الباحث القرآني
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأرْضِ جَمِيعًا﴾
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه، لنبيه محمد ﷺ: قل، يا محمد، للنصارى الذين افتروا عليّ، وضلُّوا عن سواء السبيل بقيلهم: إنّ الله هو المسيح ابن مريم:"من يملك من الله شيئًا"، يقول: من الذي يطيق أن يدفع من أمر الله جل وعز شيئا، فيردّه إذا قضاه.
* * *
= من قول القائل:"ملكت على فلان أمره"، إذا صار لا يقدر أن ينفذ أمرًا إلا به. [[هذا بيان قلما تصيبه في كتب اللغة.]]
* * *
وقوله:"إن أراد أن يهلك المسيح بن مريم وأمه ومن في الأرض جميعًا"، يقول: من ذا الذي يقدر أن يرد من أمر الله شيئًا، إن شاء أن يهلك المسيح بن مريم، بإعدامه من الأرض وإعدام أمه مريم، وإعدام جميع من في الأرض من الخلق جميعا. [[انظر تفسير"الإهلاك" فيما سلف ٤: ٢٣٩، ٢٤٠/٩: ٤٣٠.]]
* * *
يقول جل ثناؤه لنبيه محمد ﷺ: قل لهؤلاء الجهلة من النصارى: لو كان المسيح كما تزعمون= أنّه هو الله، وليس كذلك= لقدر أن يردَّ أمرَ الله إذا جاءه بإهلاكه وإهلاك أمه. وقد أهلك أمَّه فلم يقدر على دفع أمره فيها إذْ نزل ذلك. ففي ذلك لكم معتَبرٌ إن اعتبرتم، وحجة عليكم إن عقلتم: في أن المسيح، بَشَر كسائر بني آدم، وأن الله عز وجل هو الذي لا يغلب ولا يقهر ولا يردُّ له أمر، بل هو الحيُّ الدائم القيُّوم الذي يحيي ويميت، وينشئ ويفني، وهو حي لا يموت.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾
قال أبو جعفر: يعني تبارك وتعالى بذلك: والله له تصريف ما في السموات والأرض وما بينهما [[انظر تفسير"الملك" فيما سلف ٨: ٤٨، تعليق: ٣، والمراجع هناك.]] = يعني: وما بين السماء والأرض= يهلك من يشاء من ذلك ويبقي ما يشاء منه، ويوجد ما أراد ويعدم ما أحبّ، لا يمنعه من شيء أراد من ذلك مانع، ولا يدفعه عنه دافع، يُنْفِذ فيهم حكمه، ويُمضي فيهم قضاءه= لا المسيح الذي إن أراد إهلاكه ربُّه وإهلاكَ أمّه، لم يملك دفع ما أراد به ربُّه من ذلك.
* * *
يقول جل وعز: كيف يكون إلهًا يُعبد من كان عاجزًا عن دفع ما أراد به غيره من السوء، وغير قادرٍ على صرف ما نزل به من الهلاك؟ بل الإله المعبود، الذي له ملك كل شيء، وبيده تصريف كل من في السماءِ والأرض وما بينهما.
* * *
فقال جل ثناؤه:"وما بينهما"، وقد ذكر"السموات" بلفظ الجمع، ولم يقل:"وما بينهن"، لأن المعنى: وما بين هذين النوعين من الأشياء، كما قال الراعي:
طَرَقَا، فَتِلْكَ هَمَاهِمِي، أَقْرِيهِمَا ... قُلُصًا لَوَاقِحَ كَالقِسِيِّ وَحُولا [[من قصيدته في جمهرة أشعار العرب: ١٧٣، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١١٨، ١٦٠، يقول لابنته خليدة: لَمَّا رَأَتْ أَرَقِي وَطُولَ تَلَدُّدِي ... ذَاتَ الْعِشَاء وَلَيْلَيِ الْمَوْصُولا
قَالَتْ خُلَيْدَةُ: مَا عَرَاكَ، وَلَمْ تَكُنْ ... أَبَدًا إِذَا عَرَتِ الشُّئُونُ سَؤُولا
أَخُلَيْدَ، إِنَّ أَبَاكِ ضَافَ وِسَادَهُ ... هَمَّان باتَا جَنْبَةً وَدَخِيلا
طَرَقَا، فَتِلْكَ هَمَا هِي.... ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"الهماهم": الهموم. و"قلص" جمع"قلوص": الفتية من الإبل."لواقح": حوامل، جمع"لاقح". و"الحول"، جمع"حائل"، وهي الناقة التي لم تحمل سنة أو سنتين أو سنوات، وكذلك كل حامل ينقطع عنها الحمل. يقول: أجعل قرى هذه الهموم، نوقًا هذه صفاتها، كأنها قسى موترة من طول أسفارها، فأضرب بها الفيافي.
والشاهد الذي أراده الطبري أنه قال: "فتلك هماهمي"، وقد ذكر قبل"همان"، ثم عاد بعد يقول: "أقريهما"، وقد قال: "فتلك هماهمي" جمعًا. وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١١٨، ١٦٠.]]
فقال:"طرقا"، مخبًرا عن شيئين، ثم قال:"فتلك هَمَاهمي"، فرجع إلى معنى الكلام.
* * *
وقوله:"يخلق ما يشاء"، يقول جل ثناؤه: وينشئ ما يشاء ويوجده، ويخرجُه من حال العدم إلى حال الوجود، ولن يقدر على ذلك غير الله الواحد القهَّار. وإنما يعني بذلك، أنّ له تدبير السموات والأرض وما بينهما وتصريفه، وإفناءه وإعدامه، وإيجادَ ما يشاء مما هو غير موجود ولا مُنْشأ. يقول: فليس ذلك لأحد سواي، فكيف زعمتم، أيها الكذبة، أنّ المسيح إله، وهو لا يطيق شيئا من ذلك، بل لا يقدر على دفع الضرَر عن نفسه ولا عن أمه، ولا اجتلابِ نفعٍ إليها إلا بإذني؟
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧) ﴾
قال أبو جعفر: يقول عز ذكره: الله المعبودُ، هو القادر على كل شيء، والمالك كلَّ شيء، الذي لا يعجزُه شيء أراده، ولا يغلبه شيء طلبه، المقتدرُ على هلاك المسيح وأمه ومن في الأرض جميعًا = لا العاجز الذي لا يقدر على منع نفسه من ضُرّ نزل به من الله، ولا منْعِ أمّه من الهلاك. [[انظر تفسير"قدير" فيما سلف من فهارس اللغة.]]
{"ayah":"لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِینَ قَالُوۤا۟ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡمَسِیحُ ٱبۡنُ مَرۡیَمَۚ قُلۡ فَمَن یَمۡلِكُ مِنَ ٱللَّهِ شَیۡـًٔا إِنۡ أَرَادَ أَن یُهۡلِكَ ٱلۡمَسِیحَ ٱبۡنَ مَرۡیَمَ وَأُمَّهُۥ وَمَن فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰاۗ وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَیۡنَهُمَاۚ یَخۡلُقُ مَا یَشَاۤءُۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق