الباحث القرآني
قوله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أي بمحمد ﷺ والقرآن وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها يعني: استكبروا عن قبولها. ويقال: عن النظر فيها لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ لأعمال الكفار أي: ليس لهم عمل صالح يفتح لهم أبواب السماء ويقال: لا تفتح لأرواحهم أبواب السماء إذا ماتوا. وقال بعضهم: أبواب السماء أي أبواب الجنة وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ أي لا يدخلون الجنة أبداً كما لا يدخل الجمل في ثقب الإبرة.
وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه سئل عن الجمل. فقال: زوج الناقة. وقال الضحاك:
الجمل الذي له أربع قوائم. وقال بعض الناس: الجمل هو أشتر بالفارسية وقال الحسن: هو ولد الناقة وروي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قرأ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ بضم الجيم وتشديد الميم وهو حبل السفينة الغليظ. وسئل عكرمة عن قوله: حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ قيل:
وما الجمل؟ قال: الحبل الذي يصعد به النخل. قال سعيد بن جبير هو حبل السفينة الغليظ.
قرأ أبو عمرو لا تُفْتَحْ بالياء بلفظ التذكير بالتخفيف. وقرأ الباقون بالتاء المشددة. فمن قرأ بالتأنيث فلأنها من جماعة الأبواب. ومن قرأ بالتذكير فلأن الفعل مقدم. ومن قرأ بالتشديد أراد به تكثير الفتح. ومن قرأ بالتخفيف فتفتح مرة واحدة وقرأ بعضهم في سُمِّ بضم السين وهي قراءة شاذة وهما لغتان قال أبو عبيدة: كل ثقب فهو سم.
ثم قال عز وجل: وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ أي هكذا نعاقب المشركين. ثم ذكر ما أوعدهم في النار فقال عز وجل: لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ أي: فراش من النار وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ أي يغشاهم النار من فوق رؤوسهم ومعناه: أن من تحتهم ناراً ومن فوقهم ناراً.
كقوله: لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ [الزمر: 16] ويقال: لهم من جهنم مهاد أي حظهم من جهنم كالمهاد، فأخبر عن ضيق مكانهم في النار وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ نعاقب الكافرين.
قوله عز وجل: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وذلك أن الله تعالى لما أخبر عن حال الذين كذبوا بآياته واستكبروا عن قبولها أخبر عن حال الذين آمنوا بآياته. فقال: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أي: صدقوا وعملوا الصالحات أي الطاعات والأعمال الصالحة لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها أي: لا نكلف نفساً بعد الإيمان من العمل إلا بقدر طاقتها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ يعني: دائمون.
ثم قال عز وجل: وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ قال بعضهم: أي في الدنيا أخرج الله تعالى الغل والحسد من قلوبهم، وألف بين قلوبهم كما قال الله تعالى: وَلكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ
[الأنفال: 63] ويقال: هذا في الجنة يخرج الغل والحسد من قلوبهم. قال ابن عباس- رضي الله عنهما-: نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق وعمر وعثمان وعليّ ونحوهم من أصحاب رسول الله ﷺ ومن تابعهم على سنتهم ومنهاجهم إلى يوم القيامة. وقال علي بن أبي طالب لعمران بن طلحة بن عبيد الله: أرجو أن أكون أنا وأبوك من الذين قال الله تعالى فيهم:
وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ فأنكر عليه بعضهم. فقال عليّ:
إن لم نكن نحن فمن هم؟ يعني: إن الذين كانوا على عهد رسول الله ﷺ لم يكن في قلوبهم من الغل حتى ينزع عنهم تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ أي من تحت غرفهم وقصورهم وأشجارهم الانهار وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا أي أكرمنا بهذه الكرامة. ويقال: إن الذي وفقنا للأمر الذي أوجب لنا هذا الثواب وهو الإسلام. ويقال: هدانا لهاتين العينين.
وذلك أن أهل الجنة لما انتهوا إلى باب الجنة، فإذا هم بشجرة تنبع من ساقها عينان، فيعمدون إلى إحداهما، فيشربون منها، فيخرج الله تعالى ما كان في أجوافهم من غل وقذر فذلك قوله تعالى: وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً [الإنسان: 21] ثم يعمدون إلى الأخرى فيغتسلون فيها فيطيب الله تعالى أجسادهم من كل درن وحسد وجرت عليهم نضرة ولا تشعث رؤوسهم، ولا تغبر وجوههم، ولا تشحب أجسادهم أبداً، تتلقاهم خزنة الجنة فينادون في التقديم أي: قبل أن يدخلوها أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
فقالوا بعد ما اغتسلوا من العينين الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا أي: وفقنا حتى اغتسلنا من هاتين العينين. ويقال: لما دخلوا الجنة ونظروا إلى كراماتها قَالُوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا يعني: لهذا الثواب وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ أي: ما كنا لولا أن وفقنا الله. ذلك أنهم علموا أن الله تعالى له عليهم المن والفضل فيما أعطاهم. قرأ ابن عامر مَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ بغير واو على الاستئناف. وقرأ الباقون والواو وعلى معنى العطف.
لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ يعني: جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بالحق فصدقناهم وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ قال بعضهم: قبل أن يدخلوها قال لهم خزنة الجنة تلكم الجنة التي وعدتم.
ويقال بعد ما دخلوا بها يقال لهم: تلك الجنة أي: هذه الجنة التى أُورِثْتُمُوها يعني:
أنزلتموها بإيمانكم واقتبستموها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ في دار الدنيا. وهذا كما روي في الخبر أنه يقال لهم يوم القيامة: «جُوزُوا الصِّراطَ بِعَفْوِي وَادْخُلُوا الجَنَّةَ بِرَحْمَتِي وَاقْتَسِمُوها بِأَعْمَالِكُمْ» .
قوله تعالى:
{"ayahs_start":40,"ayahs":["إِنَّ ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا وَٱسۡتَكۡبَرُوا۟ عَنۡهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمۡ أَبۡوَ ٰبُ ٱلسَّمَاۤءِ وَلَا یَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ حَتَّىٰ یَلِجَ ٱلۡجَمَلُ فِی سَمِّ ٱلۡخِیَاطِۚ وَكَذَ ٰلِكَ نَجۡزِی ٱلۡمُجۡرِمِینَ","لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادࣱ وَمِن فَوۡقِهِمۡ غَوَاشࣲۚ وَكَذَ ٰلِكَ نَجۡزِی ٱلظَّـٰلِمِینَ","وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۤ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ","وَنَزَعۡنَا مَا فِی صُدُورِهِم مِّنۡ غِلࣲّ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهِمُ ٱلۡأَنۡهَـٰرُۖ وَقَالُوا۟ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی هَدَىٰنَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهۡتَدِیَ لَوۡلَاۤ أَنۡ هَدَىٰنَا ٱللَّهُۖ لَقَدۡ جَاۤءَتۡ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلۡحَقِّۖ وَنُودُوۤا۟ أَن تِلۡكُمُ ٱلۡجَنَّةُ أُورِثۡتُمُوهَا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"],"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا وَٱسۡتَكۡبَرُوا۟ عَنۡهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمۡ أَبۡوَ ٰبُ ٱلسَّمَاۤءِ وَلَا یَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ حَتَّىٰ یَلِجَ ٱلۡجَمَلُ فِی سَمِّ ٱلۡخِیَاطِۚ وَكَذَ ٰلِكَ نَجۡزِی ٱلۡمُجۡرِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق