إسناد كالشمس صحة.
ولكن رواه مسلم ١: ٣٠٥، وابن ماجه: ١٦٨٥، عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن مسلم -وهو أبو الضحى- عن شتير بن شكل، عن حفصة. ثم رواه مسلم -أعني حديث القبلة للصائم- من طريق أبي عوانة وجرير، كلاهما عن منصور، كذلك، أي من حديث حفصة.
ففهمت أن الإشارة بالتعليل"إن كان محفوظا"، هي لحديث القبلة للصائم، وأنهم رجحوا رواية ثلاثة: أبي معاوية عن الأعمش، وأبي عوانة وجرير عن منصور -في روايتهم ذاك الحديث من حديث حفصة- على رواية شعبة، في روايته إياه من حديث أم حبيبة! وهذا ترجيح تحكم، لا دليل عليه.
وشتير بن شكل: سمع عليا، وابن مسعود، وحفصة. وهم أقدم موتا من أم حبيبة. والمعاصرة -مع ثقة الراوي، وبراءته من تهمة التدليس- كافية في الحكم بوصل الحديث. ورواية التابعي حديثا عن صحابي، لا تنفي أبدا روايته إياه عن صحابي آخر، بل إن كلا من الروايتين تؤيد الأخرى، إلا أن يقوم دليل قوي على الخطأ في إحدى الروايتين.
ورواية شتير عن أم حبيبة -إن فرض وجود شبهة فيها في حديث القبلة للصائم- فإن روايته عنها هنا -في حديث الصلاة الوسطى- ترفع كل شبهة، وتدل على أن روايته عنها محفوظة.
ثم إن رواية ذاك الحديث، رواها محمد بن جعفر عن شعبة، ورواية هذا الحديث رواها محمد بن أبي عدي عن شعبة، وكلاهما لا يدفع عن الحفظ والإتقان والتثبت والمعرفة. وذاك من رواية شعبة عن منصور عن أبي الضحى، وهذا من روايته عن الأعمش عن أبي الضحى.
وقد استوثق الطبري -رحمه الله- من رواية هذا الحديث هنا، خشية أن يظن به الخطأ أو بشيخه، فحكى كلمة شيخه"ابن المثنى"، وهو: محمد بن المثنى أبو موسى الزمن الحافظ، إذ استوثق هو أيضًا مما قاله شيخه"ابن أبي عدي"، وهو: محمد بن إبراهيم بن أبي عدي - فقال: "قال أبو موسى: هكذا قال ابن أبي عدي". وهذا احتياط دقيق، قصد به إلى رفع شبهة الخطأ أو التعليل، عن رواية شعبة هذه.
وشعبة بن الحجاج: أمير المؤمنين في الحديث، كما قال الثوري. والذي"كان أمة وحده في هذا الشأن"، كما قال أحمد -لا يدفع عن رواية يرويها، ولا يحكم عليه بالخطأ فيها، إلا أن يستبين ذلك عن دلائل قاطعة، أو كالقاطعة. ولا يكفي في تعليل روايته حديثي أم حبيبة- في قبلة الصائم والصلاة الوسطى - كلمة عابرة: "إن كان محفوظا"!! وشعبة الحافظ الحجة الثقة المأمون.]]
٥٤٤١- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن يونس، عن الحسن قال: قال رسول الله ﷺ:"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"، وهي العصر [[الحديث: ٥٤٤١- هذا الحديث مرسل. ولكن معناه صحيح، بما مضى من أحاديث صحاح.]]
٥٤٤٢- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا عبد السلام، عن سالم مولى أبي نصير قال، حدثني إبراهيم بن يزيد الدمشقي قال: كنت جالسا عند عبد العزيز بن مروان فقال: يا فلان، اذهب إلى فلان فقل له: أي شيء سمعت من رسول الله ﷺ في الصلاة الوسطى؟ فقال رجل جالس: أرسلني أبو بكر وعمر وأنا غلام صغير أسأله عن الصلاة الوسطى، فأخذ إصبعي الصغيرة فقال: هذه الفجر- وقبض التي تليها. وقال: هذه الظهر- ثم قبض الإبهام فقال: هذه المغرب- ثم قبض التي تليها ثم قال: هذه العشاء- ثم قال: أي أصابعك بقيت؟ فقلت: الوسطى: فقال: أي صلاة بقيت؟ قلت: العصر. قال: هي العصر. [[الحديث: ٥٤٤٢- هذا إسناد مجهول - عندي على الأقل؟
فلست أدري من"عبد السلام" شيخ أبي أحمد؟ وفي هذا الاسم كثرة.
سالم مولى أبي نصير: هكذا في المخطوطة والمطبوعة، وفي ابن كثير ١: ٥٧٩ - نقلا عن هذا الموضع: "مسلم مولى أبي جبير"! ولم أجد هذا ولا ذاك. بل لم أجده أيضًا في ترجمة"سلم"، لاحتمال التصحيف، بزيادة ميم في أوله، أو زيادة ألف بعد السين.
إبراهيم بن يزيد الدمشقي: مترجم في التهذيب، وأنه كان من حرس عمر بن عبد العزيز، وترجمه البخاري في الكبير ١ /١ /٣٣٥. وابن أبي حاتم ١ /١ /١٤٥، وترجمه ابن عساكر في تاريخ دمشق، ونسبه: "النصري من أهل دمشق". (مختصر تاريخ ابن عساكر ٢: ٣١٠) . وذكره ابن حبان في الثقات، كما في التهذيب.
ولو عرفنا مخرج هذا الحديث، وعرفنا الروايتين"عبد السلام" وشيخه، وكانا مقبولين -لكان الحديث جيدا: حسنا أو صحيحا، لأن الرجل الجالس عند عبد العزيز بن مروان، الذي حدث به عن رسول الله ﷺ، يكون صحابيا، إذ يخبر أنه أرسله أبو بكر وعمر لسؤال رسول الله ﷺ، وهما لا يرسلان لمثل هذا السؤال -إن شاء الله- إلا غلاما فاهما مميزا.
ويظهر لي أن الحافظ ابن كثير خفي عليه مخرجه، فوصفه بعد نقله عن الطبري، بأنه"غريب جدا".
ونقله أيضًا السيوطي ١: ٣٠٤، ولم يقل فيه شيئا، إلا نسبته للطبري.
وكذلك نقله الحافظ ابن حجر في الفتح ١: ١٤٦، عن الطبري - مختصرا.]]
٥٤٤٣- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال: ذكر لنا أن المشركين شغلوهم يوم الأحزاب عن صلاة العصر حتى غابت الشمس، فقال رسول الله ﷺ: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر حتى غربت الشمس! ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا!
٥٤٤٤- حدثنا ابن البرقي قال، حدثنا عمرو، عن أبي سلمة قال، حدثنا صدقة، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي حسان، عن عبيدة السلماني، عن علي بن أبي طالب، عن النبي ﷺ أنه قال يوم الأحزاب: اللهم املأ بيوتهم وقبورهم نارا، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى آبت الشمس. [[الحديث: ٥٤٤٤- ابن البرقي: هو أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم، مضى في: ٢٢، ١٦٠. عمرو بن أبي سلمة التنيسي الدمشقي: ثقة، من شيوخ الشافعي. وله رواية بالموطأ عن مالك.
ووقع في المطبوعة هنا: "عمرو عن أبي سلمة"! وهو خطأ بين، من ناسخ أو طابع.
صدقة: هو ابن عبد الله السمين الدمشقي. وهو ضعيف جدا، كما قال أحمد. وقال مسلم: "منكر الحديث". وضعفه البخاري، وابن معين، وأبو زرعة، وغيرهم.
سعيد: هو ابن أبي عروبة.
والحديث -وإن كان إسناده هذا ضعيفا- فقد مضى بإسناد صحيح: ٥٤٢٩، من رواية يزيد بن زريع، عن ابن أبي عروبة، به. وخرجناه هناك.
ومضى أيضًا: ٥٤٢٢، بإسناد آخر صحيح، من رواية شعبة، عن قتادة.
ومضى معناه من أوجه كثيرة عن علي، أشرنا إليها في: ٥٣٨٠.]]
٥٤٤٥- حدثني محمد بن عوف الطائي قال، حدثني محمد بن إسماعيل بن عياش قال، حدثنا أبي قال، حدثني ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله ﷺ:"الصلاة الوسطى صلاة العصر". [[الحديث: ٥٤٤٥- محمد بن عوف بن سفيان الطائي الحمصي -شيخ الطبري، حافظ ثقة، معروف بالتقدم والمعرفة. وهو من الرواة عن أحمد بن حنبل، له عنه مسائل. ومع ذلك فإن أحمد سمع منه حديثا، كما في تذكرة الحفاظ، في ترجمته ٢: ١٤٤ - ١٤٥، وهو مترجم أيضًا في التهذيب. مات سنة ٢٧٢.
محمد بن إسماعيل بن عياش الحمصي: ضعيف. قال أبو داود: "لم يكن بذاك، قد رأيته، ودخلت حمص غير مرة وهو حي، وسألت عمرو بن عثمان عنه فذمه". والظاهر أنهم ضعفوه لروايته عن أبيه دون سماع، قال أبو حاتم: "لم يسمع من أبيه شيئا، حملوه على أن يحدث فحدث"! ومثل هذا جريء على الحديث، لا يوثق بروايته.
أبوه إسماعيل بن عياش الحمصي: ثقة، تكلم فيه بعضهم من أجل خطئه في بعض ما يروي عن غير الشاميين، أما أحاديثه عن أهل الشأم فمقبولة.
ضمضم بن زرعة بن ثوب -بضم الثاء المثلثة وفتح الواو وآخره باء موحدة- الحضرمي الحمصي: ثقة، وثقه ابن معين، وضعفه أبو حاتم، وترجمه البخاري في الكبير ٢ /٢ /٣٣٩، فلم يذكر فيه جرحا، وذكره ابن حبان في الثقات.
شريح بن عبيد بن شريح الحضرمي الحمصي: تابعي ثقة.
والحديث نقله ابن كثير ١: ٥٧٩، عن هذا الموضع. ثم قال: "إسناده لا بأس به".
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد -ضمن حديث-وقال: "رواه الطبراني، وفيه محمد بن إسماعيل بن عياش، وهو ضعيف".
وذكره السيوطي ١: ٣٠٤، ونسبه للطبري والطبراني.]]
* * *
وقال آخرون: بل الصلاة الوسطى صلاة الظهر.
* ذكر من قال ذلك:
٥٤٤٦- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عفان قال، حدثنا همام قال، حدثنا قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر، عن زيد بن ثابت قال: الصلاة الوسطى صلاة الظهر. [[الخبر: ٥٤٤٦- إسناده صحيح. وهو موقوف من كلام زيد بن ثابت.
ورواه الطحاوي في معاني الآثار ١: ٩٩، عن ابن مرزوق، عن عفان، بهذا الإسناد.
ورواه البيهقي ١: ٤٥٩، من طريق إبراهيم بن مرزوق، عن عفان، به.
ورواه عبد الرزاق في المصنف ١: ١٨٢، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن ابن المسيب، عن زيد بن ثابت. فسقط من إسناده"ابن عمر" بين ابن المسيب وزيد. فإما أنه رواه هكذا، وإما أنه خطأ من الناسخين؟
وسيأتي هذا المعنى من أوجه مختلفة، عن زيد بن ثابت: ٥٤٤٧، ٥٤٤٨، ٥٤٤٩، ٥٤٥٠، ٥٤٥٢، ٥٤٥٣، ٥٤٥٤، ٥٤٥٨، ٥٤٥٩، ٥٤٦٠.]]
٥٤٤٧- حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي قال، حدثنا أبو عامر قال، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر، عن زيد، يعني ابن ثابت- مثله. [[الخبر: ٥٤٤٧- محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي - بضم الميم وفتح الخاء وكسر الراء المشددة: ثقة حافظ حجة. مضى في: ٣٧٣٠. مترجم في تاريخ بغداد ٥: ٤٢٣-٤٢٥، وتذكرة الحفاظ ٢: ٩٢-٩٣. ووقع هنا في المخطوطة والمطبوعة"المخزومي". وهو خطأ.
أبو عامر: هو العقدي، عبد الملك بن عمرو.
والخبر مكرر ما قبله. وإسناده صحيح أيضًا.
وقد ذكره ابن كثير ١: ٥٧٧، مع الذي قبله، دون نسبة.
وذكرهما السيوطي، وزاد نسبتهما لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن الأنباري في المصاحف.
ثم قال السيوطي: "وأخرج مالك، وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وأحمد، وعبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جررير، وابن المنذر، من طرق، عن زيد بن ثابت، قال: "الصلاة الوسطى صلاة الظهر".
وهذا يصلح إشارة إلى كثير من الروايات الآتية عن زيد بن ثابت.
ورواية مالك، هي في الموطأ ص: ١٣٩، عن داود بن الحصين، عن ابن يربوع المخزومي، سمع زيد بن ثابت.
ورواية عبد الرزاق، هي في المصنف ١: ١٨٢، عن مالك، به.]]
٥٤٤٨- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم قال: سمعت حفص بن عاصم يحدث عن زيد بن ثابت قال: الصلاة الوسطى الظهر. [[الخبر: ٥٤٤٨- حفص: هو ابن عاصم بن عمر بن الخطاب. وهو تابعي ثقة مجمع عليه. والخبر مكرر ما قبله. وإسناده صحيح كذلك.]]
٥٤٤٩- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا سليمان بن داود قال، حدثنا شعبة، وحدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن شعبة= قال، أخبرني عمر بن سليمان -من ولد عمر بن الخطاب- قال: سمعت عبد الرحمن بن أبان بن عثمان، يحدث عن أبيه، عن زيد بن ثابت قال: الصلاة الوسطى هي الظهر. [[الخبر: ٥٤٤٩- إسناده صحيح.
عمر بن سليمان بن عاصم بن عمر بن الخطاب: ثقة، وثقه ابن معين، والنسائي، وغيرهما. وهو مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٣ /١ /١١٢، وروي عن ابن معين أنه وصفه بأنه"صاحب حديث زيد بن ثابت"، وفي التهذيب أنه"قيل في اسمه: عمرو". وهو ثابت باسم"عمرو" في رواية الدارمي والطحاوي، كما سنذكر في التخريج، إن شاء الله.
عبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان: ثقة عابد، قليل الحديث، وثقه النسائي، وذكره ابن حبان في الثقات.
أبوه أبان بن عثمان: ثقة من كبار التابعين. وعده يحيى القطان في فقهاء المدينة.
وهذا الخبر موقوف أيضًا على زيد بن ثابت، كالأخبار الثلاثة قبله.
وذكره ابن كثير ١: ٥٧٧، قال: "وقال أبو داود الطيالسي، وغيره، عن شعبة. . . "، فساقه بهذا الإسناد.
وكذلك رواه الطحاوي في معاني الآثار ١: ٩٩، من طريق حجاج بن محمد، عن شعبة، عن"عمرو بن سليمان"، به فسمى شيخ شعبة في هذه الرواية"عمرا". وسيأتي عقب هذا روايته مرفوعا. وهو -عندي- وهم ممن فهم أنه مرفوع.]]
٥٤٥٠- حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال، حدثنا عبد الصمد قال، حدثنا شعبة، عن عمر بن سليمان= هكذا قال أبو زائدة=، عن عبد الرحمن بن أبان، عن أبيه، عن زيد بن ثابت في حديثه، رفعه -: الصلاة الوسطى صلاة الظهر. [[الحديث: ٥٤٥٠- إسناده صحيح، إلا أن في رفعه علة، سنذكرها إن شاء الله.
زكريا بن يحيى: مضت ترجمته في: ١٢١٩.
عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث العنبري.
"عمر بن سليمان": مضت ترجمته في الخبر الذي قبل هذا. وهكذا ثبت في المطبوعة! فلا يكون هناك معنى لقول الطبري: "هكذا قال أبو زائدة" - يعني شيخه زكريا بن يحيى، إذ لا اختلاف في اسمه بين هذه الرواية وتلك. ووقع في المخطوطة: "عمر بن سلمان". فتكون المغايرة بين الروايتين واقعة. ولكني أرجح أن كليهما خطأ، إذ لم يذكر قول في اسمه أنه"عمر بن سلمان". والراجح -عندي- أن الصواب في هذا الإسناد"عمرو بن سليمان". وهو القول الثاني في اسمه عند بعض الرواة، كما ذكرنا. وقوله في هذه الرواية: "في حديثه رفعه" -يعني أن رفع الحديث إلى النبي ﷺ، وجعل لفظ"الصلاة الوسطى صلاة العصر"- من كلامه ﷺ.
وكذلك نقل السيوطي ١: ٣٠٢، "وأخرج ابن جرير في تهذيبه، من طريق عبد الرحمن بن أبان، عن أبيه، عن زيد بن ثابت، في حديث يرفعه. . . ". ولعله لم يره في تفسير الطبري، فنقله عن كتابه"التهذيب". ولفظ السيوطي الذي نقله: "في حديث" -أجود من اللفظ الثابت هنا: "في حديثه". بل الظاهر أن هذه محرفة من الناسخين.
وعندي أن ادعاء رفع الحديث وهم ممن قاله: اختصر حديثا مطولا، فأوهم وظن أن كلمة في آخره مرفوعة. وهي واضحة في أصل الحديث أنها موقوفة.
فقد رواه أحمد في المسند ٥: ١٨٣ (حلبي) -مطولا- عن يحيى بن سعيد، عن شعبة، بهذا الإسناد إلى أبان بن عثمان: "أن زيد بن ثابت خرج من عند مروان نحوا من نصف النهار، فقلنا: ما بعث إليه الساعة إلا لشيء سأله عنه، فقمت إليه فسألته، فقال: أجل، سألنا عن أشياء، سمعتها من رسول الله ﷺ، سمعت رسول الله ﷺ يقول: نضر الله امرءا سمع منا حديثا فحفظه. . . " فذكر حديثا مطولا مرفوعا، ثم قال في آخره: "وسألنا عن الصلاة الوسطى، وهي الظهر". فهذا ظاهر واضح أن مروان سأل زيدا عن الصلاة الوسطى فأجابه، لم يذكره في الحديث المرفوع، ولا وصله به.
ورواه الدارمي ١: ٧٥، عن عصمة بن الفضل، عن حرمى -بفتح الحاء والراء- بن عمارة، عن شعبة، عن عمرو بن سليمان، بهذا الإسناد، نحو رواية المسند، مطولا. وفي آخره بعد سياق الحديث المرفوع: "قال: وسألته عن صلاة الوسطى، فقال: هي الظهر". فسمى شيخ شعبة في هذه الطريق"عمرا".
والظاهر من سياق هذه الرواية أن أبان بن عثمان هو الذي سأل زيد بن ثابت عن الصلاة الوسطى. والأمر في هذا قريب. أما الأمر البعيد، والذي لا يدل عليه سياق الكلام في الروايتين: رواية أحمد، ورواية الدارمي -فهو الزعم بأن"الصلاة الوسطى" مرفوع من كلام النبي ﷺ: إنما هو وهم -كما قلنا- ممن اختصر الحديث، فأخذ آخره دون أن يتأمل سياق القول ومعناه. والقسم المرفوع المطول من هذا الحديث -رواه ابن حبان في صحيحه، رقم: ٦٦ بتحقيقنا، من طريق يحيى بن سعيد -شيخ أحمد فيه- وطوى أيضًا الكلمة الموقوفة. وقد خرجناه هناك.
ويؤيد ما قلنا: أن زيد بن ثابت إنما قال هذا استنباطا، كما سيأتي: ٥٤٥٩، ٥٤٦٠. ولو كان هذا عنده مرفوعا لما جاوزه إلى الاستنباط، إن شاء الله.]]
٥٤٥١- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا عبد الله بن يزيد قال، حدثنا حيوة بن شريح وابن لهيعة قالا حدثنا أبو عقيل زهرة بن معبد: أن سعيد بن المسيب حدثه أنه كان قاعدا هو وعروة بن الزبير وإبراهيم بن طلحة، فقال سعيد بن المسيب: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: الصلاة الوسطى هي الظهر. فمر علينا عبد الله بن عمر، فقال عروة: أرسلوا إلى ابن عمر فاسألوه. فأرسلوا إليه غلاما فسأله، ثم جاءنا الرسول فقال: يقول: هي صلاة الظهر. فشككنا في قول الغلام، فقمنا جميعا فذهبنا إلى ابن عمر، فسألناه فقال: هي صلاة الظهر. [[الخبر: ٥٤٥١- عبد الله بن يزيد: هو المقرئ. مضت ترجمته في: ٣١٨٠. زهرة بن معبد بن عبد الله بن هشام التيمي: تابعي ثقة، قال ابن أبي حاتم ١ /٢ / ٦١٥"أدرك ابن عمر، ولا أدري سمع منه أم لا؟ " وتعقبه الحافظ في التهذيب، بالجزم بأنه سمع منه، وأن في البخاري ما يدل على ذلك.
إبراهيم بن طلحة: لم أتبين من هو؟ وليس له رواية في الخبر، ولا شأن في الإسناد، إنما كان أحد حاضري المجلس.
والخبر رواه البيهقي ١: ٤٥٨-٤٥٩، من طريق محمد بن سنان البصري، عن عبد الله بن يزيد، به.
وسيأتي: ٥٤٥٧، من طريق نافع، عن زهرة بن معبد، بنحوه.
وذكره السيوطي ١: ٣٠٢، ونسبه للبيهقي، وابن عساكر فقط.
وهذا الخبر على صحة إسناده - فيه أن أبا سعيد الخدري وعبد الله بن عمر يريان أن الصلاة الوسطى هي الظهر.
وقد مضى عن أبي سعيد بإسناد صحيح أيضًا: ٥٣٩٢، أنها العصر.
وكذلك مضى عن ابن عمر بإسنادين صحيحين: ٥٣٨٩، ٥٣٩١، أنه يرى أنها العصر.
وأبو سعيد وابن عمر ممن اختلفت الرواية عنهما في ذلك على القولين. ذلك أنهما لم يرويا فيه حديثا مرفوعا يكون حجة عليهما، إنما اجتهدا واستنبطا ما استطاعا، وانظر ابن كثير ١: ٥٧٧.]]
٥٤٥٢- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا العوام بن حوشب قال، حدثني رجل من الأنصار، عن زيد بن ثابت أنه كان يقول: هي الظهر. [[الخبر: ٥٤٥٢- العوام -بتشديد الواو- بن حوشب بن يزيد الشيباني: ثقة مجمع عليه. يروي عن كبار التابعين. ولكنه هنا روى عن رجل مجهول، صار به الإسناد ضعيفا.]]
٥٤٥٣- حدثني أحمد بن إسحاق، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا ابن أبي ذئب= وحدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا ابن أبي ذئب=، عن الزبرقان بن عمرو، عن زيد بن ثابت قال، الصلاة الوسطى صلاة الظهر. [[الخبر: ٥٤٥٣- هذا الخبر مختصر. وسيأتي مطولا: ٥٤٦٠، من هذا الوجه، من رواية ابن أبي ذئب، عن الزبرقان.]]
٥٤٥٤- حدثنا المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد قال، أخبرنا عبيد الله، عن نافع، عن زيد بن ثابت أنه قال: الصلاة الوسطى: هي صلاة الظهر. [[الخبر: ٥٤٥٤- الحجاج: هو ابن المنهال. وحماد: يحتمل أن يكون ابن زيد، وأن يكون ابن سلمة.
عبيد الله: هو ابن عمر بن حفص بن عاصم. ونافع: هو مولى ابن عمر. وأخشى أن تكون روايته عن زيد بن ثابت مرسلة. فما أظنه أدرك طبقته من الصحابة. وقد نص ابن أبي حاتم على أن روايته عن حفصة وعائشة مرسلة.]]
٥٤٥٥- حدثنا ابن البرقي قال، حدثنا ابن أبي مريم قال، أخبرنا نافع بن يزيد قال، حدثني الوليد بن أبي الوليد أبو عثمان قال، حدثني عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر: أنه سئل عن الصلاة الوسطى قال: هي التي على أثر الضحى. [[الخبر: ٥٤٥٥- ابن أبي مريم: هو سعيد بن أبي مريم، وهو سعيد بن الحكم، مضت ترجمته في: ٣٨٧٧.
نافع بن يزيد الكلاعي المصري: ثقة مأمون، ثبت في الحديث، لا يختلف فيه.
الوليد بن أبي الوليد أبو عثمان: تابعي ثقة. وقد حققنا ترجمته في شرح المسند: ٥٧٢١.
وهذا الخبر مختصر. وسيأتي عقبه مطولا، عن تابعي آخر، غير عبد الله بن دينار.]]
٥٤٥٦- حدثنا ابن البرقي قال، حدثنا ابن أبي مريم قال، حدثنا نافع بن يزيد قال، حدثني الوليد بن أبي الوليد: أن سلمة بن أبي مريم حدثه: أن نفرا من قريش أرسلوا إلى عبد الله بن عمر يسألونه عن الصلاة الوسطى فقال له: هي التي على أثر صلاة الضحى. فقالوا له: ارجع واسأله، فما زادنا إلا عياء بها!! فمر بهم عبد الرحمن بن أفلح مولى عبد الله بن عمر، فأرسلوا إليه أيضا فقال: هي التي توجه فيها رسول الله ﷺ إلى القبلة. [[الخبر: ٥٤٥٦- مسلم بن أبي مريم، واسم أبيه: يسار، السلولي المدني: تابعي ثقة، روى عنه شعبة، ومالك، وابن جريج، والليث، وغيرهم. ووقع في المخطوطة والمطبوعة اسمه"سلمة" بدل"مسلم"، وهو خطأ من الناسخين. وليس في التراجم من يسمى بهذا.
والخبر رواه -بنحوه- الطحاوي ١: ٩٩، من طريق يحيى بن عبد الله بن بكير، عن موسى بن ربيعة، عن الوليد بن أبي الوليد المديني، عن عبد الرحمن بن أفلح: "أن نفرا من أصحابه أرسلوه إلى عبد الله بن عمر. . . "، فذكر معناه.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ١: ٣٠٩ مختصرا، بنحوه. قال: "وعن عبد الرحمن بن أفلح: أن نفرا من الصحابة أرسلوني إلى ابن عمر، يسألونه عن الصلاة الوسطى. فقال: كنا نتحدث أنها الصلاة التي وجه فيها رسول الله ﷺ إلى القبلة، الظهر". وقال: "رواه الطبراني، ورجاله موثقون". ونقله السيوطي بنحوه ١: ٣٠١ أكثر اختصارا من هذا، ونسبه للطبراني في الأوسط"بسند رجاله ثقات". فروايتا الطحاوي والطبراني تؤيدان رواية ابن جرير هذه، لأنها عن"عبد الرحمن بن أفلح" الذي أرسله هؤلاء النفر من قريش يسأل ابن عمر.
وموسى بن ربيعة المصري: ثقة، ترجمه ابن أبي حاتم ٤ /١ /١٤٢ - ١٤٣. وقال: "سئل أبو زرعة عنه؟ فقال: كان يكون بمصر، وهو ثقة لا بأس به". ولم أجد له ترجمة عند غيره.
والوليد بن أبي الوليد، كما سمع الخبر من مسلم بن أبي مريم، سمعه أيضًا من الرسول الذي أرسله النفر من قريش إلى ابن عمر.
و"عبد الرحمن بن أفلح": مترجم في ابن أبي حاتم ٢ /٢ /٢١٠: "عبد الرحمن بن أفلح مولى أبي أيوب. وهو أخو كثير بن أفلح. روى عن. . . روى عنه أبو النضر حديث العزلة. سمعت أبي يقول ذلك". وموضع النقط بياض في أصل كتاب ابن أبي حاتم وقال مصححه العلامة الشيخ عبد الرحمن اليماني: "في الثقات: عن أم ولد أبي أيوب".
وترجمه ابن سعد ٥: ٢٢٠، هكذا: "عبد الرحمن بن أفلح، مولى أبي أيوب الأنصاري. وهو رضيع الخارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري. وسمع من عبد الله بن عمر بن الخطاب".
ولم أجد له ترجمة غير ذلك، فهو هو الذي في هذا الخبر.
ولعل بعض الرواة وهم في جعله"مولى عبد الله بن عمر".
وقوله"إلا عياء بها": يقال"عي بالأمر عيا (بالكسر) وعياء": جهله وأشكل عليه أمره. وفي الحديث: "شفاء العي السؤال". وذكر المصدر الثاني (عياء) في المعيار للشيرازي.]]
٥٤٥٧- حدثني ابن البرقي قال، حدثنا ابن أبي مريم قال، أخبرنا نافع قال، حدثني زهرة بن معبد قال، حدثني سعيد بن المسيب: أنه كان قاعدا هو وعروة وإبراهيم بن طلحة، فقال له سعيد: سمعت أبا سعيد يقول: إن صلاة الظهر هي الصلاة الوسطى. فمر علينا ابن عمر، فقال عروة: أرسلوا إليه فاسألوه. فسأله الغلام فقال: هي الظهر. فشككنا في قول الغلام، فقمنا إليه جميعا فسألناه، فقال: هي الظهر. [[الخبر: ٥٤٥٧- نافع في هذا الإسناد: هو نافه بن يزيد، الذي ترجمنا له في: ٥٤٥٥. وهذا إسناد صحيح. والخبر مختصر من الخبر الماضي: ٥٤٥١، من رواية حيوة وابن لهيعة، عن زهرة بن معبد.]]
٥٤٥٨- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عثمان بن عمر قال، حدثنا أبو عامر، عن عبد الرحمن بن قيس، عن ابن أبي رافع، عن أبيه - وكان مولى لحفصة - قال: استكتبتني حفصة مصحفا وقالت لي: إذا أتيت على هذه الآية فأعلمني حتى أملها عليك كما أقرأنيها. فلما أتيت على هذه الآية:"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"، أتيتها فقالت: اكتب:"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر". فلقيت أبي بن كعب أو زيد بن ثابت، فقلت: يا أبا المنذر، إن حفصة قالت كذا وكذا!! قال: هو كما قالت، أو ليس أشغل ما نكون عند صلاة الظهر في غنمنا ونواضحنا! [[الحديث: ٥٤٥٨- عثمان بن عمر بن فارس بن لقيط العبدي: ثقة من شيوخ أحمد وإسحاق، أخرج له الجماعة.
أبو عامر: هو الخزاز -بمعجمات- واسمه: صالح بن رستم، وهو ثقة، وثقه الطيالسي، وأبو داود، وغيرهما.
عبد الرحمن بن قيس العتكي، أبو روح البصري: ثقة. ذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج له هو وابن خزيمة في صحيحيهما، وترجمه ابن أبي حاتم ٢ /٢ /٢٧٧-٢٧٨ ترجمتين: ١٣٢٠، ١٣٢١، وهما واحد، ولم يذكر فيه جرحا.
"ابن أبي نافع عن أبيه": لم أعرف من"ابن أبي رافع" هذا؟ ولم أجد له ترجمة، إلا أنه ذكر في التهذيب هكذا، في ترجمة عبد الرحمن بن قيس العتكي، في شيوخه الذين روى عنهم.
ويحتمل جدا أن يكون ابنا لعمرو بن رافع، الذي سيأتي ذكره في شرح: ٥٤٦٣.
وفي إسناد: ٥٤٦٤. وهذا الحديث مجهول الإسناد، كما ترى. وسيأتي بهذا الإسناد واللفظ: ٥٤٧٠، إلا حرفا واحدا، سنذكره.
وذكره السيوطي ١: ٣٠٢، بنحوه مختصرا قليلا، قال: "أخرج عبد الرزاق، والبخاري في تاريخه وابن جرير، وابن أبي داود في المصاحف عن أبي رافع مولى حفصة. . . ".
فأما ابن جرير، فهذه روايته. وأما البخاري في التاريخ، فلم أعرف موضعه منه. وأما عبد الرزاق وابن أبي داود -فلم أجد عندهما من رواية أبي رافع- على اليقين عندي من ذلك. فلا أدري كيف هذا؟!
وهو حديث مرفوع، لقول حفصة: "حتى أملها عليك كما أقرأنيها". وفي الرواية الآتية: "كما أقرئتها"، بالنباء لما لم يسم فاعله. والذي يقرئ حفصة وتأخذ عنه القرآن، هو زوجها المنزل عليه الكتاب، ﷺ، كما سيأتي تصريحها بذلك، في: ٥٤٦٢، ٥٤٦٣، ٥٤٦٥.
وقولها"أملها": هكذا ثبت في المخطوطة. وفي المطبوعة"أمليها". وكلاهما صحيح، يقال: "أمللت الكتاب، وأمليته". وكلاهما نزل به القرآن: (فليملل وليه بالعدل) . من"أمللت". و: (فهي تملى عليه بكرة وأصيلا) ، من"أمليت". قال الفراء: "أمللت: لغة أهل الحجاز وبني أسد. وأمليت: لغة بني تميم وقيس".
قوله: "فلقيت أبي بن كعب، أو زيد بن ثابت، فقلت: يا أبا المنذر" - إلخ: شك الراوي في أيهما لقي، ثم رجح أنه أبي بن كعب، إذ أن كنيته: "أبو المنذر"، وأما زيد فكنيته: "أبو سعيد" ويقال: "أبو خارجة".
النواضح: جمع"ناضح"، وهو من الإبل: ما يستقى عليه الماء. ونضح زرعه: سقا بالدلو. يعني: أنهم في شغل بسقي نخيلهم على النواضح من إبلهم.]]
* * *
وعلة من قال ذلك، ما: -
٥٤٥٩- حدثنا به محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة قال، أخبرني عمرو بن أبي حكيم قال: سمعت الزبرقان يحدث عن عروة بن الزبير، عن زيد بن ثابت قال: كان رسول الله ﷺ يصلي الظهر بالهاجرة، ولم يكن يصلي صلاة أشد على أصحاب النبي ﷺ منها، قال: فنزلت:"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى". وقال:"إن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين". [[الحديث: ٥٤٥٩- عمرو بن أبي حكيم: هو عمرو بن كردي، أبو سعيد الواسطي، وهو ثقة، وثقه أبو داود، والنسائي، وغيرهما. ورواية شعبة عنه أمارة توثيقه عنده أيضًا.
الزبرقان: هو ابن عمرو بن أمية الضمري، بذلك جزم ابن سعد ٥: ١٨٤، ذكره بعد"جعفر ابن عمرو"، بأنه"لم يفرق البخاري فمن بعده بينهما، إلا ابن حبان، ذكر هذا في ترجمة مفردة عن الذي يوي عنه كليب بن صبح"، ثم أنحى على ابن حبان لما فعل. وهذا عجب من العجب! فإن البخاري أفرد ترجمة"زبرقان، عن عمرو بن أمية، روى عنه كليب. ولكنهما فرقا بينهما، فما أدري ما الذي أنكره احافظ على ابن حبان؟!
والزبرقان بن عمرو، هذا: ثقة.
والحديث رواه أحمد في المسند ٥: ١٨٣، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، به.
ورواه أبو داود: ٤١١، عن محمد بن المثنى -شيخ الطبري هنا- بهذا الإسناد.
ورواه البخاري في الكبير - في ترجمة الزبرقان، عن إسحاق. عن عبد الصمد، عن شعبة، به، موجزا كعادته.
ورواه الطحاوي في معاني الآثار ١: ٩٩، من طريق عمرو بن مرزوق، عن شعبة، به.
وكذلك رواه البيهقي ١: ٤٥٨، من طريق عمرو بن مرزوق.
وذكره ابن كثير ١: ٥٧٧، عن رواية المسنج. ثم أشار إلى رواية أبي داود.
وذكره السيوطي ١: ٣٠١، وزاد نسبته للروياني، وأبي يعلى، والطبراني.
وهذه أسانيد صحاح.
وسيأتي عقب هذا، مطولا، غير موصول الإسناد.]]
٥٤٦٠- حدثنا مجاهد بن موسى قال، حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا ابن أبي ذئب، عن الزبرقان قال: إن رهطا من قريش مر بهم زيد بن ثابت فأرسلوا إليه رجلين يسألانه عن الصلاة الوسطى. فقال زيد: هي الظهر. فقام رجلان منهم فأتيا أسامة بن زيد فسألاه عن الصلاة الوسطى فقال: هي الظهر. إن رسول الله ﷺ كان يصلي الظهر بالهجير، فلا يكون وراءه إلا الصف والصفان، الناس يكونون في قائلتهم وفي تجارتهم، فقال رسول الله:"لقد هممت أن أحرق على أقوام لا يشهدون الصلاة بيوتهم! قال: فنزلت هذه الآية:"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى". [[الحديث: ٥٤٦٠- هو مطول للحديث قبله، ولكنه هنا منقطع، كما سنذكر.
ورواه أحمد في المسند ٥: ٢٠٦ (حلبي) ، عن يزيد - وهو ابن هرون، عن ابن أبي ذئب، به، ولكن في روايته زيادة في أوله: "مر بهم زيد بن ثابت وهم مجتمعون، فأرسلوا إليه غلامين لهم يسألانه عن الصلاة الوسطى، فقال: هي العص. فقام إليه رجلان منهم فسألاه، فقال: هي الظهر".
ففي رواية أحمد أن زيد بن ثابت قال للغلامين: هي العصر. وأنه قال للرجلين اللذين قاما إليه: هي الظهر. وقد حذف من رواية الطبري هنا سؤال الغلامين وجواب زيد بأنها العصر. وهذه الزيادة ثابتة أيضًا في ابن كثير ١: ٥٧٧، في نقله الحديث من مسند أحمد.
ولم أجدها في شيء من مصادر هذا الحديث غير ذلك.
ووقع في المسند"حدثنا يزيد بن أبي ذئب، عن الزبرقان"! وهو تخليط من الناسخين، ثبت أيضًا في مخطوطة المسند (م) ! فليس في الرواة من هذا اسمه. والحديث حدي"يزيد بن هرون"، عن"ابن أبي ذئب"، كما دلت عليه رواية الطبري هنا.
وزادت نسخة ابن كثير تخليطا إلى تخليط. في النقل عن المسند: "حدثنا يزيد بن أبي وهب، عن الزبرقان"!! ولسنا ندري، أهو من الناسخين أم من المطبعة؟!
والحديث رواه أيضًا الطحاوي في معاني الآثار ١: ٩٩، عن الربيع بن سليمان المرادي، عن خالد بن عبد الرحمن، عن ابن أبي ذئب، عن الزبرقان. ولكنه مختصر، حذف منه ذكر أسامة بن زيد، وجعل قوله: "إن رسول الله ﷺ كان يصلي الظهر بالهجير. . . " -إلى آخر الحديث- من كلام زيد بن ثابت، لا من كلام أسامة، ولعل هذا الاختصار سهو من بعض الرواة.
فقد أشار البخاري إليه من طريق ابن أبي ذئب، كعادته في الإيجاز، وأثبت أنه عن زيد وأسامة، فذكره في ترجمة الزبرقان ٢ /١ /٣٩٧، قال:
"وقال هشام: حدثنا صدقة، عن ابن أبي ذئب، قال: حدثنا زبرقان الضمري، عن زيد وأسامة- نحوه". يعني نحو حديث قبله سنذكره.
ثم قال حدثنا آدم، حدثنا ابن أبي ذئب، قال حدثنا زبرقان الضمري- نحوه".
ثم قال: "ورواه يحيى بن أبي بكير، عن ابن أبي ذئب نحوه".
فرواية أسامة بن زيد ثابتة في هذا الحديث من هذا الوجه، في كل الروايات، فحذفها وهم.
وكذلك هي ثابتة في مصادر أخر. فقد ذكره السيوطي كاملا ١: ٣٠١، ونسبه لأحمد، وابن منيع والنسائي، وابن جرير، والشاشي، والضياء.
وروى الطيالسي، نحوه، مختصرا: ٦٢٨، عن أبي ذئب، عن الزبرقان، عن زهرة، قال"كنا جلوسا عند زيد بن ثابت، فأرسلوا إلى أسامة بن زيد، فسألوه عن الصلاة الوسطى؟ فقال: هي: الظهر، كان رسول الله ﷺ يصليها بالهجير".
وكذلك رواه البيهقي ١: ٤٥٨، من طريق الطيالسي.
وذكره البخاري في الكبير ٢ /١ /٣٩٦-٦٩٧، عن أبي داود، وهو الطيالسي، به.
ونقله ابن كثير ١: ٥٧٧، من مسند الطيالسي.
والحديث المطول الذي هنا منقطع الإسناد كما قلنا. ودل على انقطاعه: الإسناد قبله، الذي فيه رواية الزبرقان عن عروة، ورواية الطيالسي، التي فيها روايته عن زهرة.
ولذلك قال ابن كثير -بعد نقله إياه من رواية مسند الإمام أحمد: "والزبرقان: هو ابن عمرو بن أمية الضمري، لم يدرك أحدا من الصحابة. والصحيح ما تقدم من روايته عن زهر بن معبد، وعروة. ابن الزبير".
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ١: ٣٠٨-٣٠٩، "رواه أحمد، ورجاله موثقون، إلا أن الزبرقان لم يسمع من أسامة بن زيد بن ثابت".
ومما يجدر التنبيه إليه: أن السيوطي نسبه للنسائي -كما ذكرنا- ولكني لم أجده في النسائي. وقد قال الهيثمي في مجمع الزوائد: "رواه النسائي. وقال الشيخ في الأطاف: ليس في السماع، ولم يذكره أبو القاسم". يريد أن الحافظ المزي قال ذلك، فلعله ثابت في رواية بعض الرواة لسنن النسائي دون بعض.
الهاجرة، والهجير: نصف النهار عند زوال الشمس إلى العصر، وهو حينئذ أشد الحر.
والقائلة: الظهيرة، نصف النهار. والقيلولة: نومة نصف النهار، قال يقيل. وتسمى القيلولة"القائلة" أيضًا. وهو المراد هنا.]]
[[اختُصِرَ كلام المؤلف لشدة طوله]]
{"ayah":"حَـٰفِظُوا۟ عَلَى ٱلصَّلَوَ ٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُوا۟ لِلَّهِ قَـٰنِتِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق