الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ألَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ﴾ ﴿إرَمَ ذاتِ العِمادِ﴾ ﴿الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها في البِلادِ﴾ ﴿وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالوادِ﴾ ﴿وَفِرْعَوْنَ ذِي الأوْتادِ﴾ ﴿الَّذِينَ طَغَوْا في البِلادِ﴾
لَمْ يُبَيِّنْ هُنا ماذا ولا كَيْفَ فَعَلَ، بِمَن ذَكَرُوا، وهم: عادٌ، وثَمُودُ، وفِرْعَوْنُ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ثَلاثَتِهِمْ في سُورَةِ ”الحاقَّةِ“ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَأمّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطّاغِيَةِ﴾ ﴿وَأمّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ﴾ ﴿سَخَّرَها عَلَيْهِمْ﴾ إلى قَوْلِهِ ﴿فَأخَذَهم أخْذَةً رابِيَةً﴾ [الحاقة: ١٠٥ - ١٠] .
والجَدِيدُ هُنا: هو وصْفُ كُلٍّ مِن عادٍ مِن أنَّها ذاتُ العِمادِ، ولَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها في البِلادِ، وثَمُودَ أنَّهم جابُوا الصَّخْرَ بِالوادِ، وفِرْعَوْنَ أنَّهُ ذُو أوْتادٍ.
وَقَدِ اخْتُلِفَ في المَعْنى بِهَذِهِ الصِّفاتِ كُلِّها:
أمّا عادٌ، فَقِيلَ: العِمادُ عِمادُ بُيُوتِ الشَّعَرِ، والمُرادُ بِها القَبِيلَةُ. وطُولُ عِمادِ (p-٥٢٥)بُيُوتِها: كِنايَةٌ عَنْ طُولِ أجْسامِهِمْ، كَما قِيلَ في صَخْرٍ:
؎رَفِيعُ العِمادِ طَوِيلُ النِّجادِ
وَطُولُ الأجْسامِ يَدُلُّ عَلى قُوَّةِ أصْحابِها.
وَقِيلَ: إرَمُ كانَتْ مَدِينَةً رَفِيعَةَ البُنْيانِ، وذَكَرُوا في أخْبارِها قِصَصًا تَفُوقُ الخَيالَ، وأنَّها في الرَّبْعِ الخالِي، ولَكِنْ حَيْثُ لَمْ تَثْبُتْ أخْبارُها بِسَنَدٍ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، ولَمْ يُصَدِّقْهُ الواقِعُ، فَقالَ قَوْمٌ: قَدْ خُسِفَ بِها ولَمْ تَعُدْ مَوْجُودَةً.
أمّا ثَمُودُ: فَقَدْ جابُوا، أيْ: نَحَتُوا الصَّخْرَ بِالوادِ، بِوادِ القُرى في مَدائِنِ صالِحٍ، وهي بُيُوتُهم مَوْجُودَةٌ حَتّى الآنَ.
وَأمّا فِرْعَوْنُ ذُو الأوْتادِ، فَقِيلَ: هي أوْتادُ الخِيامِ، كانَ يَتِدُها لِمَن يُعَذِّبُهم.
وَقِيلَ: هي كِنايَةٌ عَنِ الجُنُودِ يُثَبِّتُ بِها مُلْكَهُ.
وَقِيلَ: هي أكَماتٌ وأسْوارٌ مُرْتَفِعاتٌ، يُلْعَبُ لَهُ في مَرابِعِها.
قالَ ابْنُ جَرِيرٍ ما نَصُّهُ: حَدَّثَنا بِشْرٌ، قالَ: ثَنا يَزِيدُ، قالَ ثَنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتادَةَ: ﴿وَفِرْعَوْنَ ذِي الأوْتادِ﴾، ذَكَرَ لَنا أنَّها كانَتْ مَطالٌّ، ومَلاعِبُ يُلْعَبُ لَهُ تَحْتَها مِن أوْتادٍ وجِبالٍ " .
والَّذِي يَظْهَرُ - واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ -: أنَّ هَذا القَوْلَ هو الصَّحِيحُ، وأنَّها مُرْتَفِعَةٌ، وأنَّها هي المَعْرُوفَةُ الآنَ بِالأهْرامِ بِمِصْرَ، ويُرَجِّحُ ذَلِكَ عِدَّةُ أُمُورٍ:
مِنها: أنَّها تُشْبِهُ الأوْتادَ في مَنظَرِها طَرَفُهُ إلى أعْلى، إذِ القِمَّةُ شِبْهُ الوَتَدِ، مُدَبَّبَةٌ بِالنِّسْبَةِ لَضَخامَتِها، فَهي بِشَكْلٍ مُثَلَّثٍ، قاعِدَتُهُ إلى أسْفَلَ وطَرَفُهُ إلى أعْلى.
وَمِنها: ذِكْرُهُ مَعَ ثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالوادِ، بِجامِعِ مَظاهِرِ القُوَّةِ، فَأُولَئِكَ نَحَتُوا الصَّخْرَ بُيُوتًا فارِهِينَ، وهَؤُلاءِ قَطَعُوا الصَّخْرَ الكَبِيرَ مِن مَوْطِنٍ لا جِبالَ حَوْلَهُ، مِمّا يَدُلُّ أنَّها نُقِلَتْ مِن مَكانٍ بَعِيدٍ. والحالُ أنَّها قِطَعٌ كِبارٌ صَخِراتٌ عِظامٌ فَفي اقْتِطاعِها وفي نَقْلِها إلى مَحَلِّ بِنائِها، وفي نَفْسِ البِناءِ كُلُّ ذَلِكَ مِمّا يَدُلُّ عَلى القُوَّةِ والجَبَرُوتِ، وتَسْخِيرِ العِبادِ في ذَلِكَ.
وَمِنها: أنَّ حَمْلَها عَلى الأهْرامِ القائِمَةِ بِالذّاتِ والمُشاهَدَةِ في كُلِّ زَمانٍ ولِكُلِّ جِيلٍ، (p-٥٢٦)أوْقَعَ في العِظَةِ والِاعْتِبارِ؛ بِأنَّ مَن أهْلَكَ تِلْكَ الأُمَمَ، قادِرٌ عَلى إهْلاكِ المُكَذِّبِينَ مِن قُرَيْشٍ وغَيْرِهِمْ.
صَدَقَ اللَّهُ العَظِيمُ: ﴿إنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرْصادِ﴾ [الفجر: ١٤] .
{"ayah":"أَلَمۡ تَرَ كَیۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق