الباحث القرآني
﴿وَأَیُّوبَ﴾ - تفسير
٤٩٤٨٤- عن وهب بن مُنَبِّه -من طريق ابن إسحاق، عمَّن لا يتهم- قال: أيوب بن أموصَ بن رَزاحِ بن عِيصِ بن إسحاق بن إبراهيم الخليل[[أخرجه الحاكم ٢/٥٨١.]]. (١٠/٣٣٣)
٤٩٤٨٥- عن محمد بن السائب الكلبي -من طريق ابنه هشام- قال: أولُ نبيٍّ بُعِث إدريس، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم إسماعيل وإسحق، ثم يعقوب، ثم يوسف، ثم لوط، ثم هود، ثم صالح، ثم شعيب، ثم موسى وهارون، ثم إلياس، ثم اليسع، ثم يونس، ثم أيوب[[أخرجه ابن سعد ١/٥٤.]]. (١٠/٣٣٤)
﴿إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥۤ أَنِّی مَسَّنِیَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّ ٰحِمِینَ ٨٣﴾ - تفسير
٤٩٤٨٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- في قوله: ﴿أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين﴾، قال: إنّه لَمّا مَسَّه الضرُّ أنساه الله الدعاءَ أن يدعوه فيكشف ما به من ضُرٍّ، غير أنه كان يذكر الله كثيرًا، ولا يزيده البلاءُ في الله إلا رغبة وحسن إيقان، فلمّا انتهى الأجلُ وقضى الله أنّه كاشِفٌ ما به مِن ضُرٍّ أذن له في الدعاء، ويَسَّره له، كان قبل ذلك يقول -تبارك وتعالى-: لا ينبغي لعبدي أيوب أن يدعوني ثم لا أستجيب له. فلمّا دعا استجاب له، وأبدله بكل شيء ذهب له ضِعْفَيْن، ردَّ أهلَه ومثلهم معهم، وأثنى عليه، فقال: ﴿إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب﴾ [ص:٤٤][[أخرجه ابن جرير ١٦/٣٦٥.]]. (١٠/٣٤٠)
٤٩٤٨٧- عن نَوف البِكالي -من طريق أبي عمران الجَوني- قال: مرَّ نفرٌ مِن بني إسرائيل بأيوب، فقالوا: ما أصابه ما أصابهُ إلا بذنب عظيم أصابه. فسمعها أيوبُ، فعند ذلك قال: ﴿مسني الضر وأنت أرحم الراحمين﴾. وكان قبل ذلك لا يدعو[[أخرجه أحمد في الزهد ص٤٣.]]. (١٠/٣٣٩)
٤٩٤٨٨- عن الحسن البصري -من طريق هشام- قال: لقد مكث أيوب مطروحًا على كُناسَةٍ[[الكُناسة: الموضع الذي يُرْمى فيه التراب والأوساخ وما يُكْنَس من المنازل. النهاية (سبط).]] سبع سنين وأشهرًا، ما يسأل الله أن يكشف ما به، وما على وجه الأرض خلقٌ أكرم من أيوب، فيزعمون أن بعض الناس قال: لو كان لربِّ هذا فيه حاجةٌ ما صنع به هذا. فعند ذلك دعا[[أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الصبر -موسوعة الإمام ابن أبي الدنيا ٤/٣٤ (٦٥)- مختصرًا، وابن جرير ١٦/٣٥٩.]]. (١٠/٣٣٩)
٤٩٤٨٩- قال قتادة بن دعامة: قوله: ﴿وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر﴾ المرض[[علَّقه يحيى بن سلّام ١/٣٣٣.]]. (ز)
٤٩٤٩٠- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وأيوب إذ نادى ربه﴾ يعني: دعاء ربه ﷿ ﴿أني مسني الضر﴾ يعني: أصابني البلاء، ﴿وأنت أرحم الراحمين﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٨٩.]]. (ز)
﴿إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥۤ أَنِّی مَسَّنِیَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّ ٰحِمِینَ ٨٣﴾ - آثار متعلقة بالآية
٤٩٤٩١- عن عقبة بن عامر، قال: قال النبيُّ ﷺ: «قال الله لأيوب: تدري ما جُرْمُك إلَيَّ حتى ابتليتُك؟ فقال: لا، يا ربِّ. قال: لأنك دخلت على فرعون، فداهنت عنده في كلمتين»[[أخرجه ابن عساكر في تاريخه ١٠/٥٩-٦٠، من طريق محمد بن يونس، عن ابن كثير الناجي، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر به. قال ابن عراق الكناني في تنزيه الشريعة ١/٢٤٧: «وفيه الكديمي». وقال الفتني في تذكرة الموضوعات ص١٨٣: «فيه الكديمي متهم». قال ابن حبان في كتاب المجروحين ٢/٣١٢-٣١٣ في ترجمة محمد بن يونس (١٠٢٣): «وكان يضع على الثقات الحديث وضعًا، ولعله قد وضع أكثر من ألف حديث».]]. (١٠/٣٣٥)
٤٩٤٩٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق جويبر، عن الضحاك- قال: إنّما كان ذنب أيوبَ أنه استعان به مسكينٌ على ظُلْمٍ يدرؤه عنه، فلم يُعِنْهُ، ولم يأمر بمعروف، وينه الظالمَ عن ظلمِه المسكينَ؛ فابتلاه الله[[أخرجه ابن عساكر ١٠/٦٠.]]. (١٠/٣٣٥)
٤٩٤٩٣- عن أبي إدريس الخولاني -من طريق زكريا بن يحيى- قال: أجدب الشامُ، فكتب فرعونُ إلى أيوب: أن هلُمَّ إلينا، فإنّ لك عندنا سَعَة. فأقبل بخيله وماشيته وبنيه، فأقْطعهم، فدخل شعيب، فقال: يا فرعون، أما تخاف أن يغضب غضبةً فيغضب لغضبه أهلُ السموات والأرض والجبال والبحار؟ فسكت أيوب، فلمّا خرجا مِن عنده أوحى الله إلى أيوب: يا أيوب، أوَسَكَتَّ عن فرعون لذهابك إلى أرضه؟! استعد للبلاء. قال: فدِيني؟ قال: أُسَلِّمُه لك. قال: فما أُبالِي[[أخرجه ابن عساكر ١٠/٦٠-٦١.]]. (١٠/٣٣٦)
٤٩٤٩٤- عن مجاهد بن جبر: أن أيوب أول من أصابه الجدري[[عزاه الحافظ ابن حجر في فتح الباري ٦/ ٤٢١ إلى ابن أبي حاتم.]]. (ز)
٤٩٤٩٥- عن الحسن البصري -من طريق هشام، ومبارك- قال: إنّ أيوب آتاه الله تعالى مالًا وولدًا، وأوسع عليه؛ فله مِن الشاء والبقر والغنم والإبل، وإنّ عدو الله إبليس قيل له: هل تقدر أن تفتن أيوب؟ قال: رب، إنّ أيوب أصبح في دنيا مِن مال وولد، فلا يستطيع ألا يشكرك، فسلِّطني على ماله وولده، فسترى كيف يطيعني ويعصيك. فسُلِّط على ماله وولده[[أخرجه ابن جرير ١٦/٣٦٠-٣٦٥ مطولًا. وعلَّقه يحيى بن سلّام١/٣٣٥. وسيأتي بتمامه في سياق القصة.]]. (١٠/٣٤٥)
٤٩٤٩٦- عن وهب بن مُنَبِّه -من طريق عبد الصمد بن معقل، وغيره-، نحو ذلك[[أخرجه ابن جرير ١٦/٣٣٣-٣٥٩.]]. (ز)
٤٩٤٩٧- عن الليث بن سعد -من طريق شيخ مِن أهل مصر- قال: كان السبب الذي ابتلي فيه أيوب أنه دخل أهلُ قريته على ملكهم، وهو جبّار مِن الجبابرة، وذكر بعض ما كان ظَلَمَهُ الناسُ، فكلَّموه، فأبلغوا في كلامه، ورفق أيوب في كلامه له مخافة منه لزرعه، فقال الله: اتَّقَيْتَ عبدًا مِن عبادي مِن أجل زرعك! فأنزل الله به ما أنزل من البلاء[[أخرجه ابن عساكر ١٠/٦١.]]. (١٠/٣٣٥)
﴿إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥۤ أَنِّی مَسَّنِیَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّ ٰحِمِینَ ٨٣﴾ - آثار في سياق قصة أيوب
٤٩٤٩٨- عن الحسن البصري -من طريق هشام، ومبارك، زاد أحدهما على الآخر- قال: إنّ أيوب آتاه الله تعالى مالًا وولدًا، وأَوْسَع عليه؛ فله مِن الشاء والبقر والغنم والإبل، وإنّ عدو الله إبليس قيل له: هل تقدر أن تفتِن أيوب؟ قال: ربِّ، إنّ أيوب أصبح في دنيا مِن مال وولد، فلا يستطيع ألّا يشكرك، فسلِّطني على ماله وولده، فسترى كيف يطيعني ويعصيك. فسُلِّط على ماله وولده، فكان يأتي الماشيةَ مِن ماله مِن الغنم فيحرقها بالنيران، ثم يأتي أيوب وهو يُصَلِّي مُتَشَبِّهًا براعي الغنم، فيقول: يا أيوب، تُصَلِّي لربٍّ! ما ترك الله لك مِن ماشيتك شيئًا مِن الغنم إلا أحرقها بالنيران، وكنتَ ناحيةً فجئتُ لأخبرك. فيقول أيوب: اللهم، أنت أعطيت، وأنت أخذت، مهما يبق شيءٌ أحمدك على حُسْنِ بلائك. فلا يقدر مِنه على شيء مِمّا يُريد، ثم يأتي ماشيته من البقر فيحرقها بالنيران، ثم يأتي أيوبَ فيقول له ذلك، ويرد عليه أيوب مثل ذلك، وكذلك فعل بالإبل، حتى ما ترك له ماشية، حتى هدم البيت على ولده، فقال: يا أيوب، أرسل اللهُ على ولدك مَن هدم عليهم البيوت حتى يهلكوا! فيقول أيوبُ مثل ذلك، وقال: ربِّ، هذا حين أحسنت إلَيَّ الإحسان كله؛ قد كنت قبل اليوم يُشْغِلُني حُبُّ المال بالنهار، ويشغلني حُبُّ الولد بالليل شفقةً عليهم، فالآن أُفْرِغُ سمعي لك وبصري وليلي ونهاري بالذِّكر والحمد والتقديس والتهليل. فينصرف عدوُّ الله مِن عنده ولم يُصِب منه شيئًا مِمّا يريد، ثم إنّ الله تعالى قال: كيف رأيتَ أيوب؟ قال إبليس: أيوب قد عَلِم أنّك سَتُرَدُّ عليه مالَه وولده، ولكن سلَّطني على جسده، فإن أصابه الضُّرُّ فيه أطاعني وعصاك. فسُلِّط على جسده، فأتاه فنفخ فيه نفخةً؛ قَرِحَ من لدن قرنه إلى قدمه، فأصابه البلاءُ بعد البلاء، حتى حُمِل فوُضِع على مزبلة كُناسةٍ لبني إسرائيل، فلم يبق له مال، ولا ولد، ولا صديق، ولا أحد يقربه غير رحمة، صبرت عليه، تَصَدَّقُ، وتأتيه بطعام، وتحمد الله معه إذا حمده، وأيوب على ذلك لا يَفْتُرُ مِن ذِكْرِ الله، والتحميد، والثناء على الله، والصبر على ما ابتلاه الله. فصرخ إبليس صرخةً جمعَ فيها جنوده من أقْطارِ الأرضين جزعًا من صبر أيوب، فاجتمعوا إليه، وقالوا له: اجتمعنا إليك؛ ما أحزنك؟ ما أعياك؟ قال: أعياني هذا العبدُ الذي سألتُ ربي أن يُسَلِّطَني على ماله وولده، فلم أدع له مالًا ولا ولدًا، فلم يَزْدَد بذلك إلا صبرًا وثناءً على الله تعالى، وتحميدًا له، ثم سُلِّطتُ على جسده فتركتُه قُرْحَةً ملقاةً على كُناسَةِ بني إسرائيل، لا يقربه إلا امرأته، فقد افْتَضَحْتُ بربي، فاستعنت بكم لتعينوني عليه. فقالوا له: أين مكرُك؟! أين علمُك الذي أهلكتَ به مَن مضى؟! قال: بطل ذلك كله في أيوب، فأشِيروا عَلَيَّ. قالوا: نُشِير عليك، أرأيت آدم حين أخرجتَه من الجنة، مِن أين أتيته؟ قال: مِن قِبَل امرأته. قالوا: فشأنُك بأيوب مِن قِبَل امرأته، فإنّه لا يستطيع أن يعصيها، وليس أحد يقربه غيرها. قال: أصبتم. فانطلق حتى أتى امرأتَه وهي تَصدَّقُ، فتَمَثَّل لها في صورة رجل، فقال: أين بعلُكِ، يا أمة الله؟ قالت: ها هو ذاك يحكُّ قروحه، ويتردَّدُ الدُّودُ في جسده. فلمّا سمِعها طمِع أن تكون كلمةَ جَزَع، فوضع في صدرها، فوسوس إليها، فذكَّرها ما كانت فيه مِن النِّعَم والمال والدواب، وذكَّرها جمال أيوب وشبابه، وما هو فيه مِن الضُّرِّ، وأنّ ذلك لا ينقطع عنهم أبدًا، فصَرَخَت، فلمّا صرخت علِم أن قد صرخت وجزعت، فأتاه بِسَخْلَةٍ، فقال: لِيذبح هذا إلَيَّ أيوبُ ويَبْرَأ. فجاءت تصرخ: يا أيوب، يا أيوب، حتى متى يعذبك ربُك؟! ألا يرحمك؟! أين المال؟! أين الشباب؟! أين الولد؟! أين الصديق؟! أين لونك الحسن، وقد تغير وصار مثل الرماد؟! أين جسمك الحسن الذي قد بلي وتَردَّد فيه الدواب؟! اذبح هذه السخلةَ واسترح. قال: أيوب: أتاكِ عدوُّ اللهِ فنفخَ فيكِ، فوجد فيكِ رِفَقًا فأجبتِه! ويلكِ! أرأيتِ ما تبكين عليه مما تذكرين مِمّا كُنّا فيه؛ من المال والولد والصحة والشباب، مَن أعطانيه؟ قالت: الله. قال: فكم مُتِّعنا به؟ قالت: ثمانين سنة. قال: فمُذ كم ابتلانا اللهُ بهذا البلاء الذي ابتلانا به؟ قالت: منذ سبع سنين وأشهرٍ. قال: ويلكِ! واللهِ، ما عدلتِ، ولا أنصفتِ ربَّكِ، ألا صبرتِ حتى نكون في هذا البلاء الذي ابتلانا ربُّنا ثمانين سنة كما كُنّا في الرخاء ثمانين سنة! واللهِ، لئن شفاني الله لأجلدنَّكِ مائة جلدة؛ حيت أمرتيني أن أذبح لغير الله، طعامك وشرابك الذي أتيتيني به عليَّ حرام، وأن أذوق شيئًا مما تأتيني به بعد إذ قلت لي هذا، فاغرُبي عَنِّي فلا أراكِ. فطُرِدَتْ، فذهبتْ، فقال الشيطان: هذا قد وطََّن نفسه ثمانين سنة على هذا البلاء الذي هو فيه! فباء بالغلبة، ورفضه، ونظر إلى أيوب قد طرد امرأته، وليس عنده طعامٌ ولا شراب ولا صديق، ومرَّ به رجلان وهو على تلك الحال -ولا واللهِ، ما على ظهر الأرض يومئذ أكرم على الله مِن أيوب-، فقال أحدُ الرجلين لصاحبه: لو كان لله في هذا حاجة ما بلغ به هذا. فلم يسمع أيوبُ شيئًا كان أشد عليه مِن هذه الكلمة؛ فقال: رب، ﴿مسني الضر﴾. ثم رد ذلك إلى الله، فقال: ﴿وأنت أرحم الراحمين﴾. فقيل له: ﴿اركض برجلك هذا مغتسل بارد﴾ [ص:٤٢]. فرَكَض برجله، فنَبَعَتْ عينُ ماء، فاغتسل منها، فلم يبق مِن دائه شيء ظاهر إلا سقط، فأذهب الله كُلَّ ألم وكُلَّ سقم، وعاد إليه شبابُه وجمالُه أحسن ما كان، ثم ضرب برجله فنبعت عينٌ أخرى، فشرب منها، فلم يبق في جوفه داءٌ إلا خرج، فقام صحيحًا، وكُسِي حُلَّةً، فجعل يلتفت فلا يرى شيئًا مِمّا كان له مِن أهلٍ ومال إلا وقد أضعَفَه الله له، حتى ذكر لنا: أنّ الماء الذي اغتسل به تطاير على صدره جَرادًا من ذَهَبٍ، فجعل يضمُّه بيده، فأوحى الله إليه: يا أيوب، ألم أُغْنِك؟ قال: بلى، ولكنها بركتك فمَن يشبع منها؟! فخرج حتى جلس على مكان مُشْرِف. ثم إنّ امرأته قالت: أرأيت إن كان طردني إلى مَن أكِلُه؟ أدَعُه يموت جوعًا، أو يضيع فتأكله السباع؟! لأرْجِعَنَّ إليه. فرجعت، فلا كناسة ترى، ولا تلك الحال التي كانت، وإذا الأمور قد تغيرت، فجعلت تطوف حيث الكناسة وتبكي، وذلك بعين أيوب، وهابت صاحب الحُلَّة أن تأتيه فتسأل عنه، فأرسل إليها أيوب، فدعاها، فقال: ما تُريدين، يا أمة الله؟ فبَكَتْ، وقالتْ: أردتُ ذلك المُبتَلى الذي كان منبوذًا على الكناسة، لا أدري أضاع أم ما فعل. قال لها أيوب: ما كان منك؟ فبكت، وقالت: بعلي، فهل رأيتَه؟ فقال: وهل تعرفينه إذا رأيتِه؟ قالت: وهل يخفى على أحد رآه؟ ثم جعلت تنظر إليه وهي تهابه، ثم قالت: أما إنّه كان أشبه خلق الله بك إذ كان صحيحًا. قال: فإني أيوب الذي أمرتِني أن أذبح للشيطان، وإني أطعتُ الله وعَصَيْتُ الشيطان، ودعوتُ الله فرَدَّ عَلَيَّ ما تَرَيْن. ثم إنّ الله رحمها بصبرها معه على البلاء، فأمره -تخفيفًا عنها- أن يأخذ جماعةً مِن الشجر، فيضربها ضربة واحدة؛ تخفيفًا عنها بصبرها معه[[أخرجه ابن جرير ١٦/٣٦٠-٣٦٥، ويحيى بن سلّام ١/٣٣٥، وعلَّق بعضه ١/٣٣٣.]]. (١٠/٣٤٥)
٤٩٤٩٩- عن وهب بن مُنَبِّه -من طريق عبد الصمد بن معقل، وغيره- نحو مِن ذلك، مطول جدًا[[أخرجه ابن جرير ١٦/٣٣٣-٣٥٩.]]٤٣٨٠. (ز)
﴿إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥۤ أَنِّی مَسَّنِیَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّ ٰحِمِینَ ٨٣﴾ - آثار متعلقة بالقصة
٤٩٥٠٠- عن أنس بن مالك، أنّ رسول الله ﷺ قال: «إنّ أيوب لبث به بلاؤُه ثماني عشرة سنة، فرفضه القريبُ والبعيدُ إلا رجلين مِن إخوانه كانا مِن أخَصِّ إخوانه، كانا يَغْدُوان إليه ويروحان، فقال أحدُهما لصاحبه ذاتَ يوم: تعلم -واللهِ- لقد أذنب أيوبُ ذنبًا ما أذنبه أحدٌ. قال: وما ذاك؟ قال: منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله فيكشف عنه ما به. فلمّا جاء إلى أيوب لم يصبر الرجل حتى ذكر له ذلك، فقال أيوب: لا أدري ما تقولُ غير أنّ الله يعلم أنِّي كنت أمر بالرجلين يتنازعان يذكران الله، فأرجع إلى بيتي فأُكَفِّر عنهما كراهية أن يُذكر اللهُ إلا في حقٍّ. وكان يخرج لحاجته فإذا قضى حاجتَه أمسكتِ امرأتُه بيده حتى يبلغ، فلما كان ذات يوم أبطأ عليها، فأوحى الله إلى أيوب في مكانه أن ﴿اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب﴾ [ص:٤٢]. فاستبطأته، فأتته، فأقبل عليها قد أذهب الله ما به مِن البلاء، وهو أحسن ما كان، فلمّا رأته قالت: أيْ بارك الله فيك، هل رأيتَ نبيَّ الله المُبْتَلى؟ واللهِ، على ذاك ما رأيت رجلًا أشبه به منك إذ كان صحيحًا، قال: فإني أنا هو». قال: «وكان له أندَرانِ[[الأندر: هو البيدر، وهو المكان الذي يداس فيه الطعام القمح والشعير. النهاية (أندر).]]؛ أندر للقمح، وأندر للشعير، فبعث الله سحابتين، فلمّا كانت إحداهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهبَ حتى فاض، وأفرغت الأخرى في أندر الشعير الوَرِق حتى فاض»[[أخرجه ابن حبان ٧/١٥٧-١٥٩ (٢٨٩٨)، والحاكم ٢/٦٣٥ (٤١١٥)، وابن جرير ٢٠/١٠٩-١١٠، وابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير ٧/٧٥-، والثعلبي ٦/٢٩٥، من طريق نافع بن يزيد، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك به. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط الشيخين، ولم يخرجاه». ووافقه الذهبي. وقال أبو نعيم في الحلية ٣/٣٧٥: «غريب من حديث الزهري، لم يروه عنه إلا عقيل، ورواته متفق على عدالتهم، تفرَّد به نافع». وقال ابن كثير في البداية والنهاية ١/٥١١: «وهذا غريب رفعُه جدًّا، والأشبه أن يكون موقوفًا»، وكذا في تفسيره ٧/٧٥. وقال الهيثمي في المجمع ٨/٢٠٨ (١٣٨٠٠): «رجال البزار رجال الصحيح». وقال البوصيري في إتحاف الخيرة ٧/١٤٢ (٦٥٢٧): «إسناد صحيح». وقال الألباني في الصحيحة ١/٥٣-٥٤ (١٧): «الحديث صحيح».]]. (١٠/٣٤٧)
٤٩٥٠١- عن عبد الله بن عباس -من طريق يوسف بن مهران- نحوه، وفيه: فكساه اللهُ حُلَّةً مِن حُلَل الجنة، فجاءت امرأتُه، فلم تعرفه، فقالت: يا عبد الله، هل أبصرت المُبْتَلى الذي كان هنا، فلعلَّ الذئاب ذهبت به؟ فقال: ويحكِ، أنا هو[[أخرجه ابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير ٥/٣٥٦، وفتح الباري ٦/٤٢١-.]]. (ز)
٤٩٥٠٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق يوسف بن مهران-: أنّ امرأة أيوب قالت له: واللهِ، قد نزل بي من الجهد والفاقة ما إن بِعْتُ قَرْنَيَّ بِرَغِيفٍ فأطْعمْتُك، وإنّك رجل مُجاب الدعوة؛ فادعُ الله أن يشفيك. فقال: ويحكِ! كُنّا في النعماء سبعين سنة، فنحن في البلاء سبع سنين[[أخرجه الحاكم ٢/٥٨١، والبيهقي في الشعب (٩٧٩٤)، وابن عساكر ١٠/٦٤. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.]]. (١٠/٣٤٦)
٤٩٥٠٣- عن عبد الله بن عباس -من طريق جُوَيْبِر، عن الضحاك-: أنّ أيوب عاش بعد ذلك سبعين سنة بأرض الروم على دين الحنيفية، وعلى ذلك مات، وتغيَّروا بعد ذلك، وغيَّروا دين إبراهيم، كما غيَّره مَن كان قبلهم[[أخرجه ابن عساكر ١٠/٧٧-٧٨. وعزاه السيوطي إلى إسحق بن بشر.]]. (١٠/٣٤٩)
٤٩٥٠٤- عن كعب [الأحبار] -من طريق سَمُرَة بن جندب- قال: كان أيوبُ بن أموص نبيُّ الله الصابر طويلًا، جعد الشعر، واسع العينين، حسن الخلق، وكان على جبينه مكتوب: المُبْتلى الصابر، وكان قصيرَ العُنُق، عريضَ الصَّدر، غليظَ الساقين والساعِدَين، كان يُعطِي الأرامل ويكسوهم، جاهدًا ناصحًا لله[[أخرجه الحاكم ٢/٥٨٠-٥٨١.]]. (١٠/٣٣٣)
٤٩٥٠٥- عن مجاهد بن جبر -من طريق السدي- قال: إنّ أول مَن أصابه الجدريَّ أيوبُ ﵇[[أخرجه ابن عساكر ١٠/٧١. وعزاه السيوطي إلى إسحق بن بشر.]]. (١٠/٣٤٧)
٤٩٥٠٦- عن الحسن البصري -من طريق هشام- قال: ما كان بقي مِن أيوب ﵇ إلا عيناه وقلبه ولسانه، فكانت الدوابُّ تختلف في جسده، ومكث في الكُناسة سبع سنين وأيامًا[[أخرجه أحمد في الزهد ص٤١-٤٢. وابن جرير ١٦/٣٥٩ بنحوه من طريق يونس.]]. (١٠/٣٣٩)
٤٩٥٠٧- عن الحسن البصري -من طريق رِياح- قال: إن كانت الدُّودَة لَتَقَع مِن جسد أيوب، فيأخذها إلى مكانها، ويقول: كُلِي مِن رِزق الله[[أخرجه أبو نعيم ٦/١٩٤-١٩٥، وابن عساكر ١٠/٦٤.]]. (١٠/٣٤٦)
٤٩٥٠٨- عن وهْب بن مُنَبِّه -من طريق عمرو- قال: لم يكن الذي أصاب أيوبَ الجذامُ، ولكنَّه أصابه أشد منه؛ كان يخرج في جسده مِثْلُ ثدي المرأة، ثم يَتَفَقَّأ[[أخرجه عبد الرزاق ٢/١٦٧، وابن جرير ١٦/٣٦٠، وابن عساكر ١٠/٦٥. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.]]. (١٠/٣٤٦)
٤٩٥٠٩- عن وهب بن مُنَبِّه -من طريق إدريس ابن بنت وهب- قال: إنّ أيوب كان أعبدَ أهل زمانه، وأكثرهم مالًا، وكان لا يشبع حتى يشبع الجائع، وكان لا يكتسي حتى يكسو العاري، وكان إبليسُ قد أعياه أمرُ أيوب؛ ليغويه، فلا يقدر عليه، وكان عبدًا معصومًا[[أخرجه ابن عساكر ١٠/٥٩.]]. (١٠/٣٣٤)
٤٩٥١٠- عن وهب بن مُنَبِّه -من طريق إبراهيم بن الحجاج- أنّه سُئِل: ما كانت شريعةُ قومِ أيوب؟ قال: التوحيد، وإصلاح ذات البين، وإذا كانت لأحدهم حاجةٌ خرَّ لله ساجدًا ثم طلب حاجته. قيل: فما كان ماله؟ قال: كان له ثلاثة آلاف فدّان، مع كل فدان عبد، مع كل عبد وليدة، ومع كل وليد أتان وأربعة عشرة ألف شاة، ولم يبت ليلةً له إلا وصِيفٌ[[الوصيف: العبد والخادم، ذكرًا كان أو أنثى. النهاية وتاج العروس (وصف).]] وراء بابه، ولم يأكل طعامه إلا ومعه مسكين[[أخرجه أحمد في الزهد ص٤٢، والخطيب في المتفق والمفترق ١/٢٦٠، وابن عساكر ١٠/٥٩.]]. (١٠/٣٣٤)
٤٩٥١١- عن وهب بن مُنَبِّه -من طريق عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه- قال: عاش أيوب ثلاثًا وتسعين سنة، وأوصى عند موته إلى ابنه حرمل، وقد بعث الله بعده ابنه بشر بن أيوب نبيًّا، وسمّاه: ذا الكفل، وكان مُقيمًا بالشام عمره حتى مات ابنُ خمس وسبعين سنة، وأنّ بشرًا أوصى إلى ابنه عبدان، ثم بعث الله بعدهم شعيبًا[[أخرجه الحاكم ٢/٥٨٢-٥٨٣.]]. (١٠/٣٥٠)
٤٩٥١٢- عن قتادة بن دعامة -من طريق أبي هلال- قال: ابتُلِي أيوبُ سبعَ سنين مُلْقًى على كُناسة بيت المقدس[[أخرجه الحاكم ٢/٥٨٢، والبيهقي في الشعب (٩٧٩٣)، وابن عساكر ١٠/٦٤.]]. (١٠/٣٤٦)
٤٩٥١٣- عن طلحة بن مُصَرِّف -من طريق ليث- قال: قال إبليس: ما أصبتُ مِن أيوب شيئًا قطُّ أفرحُ به؛ إلا أني كنت إذا سمعتُ أنينه علِمْتُ أنِّي أوْجَعْتُه[[أخرجه ابن أبي الدنيا في الصبر (٦٦)، وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ص٨٩-٩٠، وابن عساكر ١٠/٦٦.]]. (١٠/٣٤٧)
٤٩٥١٤- عن يزيد بن ميسرة -من طريق صفوان بن عمرو- قال: لَمّا ابتلى اللهُ أيوبَ بذهاب المال والأهلِ والولدِ فلم يبق له شيءٌ أحسن مِن الذكر والحمد لله رب العالمين، ثم قال: أحمدك ربِّ الذي أحسنت إلَيَّ، قد أعطيتَني المالَ والولدَ، لم يبق من قلبي شعبةٌ إلا قد دخلها ذلك، فأخذت ذلك كله مِنِّي وفرَّغتَ قلبي، فليس يحول بيني وبينك شيء، لا يعلم عدُوِّي إبليس الذي وصفت إلا حسدني، فلقي إبليسُ مِن هذا شيئًا مُنكَرًا[[أخرجه أبو نعيم ٥/٢٣٩-٢٤٠، وابن عساكر ١٠/٦١-٦٢. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.]]. (١٠/٣٣٦)
٤٩٥١٥- عن سفيان الثوري -من طريق يوسف بن أسباط- قال: ما أصاب إبليسُ مِن أيوب في مرضه إلا الأنين[[أخرجه البيهقي في الشعب (١٠٠٧٧).]]. (١٠/٣٣٥)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.