الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الحِسابِ﴾ ﴿اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ واذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذا الأيْدِ إنَّهُ أوّابٌ﴾ .
اعْلَمْ أنّا ذَكَرْنا في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: ﴿وعَجِبُوا أنْ جاءَهم مُنْذِرٌ مِنهم وقالَ الكافِرُونَ هَذا ساحِرٌ كَذّابٌ﴾ أنَّ القَوْمَ إنَّما تَعَجَّبُوا لِشُبُهاتٍ ثَلاثٍ:
أوَّلُها: تَتَعَلَّقُ بِالإلَهِيّاتِ، وهو قَوْلُهُ: ﴿أجَعَلَ الآلِهَةَ إلَهًا واحِدًا﴾
والثّانِيَةُ: تَتَعَلَّقُ بِالنُّبُوّاتِ، وهو قَوْلُهُ: ﴿أؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنا﴾ .
والثّالِثَةُ: تَتَعَلَّقُ بِالمَعادَ، وهو قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الحِسابِ﴾ وذَلِكَ لِأنَّ القَوْمَ كانُوا في نِهايَةِ الإنْكارِ لِلْقَوْلِ بِالحَشْرِ والنَّشْرِ، فَكانُوا يَسْتَدِلُّونَ بِفَسادِ القَوْلِ بِالحَشْرِ والنَّشْرِ عَلى فَسادِ نُبُوَّتِهِ، والقِطُّ القِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ لِأنَّهُ قُطِعَ مِنهُ، مِن قِطِّهِ إذا قَطَعَهُ ويُقالُ لِصَحِيفَةِ الجائِزَةِ قِطُّ، ولَمّا ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وعْدَ المُؤْمِنِينَ بِالجَنَّةِ، قالُوا عَلى سَبِيلِ الِاسْتِهْزاءِ: عَجِّلْ لَنا نَصِيبَنا مِنَ الجَنَّةِ، أوْ عَجِّلْ لَنا صَحِيفَةَ أعْمالِنا حَتّى نَنْظُرَ فِيها.
واعْلَمْ أنَّ الكُفّارَ لَمّا بالَغُوا في السَّفاهَةِ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَيْثُ قالُوا: ﴿هَذا ساحِرٌ كَذّابٌ﴾ وقالُوا لَهُ عَلى سَبِيلِ الِاسْتِهْزاءِ: ﴿عَجِّلْ لَنا قِطَّنا﴾ أمَرَهُ اللَّهُ بِالصَّبْرِ عَلى سَفاهَتِهِمْ، فَقالَ: ﴿اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ﴾ فَإنْ قِيلَ: أيُّ تَعَلُّقٍ بَيْنَ قَوْلِهِ: ﴿اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ﴾ وبَيْنَ قَوْلِهِ: ﴿واذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ﴾ ؟ قُلْنا بَيانُ هَذا التَّعَلُّقِ مِن وُجُوهٍ:
الأوَّلُ: كَأنَّهُ قِيلَ إنْ كُنْتَ قَدْ شاهَدْتَ مِن هَؤُلاءِ الجُهّالِ جَراءَتَهم عَلى اللَّهِ وإنْكارَهُمُ الحَشْرَ والنَّشْرَ، فاذْكُرْ قِصَّةَ داوُدَ حَتّى تَعْرِفَ شِدَّةَ خَوْفِهِ مِنَ اللَّهِ تَعالى ومِن يَوْمِ الحَشْرِ، فَإنَّ بِقَدْرِ ما يَزْدادُ أحَدُ الضِّدَّيْنِ شَرَفًا يَزْدادُ الضِّدُّ الآخَرُ نُقْصانًا.
والثّانِي: كَأنَّهُ قِيلَ لِمُحَمَّدٍ ﷺ لا يَضِيقُ صَدْرُكَ بِسَبَبِ إنْكارِهِمْ لِقَوْلِكَ ودِينِكَ، فَإنَّهم إذا خالَفُوكَ فالأكابِرُ مِنَ الأنْبِياءِ وافَقُوكَ.
والثّالِثُ: أنَّ لِلنّاسِ في قِصَّةِ داوُدَ قَوْلَيْنِ: مِنهم مَن قالَ إنَّها تَدُلُّ (p-١٦١)عَلى ذَنْبِهِ، ومِنهم مَن قالَ: إنَّها لا تَدُلُّ عَلَيْهِ. (فَمَن قالَ بِالأوَّلِ) كانَ وجْهُ المُناسَبَةِ فِيهِ كَأنَّهُ قِيلَ لِمُحَمَّدٍ ﷺ إنَّ حُزْنَكَ لَيْسَ إلّا، لِأنَّ الكُفّارَ يُكَذِّبُونَكَ، وأمّا حُزْنُ داوُدَ فَكانَ بِسَبَبِ وُقُوعِهِ في ذَلِكَ الذَّنْبِ، ولا شَكَّ أنَّ حُزْنَهُ أشَدُّ، فَتَأمَّلْ في قِصَّةِ داوُدَ وما كانَ فِيهِ مِنَ الحُزْنِ العَظِيمِ حَتّى يَخِفَّ عَلَيْكَ ما أنْتَ فِيهِ مِنَ الحُزْنِ (ومَن قالَ بِالثّانِي) قالَ: الخَصْمانِ اللَّذانِ دَخَلا عَلى داوُدَ كانا مِنَ البَشَرِ، وإنَّما دَخَلا عَلَيْهِ لِقَصْدِ قَتْلِهِ فَخافَ مِنهُما داوُدُ، ومَعَ ذَلِكَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِإيذائِهِما ولا دَعا عَلَيْهِما بِسُوءٍ، بَلِ اسْتَغْفَرَ لَهُما عَلى ما سَيَجِيءُ تَقْرِيرُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ، فَلا جَرَمَ أمَرَ اللَّهُ تَعالى مُحَمَّدًا عَلَيْهِ السَّلامُ بِأنْ يَقْتَدِيَ بِهِ في حُسْنِ الخُلُقِ.
والخامِسُ: أنَّ قُرَيْشًا إنَّما كَذَّبُوا مُحَمَّدًا عَلَيْهِ السَّلامُ واسْتَخَفُّوا بِهِ لِقَوْلِهِمْ في أكْثَرِ الأمْرِ إنَّهُ يَتِيمٌ فَقِيرٌ، ثُمَّ إنَّهُ تَعالى قَصَّ عَلى مُحَمَّدٍ كَمالَ مَمْلَكَةِ داوُدَ، ثُمَّ بَيَّنَ أنَّهُ مَعَ ذَلِكَ ما سَلِمَ مِنَ الأحْزانِ والغُمُومِ، لِيَعْلَمَ أنَّ الخَلاصَ عَنِ الحُزْنِ لا سَبِيلَ إلَيْهِ في الدُّنْيا.
والسّادِسُ: أنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ واذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ﴾ غَيْرُ مُقْتَصِرٍ عَلى داوُدَ فَقَطْ بَلْ ذَكَرَ عَقِيبَ قِصَّةِ داوُدَ قِصَصَ سائِرِ الأنْبِياءِ فَكَأنَّهُ قالَ: ﴿اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ﴾ واعْتَبِرْ بِحالِ سائِرِ الأنْبِياءِ لِيُعَلِّمَهُ أنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنهم كانَ مَشْغُولًا بِهَمٍّ خاصٍّ وحُزْنٍ خاصٍّ، فَحِينَئِذٍ يَعْلَمُ أنَّ الدُّنْيا لا تَنْفَكُّ عَنِ الهُمُومِ والأحْزانِ، وأنَّ اسْتِحْقاقَ الدَّرَجاتِ العالِيَةِ عِنْدَ اللَّهِ لا يَحْصُلُ إلّا بِتَحَمُّلِ المَشاقِّ والمَتاعِبِ في الدُّنْيا، وهَذِهِ وُجُوهٌ ذَكَرْناها في هَذا المَقامِ، وهَهُنا وجْهٌ آخَرُ أقْوى وأحْسَنُ مِن كُلِّ ما تَقَدَّمَ، وسَيَجِيءُ ذِكْرُهُ إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى عِنْدَ الِانْتِهاءِ إلى تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: ﴿كِتابٌ أنْزَلْناهُ إلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ﴾ [ص: ٢٩] واعْلَمْ أنَّهُ تَعالى ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ حالَ تِسْعَةٍ مِنَ الأنْبِياءِ، فَذَكَرَ حالَ ثَلاثَةٍ مِنهم عَلى التَّفْصِيلِ وحالَ سِتَّةٍ آخَرِينَ عَلى الإجْمالِ.
فالقِصَّةُ الأُولى: قِصَّةُ داوُدَ، واعْلَمْ أنَّ مَجامِعَ ما ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعالى في هَذِهِ القِصَّةِ ثَلاثَةُ أنْواعٍ مِنَ الكَلامِ.
فالأوَّلُ: تَفْصِيلُ ما آتى اللَّهُ داوُدَ مِنَ الصِّفاتِ الَّتِي تُوجِبُ سَعادَةَ الآخِرَةِ والدُّنْيا.
والثّانِي: شَرْحُ تِلْكَ الواقِعَةِ الَّتِي وقَعَتْ لَهُ مِن أمْرِ الخَصْمَيْنِ.
والثّالِثُ: اسْتِخْلافُ اللَّهِ تَعالى إيّاهُ بَعْدَ وُقُوعِ تِلْكَ الواقِعَةِ.
أمّا النَّوْعُ الأوَّلُ: وهو شَرْحُ الصِّفاتِ الَّتِي آتاها اللَّهُ داوُدَ مِنَ الصِّفاتِ المُوجِبَةِ لِكَمالِ السَّعادَةِ فَهي عَشْرٌ.
الأوَّلُ: قَوْلُهُ لِمُحَمَّدٍ ﷺ: ﴿اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ واذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ﴾ فَأمَرَ مُحَمَّدًا ﷺ عَلى جَلالَةِ قَدْرِهِ بِأنْ يَقْتَدِيَ في الصَّبْرِ عَلى طاعَةِ اللَّهِ بِداوُدَ وذَلِكَ تَشْرِيفٌ عَظِيمٌ وإكْرامٌ لِداوُدَ حَيْثُ أمَرَ اللَّهُ أفْضَلَ الخَلْقِ مُحَمَّدًا ﷺ بِأنْ يَقْتَدِيَ بِهِ في مَكارِمِ الأخْلاقِ.
والثّانِي: أنَّهُ قالَ في حَقِّهِ: ﴿عَبْدَنا داوُدَ﴾ فَوَصَفَهُ بِكَوْنِهِ عَبْدًا لَهُ وعَبَّرَ عَنْ نَفْسِهِ بِصِيغَةِ الجَمْعِ الدّالَّةِ عَلى نِهايَةِ التَّعْظِيمِ، وذَلِكَ غايَةُ التَّشْرِيفِ، ألا تَرى أنَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى لَمّا أرادَ أنْ يُشَرِّفَ مُحَمَّدًا عَلَيْهِ السَّلامُ لَيْلَةَ المِعْراجِ قالَ: ﴿سُبْحانَ الَّذِي أسْرى بِعَبْدِهِ﴾ [الإسْراءِ: ١] فَهَهُنا يَدُلُّ عَلى ذَلِكَ التَّشْرِيفِ لِداوُدَ فَكانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلى عُلُوِّ دَرَجَتِهِ أيْضًا، فَإنَّ وصْفَ اللَّهِ تَعالى الأنْبِياءَ بِعُبُودِيَّتِهِ مُشْعِرٌ بِأنَّهم قَدْ حَقَّقُوا مَعْنى العُبُودِيَّةِ بِسَبَبِ الِاجْتِهادِ في الطّاعَةِ.
والثّالِثُ: قَوْلُهُ: ﴿ذا الأيْدِ﴾ أيْ ذا القُوَّةِ عَلى أداءِ الطّاعَةِ والِاحْتِرازِ عَنِ المَعاصِي، وذَلِكَ لِأنَّهُ تَعالى لَمّا مَدَحَهُ بِالقُوَّةِ وجَبَ أنْ تَكُونَ تِلْكَ القُوَّةُ مُوجِبَةً لِلْمَدْحِ، والقُوَّةُ الَّتِي تُوجِبُ المَدْحَ العَظِيمَ لَيْسَتْ إلّا القُوَّةَ عَلى فِعْلِ ما أُمِرَ بِهِ وتَرْكِ ما نُهِيَ عَنْهُ و﴿الأيْدِ﴾ المَذْكُورُ هَهُنا كالقُوَّةِ المَذْكُورَةِ في قَوْلِهِ: ﴿يايَحْيى خُذِ الكِتابَ بِقُوَّةٍ﴾ [مَرْيَمَ: ١٢] وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وكَتَبْنا لَهُ في الألْواحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ﴾ [الأعْرافِ: ١٤٥] أيْ: بِاجْتِهادٍ في أداءِ الأمانَةِ وتَشَدُّدٍ في القِيامِ بِالدَّعْوَةِ، وتَرْكِ إظْهارِ الوَهْنِ والضَّعْفِ، و”الأيْدِ“ والقُوَّةُ سَواءٌ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أيَّدَكَ بِنَصْرِهِ﴾ [الأنْفالِ: ٦٢] وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأيَّدْناهُ بِرُوحِ القُدُسِ﴾ [البَقَرَةِ: ٨٧] وقالَ: ﴿والسَّماءَ بَنَيْناها بِأيْدٍ﴾ [الذّارِياتِ: ٤٧] وعَنْ (p-١٦٢)قَتادَةَ أُعْطِيَ قُوَّةً في العِبادَةِ وفِقْهًا في الدِّينِ، وكانَ يَقُومُ اللَّيْلَ ويَصُومُ نِصْفَ الدَّهْرِ.
الرّابِعُ: قَوْلُهُ: ﴿إنَّهُ أوّابٌ﴾ أيْ أنَّ داوُدَ كانَ رَجّاعًا في أُمُورِهِ كُلِّها إلى طاعَتِي، والأوّابُ فَعّالٌ مِن آبَ إذا رَجَعَ كَما قالَ تَعالى: ﴿إنَّ إلَيْنا إيابَهُمْ﴾ [الغاشِيَةِ: ٢٥] وفَعّالٌ بِناءُ المُبالَغَةِ كَما يُقالُ قَتّالٌ وضَرّابٌ فَإنَّهُ أبْلَغُ مِن قاتِلٍ وضارِبٍ.
الخامِسُ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنّا سَخَّرْنا الجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالعَشِيِّ والإشْراقِ﴾ ونَظِيرُ هَذِهِ الآيَةِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ياجِبالُ أوِّبِي مَعَهُ والطَّيْرَ﴾ [سَبَأٍ: ١٠] وفِيهِ مَباحِثُ:
البَحْثُ الأوَّلُ: وفِيهِ وُجُوهٌ:
الأوَّلُ: أنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ خَلَقَ في جِسْمِ الجَبَلِ حَياةً وعَقْلًا وقُدْرَةً ومَنطِقًا، وحِينَئِذٍ صارَ الجَبَلُ مُسَبِّحًا لِلَّهِ تَعالى، ونَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ﴾ [الأعْرافِ: ١٤٣] فَإنَّ مَعْناهُ أنَّهُ تَعالى خَلَقَ في الجَبَلِ عَقْلًا وفَهْمًا، ثُمَّ خَلَقَ فِيهِ رُؤْيَةَ اللَّهِ تَعالى، فَكَذا هَهُنا.
الثّانِي: في التَّأْوِيلِ ما رَواهُ القَفّالُ في تَفْسِيرِهِ أنَّهُ يَجُوزُ أنْ يُقالَ: إنَّ داوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ قَدْ أُوتِيَ مِن شِدَّةِ الصَّوْتِ وحُسْنِهِ ما كانَ لَهُ في الجِبالِ دَوِيٌّ حَسَنٌ، وما يُصْغِي الطَّيْرُ إلَيْهِ لِحُسْنِهِ فَيَكُونُ دَوِيُّ الجِبالِ وتَصْوِيتُ الطَّيْرِ مَعَهُ وإصْغاؤُهُ إلَيْهِ تَسْبِيحًا، وذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ أنَّ اللَّهَ تَعالى لَمْ يُعْطِ أحَدًا مِن خَلْقِهِ مِثْلَ صَوْتِ داوُدَ حَتّى إنَّهُ كانَ إذا قَرَأ الزَّبُورَ دَنَتْ مِنهُ الوُحُوشُ حَتّى يَأْخُذَ بِأعْناقِها.
الثّالِثُ: أنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ سَخَّرَ الجِبالَ حَتّى إنَّها كانَتْ تَسِيرُ إلى حَيْثُ يُرِيدُهُ داوُدُ، وجُعِلَ ذَلِكَ السَّيْرُ تَسْبِيحًا لِأنَّهُ كانَ يَدُلُّ عَلى كَمالِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى وحِكْمَتِهِ.
البَحْثُ الثّانِي: قالَ صاحِبُ ”الكَشّافِ“ ﴿يُسَبِّحْنَ﴾ في مَعْنى مُسَبِّحاتٍ، فَإنْ قالُوا هَلْ مِن فَرْقٍ بَيْنَ يُسَبِّحْنَ ومُسَبِّحاتٍ ؟ قُلْنا: نَعَمْ، فَإنَّ صِيغَةَ الفِعْلِ تَدُلُّ عَلى الحُدُوثِ والتَّجَدُّدِ، وصِيغَةُ الِاسْمِ عَلى الدَّوامِ عَلى ما بَيَّنَهُ عَبْدُ القاهِرِ النَّحْوِيُّ في كِتابِ دَلائِلِ الإعْجازِ، إذا ثَبَتَ هَذا فَنَقُولُ: قَوْلُهُ: ﴿يُسَبِّحْنَ﴾ يَدُلُّ عَلى حُدُوثِ التَّسْبِيحِ مِنَ الجِبالِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وحالًا بَعْدَ حالٍ، وكانَ السّامِعُ حاضِرُ تِلْكَ الجِبالِ يَسْمَعُها تُسَبِّحُ.
البَحْثُ الثّالِثُ: قالَ الزَّجّاجُ: يُقالُ شَرَقَتِ الشَّمْسُ إذا طَلَعَتْ، وأشْرَقَتْ إذا أضاءَتْ، وقِيلَ هُما بِمَعْنًى، والأوَّلُ أكْثَرُ، تَقُولُ العَرَبُ: شَرَقَتِ الشَّمْسُ والماءُ يُشْرِقُ.
البَحْثُ الرّابِعُ: احْتَجُّوا عَلى شَرْعِيَّةِ صَلاةِ الضُّحى بِهَذِهِ الآيَةِ، «عَنْ أُمِّ هانِئٍ قالَتْ: ”دَخَلَ عَلَيْنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَدَعا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأ ثُمَّ صَلّى صَلاةَ الضُّحى، وقالَ: يا أُمَّ هانِئٍ هَذِهِ صَلاةُ الإشْراقِ“» وعَنْ طاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: ”هَلْ تَجِدُونَ ذِكْرَ صَلاةِ الضُّحى في القُرْآنِ ؟ قالُوا: لا، فَقَرَأ ﴿إنّا سَخَّرْنا الجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالعَشِيِّ والإشْراقِ﴾ وقالَ كانَ يُصَلِّيها داوُدُ عَلَيْهِ السَّلامُ، وقالَ لَمْ يَزَلْ في نَفْسِي شَيْءٌ مِن صَلاةِ الضُّحى حَتّى وجَدْتُها في قَوْلِهِ: ﴿يُسَبِّحْنَ بِالعَشِيِّ والإشْراقِ﴾ .
* * *
الصِّفَةُ السّادِسَةُ: مِن صِفاتِ داوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أوّابٌ﴾ وفِيهِ مَباحِثُ:
(p-١٦٣)البَحْثُ الأوَّلُ: قَوْلُهُ: ﴿والطَّيْرَ﴾ مَعْطُوفَةٌ عَلى الجِبالِ، والتَّقْدِيرُ وسَخَّرْنا الطَّيْرَ مَحْشُورَةً، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: كانَ داوُدُ إذا سَبَّحَ جاوَبَتْهُ الجِبالُ واجْتَمَعَتْ إلَيْهِ الطَّيْرُ فَسَبَّحَتْ مَعَهُ، واجْتِماعُها إلَيْهِ هو حَشْرُها، فَيَكُونُ عَلى هَذا التَّقْدِيرِ حاشِرُها هو اللَّهُ، (فَإنْ قِيلَ) كَيْفَ يَصْدُرُ تَسْبِيحُ اللَّهِ عَنِ الطَّيْرِ مَعَ أنَّهُ لا عَقْلَ لَها ؟ قُلْنا: لا يَبْعُدُ أنْ يُقالَ إنَّ اللَّهَ تَعالى كانَ يَخْلُقُ لَها عَقْلًا حَتّى تَعْرِفَ اللَّهَ فَتُسَبِّحَهُ حِينَئِذٍ، وكُلُّ ذَلِكَ كانَ مُعْجِزَةً لِداوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ.
البَحْثُ الثّانِي: قالَ صاحِبُ“ الكَشّافِ ”قَوْلُهُ: ﴿مَحْشُورَةً﴾ في مُقابَلَةِ ﴿يُسَبِّحْنَ﴾ إلّا أنَّهُ لَيْسَ في الحَشْرِ مِثْلُ ما كانَ في التَّسْبِيحِ مِن إرادَةِ الدَّلالَةِ عَلى الحُدُوثِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، فَلا جَرَمَ جِيءَ بِهِ اسْمًا لا فِعْلًا، وذَلِكَ أنَّهُ قالَ لَوْ قِيلَ: وسَخَّرْنا الطَّيْرَ مَحْشُورَةً يُسَبِّحْنَ عَلى تَقْدِيرِ أنَّ الحَشْرَ وُجِدَ مِن حاشِرِها جُمْلَةً واحِدَةً دَلَّ عَلى القَدْرِ المَذْكُورِ واللَّهُ أعْلَمُ.
البَحْثُ الثّالِثُ: قُرِئَ“ والطَّيْرُ مَحْشُورَةٌ " بِالرَّفْعِ.
الصِّفَةُ السّابِعَةُ مِن صِفاتِ داوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كُلٌّ لَهُ أوّابٌ﴾ ومَعْناهُ كُلُّ واحِدٍ مِنَ الجِبالِ والطَّيْرِ أوّابٌ أيْ رَجّاعٌ، أيْ كُلَّما رَجَعَ داوُدُ إلى التَّسْبِيحِ جاوَبَتْهُ، فَهَذِهِ الأشْياءُ أيْضًا كانَتْ تَرْجِعُ إلى تَسْبِيحاتِها، والفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الصِّفَةِ وبَيْنَ ما قَبْلَها أنَّ فِيما سَبَقَ عَلِمْنا أنَّ الجِبالَ والطَّيْرَ سَبَّحَتْ مَعَ تَسْبِيحِ داوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وبِهَذا اللَّفْظِ فَهِمْنا دَوامَ تِلْكَ المُوافَقَةِ، وقِيلَ الضَّمِيرُ في قَوْلِهِ: ﴿كُلٌّ لَهُ أوّابٌ﴾ لِلَّهِ تَعالى أيْ كُلٌّ مِن داوُدَ والجِبالِ والطَّيْرِ لِلَّهِ أوّابٌ أيْ مُسَبِّحٌ مُرَجِّعٌ لِلتَّسْبِيحِ.
الصِّفَةُ الثّامِنَةُ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وشَدَدْنا مُلْكَهُ﴾ أيْ قَوَّيْناهُ، وقالَ تَعالى: ﴿سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأخِيكَ﴾ [القَصَصِ: ٣٥] وقِيلَ شَدَدْنا عَلى المُبالَغَةِ، وأمّا الأسْبابُ المُوجِبَةُ لِحُصُولِ هَذا الشَّدِّ فَكَثِيرَةٌ، وهي إمّا الأسْبابُ الدُّنْيَوِيَّةُ أوِ الدِّينِيَّةُ، أمّا الأوَّلُ فَذَكَرُوا فِيهِ وجْهَيْنِ:
الأوَّلُ: رَوى الواحِدِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أنَّهُ كانَ يَحْرُسُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ سِتَّةٌ وثَلاثُونَ ألْفَ رَجُلٍ، فَإذا أصْبَحَ قِيلَ ارْجِعُوا فَقَدْ رَضِيَ عَنْكم نَبِيُّ اللَّهِ، وزادَ آخَرُونَ فَذَكَرُوا أرْبَعِينَ ألْفًا. قالُوا وكانَ أشَدَّ مُلُوكِ الأرْضِ سُلْطانًا، وعَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ رَجُلًا ادَّعى عِنْدَ داوُدَ عَلى رَجُلٍ أخَذَ مِنهُ بَقَرَةً فَأنْكَرَ المُدَّعى عَلَيْهِ، فَقالَ داوُدُ لِلْمُدَّعِي: أقِمِ البَيِّنَةَ، فَلَمْ يُقِمْها، فَرَأى داوُدُ في مَنامِهِ. أنَّ اللَّهَ يَأْمُرُهُ أنْ يَقْتُلَ المُدَّعى عَلَيْهِ، فَثَبَتَ داوُدُ وقالَ هو مَنامٌ، فَأتاهُ الوَحْيُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأنْ تَقْتُلَهُ فَأحْضَرَهُ وأعْلَمَهُ أنَّ اللَّهَ أمَرَهُ بِقَتْلِهِ، فَقالَ المُدَّعى عَلَيْهِ صَدَقَ اللَّهُ، إنِّي كُنْتُ قَتَلْتُ أبا هَذا الرَّجُلِ غِيلَةً. فَقَتَلَهُ داوُدُ. فَهَذِهِ الواقِعَةُ شَدَّدَتْ مُلْكَهُ، وأمّا الأسْبابُ الدِّينِيَّةُ المُوجِبَةُ لِهَذا الشَّدِّ فَهي الصَّبْرُ والتَّأمُّلُ التّامُّ والِاحْتِياطُ الكامِلُ.
الصِّفَةُ التّاسِعَةُ: قَوْلُهُ: ﴿وآتَيْناهُ الحِكْمَةَ﴾ واعْلَمْ أنَّهُ تَعالى قالَ: ﴿ومَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البَقَرَةِ: ٢٦٩] واعْلَمْ أنَّ الفَضائِلَ عَلى ثَلاثَةِ أقْسامٍ: النَّفْسانِيَّةُ والبَدَنِيَّةُ والخارِجِيَّةُ، والفَضائِلُ النَّفْسانِيَّةُ مَحْصُورَةٌ في قِسْمَيْنِ: العِلْمُ والعَمَلُ، أمّا العِلْمُ فَهو أنْ تَصِيرَ النَّفْسُ بِالتَّصَوُّراتِ الحَقِيقِيَّةِ والتَّصْدِيقاتِ النَّفْسانِيَّةِ بِمُقْتَضى الطّاقَةِ البَشَرِيَّةِ، وأمّا العَمَلُ فَهو أنْ يَكُونَ الإنْسانُ آتَيًا بِالعَمَلِ الأصْلَحِ الأصْوَبِ بِمَصالِحِ الدُّنْيا والآخِرَةِ، فَهَذا هو الحِكْمَةُ، وإنَّما سُمِّيَ هَذا بِالحِكْمَةِ لِأنَّ اشْتِقاقَ الحِكْمَةِ الصَّحِيحَةِ لا تَقْبَلُ النَّسْخَ والنَّقْضَ فَكانَتْ في غايَةِ الإحْكامِ، وأمّا الأعْمالُ المُطابِقَةُ لِمَصالِحِ الدُّنْيا والآخِرَةِ فَإنَّها واجِبَةُ الرِّعايَةِ ولا تَقْبَلُ (p-١٦٤)النَّقْضَ والنَّسْخَ، فَلِهَذا السَّبَبِ سَمَّيْنا تِلْكَ المَعارِفَ وهَذِهِ الأعْمالَ بِالحِكْمَةِ.
الصِّفَةُ العاشِرَةُ: قَوْلُهُ: ﴿وفَصْلَ الخِطابِ﴾ واعْلَمْ أنَّ أجْسامَ هَذا العالَمِ عَلى ثَلاثَةِ أقْسامٍ:
أحَدُها: ما تَكُونُ خالِيَةً عَنِ الإدْراكِ والشُّعُورِ، وهي الجَماداتُ والنَّباتاتُ.
وثانِيها: الَّتِي يَحْصُلُ لَها إدْراكٌ وشُعُورٌ ولَكِنَّها لا تَقْدِرُ عَلى تَعْرِيفِ غَيْرِها الأحْوالَ الَّتِي عَرَفُوها في الأكْثَرِ، وهَذا القِسْمُ هو جُمْلَةُ الحَيَواناتِ سِوى الإنْسانِ.
وثالِثُها: الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ إدْراكٌ وشُعُورٌ ويَحْصُلُ عِنْدَهُ قُدْرَةٌ عَلى تَعْرِيفِ غَيْرِهِ الأحْوالَ المَعْلُومَةَ لَهُ، وذَلِكَ هو الإنْسانُ وقُدْرَتُهُ عَلى تَعْرِيفِ غَيْرِهِ الأحْوالَ المَعْلُومَةَ عِنْدَهُ بِالنُّطْقِ والخِطابِ، ثُمَّ إنَّ النّاسَ مُخْتَلِفُونَ في مَراتِبِ القُدْرَةِ عَلى التَّعْبِيرِ عَمّا في الضَّمِيرِ، فَمِنهم مَن يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ إيرادُ الكَلامِ المُرَتَّبِ المُنْتَظِمِ، بَلْ يَكُونُ مُخْتَلِطَ الكَلامِ مُضْطَرِبَ القَوْلِ، ومِنهم مَن يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ التَّرْتِيبُ مِن بَعْضِ الوُجُوهِ، ومِنهم مَن يَكُونُ قادِرًا عَلى ضَبْطِ المَعْنى والتَّعْبِيرِ عَنْهُ إلى أقْصى الغاياتِ، وكُلُّ مَن كانَتْ هَذِهِ القُدْرَةُ في حَقِّهِ أكْمَلَ كانَتِ الآثارُ الصّادِرَةُ عَنِ النَّفْسِ النُّطْقِيَّةِ في حَقِّهِ أكْمَلَ، وكُلُّ مَن كانَتْ تِلْكَ القُدْرَةُ في حَقِّهِ أقَلَّ كانَتْ تِلْكَ الآثارُ أضْعَفَ، ولَمّا بَيَّنَ اللَّهُ تَعالى كَمالَ حالِ جَوْهَرِ النَّفْسِ النُّطْقِيَّةِ الَّتِي لِداوُدَ بِقَوْلِهِ: ﴿وآتَيْناهُ الحِكْمَةَ﴾ أرْدَفَهُ بِبَيانِ كَمالِ حالِهِ في النُّطْقِ واللَّفْظِ والعِبارَةِ، فَقالَ: ﴿وفَصْلَ الخِطابِ﴾ وهَذا التَّرْتِيبُ في غايَةِ الجَلالَةِ، ومِنَ المُفَسِّرِينَ مَن فَسَّرَ ذَلِكَ بِأنَّ داوُدَ أوَّلُ مَن قالَ في كَلامِهِ أمّا بَعْدُ، وأقُولُ: حَقًّا إنَّ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ أمْثالَ هَذِهِ الكَلِماتِ فَقَدْ حُرِمُوا الوُقُوفَ عَلى مَعانِي كَلامِ اللَّهِ تَعالى حِرْمانًا عَظِيمًا واللَّهُ أعْلَمُ، وقَوْلُ مَن قالَ المُرادُ مَعْرِفَةُ الأُمُورِ الَّتِي بِها يَفْصِلُ بَيْنَ الخُصُومِ وهو طَلَبُ البَيِّنَةِ واليَمِينِ فَبَعِيدٌ أيْضًا، لِأنَّ فَصْلَ الخِطابِ عِبارَةٌ عَنْ كَوْنِهِ قادِرًا عَلى التَّعْبِيرِ عَنْ كُلِّ ما يَخْطُرُ بِالبالِ ويَحْضُرُ في الخَيالِ، بِحَيْثُ لا يَخْتَلِطُ شَيْءٌ بِشَيْءٍ، وبِحَيْثُ يَنْفَصِلُ كُلُّ مَقامٍ عَنْ مَقامٍ، وهَذا مَعْنى عامٌّ يَتَناوَلُ جَمِيعَ الأقْسامِ واللَّهُ أعْلَمُ، وهَهُنا آخِرُ الكَلامِ في الصِّفاتِ العَشْرِ الَّتِي ذَكَرَها اللَّهُ تَعالى في مَدْحِ داوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ.
{"ayahs_start":16,"ayahs":["وَقَالُوا۟ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبۡلَ یَوۡمِ ٱلۡحِسَابِ","ٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا یَقُولُونَ وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَا دَاوُۥدَ ذَا ٱلۡأَیۡدِۖ إِنَّهُۥۤ أَوَّابٌ","إِنَّا سَخَّرۡنَا ٱلۡجِبَالَ مَعَهُۥ یُسَبِّحۡنَ بِٱلۡعَشِیِّ وَٱلۡإِشۡرَاقِ","وَٱلطَّیۡرَ مَحۡشُورَةࣰۖ كُلࣱّ لَّهُۥۤ أَوَّابࣱ","وَشَدَدۡنَا مُلۡكَهُۥ وَءَاتَیۡنَـٰهُ ٱلۡحِكۡمَةَ وَفَصۡلَ ٱلۡخِطَابِ"],"ayah":"وَشَدَدۡنَا مُلۡكَهُۥ وَءَاتَیۡنَـٰهُ ٱلۡحِكۡمَةَ وَفَصۡلَ ٱلۡخِطَابِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق