الباحث القرآني
ثم قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ لا يخفى أن الجملة الآن مؤكدة بثلاثة مؤكدات وهي: اللام، وقد، والقسم المقدر؛ لأن قولك: (ولقد)، يقدر بقولك: واللهِ لقد، ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا﴾.
إذا قال قائل: ما الذي أعلمكم أن هناك شيئًا محذوفًا هو القسم؟ نقول: أعلمنا ذلك ربنا عز وجل، أعلمنا ذلك الله؛ لأن الله تعالى قال: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء ١٩٣ - ١٩٥]، واللسان العربي كلما جاءت مثل هذه الصيغة فهي مقدرة بقسم، وعلى هذا فيكون الذي دلنا على ذلك هو كلام الله عز وجل.
﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ وهؤلاء هم النصارى بنص القرآن، ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ﴾ [التوبة ٣٠].
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ﴾ (هو) ضمير فصل، وضمير الفصل يفيد ثلاثة أشياء: الأول: الحصر، والثاني: التوكيد، والثالث: التمييز بين الصفة والخبر، وهذا الأخير أحيانًا يستغنى عنه ويعرف الخبر بدونه، لكن يؤتى به، كقوله تعالى: ﴿لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ﴾ [الشعراء ٤٠]، فهنا (هم) ضمير؟
* طالب: فصل.
* الشيخ: ضمير فصل؟ ما الذي أعلمك؟ نصب ما بعده وإلا كان مرفوعًا، هنا ﴿إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ﴾ لا نحتاج إليه من حيث التمييز بين الصفة وبين الخبر؛ لأن الضمائر لا تُنعت ولا يُنعت بها، وهنا لا يمكن أن تكون ﴿الْغَالِبِينَ﴾ نعتًا للواو من وجهين: أولًا: للقاعدة التي ذكرنا وهي: أن الضمائر لا تُنعت ولا يُنعت بها، والثاني أيش؟ الثاني: أن ﴿الْغَالِبِينَ﴾ منصوبة، والواو مرفوعة، ولا يمكن أن تكون نعتًا لها.
على كل حال نرجع إلى فوائد ضمير الفصل، ثلاث: أولًا؟
* الطلبة: الحصر.
* الشيخ: ثانيًا؟
* الطلبة: التوكيد.
* الشيخ: ثالثًا؟
* الطلبة: التمييز.
* الشيخ: التمييز بين الخبر والصفة، هنا ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ أكدوا تأكيدًا بهذا الضمير أنه المسيح بن مريم، ﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ [التوبة ٣٠]، فكيف يكون الله هو المسيح بن مريم؟! ابن مريم مخلوق ولَّا خالق؟ مخلوق، والخالق هو الله، فكيف يكون الخالق عين المخلوق؟! هذا مستحيل عقلًا، كما هو مستحيل شرعًا.
هم أيضًا قالوا: إن المسيح ابن الله، كما قالت اليهود: ﴿عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ﴾ [التوبة 30] .
﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ (المسيح) بمعنى: الماسح، والمسيح الدجال بمعنى: الممسوح، انتبهوا للفرق، (المسيح) هنا بمعنى (الماسح).
قال العلماء: لأنه لا يمسح ذا عاهة إلا برأ بإذن الله، يبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله، فسمي مسيحًا، المسيح الدجال، (مسيح) بمعنى (ممسوح)؛ لأن عينه ممسوحة، حيث إنه أعور.
وأما من استحب من العلماء -رحمهم الله وعفا عنهم- أن يقال في المسيح الدجال: المسيخ، يعني الممسوخ، وفي عيسى بن مريم: المسيح، فهذا غلط؛ لأن الذي علم أمته أن يقولوا: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٨٣٢) ، ومسلم (٥٨٩ / ١٢٩) من حديث عائشة. ]] أعلم منهم بذلك، ومع ذلك سماه: المسيح.
وقوله: ﴿ابْنُ مَرْيَمَ﴾ أضافه إلى أمه؛ لأنه ليس له أب، فأضيف إلى أمه، وسيأتينا في الفوائد -إن شاء الله-: أن من ليس له أب يضاف إلى أمه.
﴿ابْنُ مَرْيَمَ﴾ مريم بنت من؟
* الطلبة: عمران.
* الشيخ: وأخت من؟
* طلبة: هارون.
* الشيخ: أخت هارون؟ إذن هي أخت لموسى وهارون؟
* الطلبة: لا.
* الشيخ: لا، لماذا؟ لأنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم، وإلا فبينها وبينهما زمن بعيد.
﴿قُلْ﴾ يعني: يا محمد لهؤلاء ﴿قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شيئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ -الله أكبر- حجة دامغة: ﴿مَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شيئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ﴾، إذن فالمسيح بن مريم مربوبٌ مقدور عليه، يقدر الله على أن يهلكه وأمه ومن في الأرض جميعًا، فكيف يكون هو الله عز وجل؟ هذا لا يمكن، لو أراد الله تعالى أن يهلك المسيح بن مريم وأمه ومن في الأرض جميعًا، أحد يملك من الله شيئاً؟ لا أحد يملك، وهذه حجة دامغة.
والدليل على هذا: أن عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام حاول اليهود أن يقتلوه، وفعلًا دخلوا وقتلوا من ألقى الله شبهه عليه، وقالوا: ﴿إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ﴾ [النساء ١٥٧].
﴿فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ (يملك) بمعنى (يمنع)، من يمنع شيئًا أراده الله؟! ﴿إِنْ أَرَادَ﴾ بالإرادة الكونية القدرية، ﴿أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ﴾ أي: يتلفه بعد أن كان موجودًا، ﴿الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ﴾ الذي قلتم: إنه هو الله، ﴿وَأُمَّهُ﴾ أيضًا التي أتت به، فيُهلك الفرع والأصل، من الفرع؟ عيسى، والأصل أمه.
فالله تعالى لو أراد أن يهلك المسيح -الذي زعمتم أنه الله- وأصله -الذي هي أمه- ومن في الأرض جميعًا، أحد يملك أن يمنع الله؟ لا، واللهِ ما أحد يملك أن يمنع الله، ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [فاطر ٤٥]، والقادر على أن يبعثهم بكلمة واحدة كلهم يوم القيامة قادر على أن يهلكهم بكلمة واحدة، ولا أحد يملك منه شيئًا.
﴿وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ ﴿جَمِيعًا﴾ هذه حال من ﴿الْمَسِيحَ﴾ ﴿وَأُمَّهُ﴾، و(مَن) في قوله: ﴿وَمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ يعني: كلهم يهلكهم.
ثم قال: ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ كل ما في السماوات، كل ما نشاهده فهو مملوك لله، وإذا كان مملوكًا لله تعذر أن يكون هو الله، واضح؟ فاستدل الله عز وجل على أنه ليس الله بأمرين:
الأول: أن المسيح لا يملك أن يدفع شيئًا عن نفسه لو أراد الله أن يهلكه.
والثاني: أن كل شيء في السماء والأرض فهو ملك لله، فكيف يكون هو الله؟! كيف يكون المملوك مالكًا؟! هذا مناقض للعقل والفطرة.
﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ ﴿مُلْكُ السَّمَاوَاتِ﴾ وهي سبع، والأرض وهي سبع، السماوات بنص القرآن أنها سبع ﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ [المؤمنون ٨٦]، لكن الأرض ليس في القرآن تصريح بأنها سبع، لكن في القرآن ما يدل على أنها سبع، كقوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ [الطلاق ١٢]، لو أردنا أن نقول: المماثلة في الوصف، المماثلة في الكِبر، المماثلة في العظم، لكذبنا الواقع؛ إذ لا مقارنة بين السماء والأرض، إذن يتعين إذا امتنعت الكيفية تعينت الكمية، فيكون المراد بقوله: ﴿مِثْلَهُنَّ﴾ أي: في العدد، وجاءت السنة صريحة بأنها سبع أرضين، كما في قوله ﷺ: «مَنِ اقْتَطَعَ مِنَ الْأَرْضِ شِبْرًا بِغَيْرِ حَقٍّ» » -أو قال: «ظُلْمًا، طُوِّقَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٤٥٢)، ومسلم (١٦١٠ / ١٣٧)واللفظ له، من حديث سعيد بن زيد.]].
﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ ما بين السماء والأرض. قد يقول قائل: لماذا جعل الله تعالى ما بين السماء والأرض عديلًا للسماء والأرض؟ قلنا: لأن بين السماء والأرض من الآيات العظيمة ما جاز أن يكون قسيمًا للسماوات والأرض وعديلًا لها.
إذن نقول: ﴿مَا بَيْنَهُمَا﴾ فيه آيات عظيمة، وتجول الناس الآن في الكون وفي الآفاق يدل على أن هناك أشياء من أعجب ما يكون من مخلوقات الله عز وجل؛ ولهذا جاء في القرآن الكريم كثيرًا ما يقرن ما بينهما بالسماء والأرض.
ثم قال عز وجل: ﴿يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾ هذا دليل ثالث؛ لأن النصارى البلهاء الضلال قالوا: إن الله المسيح بن مريم؛ لأنه خلق بدون أب، وافتدى بنفسه عن جميع الخلق -على زعمهم- أن الخلق كانوا مستحقين للعذاب والعقوبة، وأن عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام افتدى الخلق بنفسه وصبر على القتل وعلى الصلب، فاستحق أن يكون إلهًا له.
يقول عز وجل: ﴿يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾ وإذا كان يخلق ما يشاء فمن الذي يحجر عليه أن يخلق شخصًا من أم بلا أب؟! يخلق ما يشاء، خلق الله آدم لا من أم ولا من أب، وخلق حواء من أب بلا أم، وخلق عيسى من أم بلا أب، وخلق بقية البشر من أم وأب، فالله على كل شيء قدير.
ثم قال: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ وهذا دليل الرابع، ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، فبقدرته خلق عيسى من أم بلا أب.
في هذه الآية الكريمة التصريح والتأكيد بكفر من قال: إن الله هو المسيح بن مريم، وهم النصارى، فما بقي شك في أن النصارى كفار، ومن قال: إنهم غير كفار وإنهم مؤمنون فإنه كافر، إن علم ما جاء في القرآن والسنة من كفرهم؛ لأن لازم قوله هذا أيش؟ تكذيب الله ورسوله.
وما أدري -سبحان الله- أيداهنون النصارى من أجل أنهم أقوياء ماديًّا، وينسون من الذي أقدرهم على هذه المادة، من الذي أقدرهم على هذه المادة إلا الله؟! فكيف يخشونهم ولا يخشون الله؟! كيف يداهنونهم، ويبسطون لهم الأرض، ويفرشون لهم ورودًا، ويقولون: أنتم مؤمنون بالله واليوم الآخر، وأنتم على دين، ونحن على دين، واليهود على دين، وكأن الخلاف الذي بيننا وبين اليهود والنصارى كالخلاف الذي بين أحمد بن حنبل ومحمد بن إدريس، سبحان الله! وهذه راجت على بعض الناس، حتى إنه يعني راج بأنه لا يجوز قتل المرتد؛ لأن الناس أحرار، يختار الإنسان من دينه ما شاء ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [البقرة ٢٥٦] سبحان الله! يعني انقلاب -نسأل الله العافية- هذا أشد من التفسق الخلقي؛ لأن هذا يعود على أيش؟ على العقيدة، وأن لا نتبرأ منهم، والله عز وجل يقول: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ [الممتحنة ٤].
لماذا نداهنهم؟ إلا نكفرهم ونقول ما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٣٦)، ومسلم (٥٣١ / ٢٢) من حديث عائشة وعبد الله بن عباس.]]، ونقول: إن آمنوا بمثل ما آمنا به فقد اهتدوا، وإلا فهم على ضلال.
لكننا -في الحقيقة- لا نستطيع الآن أن نقاتلهم ولا أن نجاهدهم لأسباب كثيرة؛ منها: أنه ليس عندنا حصيلة إيمانية توجب أن نقاتلهم، الإيمان ضعيف في عامة المسلمين، لا أقول: في كل واحد، لا، في عامتهم، الإيمان ضعيف.
ثانيًا: ليس عندنا حصيلة استقامة على دين الله، على العبادات، أين من يصومون النهار ويقومون الليل؟ كثير من المسلمين لا يصلون الصلاة في وقتها، وكثير من المسلمين لا يصلونها أبدًا، ولا يعرفون يتوضؤون، أين الحصيلة؟
الثالث: أنه ليس عندنا غيرة دينية، بمعنى أن نقاتلهم من أجل الدين، كثير من الذين يقاتلون الكفار يقاتلونهم للأرض، أو لآثار حسية كآثار الجاهلية، ما هم يقاتلونهم من أجل أن يقيموا دين الله على أرض الله، لا، وتأملوا هذا تجدونه واضحًا.
وهناك أسباب أخرى لا يطيب لي أن أقولها الآن، لكن تظهر للمتأمل، فنحن الآن في الحقيقة عاجزون عن مقاومتهم، لكن لا يجوز بأي حال من الأحوال أن نداهنهم في ديننا؛ لأنهم هم يودون كما قال الله عز وجل: ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ [القلم ٩]، يودون هذا، لكن يأبى الله عز وجل -إن شاء الله تعالى- أن نداهنهم في دين الله أبدًا، ولا نداهنهم، نسالمهم ما دمنا ضعفاء، وإلى أن يأذن الله لنا بالقوة ويأذن لهم بالضعف، وأما مسألة الدين لا يمكن إطلاقًا أن نبيع ديننا لهم ولا لغيرهم، ولا يحل لنا هذا.
لكن مع الأسف أنه يوجد الآن من يحطمون الدين باسم الدين؛ الدين الإسلامي دين التسامح، دين التساهل، دين المحبة، ما هو صحيح، التسامح مع من؟ مع إخوانهم المسلمين، أما غيرهم فقد قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِير﴾ [التوبة ٧٣]، ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة ١٢٣]، لكن من مد إلينا يد المسالمة مددنا إليه يد المسالمة إذا كنا عاجزين عن المقاومة؛ لقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن ١٦].
أما الدين فلا نرضى أن يصاب بشيء أبدًا، بل نقول: دين الإسلام دين خاص يمتاز عن غيره بأنه يؤمن بجميع الأديان أنها حق من عند الله، لكنها منسوخة بالإسلام.
بعض الناس الجهال يقول: اليهود يؤمنون بموسى، والنصارى بعيسى، والنصارى يؤمنون بموسى أيضًا، ثم يقول: كلٌّ يؤمن بنبيه ويش المانع؟ نقول: اقرأ قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ [النساء ١٥٠] بعدها ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا﴾ [النساء ١٥١]، أكد الله كفرهم ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا﴾.
هؤلاء النصارى واليهود الآن يقولون: نؤمن ببعض ونكفر ببعض، اليهود يدعون أنهم يؤمنون بموسى، والنصارى يدعون أنهم يؤمنون بعيسى، ويكفرون بمن؟ بمحمد، محمد الذي قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ﴾ من يخاطب؟ الأنبياء، ﴿أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي﴾ عهدي الثقيل، ﴿قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ [آل عمران ٨١].
إذا كان أنبياؤهم قد أخذ عليهم العهد أن يؤمنوا بمحمد فهم من باب أولى، ومع ذلك يكفرون بمحمد عليه الصلاة والسلام، ويقولون: نحن مؤمنون.
ثم نقول لهم: أنتم في الحقيقة ما آمنتم برسلكم؛ لأن محمدًا ﷺ موجود في التوراة والإنجيل، مكتوبًا عندهم: يأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، ويحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث، موجود هذا، بل قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾ [البقرة ١٤٦]، مثل ما يعرف الرجل ابنه يعرف أن محمدًا رسول الله، ومع ذلك كفروا، كيف نقول: هؤلاء مؤمنون؟!
ثم نقول: إن الله تعالى حكم على كل إنسان كفر برسول أنه كافر بجميع الرسل، حتى بمن لم يأت من الرسل فهو كافر به، قال الله تعالى في قوم نوح: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء ١٠٥] قوم نوح، من بعث رسولًا قبل نوح؟ لا أحد، ومع ذلك قال الله: إنهم كذبوا المرسلين.
فهؤلاء الذين يدعون أنهم مؤمنون بموسى وبعيسى، نقول: أنتم الآن كافرون بموسى وعيسى، كافرون الكفر العام والكفر الخاص؛ أما العام فكل من كذب رسولًا فقد كذب جميع الرسل، أما الخاص فإن رسلكم جاءت كتبهم صريحة في أن محمدًا رسول الله حقًّا، وعرفتموه كما تعرفون أبناءكم.
نحن أطلنا في هذا وخرجنا عن موضوع التفسير؛ لأن يعني الدنيا أمامي مدلهمة في مثل هذه الأفكار الخبيثة الرديئة، التي يريدها بعض من ليس عندهم إيمان، إلا أن يشاء الله، ويجب علينا أن نقاوم هذا الفكر مقاومة تامة بقدر ما نستطيع، هذا جهاد ما هو بالسيف، لكن جهاد بالرأي والفكر، لا يجوز السكوت على هذا إطلاقًا.
فالحاصل أن هذه الآيات الكريمة كفَّر الله تعالى كفرًا مؤكدًا من قالوا: إن الله هو المسيح بن مريم.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: الثناء على عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام لكون الله وصفه بأنه مسيح، والمسيح علمٌ لقبٌ، أما اسمه العلمٌ بلا لقب فاسمه عيسى.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: جواز انتساب الإنسان إلى أمه إذا لم يكن له أب؛ لقوله: ﴿الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾، وأخذ المحققون من أهل العلم أن من ليس له أب فإن عصبته أمه إذا لم يكن له عصبة؛ لأنه نسب إليها وجعلت بمنزلة الأب، أما إن كان له عصبة فأمه تأخذ فرضها، والباقي لعصبته.
فإذا كان هناك ابن لامرأة ليس له أب؛ إما أنه ولد زنا، أو أن أباه نفاه والتعن لنفيه أو لم يلتعن، على خلاف، المهم أنه ليس له أب، ثم تزوج وجاءه أبناء، أمه هنا ليس لها إلا فرضها وهو السدس، والعاصب هنا أبناؤه.
أما لو مات هذا الابن عن أمه وإخوانه -إخوانه من أمه ليس لأب- فإخوانه من أمه يأخذون فرضهم: إن كان واحدًا فالسدس، وإن كانوا أكثر فالثلث، وأمه تأخذ الفرض والباقي تعصيبًا، لماذا؟ لأنها بمنزلة الأب.
وهذا القول هو الراجح: أن من ليس له أب فعصبته أمه.
فإن قال قائل: إذا كان للإنسان أب فهل يجوز أن ينسب إلى أمه؟ نقول: إن كان المراد الانتساب المطلق فهذا لا يجوز، وإن كان الانتساب لأنه اشتهر بها لكنه معروف أنه ولد فلان، فهذا لا بأس به، فمثلًا عبد الله بن بُحينة، بُحينة اسم أمه، واسم أبيه مالك، ومع ذلك يطلق عليه هذا الاسم.
كما نقول أيضًا في الانتساب إلى الجد: إذا كان للجد شهرة والانتساب إليه يعد شرفًا دون أن ينقطع الانتساب إلى الأب، فلا بأس بذلك، ومنه قول النبي ﷺ عام حنين: «أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٨٦٤)، ومسلم (١٧٧٦ / ٧٨) من حديث البراء بن عازب.]]، صلوات الله وسلامه عليه؛ لأن عبد المطلب أشهر من عبد الله في قومه، وهو سيد معروف فلا بأس، لكن بشرط أن لا ينسى الأب، أما إن نسي فلا يجوز؛ لأنه يترتب على هذا مسائل حكمية.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: شدة الرد على النصارى؛ حيث قال الله عز وجل: ﴿الْمَسِيحَ﴾ ﴿وَأُمَّهُ﴾، المسيح الذي يرونه إلهًا يقول الله عز وجل: لو أراد الله أن يهلكه ما استطاع أحد أن يمنعه، وهذا لا شك أن فيه صدمة قوية على النصارى أن يقال في معبودهم وإلههم: إن الله تعالى قادر على أن يهلكه، وإذا أراد أن يهلكه فلا أحد يملك منعه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه إذا أراد الله شيئًا فإن الشرف والجاه والرئاسة -ولو في الدين- لا تمنع مما أراد الله؛ لأن المسيح بن مريم عليه الصلاة والسلام من أولي العزم من الرسل، ومع ذلك يقول الله عز وجل: ﴿فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شيئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ قلنا: إن هؤلاء هم النصارى، وإن هذه الآية الصريحة في أنهم كفار، وتكلمنا على ذلك بكلام طويل ليس له مساس بالتفسير لكن له مساس بالواقع.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: أن نساء أهل الكتاب ولو كانوا كفارًا لكنهم منتسبون لأهل الكتاب حلال، خلافًا لمن قال من العلماء: إنهم بعد أن بدَّلوا وغيروا وأشركوا فنساؤهم حرام، والصواب: أن نساءهم حلال ولو كانوا قد بدلوا وغيروا وكفروا وأشركوا، كطعامهم.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الرد على أهل الباطل بالأدلة السمعية والعقلية؛ لأن الله رد عليهم بأدلة سمعية عقلية.
* ومن فوائد الآية الكريمة: بيان كمال سلطان الله عز وجل، وأنه لا أحد يمنعه مما أراد؛ لقوله: ﴿قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شيئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾.
* ومن فوائده: أنه عند المناظرة ينبغي أن تبدأ بأول من يحتج به المناظر، وأنه على خلاف ما ناظر عليه، وجهه: أن الله بدأ بذكر إهلاك المسيح وأمه الذي يعتقد هؤلاء أنه إله.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: عموم ملك الله عز وجل؛ لقوله: ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾.
* ومن فوائدها أيضًا: اختصاص هذا الملك بالله؛ لقوله: ﴿وَلِلَّهِ﴾، وجه الدلالة: أنه قدم الخبر، ومن القواعد المقررة عند أهل البلاغة وأهل الأصول: أن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر.
فإن قال قائل: إن الله تعالى أضاف الملك إلى غيره في غير ما آية من كتاب الله، فما الجمع؟ قلنا: ما أضاف الله إليه الملك فإنه ملك قاصر من جميع الوجوه، مثل قوله تعالى: ﴿إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ [المؤمنون ٦]، ومثل قوله تعالى: ﴿أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ﴾ [النور ٦١]، ومثل قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النور ٣٣]، والآيات في هذا متعددة، فيقال: الملك المضاف إلى المخلوق ليس كملك الله عز وجل، هو ملك قاصر لا يشمل كل مملوك.
وهو أيضًا قاصر في التصرف فيه؛ إذ إن الإنسان لا يملك التصرف كما يشاء فيما هو ملكه، لو أراد إنسان أن يتلف ماله وقال: هذا ملكي، أنا لي أن أتلفه، قلنا: حرام عليك، ليس لك أن تتلفه؛ لأن الشرع نهى عن إضاعة المال، ولو أراد أن يعتدي على ملك غيره، لقلنا: لا يمكن؛ لأن ملكك محصور، وبهذا نعرف أن الملك التام هو ملك الله عز وجل.
* ومن فوائد الآية الكريمة: الإشارة إلى أن ما بين السماء والأرض فهو خلق عظيم، حتى جعله الله تعالى عديلًا -أو إن شئت فقل: قسيمًا- للسماوات والأرض، دليله: ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الله تعالى له المشيئة المطلقة؛ لقوله: ﴿يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾، وقد فسر الله تعالى هذا في بعض المواضع مثل قوله تعالى: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا﴾ [الشورى ٤٩، ٥٠]، وهذا من جملة كمال ملكه وتمام خلقه.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن أفعال العباد مخلوقة؛ لأنه إذا كان الله مالك للسماوات والأرض وما بينهما وهو خالق ما يشاء، فالإنسان مما في السماوات والأرض، فتكون أفعاله مخلوقة لله.
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (١٨) يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٩)﴾ [المائدة ١٨، ١٩].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أخذنا إلى قوله: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ وأخذنا فوائدها.
* من فوائد الآية الكريمة ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾: بيان عموم قدرة الله عز وجل؛ لقوله: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
والقدرة: أن يفعل الفاعل ما أراد بدون عجز، وثَمَّ شيئان: قدرة، وقوة، وبينهما فرق، فالقوة تكون من ذوي الإدراك وغيرهم، فيقال: الحديد قوي، ويقال: فلان قوي، وأما القدرة فلا تقال إلا فيما له إدراك؛ إذ لا يقال عن الحديد مثلًا: إنه قدير.
ثانيًا: أن القدرة ضدها العجز، والقوة ضدها الضعف، وهي من هذه الناحية أخص من القدرة؛ لأنه ليس كل قادر قويًّا، قد يكون الإنسان مثلًا يقدر على أن يحمل هذا الكيس فوق ظهره لكن مع التعب والمشقة، هذا نقول: إنه قادر، ولا نقول: إنه قوي، وإذا أخذه بسهولة ولم يتعب منه، قلنا: إنه قوي، ويلزم من قوته أن يكون قادرًا.
* وفي هذه الآية أيضًا: دليل على أن القدرة تتعلق بكل شيء، فهو على كل شيء قدير من إيجاد المعدوم وإعدام الموجود، وتغيير الشيء وتحويله إلى شيء آخر، والهداية والإضلال، وغير ذلك، كل شيء فهو قادر عليه.
* ويتفرع من القدرة على الشيء: أن يكون عالمًا به؛ لأنه لا يمكن أن يفعل شيئًا مع القدرة إلا وهو عالم به، فتكون هذه الصفة متضمنة لصفة العلم، ومعلوم أنها متضمنة لصفة الوجود، متضمنة لصفة الكمال؛ لأن بعض الصفات يستلزم صفات أخرى.
{"ayah":"لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِینَ قَالُوۤا۟ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡمَسِیحُ ٱبۡنُ مَرۡیَمَۚ قُلۡ فَمَن یَمۡلِكُ مِنَ ٱللَّهِ شَیۡـًٔا إِنۡ أَرَادَ أَن یُهۡلِكَ ٱلۡمَسِیحَ ٱبۡنَ مَرۡیَمَ وَأُمَّهُۥ وَمَن فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰاۗ وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَیۡنَهُمَاۚ یَخۡلُقُ مَا یَشَاۤءُۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق