الباحث القرآني

ولَمّا كانَ هَذا دالًّا عَلى المُلْكِ؛ مِن حَيْثُ إنَّهُ التَّصَرُّفُ في الأشْياءِ العَظِيمَةِ قَسْرًا؛ فَكانَ كَأنَّهُ قِيلَ كُلُّ ذَلِكَ إثْباتًا لِنُبُوَّتِهِ؛ وتَعْظِيمًا لِمُلْكِهِ؛ (p-٣٥٥)قالَ: ﴿وشَدَدْنا﴾؛ أيْ: بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ؛ ﴿مُلْكَهُ﴾؛ بِغَيْرِ ذَلِكَ؛ مِمّا يَحْتاجُ إلَيْهِ المَلِكُ؛ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما -: كانَ أشَدَّ مُلُوكِ الأرْضِ سُلْطانًا. ولَمّا كانَ أعْظَمَ المُثَبِّتاتِ لِلْمُلْكِ المَعْرِفَةَ؛ قالَ: ﴿وآتَيْناهُ﴾؛ أيْ: بِعَظَمَتِنا؛ ﴿الحِكْمَةَ﴾؛ أيْ: النُّبُوَّةَ الَّتِي يَنْشَأُ عَنْها العِلْمُ بِالأشْياءِ عَلى ما هي عَلَيْهِ؛ ووَضْعُ الأشْياءِ في أحْكَمِ مَواضِعِها؛ فالحِكْمَةُ العَمَلُ بِالعِلْمِ؛ ولَمّا كانَ تَمامُهُ بِقَطْعِ النِّزاعِ؛ قالَ: ﴿وفَصْلَ الخِطابِ﴾؛ أيْ: ومَعْرِفَةَ الفارِقِ بَيْنَ ما يَلْتَبِسُ في كَلامِ المُخاطِبِينَ لَهُ؛ مِن غَيْرِ كَبِيرِ رَوِيَّةٍ في ذَلِكَ؛ بَلْ يُفَرِّقُ بَدِيهَةً بَيْنَ المُتَشابِهاتِ؛ بِحَيْثُ لا يَدَعُ لَبْسًا يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ مَعَهُ نِزاعٌ لِغَيْرٍ؛ مُعانِدٍ؛ وكَسَوْناهُ عِزًّا؛ وهَيْبَةً؛ ووَقارًا يَمْنَعُ أنْ يَجْتَرِئَ أحَدٌ عَلى العِنادِ في شَيْءٍ مِن أمْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ البَيانِ؛ الَّذِي فَصَلَ بَيْنَ المُتَشابِهاتِ؛ ومَيَّزَ بَيْنَ المُشْكِلاتِ الغامِضاتِ؛ وإذا تَكَلَّمَ وقَفَ عَلى المَفاصِلِ؛ فَيُبَيِّنُ مِن سَرْدِهِ لِلْحَدِيثِ مَعانِيَهُ؛ ويَضَعُ الشَّيْءَ في أحْكَمِ مَبانِيهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب