وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأ﴾، أيْ: عَوْدَةً إلى الدُّنْيا، فَنَتَبَرَّأ مِنهُمْ، مَوْضِعُ ”أنَّ“: رَفْعٌ، المَعْنى: لَوْ وقَعَ لَنا كُرُورٌ لَتَبَرَّأْنا مِنهُمْ، كَما تَبَرَّؤُوا مِنّا، يُقالُ: ”تَبَرَّأْتُ مِنهم تَبَرُّؤًا“، و”بَرِئْتُ مِنهُ بَراءَةً“، و”بَرِئْتُ مِنَ المَرَضِ“، و”بَرَأْتُ“، أيْضًا، لُغَتانِ، ”أبْرَأُ، بَرْءًا“، و”بَرَيْتُ القَلَمَ، وغَيْرَهُ، وأبْرِيهِ“، غَيْرَ مَهْمُوزٍ، و”بَرَأ اللَّهُ الخَلْقَ بَرْءًا“ .
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أعْمالَهم حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ﴾، أيْ: كَتَبَرِّي بَعْضِهِمْ مِن بَعْضٍ يُرِيهِمُ اللَّهُ أعْمالَهم حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ، لِأنَّ ما عَمِلَهُ الكافِرُ غَيْرُ نافِعِهِ مَعَ كُفْرِهِ، قالَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أضَلَّ أعْمالَهُمْ﴾ [محمد: ١]، وقالَ: ”حَبِطَتْ أعْمالُهم“، ومَعْنى ”أضَلَّ أعْمالَهم“: لَمْ يُجازِهِمْ عَلى ما عَمِلُوا مِن خَيْرٍ، وهَذا كَما تَقُولُ لِمَن عَمِلَ عَمَلًا لَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ فِيهِ نَفْعٌ: ”لَقَدْ ضَلَّ سَعْيُكَ“ .
{"ayah":"وَقَالَ ٱلَّذِینَ ٱتَّبَعُوا۟ لَوۡ أَنَّ لَنَا كَرَّةࣰ فَنَتَبَرَّأَ مِنۡهُمۡ كَمَا تَبَرَّءُوا۟ مِنَّاۗ كَذَ ٰلِكَ یُرِیهِمُ ٱللَّهُ أَعۡمَـٰلَهُمۡ حَسَرَ ٰتٍ عَلَیۡهِمۡۖ وَمَا هُم بِخَـٰرِجِینَ مِنَ ٱلنَّارِ"}