الباحث القرآني

ولَمّا أتَمَّ سُبْحانَهُ ذِكْرَ مَن سَخَّرَ لَهُمُ العَناصِرَ الَّتِي مِنها الحَيَوانُ المَحْتُومُ بِبِعْثَتِهِ [تَحْقِيقًا -] لِذَلِكَ، ذَكَرَ بَعْدَهم مَن وقَعَ لَهُ أمْرٌ مِنَ الخَوارِقِ يَدُلُّ عَلى ذَلِكَ، إمّا بِإعادَةٍ أوْ حِفْظٍ أوِ ابْتِداءٍ، بَدَأهم بِمَن أعادَ لَهُ ما كانَ أُعْدِمَهُ مِن أهْلٍ ومالٍ، وسَخَّرَ لَهُ عُنْصُرَ الماءِ في إعادَةِ لَحْمِهِ وجِلْدِهِ، لِأنَّ الإعادَةَ هي المَقْصُودَةُ بِالذّاتِ في هَذِهِ السُّورَةِ فَقالَ: ﴿وأيُّوبَ﴾ أيْ واذْكُرْ أيُّوبَ، قالُوا: وهو ابْنُ أمُوصَ بْنِ رُومَ بْنِ عِيصَ بْنِ إسْحاقَ بْنِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، وكانَ صاحِبَ البَثَنِيَّةِ مِن بِلادِ الشّامِ، وكانَ اللَّهُ قَدْ بَسَطَ عَلَيْهِ الدُّنْيا فَشَكَرَهُ سُبْحانَهُ ثُمَّ ابْتَلاهُ [فَصَبَرَ -] ﴿إذْ نادى رَبَّهُ﴾ أيِ المُحْسِنَ إلَيْهِ في عافِيَتِهِ وضُرِّهِ بِما آتاهُ مِن صَبْرِهِ ﴿أنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾ بِتَسْلِيطِكَ الشَّيْطانَ عَلَيَّ في بَدَنِي وأهْلِي ومالِي وقَدْ طَمِعَ الآنَ في دِينِي، وذَلِكَ أنَّهُ زَيَّنَ لِامْرَأةِ أيُّوبَ (p-٤٦٢)عَلَيْهِ السَّلامُ أنْ تَأْمُرَهُ أنْ يَذْبَحَ لِصَنَمٍ فَإنَّهُ يَبْرَأُ ثُمَّ يَتُوبُ، فَفَطِنَ لِذَلِكَ وحَلَفَ: لَيَضْرِبَنَّها إنْ بَرَأ، وجَزِعَ مِن ذَلِكَ، والشَّكْوى إلى اللَّهِ تَعالى لَيْسَتْ مِنَ الجَزَعِ فَلا تُنافِي الصَّبْرَ، وقالَ سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: ولا مَن شَكا [إلى -] النّاسِ وهو في شَكْواهُ راضٍ بِقَضاءِ اللَّهِ تَعالى. ﴿وأنْتَ﴾ أيْ والحالُ أنَّكَ أنْتَ ﴿أرْحَمُ الرّاحِمِينَ﴾ فافْعَلْ بِي ما يَفْعَلُ الرَّحْمَنُ بِالمَضْرُورِ، وهَذا تَعْرِيضٌ بِسُؤالِ الرَّحْمَةِ حَيْثُ ذَكَرَ نَفْسَهُ بِما يُوجِبُ الرَّحْمَةَ، ورَبَّهُ بِأبْلَغِ صِفاتِها ولَمْ يُصَرِّحْ، فَكانَ ذَلِكَ ألْطَفَ في السُّؤالِ، فَهو أجْدَرُ بِالنَّوالِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب