الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٩) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ﴿وإن الله لسميع عليم﴾ ، في هذه الأحوال = ﴿وإذ يقول المنافقون﴾ ، وكرّ بقوله: ﴿إذ يقول المنافقون﴾ ، على قوله: ﴿إذ يريكهم الله في منامك قليلا﴾ = ﴿والذين في قلوبهم مرض﴾ ، يعني: شك في الإسلام، لم يصحَّ يقينهم، ولم تُشرح بالإيمان صدورهم [[انظر تفسير " مرض " فيما سلف ١: ٢٧٨ - ٢٨١ \ ١٠: ٤٠٤.]] = ﴿غر هؤلاء دينهم﴾ ، يقول: غر هؤلاء الذين يقاتلون المشركين من أصحاب محمد ﷺ من أنفسهم، دينُهم [[انظر تفسير " الغرور " فيما سلف ١٢: ٤٧٥، تعليق: ١، والمراجع هناك.]] = وذلك الإسلام.
* * *
وذُكر أن الذين قالوا هذا القول، كانوا نفرًا ممن كان قد تكلم بالإسلام من مشركي قريش، ولم يستحكم الإسلام في قلوبهم.
* ذكر من قال ذلك:
١٦١٩٣- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن عامر في هذه الآية: ﴿إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم﴾ ، قال: كان ناسٌ من أهل مكة تكلموا بالإسلام، فخرجوا مع المشركين يوم بدر، فلما رأوا قلة المسلمين قالوا: ﴿غر هؤلاء دينهم﴾ .
١٦١٩٤- حدثني إسحاق بن شاهين قال، حدثنا خالد، عن داود، عن عامر، مثله. [[الأثر: ١٦١٩٤ - " إسحاق بن شاهين الواسطي "، شيخ الطبري مضى برقم: ٧٢١١، ٩٧٨٨. وكان في المخطوطة " أبو إسحاق بن شاهين "، وهو خطأ، صوابه ما في المطبوعة. وكنيته " أبو بشر ".]]
١٦١٩٥- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا يحيى بن زكريا، عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله: ﴿إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غرّ هؤلاء دينهم﴾ ، قال: فئة من قريش: أبو قيس بن الوليد بن المغيرة، [[مكان " أبو قيس بن "، بياض في المخطوطة، وفوق البياض حرف (ط) دلالة على الخطأ، وبعدها " الوليد بن المغيرة "، فكتب ناشر المطبوعة: " قيس بن الوليد بن المغيرة "، وأخطأ، إنما هو " أبو قيس بن الوليد "، وهو الذي شهد بدرًا، وقتله حمزة بن عبد المطلب. فأثبته. والظاهر أن البياض لا يراد به إلا هذا الذي أثبته، لا زيادة عليه.]] وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة، والحارث بن زمعة بن الأسود بن المطلب، وعلي بن أمية بن خلف، والعاصي بن منبّه بن الحجاج؛ خرجوا مع قريش من مكة وهم على الارتياب، فحبسهم ارتيابهم. فلما رأوا قلة أصحاب رسول الله ﷺ قالوا: ﴿غرّ هؤلاء دينهم﴾ ، حتى قدموا على ما قدموا عليه، مع قلة عددهم وكثرة عدوهم، فشرَّد بهم من خلفهم. [[في المطبوعة، حذف " فشرد بهم من خلفهم "، وهي ثابتة في المخطوطة.]]
١٦١٩٦- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن: ﴿إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم﴾ ، قال: هم قوم لم يشهدوا القتال يوم بدر، فسموا "منافقين" =قال معمر: وقال بعضهم: قوم كانوا أقرُّوا بالإسلام وهم بمكة، فخرجوا مع المشركين يوم بدر، فلما رأوا قلة المسلمين قالوا: ﴿غر هؤلاء دينهم﴾ .
١٦١٩٧- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض﴾ إلى قوله: ﴿فإن الله عزيز حكيم﴾ ، قال: رأوا عصابة من المؤمنين تشرّدت لأمر الله. [[في المطبوعة: " تشددت "، وفي المخطوطة: " تسردت "، وكأن صواب قراءتها ما أثبت، " تشرد في الأرض " هرب ونفر، وكأنه يعني هجرتهم إلى الله ورسوله. هكذا اجتهدت، والله أعلم.]] وذكر لنا أن أبا جهل عدو الله لما أشرف على محمد ﷺ وأصحابه قال: "والله لا يُعبد الله بعد اليوم! "، قسوة وعُتُوًّا.
١٦١٩٨- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج في قوله: ﴿إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض﴾ ، قال: ناس كانوا من المنافقين بمكة، قالوه يوم بدر، وهم يومئذ ثلاث مئة وبضعة عشر رجلا.
١٦١٩٩- ... قال حدثني حجاج، عن ابن جريج في قوله: ﴿إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض﴾ ، قال: لما دنا القوم بعضهم من بعض، فقلَّل الله المسلمين في أعين المشركين، وقلَّل المشركين في أعين المسلمين، فقال المشركون: ﴿غر هؤلاء دينهم﴾ ، وإنما قالوا ذلك من قلتهم في أعينهم، وظنوا أنهم سيهزمونهم لا يشكون في ذلك، فقال الله: ﴿ومن يتوكل على الله فإنّ الله عزيز حكيم﴾ .
* * *
وأما قوله: ﴿ومن يتوكل على الله﴾ ، فإن معناه: ومن يسلم أمره إلى الله، ويثق به، ويرض بقضائه، فإن الله حافظه وناصره [[انظر تفسير " التوكل " فيما سلف ١٣: ٣٨٥، تعليق: ٣، والمراجع هناك.]] =لأنه "عزيز"، لا يغلبه شيء، ولا يقهره أحد، فجارُه منيع، ومن يتوكل عليه مكفيٌّ. [[في المطبوعة: ". . . عليه يكفه "، غير ما في المخطوطة، وهو محض الصواب.]]
وهذا أمرٌ من الله جل ثناؤه المؤمنين به من أصحاب رسول الله وغيرهم، أن يفوِّضوا أمرهم إليه، ويسلموا لقضائه، كيما يكفيهم أعداءهم، ولا يستذلهم من ناوأهم، لأنه "عزيز" غير مغلوب، فجاره غير مقهور = "حكيم"، يقول: هو فيما يدبر من أمر خلقه حكيم، لا يدخل تدبيره خلل. [[انظر تفسير " عزيز "، و " حكيم " فيما سلف من فهارس اللغة (عزز) ، (حكم) .]]
{"ayah":"إِذۡ یَقُولُ ٱلۡمُنَـٰفِقُونَ وَٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـٰۤؤُلَاۤءِ دِینُهُمۡۗ وَمَن یَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق