الباحث القرآني
قَوْلُهُ: ﴿إذا لَقِيتُمْ فِئَةً﴾ اللِّقاءُ الحَرْبُ، والفِئَةُ الجَماعَةُ، أيْ إذا حارَبْتُمْ جَماعَةً مِنَ المُشْرِكِينَ فاثْبُتُوا لَهم ولا تَجْبُنُوا عَنْهم، وهَذا لا يُنافِي الرُّخْصَةَ المُتَقَدِّمَةَ في قَوْلِهِ: ﴿إلّا مُتَحَرِّفًا لِقِتالٍ أوْ مُتَحَيِّزًا إلى فِئَةٍ﴾ ( الأنْفالِ: ١٦ ) فَإنَّ الأمْرَ بِالثَّباتِ هو في حال السِّعَةِ، والرُّخْصَةُ هي في حالِ الضَّرُورَةِ.
وقَدْ لا يَحْصُلُ الثَّباتُ إلّا بِالتَّحَرُّفِ والتَّحَيُّزِ ﴿واذْكُرُوا اللَّهَ﴾ أيِ اذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ جَزَعِ قُلُوبِكم فَإنَّ ذِكْرَهُ يُعِينُ عَلى الثَّباتِ في الشَّدائِدِ، وقِيلَ: المَعْنى: اثْبُتُوا بِقُلُوبِكم واذْكُرُوا بِألْسِنَتِكم فَإنَّ القَلْبَ قَدْ يَسْكُنُ عِنْدَ اللِّقاءِ ويَضْطَرِبُ اللِّسانُ، فَأمَرَهم بِالذِّكْرِ حَتّى يَجْتَمِعَ ثَباتُ القَلْبِ واللِّسانِ، قِيلَ: ويَنْبَغِي أنْ يَكُونَ الذِّكْرُ في هَذِهِ الحالَةِ بِما قالَهُ أصْحابُ طالُوتَ ﴿رَبَّنا أفْرِغْ عَلَيْنا صَبْرًا وثَبِّتْ أقْدامَنا وانْصُرْنا عَلى القَوْمِ الكافِرِينَ﴾ ( البَقَرَةِ: ٢٥٠ ) .
وفِي الآيَةِ دَلِيلٌ عَلى مَشْرُوعِيَّةِ الذِّكْرِ في جَمِيعِ الأحْوالِ، حَتّى في هَذِهِ الحالَةِ الَّتِي تَرْجُفُ فِيها القُلُوبُ وتَزِيغُ عِنْدَها البَصائِرُ.
ثُمَّ أمَرَهم بِطاعَةِ اللَّهِ فِيما يَأْمُرُهم بِهِ وطاعَةِ رَسُولِهِ فِيما يُرْشِدُهم إلَيْهِ، ونَهاهم عَنِ التَّنازُعِ وهو الِاخْتِلافُ في الرَّأْيِ، فَإنَّ ذَلِكَ يَتَسَبَّبُ عَنْهُ الفَشَلُ، وهو الجُبْنُ في الحَرْبِ.
والفاءُ جَوابُ النَّهْي، والفِعْلُ مَنصُوبٌ بِإضْمارِ " أنْ "، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الفِعْلُ مَعْطُوفًا عَلى تَنازَعُوا مَجْزُومًا بِجازِمِهِ.
قَوْلُهُ: ﴿وتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ قُرِئَ بِنَصْبِ الفِعْلِ، وجَزْمِهِ عَطْفًا عَلى تَفْشَلُوا عَلى الوَجْهَيْنِ، والرِّيحُ: القُوَّةُ والنَّصْرُ، كَما يُقالُ: الرِّيحُ لِفُلانٍ إذا كانَ غالِبًا في الأمْرِ، وقِيلَ: الرِّيحُ الدَّوْلَةُ شُبِّهَتْ في نُفُوذِ أمْرِها بِالرِّيحِ في هُبُوبِها، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎إذا هَبَّتْ رِياحُكَ فاغْتَنَمَها فَعُقْبى كُلِّ خافِقَةٍ سُكُونُ
وقِيلَ: المُرادُ بِالرِّيحِ رِيحُ الصَّبا؛ لِأنَّ بِها كانَ يَنْصُرُ النَّبِيَّ ﷺ، ثُمَّ أمَرَهم بِالصَّبْرِ عَلى شَدائِدِ الحَرْبِ وأخْبَرَهم بِأنَّهُ مَعَ الصّابِرِينَ في كُلِّ أمْرٍ يَنْبَغِي الصَّبْرُ فِيهِ، ويا حَبَّذا هَذِهِ المَعِيَّةُ الَّتِي لا يَغْلِبُ مَن رُزِقَها غالِبٌ، ولا يُؤْتى صاحِبُها مِن جِهَةٍ مِنَ الجِهاتِ وإنْ كانَتْ كَثِيرَةً.
ثُمَّ نَهاهم عَنْ أنْ تَكُونَ حالَتُهم كَحالَةِ هَؤُلاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيارِهِمْ بَطَرًا ورِئاءَ النّاسِ وهم قُرَيْشٌ، فَإنَّهم خَرَجُوا يَوْمَ بَدْرٍ لِيَحْفَظُوا العِيرَ الَّتِي مَعَ أبِي سُفْيانَ ومَعَهُمُ القِيانُ والمَعازِفُ، فَلَمّا بَلَغُوا الجُحْفَةَ بَلَغَهم أنَّ العِيرَ قَدْ نَجَتْ وسَلِمَتْ، فَلَمْ يَرْجِعُوا بَلْ قالُوا: لا بُدَّ لَهم مِنَ الوُصُولِ إلى بَدْرٍ؛ لِيَشْرَبُوا الخَمْرَ، وتُغْنِيَ لَهُمُ القِيانُ، وتَسْمَعَ العَرَبُ بِمَخْرَجِهِمْ، فَكانَ ذَلِكَ مِنهم بَطَرًا وأشَرًا وطَلَبًا لِلثَّناءِ مِنَ النّاسِ، ولِلتَّمَدُّحِ إلَيْهِمْ والفَخْرِ عِنْدَهم، وهو الرِّياءُ، قِيلَ: والبَطَرُ في اللُّغَةِ: التَّقَوِّي بِنِعَمِ اللَّهِ عَلى مَعاصِيهِ، وهو مَصْدَرٌ في مَوْضِعِ الحالِ: أيْ خَرَجُوا بَطِرِينَ مُرائِينَ وقِيلَ: هو مَفْعُولٌ لَهُ وكَذا " رِياءً ": أيْ خَرَجُوا لِلْبَطَرِ والرِّياءِ.
وقَوْلُهُ: ﴿ويَصُدُّونَ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى " بَطَرًا "، والمَعْنى كَما تَقَدَّمَ: أيْ خَرَجُوا بَطِرِينَ مُرائِينَ صادِّينَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أوْ لِلصَّدِّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، والصَّدُّ: إضْلالُ النّاسِ والحَيْلُولَةُ بَيْنَهم وبَيْنَ طُرُقِ الهِدايَةِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ويَصُدُّونَ مَعْطُوفًا عَلى يَخْرُجُونَ، والمَعْنى: يَجْمَعُونَ بَيْنَ الخُرُوجِ عَلى تِلْكَ الصِّفَةِ والصَّدِّ ﴿واللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ لا تَخْفى عَلَيْهِ (p-٥٤٤)مِن أعْمالِهِمْ خافِيَةٌ فَهو مُجازِيهِمْ عَلَيْها.
قَوْلُهُ: ﴿وإذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أعْمالَهُمْ﴾ الظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ: أيْ واذْكُرْ يا مُحَمَّدُ وقْتَ تَزْيِينِ الشَّيْطانِ لَهم أعْمالَهم، والتَّزْيِينُ: التَّحْسِينُ، وقَدْ رُوِيَ أنَّ الشَّيْطانَ تَمَثَّلَ لَهم وقالَ لَهم تِلْكَ المَقالَةَ وهي: ﴿لا غالِبَ لَكُمُ اليَوْمَ مِنَ النّاسِ وإنِّي جارٌ لَكم﴾ أيْ مُجِيرٌ لَكم مَن كُلِّ عَدُوٍّ أوْ مَن بَنِي كِنانَةَ، ومَعْنى الجارِ هُنا: الدّافِعُ عَنْ صاحِبِهِ أنْواعَ الضَّرَرِ كَما يَدْفَعُ الجارُ عَنِ الجارِ، وكانَ في صُورَةِ سُراقَةَ بْنِ مالِكِ بْنِ جَعْشَمٍ، وهو مِن بَنِي بَكْرِ بْنِ كِنانَةَ، وكانَتْ قُرَيْشٌ تَخافُ مِن بَنِي بَكْرٍ أنْ يَأْتُوهم مِن ورائِهِمْ، وقِيلَ: المَعْنى: إنَّهُ ألْقى في رُوعِهِمْ هَذِهِ المَقالَةَ، وخَيَّلَ إلَيْهِمْ أنَّهم لا يُغْلَبُونَ ولا يُطاقُونَ ﴿فَلَمّا تَراءَتِ الفِئَتانِ﴾ أيْ فِئَةُ المُسْلِمِينَ والمُشْرِكِينَ ﴿نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ﴾ أيْ رَجَعَ القَهْقَرى، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎لَيْسَ النُّكُوصُ عَلى الأعْقابِ مُكْرُمَةً ∗∗∗ إنَّ المَكارِمَ إقْدامٌ عَلى الأمَلِ
وقَوْلُ الآخَرُ:
؎وما نَفَعَ المُسْتَأْخِرِينَ نُكُوصُهم ∗∗∗ ولا ضَرَّ أهْلَ السّابِقاتِ التَّقَدُّمُ
وقِيلَ: مَعْنى نَكَصَ هاهُنا: بَطَلَ كَيْدُهُ وذَهَبَ ما خَيَّلَهُ ﴿وقالَ إنِّي بَرِيءٌ مِنكُمْ﴾ أيْ تَبَرَّأ مِنهم لَمّا رَأى أماراتِ النَّصْرِ مَعَ المُسْلِمِينَ بِإمْدادِ اللَّهِ لَهم بِالمَلائِكَةِ، ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿إنِّي أرى ما لا تَرَوْنَ﴾ يَعْنِي المَلائِكَةَ، ثُمَّ عَلَّلَ بِعِلَّةٍ أُخْرى فَقالَ: ﴿إنِّي أخافُ اللَّهَ﴾ قِيلَ: خافَ أنْ يُصابَ بِمَكْرُوهٍ مِنَ المَلائِكَةِ الَّذِينَ حَضَرُوا الوَقْعَةَ، وقِيلَ: إنَّ دَعْوى الخَوْفِ كَذِبٌ مِنهُ، ولَكِنَّهُ رَأى أنَّهُ لا قُوَّةَ لَهُ ولا لِلْمُشْرِكِينَ فاعْتَلَّ بِذَلِكَ، وجُمْلَةُ ﴿واللَّهُ شَدِيدُ العِقابِ﴾ يُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ مِن تَمامِ كَلامِ إبْلِيسَ، ويُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ كَلامًا مُسْتَأْنَفًا مِن جِهَةِ اللَّهِ - سُبْحانَهُ.
قَوْلُهُ: ﴿إذْ يَقُولُ المُنافِقُونَ﴾ الظَّرْفُ مَعْمُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ هو اذْكُرْ، ويَجُوزُ أنْ يَتَعَلَّقَ بِـ " نَكَصَ " أوْ بِـ " زَيَّنَ " أوْ بِـ " شَدِيدُ العِقابِ "، قِيلَ: المُنافِقُونَ هُمُ الَّذِينَ أظْهَرُوا الإيمانَ وأبْطَنُوا الكُفْرَ ﴿والَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ هُمُ الشّاكُّونَ مِن غَيْرِ نِفاقٍ بَلْ لِكَوْنِهِمْ حَدِيثِي عَهْدٍ بِالإسْلامِ فَوافَقُوا المُنافِقِينَ في قَوْلِهِمْ بِهَذِهِ المَقالَةِ، أعْنِي ﴿غَرَّ هَؤُلاءِ﴾ أي المُسْلِمِينَ ﴿دِينُهُمْ﴾ حَتّى تَكَلَّفُوا ما لا طاقَةَ لَهم بِهِ مِن قِتالِ قُرَيْشٍ، وقِيلَ: الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ هُمُ المُشْرِكُونَ، ولا يَبْعُدُ أنْ يُرادَ بِهِمُ اليَهُودُ السّاكِنُونَ في المَدِينَةِ وما حَوْلَها، وأنَّهم هم والمُنافِقُونَ مِن أهْلِ المَدِينَةِ قالُوا هَذِهِ المَقالَةَ عِنْدَ خُرُوجِ المُسْلِمِينَ إلى بَدْرٍ لَمّا رَأوْهم في قِلَّةٍ مِنَ العَدَدِ وضَعْفٍ مِنَ العُدَدِ، فَأجابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿ومَن يَتَوَكَّلْ عَلى اللَّهِ فَإنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ﴾ لا يَغْلِبُهُ غالِبٌ، ولا يُذِلُّ مَن تَوَكَّلَ عَلَيْهِ حَكِيمٌ لَهُ الحِكْمَةُ البالِغَةُ الَّتِي تَقْصُرُ عِنْدَها العُقُولُ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿واذْكُرُوا اللَّهَ﴾ قالَ: افْتَرَضَ اللَّهُ ذِكْرَهُ عِنْدَ أشْغَلِ ما يَكُونُونَ: عِنْدَ الضِّرابِ بِالسُّيُوفِ.
وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ثِنْتانِ لا يُرَدّانِ: الدُّعاءُ عِنْدَ النِّداءِ وعِنْدَ البَأْسِ حِينَ يُلْحِمُ بَعْضُهم بَعْضًا» .
وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ أبِي مُوسى «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كانَ يَكْرَهُ الصَّوْتَ عِنْدَ القِتالِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿ولا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وتَذْهَبَ رِيحُكم﴾ يَقُولُ: لا تَخْتَلِفُوا فَتَجْبُنُوا ويَذْهَبُ نَصْرُكم.
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ قالَ: نَصْرُكم، وقَدْ ذَهَبَ رِيحُ أصْحابِ مُحَمَّدٍ حِينَ نازَعُوهُ يَوْمَ أُحُدٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿ولا تَكُونُوا كالَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيارِهِمْ﴾ الآيَةَ، يَعْنِي المُشْرِكِينَ الَّذِينَ قاتَلُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ بَدْرٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ قالَ: لَمّا خَرَجَتْ قُرَيْشٌ مِن مَكَّةَ إلى بَدْرٍ خَرَجُوا بِالقِيانِ والدُّفُوفِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ في الآيَةِ قالَ: أبُو جَهْلٍ وأصْحابُهُ يَوْمَ بَدْرٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ في الآيَةِ قالَ: «كانَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ الَّذِينَ قاتَلُوا نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ بَدْرٍ خَرَجُوا ولَهم بَغْيٌ وفَخْرٌ، وقَدْ قِيلَ: لَهم يَوْمَئِذٍ ارْجِعُوا فَقَدِ انْطَلَقَتْ عِيرُكم وقَدْ ظَفِرْتُمْ فَقالُوا: لا واللَّهِ حَتّى يَتَحَدَّثَ أهْلُ الحِجازِ» بِمَسِيرِنا وعَدَدِنا، وذُكِرَ لَنا أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ قالَ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ إنَّ قُرَيْشًا قَدْ أقْبَلَتْ بِفَخْرِها وخُيَلائِها لِتُجادِلَ رَسُولَكَ وذُكِرَ لَنا أنَّهُ قالَ يَوْمَئِذٍ: «جاءَتْ مِن مَكَّةَ أفْلاذُها» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: جاءَ إبْلِيسُ في جُنْدٍ مِنَ الشَّياطِينِ ومَعَهُ رايَةٌ في صُورَةِ رِجالٍ مِن بَنِي مُدْلِجٍ، والشَّيْطانُ في صُورَةِ سُراقَةَ بْنِ مالِكِ بْنِ جَعْشَمٍ فَقالَ الشَّيْطانُ: ﴿لا غالِبَ لَكُمُ اليَوْمَ مِنَ النّاسِ وإنِّي جارٌ لَكم﴾ وأقْبَلَ جِبْرِيلُ عَلى إبْلِيسَ فَلَمّا رَآهُ وكانَتْ يَدُهُ في يَدِ رَجُلٍ مِنَ المُشْرِكِينَ انْتَزَعَ إبْلِيسُ يَدَهُ ووَلّى مُدْبِرًا وشِيعَتُهُ فَقالَ الرَّجُلُ: يا سُراقَةُ إنَّكَ جارٌ لَنا فَقالَ: ﴿إنِّي أرى ما لا تَرَوْنَ﴾ وذَلِكَ حِينَ رَأى المَلائِكَةَ ﴿إنِّي أخافُ اللَّهَ واللَّهُ شَدِيدُ العِقابِ﴾، قالَ ولَمّا دَنا القَوْمُ بَعْضُهم مِن بَعْضٍ قَلَّلَ اللَّهُ المُسْلِمِينَ في أعْيُنِ المُشْرِكِينَ وقَلَّلَ المُشْرِكِينَ في أعْيُنِ المُسْلِمِينَ فَقالَ المُشْرِكُونَ: وما هَؤُلاءِ غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهم، وإنَّما قالُوا ذَلِكَ مِن قِلَّتِهِمْ في أعْيُنِهِمْ وظَنُّوا أنَّهم سَيَهْزِمُونَهم لا يَشُكُّونَ في ذَلِكَ، فَقالَ اللَّهُ: ﴿ومَن يَتَوَكَّلْ عَلى اللَّهِ فَإنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ .
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، وأبُو نُعَيْمٍ، عَنْ رِفاعَةَ بْنِ رافِعٍ الأنْصارِيِّ قالَ: لَمّا رَأى إبْلِيسُ ما تَفْعَلُ المَلائِكَةُ بِالمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أشْفَقَ أنْ يَخْلُصَ القَتْلُ إلَيْهِ فَتَشَبَّثَ بِهِ الحارِثُ بْنُ هاشِمٍ وهو يَظُنُّ أنَّهُ سُراقَةُ بْنُ مالِكٍ، فَوَكَزَ في صَدْرِ الحارِثِ فَألْقاهُ ثُمَّ خَرَجَ هارِبًا حَتّى ألْقى نَفْسَهُ في البَحْرِ ورَفَعَ يَدَيْهِ فَقالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ نَظِرَتَكَ إيّايَ.
وأخْرَجَ الواقِدِيُّ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، نَحْوَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿إنِّي أرى ما لا تَرَوْنَ﴾ قالَ: ذُكِرَ لَنا أنَّهُ رَأى جِبْرِيلَ تَنْزِلُ مَعَهُ المَلائِكَةُ، فَعَلِمَ عَدُوُّ اللَّهِ أنَّهُ لا يَدانِ لَهُ بِالمَلائِكَةِ وقالَ: ﴿إنِّي أخافُ اللَّهَ﴾ كَذِبَ عَدُوُّ اللَّهِ ما بِهِ (p-٥٤٥)مَخافَةُ اللَّهِ، ولَكِنْ عَلِمَ أنَّهُ لا قُوَّةَ لَهُ بِهِ ولا مَنَعَةَ لَهُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مَعْمَرٍ قالَ: ذَكَرُوا أنَّهم أقْبَلُوا عَلى سُراقَةَ بْنِ مالِكٍ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأنْكَرَ أنْ يَكُونَ قالَ شَيْئًا مِن ذَلِكَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿إذْ يَقُولُ المُنافِقُونَ﴾ قالَ: وهم يَوْمَئِذٍ في المُسْلِمِينَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿والَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ قالَ: هم قَوْمٌ لَمْ يَشْهَدُوا القِتالَ يَوْمَ بَدْرٍ فَسُمُّوا مُنافِقِينَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ الكَلْبِيِّ، في قَوْلِهِ: ﴿والَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ قالَ: هم قَوْمٌ كانُوا أقَرُّوا بِالإسْلامِ وهم بِمَكَّةَ ثُمَّ خَرَجُوا مَعَ المُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَمّا رَأوُا المُسْلِمِينَ قالُوا: ﴿غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهم﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ عَنِ الشَّعْبِيِّ، نَحْوَهُ.
{"ayah":"إِذۡ یَقُولُ ٱلۡمُنَـٰفِقُونَ وَٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـٰۤؤُلَاۤءِ دِینُهُمۡۗ وَمَن یَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق