الباحث القرآني
﴿إنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا﴾ الدّالَّةِ عَلى أُصُولِ الدِّينِ وأحْكامِ الشَّرْعِ كالأدِلَّةِ الدّالَّةِ عَلى وُجُودِ الصّانِعِ ووَحْدَتِهِ والدّالَّةِ عَلى النُّبُوَّةِ والمُعادِ ونَحْوِ ذَلِكَ ﴿واسْتَكْبَرُوا عَنْها﴾ أيْ بالَغُوا في احْتِقارِها وعَدَمِ الِاعْتِناءِ بِها ولَمْ يَلْتَفِتُوا إلَيْها وضَمُّوا أعْيُنَهم عَنْها ونَبَذُوها وراءَ ظُهُورِهِمْ ولَمْ يَكْتَسُوا بِحُلَلٍ مُقْتَضاها ولَمْ يَعْمَلُوا بِهِ ﴿لا تُفَتَّحُ لَهُمْ﴾ أيْ لِأرْواحِهِمْ إذا ماتُوا ﴿أبْوابُ السَّماءِ﴾ كَما تُفَتَّحُ لِأرْواحِ المُؤْمِنِينَ أخْرَجَ أحْمَدُ والنَّسائِيُّ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ والبَيْهَقِيُّ وغَيْرُهم عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ المَيِّتُ تَحْضُرُهُ المَلائِكَةُ فَإذا كانَ الرَّجُلُ صالِحًا قالَ: اخْرُجِي أيَّتُها النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ كانَتْ في الجَسَدِ الطَّيِّبِ اخْرُجِي حَمِيدَةً وأبْشِرِي بِرَوْحٍ ورَيْحانٍ ورَبٍّ راضٍ غَيْرِ غَضْبانَ فَلا تَزالُ يُقالُ لَها ذَلِكَ حَتّى تَخْرُجَ ثُمَّ يُعْرَجُ بِها إلى السَّماءِ فَيُسْتَفْتَحُ لَها فَيُقالُ مَن هَذا فَيَقُولُونَ: فُلانُ بْنُ فُلانٍ: مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ كانَتْ في الجَسَدِ الطَّيِّبِ ادْخُلِي حَمِيدَةً وأبْشِرِي بِرَوْحٍ ورَيْحانٍ ورَبٍّ راضٍ غَيْرِ غَضْبانَ فَلا تَزالُ يُقالُ لَها ذَلِكَ حَتّى تَنْتَهِيَ إلى السَّماءِ السّابِعَةِ وإذا كانَ الرَّجُلُ سُوءًا قالَ اخْرُجِي أيَّتُها النَّفْسُ الخَبِيثَةُ كانَتْ في الجَسَدِ الخَبِيثِ اخْرُجِي ذَمِيمَةً وأبْشِرِي بِحَمِيمٍ وغَسّاقٍ وآخَرَ مِن شَكْلِهِ أزْواجٌ فَلا تَزالُ يُقالُ لَها ذَلِكَ حَتّى تَخْرُجَ ثُمَّ يُعْرَجُ بِها إلى السَّماءِ فَيُسْتَفْتَحُ لَها فَيُقالُ: مَن هَذا فَيَقُولُونَ فُلانُ بْنُ فُلانٍ فَيُقالُ: لا مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الخَبِيثَةِ كانَتْ في الجَسَدِ الخَبِيثِ ارْجِعِي ذَمِيمَةً لا تُفَتَّحُ لَكِ أبْوابُ السَّماءِ فَتُرْسَلُ مِنَ السَّماءِ ثُمَّ تَصِيرُ في القَبْرِ والأخْبارُ في ذَلِكَ كَثِيرَةٌ وقِيلَ: لا تُفَتَّحُ لِأعْمالِهِمْ ولا لِدُعائِهِمْ أبْوابُ السَّماءِ».
ورُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الحَسَنِ ومُجاهِدٍ وقِيلَ: لا تُفَتَّحُ لِأرْواحِهِمْ ولا لِأعْمالِهِمْ ورُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وقِيلَ: المُرادُ لا يَصْعَدُ لَهم عَمَلٌ ولا تَنْزِلُ عَلَيْهِمُ البَرَكَةُ وكَوْنُ السَّماءِ لَها أبْوابٌ تُفَتَّحُ لِلْأعْمالِ الصّالِحَةِ والأرْواحِ الطَّيِّبَةِ قَدْ تَفَتَّحَتْ لَهُ أبْوابُ القَبُولِ لِلنُّصُوصِ الوارِدَةِ فِيهِ وهو أمْرٌ مُمْكِنٌ أخْبَرَ بِهِ الصّادِقُ فَلا حاجَةَ إلى تَأْوِيلِهِ وكَوْنُ السَّماءِ كُرَوِيَّةً لا تَقْبَلُ الخَرْقَ والِالتِئامَ مِمّا لا يَتِمُّ لَهُ دَلِيلٌ عِنْدَنا وظاهِرُ كَلامِ أهْلِ الهَيْئَةِ الجَدِيدَةِ جَوازُ الخَرْقِ والِالتِئامِ عَلى الأفْلاكِ وزَعَمَ بَعْضُهم أنَّ القَوْلَ بِالأبْوابِ لا يُنافِي القَوْلَ بِامْتِناعِ الخَرْقِ والِالتِئامِ وفِيهِ نَظَرٌ كَما لا يَخْفى والتّاءُ في ﴿تُفَتَّحُ﴾ لِتَأْنِيثِ الأبْوابِ والتَّشْدِيدُ لِكَثْرَةِ الفِعْلِ لِعَدَمِ مُناسِبَةِ المَقامِ وقَرَأ أبُو عَمْرٍو بِالتَّخْفِيفِ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ بِهِ وبِالياءِ التَّحْتِيَّةِ ورُوِيَ ذَلِكَ عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِأنَّ التَّأْنِيثَ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ والفِعْلَ مُقَدَّمٌ مَعَ وُجُودِ الفاصِلِ.
وقُرِئَ عَلى البِناءِ لِلْفاعِلِ ونَصْبِ الأبْوابِ بِالتّاءِ الفَوْقِيَّةِ عَلى أنَّ الفِعْلَ مُسْنَدٌ إلى الآياتِ مَجازًا لِأنَّها سَبَبٌ لِذَلِكَ وبِالياءِ عَلى أنَّهُ مُسْنَدٌ إلى اللَّهِ تَعالى ﴿ولا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ﴾ يَوْمَ القِيامَةِ ﴿حَتّى يَلِجَ﴾ أيْ يَدْخُلَ ﴿الجَمَلُ﴾ هو البَعِيرُ إذا بَزَلَ وجَمْعُهُ جِمالٌ وأجْمالٌ ويُجْمَعُ الأخِيرُ عَلى جِمالاتٍ وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أنَّهُ سُئِلَ عَنِ الجَمَلِ فَقالَ: هو زَوْجُ النّاقَةِ.
وعَنِ الحَسَنِ أنَّهُ قالَ ابْنُ النّاقَةِ الَّذِي يَقُومُ في المِرْبَدِ عَلى أرْبَعِ قَوائِمَ وفي ذَلِكَ اسْتِجْهالٌ لِلسّائِلِ وإشارَةٌ (p-119)إلى أنَّ طَلَبَ مَعْنًى آخَرَ تَكَلُّفٌ والعَرَبُ تَضْرِبُ بِهِ المَثَلَ في عِظَمِ الخِلْقَةِ فَكَأنَّهُ قِيلَ: حَتّى يَدْخُلَ ما هو مَثَلٌ في عِظَمِ الجِرْمِ ﴿فِي سَمِّ الخِياطِ﴾ أيْ ثُقْبَةِ الإبْرَةِ وهو مَثَلٌ عِنْدَهم أيْضًا في ضِيقِ المَسْلَكِ وذَلِكَ مِمّا لا يَكُونُ فَكَذا ما تَوَقَّفَ عَلَيْهِ بَلْ لا تَتَعَلَّقُ بِهِ القُدْرَةُ لِعَدَمِ إمْكانِهِ ما دامَ العَظِيمُ عَلى عِظَمِهِ والضَّيِّقُ عَلى ضِيقِهِ وهي إنَّما تَتَعَلَّقُ بِالمُمَكِناتِ الصِّرْفَةِ والمُمْكِنُ الوُلُوجُ بِتَصْغِيرِ العَظِيمِ أوْ تَوْسِيعِ الضَّيِّقِ وقَدْ كَثُرَ في كَلامِهِمْ مِثْلُ هَذِهِ الغايَةِ فَيَقُولُونَ لا أفْعَلُ كَذا حَتّى يَشِيبَ الغُرابُ وحَتّى يَبْيَضَّ القارُ وحَتّى يَؤُوبَ القارِظانِ ومُرادُهم لا أفْعَلُ كَذا أبَدًا وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ وابْنُ جُبَيْرٍ ومُجاهِدٌ وعِكْرِمَةُ والشَّعْبِيُّ ( الجُمَّلُ ) بِضَمِّ الجِيمِ وفَتْحِ المِيمِ المُشَدَّدَةِ كالقُمَّلِ.
وقَرَأ عَبْدُ الكَرِيمِ وحَنْظَلَةُ وابْنُ عَبّاسٍ وابْنُ جُبَيْرٍ في رِوايَةٍ أُخْرى ( الجُمَلُ ) بِالضَّمِّ والفَتْحِ مَعَ التَّخْفِيفِ كَنُغَرٍ.
وفِي رِوايَةٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما أنَّهُ قَرَأ ( الجُمْلُ ) بِضَمِّ الجِيمِ وسُكُونِ المِيمِ كالقُفْلِ و( الجُمُلُ ) بِضَمَّتَيْنِ كالنُّصُبِ وقَرَأأبُو السَّمالِ ( الجَمْلُ ) بِفَتْحِ الجِيمِ وسُكُونِ المِيمِ كالحَبْلِ وفُسِّرَ في جَمِيعِ ذَلِكَ بِالحَبْلِ الغَلِيظِ مِنَ القُنَّبِ وقِيلَ: هو حَبْلُ السَّفِينَةِ وقُرِئَ ( في سُمِّ ) بِضَمِّ السِّينِ وكَسْرِها وهُما لُغَتانِ فِيهِ والفَتْحُ أشْهَرُ ومَعْناهُ الثُّقْبُ الصَّغِيرُ مُطْلَقًا وقِيلَ: أصْلُهُ ما كانَ في عُضْوٍ كَأنْفٍ وأُذُنٍ وقَرَأ عَبْدُ اللَّهِ ( في سَمِّ المِخْيَطِ ) بِكَسْرِ المِيمِ وفَتْحِها وهو والخِياطُ ما يُخاطُ بِهِ كالحِزامِ والمِحْزَمِ والقِناعِ والمِقْنَعِ ﴿وكَذَلِكَ﴾ أيْ مِثْلُ ذَلِكَ الجَزاءِ الفَظِيعِ ﴿نَجْزِي المُجْرِمِينَ﴾ (40) أيْ جِنْسَهم وأُولَئِكَ داخِلُونَ فِيهِ دُخُولًا أوَّلِيًّا وأصْلُ الجِرْمِ قَطْعُ الثَّمَرَةِ عَنِ الشَّجَرَةِ ويُقالُ: أجْرَمَ صارَ ذا جِرْمٍ كَأتْمَرَ وأثْمَرَ ويُسْتَعْمَلُ في كَلامِهِمْ لِاكْتِسابِ المَكْرُوهِ ولا يَكادُ يُقالُ لِلْكَسْبِ المَحْمُودِ.
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا وَٱسۡتَكۡبَرُوا۟ عَنۡهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمۡ أَبۡوَ ٰبُ ٱلسَّمَاۤءِ وَلَا یَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ حَتَّىٰ یَلِجَ ٱلۡجَمَلُ فِی سَمِّ ٱلۡخِیَاطِۚ وَكَذَ ٰلِكَ نَجۡزِی ٱلۡمُجۡرِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق