الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إنِّي مُتَوَفِّيكَ﴾ الآيَةَ.
قالَ بَعْضُ العُلَماءِ: أيْ مُنْجِيكَ ورافِعُكَ إلَيَّ في تِلْكَ النَّوْمَةِ ويُسْتَأْنَسُ لِهَذا التَّفْسِيرِ بِالآياتِ الَّتِي جاءَ فِيها إطْلاقُ الوَفاةِ عَلى النَّوْمِ، كَقَوْلِهِ: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفّاكم بِاللَّيْلِ﴾ الآيَةَ [الأنعام: ٦٠]، وقَوْلِهِ: ﴿اللَّهُ يَتَوَفّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِها والَّتِي لَمْ تَمُتْ في مَنامِها﴾ [الزمر: ٤٢] .
⁕ ⁕ ⁕
* قال المؤلف في (دفع إيهام الإضطراب عن آيات الكتاب):
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إنِّي مُتَوَفِّيكَ ورافِعُكَ إلَيَّ﴾ الآيَةَ.
هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ يُتَوَهَّمُ مِن ظاهِرِها وفاةُ عِيسى عَلَيْهِ وعَلى نَبِيِّنا الصَّلاةُ والسَّلامُ.
وَقَدْ جاءَ في بَعْضِ الآياتِ ما يَدُلُّ عَلى خِلافِ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: ﴿وَما قَتَلُوهُ وما صَلَبُوهُ ولَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾ [النساء: ١٥٧]، وقَوْلِهِ: ﴿وَإنْ مِن أهْلِ الكِتابِ إلّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ﴾ الآيَةَ [النساء: ١٥٩] .
عَلى ما فَسَّرَها بِهِ ابْنُ عَبّاسٍ في إحْدى الرِّوايَتَيْنِ وأبُو مالِكٍ والحُسْنُ وقَتادَةُ وابْنُ. . . . . . وأبُو هُرَيْرَةَ، ودَلَّتْ عَلى صِدْقِهِ الأحادِيثُ المُتَواتِرَةُ، واخْتارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وجَزَمَ ابْنُ كَثِيرٍ، بِأنَّهُ الحَقُّ مِن أنَّ قَوْلَهُ: ﴿قَبْلَ مَوْتِهِ﴾ أيْ مَوْتِ عِيسى عَلَيْهِ وعَلى نَبِيِّنا الصَّلاةُ والسَّلامُ.
والجَوابُ عَنْ هَذا مِن ثَلاثَةِ أوْجُهٍ:
الأوَّلُ: أنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿مُتَوَفِّيكَ﴾ لا يَدُلُّ عَلى تَعْيِينِ الوَقْتِ، ولا يَدُلُّ عَلى كَوْنِهِ قَدْ مَضى وهو مُتَوَفِّيهِ قَطْعًا يَوْمًا ما، ولَكِنْ لا دَلِيلَ عَلى أنَّ ذَلِكَ اليَوْمَ قَدْ مَضى، وأمّا (p-٢٣٢)عَطْفُهُ: ”وَرافِعُكَ“ إلى قَوْلِهِ: ”مُتَوَفِّيكَ“، فَلا دَلِيلَ فِيهِ لِإطْباقِ جُمْهُورِ أهْلِ اللِّسانِ العَرَبِيِّ عَلى أنَّ الواوَ لا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ ولا الجَمْعَ، وإنَّما تَقْتَضِي مُطْلَقَ التَّشْرِيكِ.
وَقَدِ ادَّعى السِّيرافِيُّ والسُّهَيْلِيُّ إجْماعَ النُّحاةِ عَلى ذَلِكَ، وعَزاهُ الأكْثَرُ لِلْمُحَقِّقِينَ وهو الحَقُّ. خِلافًا لِما قالَهُ قُطْرُبٌ والفَرّاءُ وثَعْلَبٌ وأبُو عُمَرَ والزّاهِدُ وهُشامٌ والشّافِعِيُّ مِن أنَّها تُفِيدُ التَّرْتِيبَ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمالِها فِيهِ.
وَقَدْ أنْكَرَ السِّيرافِيُّ ثُبُوتَ هَذا القَوْلِ عَنِ الفَرّاءِ وقالَ: لَمْ أجِدْهُ في كِتابِهِ.
وَقالَ ولِيُّ الدِّينِ: أنْكَرَ أصْحابُنا نِسْبَةَ هَذا القَوْلِ إلى الشّافِعِيِّ، حَكاهُ عَنْهُ صاحِبُ الضِّياءِ اللّامِعِ.
وَقَوْلُهُ ﷺ: «ابْدَأْ بِما بَدَأ اللَّهُ بِهِ» يَعْنِي الصَّفا لا دَلِيلَ فِيهِ عَلى اقْتِضائِها التَّرْتِيبَ، وبَيانُ ذَلِكَ هو ما قالَهُ الفِهْرِيُّ كَما ذَكَرَ عَنْهُ صاحِبُ الضِّياءِ اللّامِعِ وهو أنَّها كَما أنَّها لا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ ولا المَعِيَّةَ فَكَذَلِكَ لا تَقْتَضِي المَنعَ مِنهُما، فَقَدْ يَكُونُ العَطْفُ بِها مَعَ قَصْدِ الِاهْتِمامِ بِالأوَّلِ كَقَوْلِهِ ﴿إنَّ الصَّفا والمَرْوَةَ مِن شَعائِرِ اللَّهِ﴾ الآيَةَ [البقرة: ١٥٨] . بِدَلِيلِ الحَدِيثِ المُتَقَدِّمِ، وقَدْ يَكُونُ المَعْطُوفُ بِها مُرَتَّبًا كَقَوْلِ حَسّانَ:
؎هَجَوْتَ مُحَمَّدًا وأجَبْتُ عَنْهُ
عَلى رِوايَةِ الواوِ وقَدْ يُرادُ بِها المَعِيَّةُ كَقَوْلِهِ: ﴿فَأنْجَيْناهُ وأصْحابَ السَّفِينَةِ﴾ [العنكبوت: ١٥]، وقَوْلِهِ: ﴿وَجُمِعَ الشَّمْسُ والقَمَرُ﴾ [القيامة: ٩]، ولَكِنْ لا تُحْمَلُ عَلى التَّرْتِيبِ ولا عَلى المَعِيَّةِ إلّا بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ.
الوَجْهُ الثّانِي: أنَّ مَعْنى ”مُتَوَفِّيكَ“ أيْ: مُنِيمُكَ ”وَرافِعُكَ إلَيَّ“، أيْ: في تِلْكَ النَّوْمَةِ.
وَقَدْ جاءَ في القُرْآنِ إطْلاقُ الوَفاةِ عَلى النَّوْمِ في قَوْلِهِ ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفّاكم بِاللَّيْلِ ويَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ﴾ [الأنعام: ٦٠]، وقَوْلِهِ: ﴿اللَّهُ يَتَوَفّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِها والَّتِي لَمْ تَمُتْ في مَنامِها﴾ [الزمر: ٤٢] .
وَعَزا ابْنُ كَثِيرٍ هَذا القَوْلَ لِلْأكْثَرِينَ، واسْتَدَلَّ بِالآيَتَيْنِ المَذْكُورَتَيْنِ وقَوْلِهِ ﷺ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أحْيانا بَعْدَما أماتَنا» . . . . . الحَدِيثَ.
(p-٢٣٣)الوَجْهُ الثّالِثُ: إنَّ ”مُتَوَفِّيكَ“ اسْمُ فاعِلٍ تَوَفّاهُ إذا قَبَضَهُ وحازَهُ إلَيْهِ، ومِنهُ قَوْلُهم: تَوَفّى فَلانٌ دَيْنَهُ، إذا قَبَضَهُ إلَيْهِ، فَيَكُونُ مَعْنى ”مُتَوَفِّيكَ“ عَلى هَذا قابِضُكَ مِنهم إلَيَّ حَيًّا.
وَهَذا القَوْلُ هو اخْتِيارُ ابْنِ جَرِيرٍ، وأمّا الجَمْعُ بِأنَّهُ تَوَفّاهُ ساعاتٍ أوْ أيّامًا، ثُمَّ أحْياهُ، فالظّاهِرُ أنَّهُ مِنَ الإسْرائِيلِيّاتِ، وقَدْ نَهى ﷺ عَنْ تَصْدِيقِها وتَكْذِيبِها.
{"ayah":"إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ یَـٰعِیسَىٰۤ إِنِّی مُتَوَفِّیكَ وَرَافِعُكَ إِلَیَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَجَاعِلُ ٱلَّذِینَ ٱتَّبَعُوكَ فَوۡقَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِۖ ثُمَّ إِلَیَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأَحۡكُمُ بَیۡنَكُمۡ فِیمَا كُنتُمۡ فِیهِ تَخۡتَلِفُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق