الباحث القرآني
* (فائدة)
جمع في هَذا الدُّعاء بَين حَقِيقَة التَّوْحِيد، وإظْهار الفقر والفاقة إلى ربه، ووُجُود طعم المحبَّة في التملق لَهُ، والإقْرار لَهُ بِصفة الرَّحْمَة، وأنه أرْحم الرّاحِمِينَ، والتوسل إلَيْهِ بصفاته سُبْحانَهُ، وشدَّة حاجته وهو فقره، ومَتى وجد المُبْتَلى هَذا كشف عَنهُ بلواه.
وَقد جرّب أنه من قالَها سبع مَرّات ولا سِيما مَعَ هَذِه المعرفَة كشف الله ضره.
* [فصل: الفرق بين الإخبار بالحال وبين الشكوى]
والفرق بين الإخبار بالحال وبين الشكوى وإن اشتبهت صدرتهما: أن الإخبار بالحال يقصد المخبر به قصدا صحيحا من علم سبب إدانته، أو الاعتذار لأخيه من أمر طلبه منه، أو يحذره من الوقوع في مثل ما وقع فيه فيكون ناصحا بإخباره له، أو حمله على الصبر بالتأسي، كما يذكر عن الأحنف أنه شكا إليه رجل شكوى.
فقال: يا ابن أخي لقد ذهب ضوء عيني كذا وكذا سنة فما أعلمت به أحدا.
ففي ضمن هذا الإخبار من حمل الشاكي على التأسي والصبر ما يثاب عليه المخبر وصورته صورة الشكوى ولكن القصد ميز بينهما، ولعل هذا قول النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم، لما قالت عائشة: "وارأساه، فقال بل أنا وارأساه"
أي الوجع القوي بي أنا دونك فتأسي بي فلا تشتكي، ويلوح لي فيه معنى آخر وهو أنها كانت حبيبة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بل كانت أحب النساء إليه على الإطلاق.
فلما اشتكت إليه رأسها أخبرنا أن بمحبها من الألم مثل الذي بها وهذا غاية الموافقة من المحب ومحبوبه يتألم بتألمه ويسر بسروره حتى إذا آلمه عضو من أعضائه آلم المحب ذلك العضو بعينه وهذا من صدق المحبة وصفاء المودة فالمعنى الأول يفهم أنك لا تشتكي واصبر في من الموجع مثل ما بك فتأسى بي في الصبر وعدم الشكوى.
والمعنى الثاني يفهم إعلامها بصدق محبته لها أي انظري قوة محبتي لك كيف واسيتك في ألمك ووجع رأسك فلم تكوني متوجعة وأنا سليم من الوجع بل يؤلمني ما يؤلمك كما يسرني ما يسرك كما قيل:
؎وإن أولى البرايا أن تواسيه ∗∗∗ عند السرور الذي واساك في الحزن
وأما الشكوى فالإخبار العاري عن القصد الصحيح بل يكون مصدره السخط وشكاية المبتلي إلى غيره فإن شكا إليه سبحانه وتعالى لم يكن ذلك شكوى بل استعطاف وتملق واسترحام له كقول أيوب لرَبِّهِ ﴿أنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وأنْتَ أرْحَمُ الرّاحِمِينَ﴾
وقول يعقوب ﴿إنَّما أشْكُوا بَثِّي وحُزْنِي إلى اللَّهِ﴾
وقول موسى:
"اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان ولا حول ولا قوة إلا بك".
وقول سيد ولد آدم
"اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أو إلى عدو ملّكته أمري إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي غير أن عافيتك أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن يحل علي غضبك أو ينزل بي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك"
فالشكوى إلى اللّه سبحانه لا تنافي الصبر بوجه فإن اللّه تعالى قال عن أيوب ﴿إنّا وجَدْناهُ صابِرًا نِعْمَ العَبْدُ إنَّهُ أوّابٌ﴾ مع إخباره عنه بالشكوى إليه في قوله ﴿مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾ وأخبر عن نبيه يعقوب أنه وعد من نفسه بالصبر الجميل والنبي إذا قال وفّى مع قوله ﴿إنَّما أشْكُوا بَثِّي وحُزْنِي إلى اللَّهِ﴾، ولم يجعل ذلك نقصا لصبره.
ولا يلتف أن غير هذا من ترهات القوم، كما قال بعضهم لما قال: ﴿مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾.
قال تعالى: ﴿إنّا وجَدْناهُ صابِرًا﴾ ولم يقل صبورا حيث قال ﴿مسّني الضر﴾.
وقال بعضهم لم يقل: ارحمني، وإنما قال ﴿أنت أرحم الراحمين﴾ فلم يزد على الإخبار بحاله ووصف ربه.
وقال بعضهم إنما شكا مس ضر حين ضعف لسانه عن الذكر فشكا مس ضر ضعف الذكر لا ضر المرض والألم.
وقال بعضهم استخرج منه هذا القول ليكون قدوة للضعفاء من هذه الأمة.
وكأن هذا القائل رأى أن الشكوى إلى اللّه تنافي الصبر وغلط أقبح الغلط فالمنافي للصبر شكواه لا الشكوى إليه فاللّه يبتلي عبده ليسمع تضرعه ودعاءه والشكوى إليه ولا يحب التجلد عليه، وأحب ما إليه انكسار قلب عبده بين يديه وتذلله له وإظهار ضعفه وفاقته وعجزه وقلة صبره، فاحذر كل الحذر إظهار التجلد عليه وعليك بالتضرع والتمسكن وإبداء العجز والفاقة والذل والضعف، فرحمته أقرب إلى هذا القلب من اليد للفم.
{"ayah":"۞ وَأَیُّوبَ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥۤ أَنِّی مَسَّنِیَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّ ٰحِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق