الباحث القرآني

﴿وَشَدَدۡنَا مُلۡكَهُۥ﴾ - تفسير

٦٦٤٥٤- عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- قال: استدعى رجلٌ مِن بني إسرائيل عند داود على رجلٍ من عظمائهم، فقال: إن هذا غصبني بَقَرًا لي. فسأل داودُ الرجلَ عن ذلك، فجحده، فسأل الآخرَ البينةَ، فلم تكن بيِّنةٌ، فقال لهما داود: قوما حتى أنظرَ في أمركما. فقاما من عنده، فأُتي داود في منامه، فقيل له: اقتل الرجل الذي استعدى. فقال: إنّ هذه رؤيا، ولست أعجل حتى أتثبت. فأتي الليلة الثانية في منامه، فأُمِر أن يقتل الرجل، فلم يفعل، ثم أتي الليلة الثالثة، فقيل له: اقتل الرجل، أو تأتيك العقوبة من الله. فأرسل داود إلى الرجل، فقال: إنّ الله أمرني أن أقتلك. فقال: تقتلني بغير بينة ولا تَثَبُّت. قال: نعم، واللهِ، لَأُنَفِّذن أمر الله فيك. فقال له الرجل: لا تعجل علَيَّ حتى أخبرك، واللهِ، إني ما أُخذت بهذا الذنب، ولكني كنت اغتلت والدَ هذا فقتلته، فبذلك أُخِذْتُ. فأمر به داودُ، فقُتل، فاشْتَدَّت هيبتُه في بني إسرائيل، وشُدِّد به ملكه، فهو قول الله: ﴿وشَدَدْنا مُلْكَهُ﴾[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٤٧ بنحوه، وابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير ٧/٥٠-. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١٢/٥٢١)

٦٦٤٥٥- قال عبد الله بن عباس: كان أشدَّ ملوك الأرض سلطانًا، كان يحرس محرابه كل ليلة ثلاثة وثلاثون ألف رجل، فذلك قوله: ﴿وشَدَدْنا مُلْكَهُ﴾ بالحرس[[تفسير الثعلبي ٨/١٨٤، وتفسير البغوي ٧/٧٧.]]. (ز)

٦٦٤٥٦- عن مجاهد بن جبر، ﴿وشَدَدْنا مُلْكَهُ﴾، قال: كان أشدَّ ملوكِ أهل الدنيا سلطانًا[[عزاه السيوطي إلى الحاكم، وعبد بن حميد.]]. (١٢/٥٢١)

٦٦٤٥٧- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في قوله: ﴿وشَدَدْنا مُلْكَهُ﴾، قال: كان يحرسه كلَّ يوم وليلةٍ أربعةُ آلاف[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٤٦، ٤٨، ٤٩، والحاكم ٢/٥٨٦-٥٨٧.]]. (١٢/٥٢٢)

٦٦٤٥٨- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وشَدَدْنا مُلْكَهُ﴾، قال: كان يحرسه كلَّ ليلة ثلاثةٌ وثلاثون ألفًا من بني إسرائيل[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٦٣٩.]]٥٥٤٧. (ز)

٥٥٤٧ اختلف السلف في تفسير قوله: ﴿وشددنا ملكه﴾ على أقوال: الأول: شدد ملكه بالجنود والرجال. الثاني: كان الذي شدد به ملكه أن أعطي هيبةً مِن الناس له لقضية كان قضاها. وقد رجّح ابنُ جرير (٢٠/٤٨) عدم القطع بأحد القولين، مستندًا للعموم، وعدم دليل الحصر بأحدهما، فقال: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يُقال: إنّ الله -تبارك وتعالى- أخبر أنّه شدد ملك داود، ولم يحصر ذلك مِن تشديده على التشديد بالرجال والجنود دون الهيبة مِن الناس له، ولا على هيبة الناس له دون الجنود، وجائزٌ أن يكون تشديدُه ذلك كان ببعض ما ذكرنا، وجائزٌ أن يكون كان بجميعها، ولا قول أولى في ذلك بالصحة من قول الله؛ إذ لم يحصر ذلك على بعض معاني التشديد خبرٌ يجبُ التسليم له».

﴿وَءَاتَیۡنَـٰهُ ٱلۡحِكۡمَةَ﴾ - تفسير

٦٦٤٥٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطية العوفي- ﴿وآتَيْناهُ الحِكْمَةَ﴾، قال: أُعْطِيَ الفهم[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٤٩. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.]]. (١٢/٥٢٢)

٦٦٤٦٠- عن مجاهد بن جبر -من طريق أبي بشر- ﴿وآتَيْناهُ الحِكْمَةَ﴾، قال: الصواب[[أخرجه ابن أبي حاتم -كما في الفتح ٦/٤٥٦-. وعزاه السيوطي إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (١٢/٥٢٢)

٦٦٤٦١- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: ﴿وشَدَدْنا مُلْكَهُ وآتَيْناهُ الحِكْمَةَ﴾: أي: السُّنَّة[[أخرجه عبد الرزاق ٢/١٦١ من طريق معمر، وابن جرير ٢٠/٤٨. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١٢/٥٢١)

٦٦٤٦٢- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في قوله: ﴿وآتَيْناهُ الحِكْمَةَ﴾، قال: النُّبُوَّة[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٤٦، ٤٨، ٤٩، والحاكم ٢/٥٨٦-٥٨٧.]]. (١٢/٥٢٢)

٦٦٤٦٣- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وآتَيْناهُ الحِكْمَةَ﴾، يعني: وأعطيناه الفهم والعلم[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٦٣٩.]]٥٥٤٨. (ز)

٥٥٤٨ اختلف السلف في تفسير قوله: ﴿آتيناه الحكمة﴾ على أقوال: الأول: أنها الفهم والعلم. الثاني: أنها النبوة. الثالث: أنها علم السنن. وقد ذكر ابنُ عطية (٧/٣٣١) هذه الأقوال، ثم قال معلِّقًا: «هي عقائد البرهان».

﴿وَفَصۡلَ ٱلۡخِطَابِ ۝٢٠﴾ - تفسير

٦٦٤٦٤- قال عبد الله بن مسعود= (ز)

٦٦٤٦٥- وأبو عبد الرحمن السلمي: ﴿وآتَيْناهُ الحِكْمَةَ وفَصْلَ الخِطابِ﴾، يعني: علم الحُكْم، والبصر بالقضاء[[تفسير الثعلبي ٨/١٨٤. وينظر: تفسير البغوي ٧/٧٧.]]. (ز)

٦٦٤٦٦- قال علي بن أبي طالب: ﴿وفَصْلَ الخِطابِ﴾ هو البيِّنة على المُدَّعي، واليمين على مَن أنكر[[تفسير الثعلبي ٨/١٨٤، وتفسير البغوي ٧/٧٧.]]. (ز)

٦٦٤٦٧- عن أبي موسى الأشعري، قال: أوَّل مَن قال: أما بعد. داود ﵇، وهو فصل الخطاب[[أخرجه ابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير ٧/٥١، والفتح ٦/٤٥٦-. وعزاه السيوطي إلى الديلمي.]]. (١٢/٥٢٤)

٦٦٤٦٨- قال عبد الله بن عباس: ﴿وفَصْلَ الخِطابِ﴾ بيان الكلام[[تفسير الثعلبي ٨/١٨٤، وتفسير البغوي ٧/٧٧.]]. (ز)

٦٦٤٦٩- عن كعب [الأحبار] -من طريق أبي صالح- في قوله: ﴿وفَصْلَ الخِطابِ﴾، قال: الشهود، والأيمان[[أخرجه الثعلبي ٨/١٨٥، وفي تفسير البغوي ٧/٧٧ عن أُبَيّ بن كعب!]]. (ز)

٦٦٤٧٠- عن الشعبي، أنّه سمع زياد بن أبي سفيان يقول: فصْل الخطاب الذي أوتي داود ﵇: أما بعد[[أخرجه ابن أبي شيبة ٧/٢٣٢، وابن سعد ٧/١٠٠. وعزاه السيوطي إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر. وأخرجه إسحاق البستي ص٢٣٩ من طريق سفيان بن عيينة عن زكريا عن الشعبي عن زياد مبهمًا [ذكر محققه أنه زياد بن عياض الأشعري]، ثم أورد أن سفيان بن عيينة قال: وهو أعجب إلَيَّ مِن الشهود والأيمان.]]. (١٢/٥٢٤)

٦٦٤٧١- عن أبي عبد الرحمن [السلمي] -من طريق سفيان، عن أبي حصين- ﴿وفَصْلَ الخِطابِ﴾، قال: فصل القضاء[[أخرجه سفيان الثوري (٢٥٧)، وابن جرير ٢٠/٤٩. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وعبد بن حميد.]]. (١٢/٥٢٣)

٦٦٤٧٢- عن أبي عبد الرحمن السلمي -من طريق مسعر، عن أبي حصين- ﴿وفَصْلَ الخِطابِ﴾: أنّ داود ﵇ أُمِر بالقضاء، فقطع به، فأوحى اللهُ تعالى إليه: أنِ استحلفهم باسمي، وسلهم البيِّنات. قال: فذلك فصل الخطاب[[أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ١٠/١٨١.]]. (١٢/٥٢٣)

٦٦٤٧٣- عن شُريح القاضي -من طريق الشعبي أو غيره- أنّه قال في قوله: ﴿وفَصْلَ الخِطابِ﴾، قال: بينة المدعي، أو يمين المُدَّعى عليه[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٥٠.]]. (ز)

٦٦٤٧٤- عن شُريح القاضي -من طريق الحكم- أنه قال في هذه الآية: ﴿وفَصْلَ الخِطابِ﴾، قال: الشهود، والأيمان[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٥١.]]. (ز)

٦٦٤٧٥- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن جريج- ﴿وآتَيْناهُ الحِكْمَةَ وفَصْلَ الخِطابِ﴾، قال: ما قال من شيء أنفذه، وعَدْله في الحكم[[أخرجه ابن أبي حاتم -كما في الفتح ٦/٤٥٦- بنحوه. وعزاه السيوطي إلى الحاكم، وعبد بن حميد.]]. (١٢/٥٢١)

٦٦٤٧٦- عن مجاهد بن جبر -من طريق الحكم بن عتيبة- ﴿وفَصْلَ الخِطابِ﴾، قال: الأيمان، والشهود[[أخرجه سعيد بن منصور في سننه - التفسير ٧/١٧٥، والفراء في معاني القرآن ٢/٤٠١. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (١٢/٥٢٢)

٦٦٤٧٧- عن مجاهد بن جبر -من طريق ليث- ﴿وفَصْلَ الخِطابِ﴾، قال: إصابة القضاء، وفَهْمُه[[أخرجه سفيان الثوري (٢٥٧) من طريق رجل، وابن جرير ٢٠/٤٩. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (١٢/٥٢٥)

٦٦٤٧٨- عن عامر الشعبي -من طريق إسماعيل- في قوله: ﴿وفَصْلَ الخِطابِ﴾، قال: هو قول الرجل: أما بعد[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٥١. وعزاه السيوطي إلى البيهقي.]]. (١٢/٥٢٣)

٦٦٤٧٩- عن عامر الشعبي -من طريق داود- في قوله: ﴿وآتَيْناهُ الحِكْمَةَ وفَصْلَ الخِطابِ﴾، قال: يمين، أو شاهد[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٥١.]]. (ز)

٦٦٤٨٠- قال الحسن البصري: ﴿وفَصْلَ الخِطابِ﴾، يعني: العدل في القضاء[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير بن أبي زمنين ٤/٨٥-.]]. (ز)

٦٦٤٨١- عن الحسن البصري، ﴿وفَصْلَ الخِطابِ﴾، قال: الفهم في القضاء[[عزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وعبد بن حميد.]]. (١٢/٥٢٣)

٦٦٤٨٢- عن قتادة بن دعامة -من طريق معمر- في قوله: ﴿وفَصْلَ الخِطابِ﴾، قال: فصل القضاء[[أخرجه عبد الرزاق ٢/١٦١.]]. (ز)

٦٦٤٨٣- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: ﴿وفَصْلَ الخِطابِ﴾، قال: البينة على الطالب، واليمين على المطلوب[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٥١. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد. وأخرجه البيهقي ١٠/٢٥٣، وابن عساكر في تاريخ دمشق ١٧/١٠١ بلفظ: البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه.]]. (١٢/٥٢١، ٥٢٣)

٦٦٤٨٤- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وفَصْلَ الخِطابِ﴾، يقول: وأعطيناه فصل القضاء؛ البينة على المدعي، واليمين على مَن أنكر[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٦٣٩.]]. (ز)

٦٦٤٨٥- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿وآتَيْناهُ الحِكْمَةَ وفَصْلَ الخِطابِ﴾، قال: الخصومات التي يُخاصم الناس إليه؛ فصل ذلك الخطاب: الكلام الفهم، وإصابة القضاء، والبينات[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٤٩.]]. (ز)

٦٦٤٨٦- عن سفيان بن عيينة -من طريق ابن أبي عمر- في قوله: ﴿وفصل الخطاب﴾، قال: الشهود، والأيمان[[أخرجه إسحاق البستي ص٢٣٨.]]٥٥٤٩. (ز)

٥٥٤٩ اختلف السلف في تفسير قوله: ﴿وفصل الخطاب﴾ على أقوال: الأول: أنه عِلم القضاء والفهم به. الثاني: أن فصل الخطاب بتكليف المدعي البينة، واليمين على المدعى عليه. الثالث: أن فصل الخطاب هو قول: أما بعد. وقد ذكر ابنُ جرير (٢٠/٥٢) هذه الأقوال، ثم رجّح مستندًا إلى اللغة، والعموم جوازَ جميعها، فقال: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يُقال: إنّ الله أخبر أنه آتى داود -صلوات الله عليه- فصل الخطاب، والفصل: هو القطع، والخطاب: هو المخاطبة، ومن قطع مخاطبة الرجل الرجل في حال احتكام أحدهما إلى صاحبه قطع المحتكم إليه الحكم بين المحتكم إليه وخصمه بصواب من الحكم، ومَن قطع مخاطبته أيضًا صاحبه إلزام المخاطب في الحكم ما يجب عليه إن كان مدعيًا فإقامة البينة على دعواه، وإن كان مدعًى عليه فتكليفه اليمين؛ إن طلب ذلك خصمه. ومن قطع الخطاب أيضًا الذي هو خطبه عند انقضاء قصة وابتداء في أخرى الفصل بينهما بأما بعد؛ فإذ كان ذلك كله محتملًا ظاهر الخبر، ولم تكن في هذه الآية دلالة على أي ذلك المراد، ولا ورد به خبرٌ عن الرسول ﷺ ثابتٌ، فالصواب أن يعم الخبر كما عمه الله، فيقال: أوتي داود فصل الخطاب في القضاء، والمحاورة، والخطب». ووافقه ابنُ كثير (١٢/٨١) بقوله: «وقال مجاهد أيضًا: هو الفصل في الكلام، وفي الحكم. وهذا يشمل هذا كله، وهو المراد، واختاره ابن جرير». وذكر ابنُ عطية (٧/٣٣٢) هذه الأقوال، ثم قال: «والذي يعطيه لفظُ الآية: أنّ الله تعالى آتاه أنّه كان إذا خاطب في نازلة فَصَل المعنى وأوضحه وبيَّنه، لا يأخذه في ذلك حَصْرٌ ولا ضَعْف، وهذه صفةٌ قليلٌ مَن يدركها، فكان كلامه ﵇ فصلًا، وقد قال الله تعالى في صفة القرآن: ﴿إنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ﴾ [الطارق:١٣]، ويزيد محمد ﷺ على هذه الدرجة بالإيجاز في العبارة، وجمع المعاني الكثيرة في اللفظ اليسير، وهذا هو الذي تخصص ﵇ به في قوله: «وأعطيت جوامع الكلم». فإنها في الخلال التي لم يُؤتَها أحدٌ قبلَه».
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب