الباحث القرآني

﴿وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِی﴾ - نزول الآية

٤٨٥١١- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ومن أعرض عن ذكري﴾ نَزَلَتْ في الأسود بن عبد الأسود المخزومي، قتله حمزة بن عبد المطلب يوم بدر على الحوض ...[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٤٤-٤٥.]]. (ز)

﴿وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِی﴾ - تفسير الآية

٤٨٥١٢- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ومن أعرض عن ذكري﴾، يعني: عن إيمان بالقرآن[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٤٤-٤٥.]]. (ز)

٤٨٥١٣- قال يحيى بن سلّام: قوله: ﴿ومن أعرض عن ذكري﴾ فلم يتبع هداي؛ لم يؤمن[[تفسير يحيى بن سلّام ١/٢٨٦.]]. (ز)

﴿فَإِنَّ لَهُۥ مَعِیشَةࣰ ضَنكࣰا﴾ - تفسير

٤٨٥١٤- عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ، قال: «المؤمنُ في قبره في روضة خضراء، ويرحب له قبره سبعين ذراعًا، ويضيء حتى يكون كالقمر ليلة البدر، هل تدرون فيما أنزلت: ﴿فإن له معيشة ضنكا﴾؟». قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «عذاب الكافر في قبره؛ يُسَلَّط عليه تسعة وتسعون تِنِّينًا، هل تدرون ما التِّنِّين؟ تسعة وتسعون حيَّة، لكل حيَّة سبعة رؤوس، يخدشونه، ويلسعونه، وينفخون في جسمه إلى يوم يبعثون»[[أخرجه ابن حبان ٧/٣٩٢-٣٩٣ (٣١٢٢)، وابن أبي حاتم ٧/٢٤٣٩ (١٣٥٦٤)، وابن جرير ١٦/١٩٨-١٩٩ بنحوه. قال ابن كثير في تفسيره ٥/٣٢٣: «رفعه مُنكَرٌ جِدًّا».]]. (١٠/٢٥٦)

٤٨٥١٥- عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ، في قوله: ﴿فإن له معيشة ضنكا﴾، قال: «المعيشة الضنك التي قال الله أنّه يُسَلَّط عليه تسعة وتسعون حيَّة تنهش لحمه حتى تقوم الساعة»[[أخرجه البزار ١٦/٢٣٨ (٩٤٠٧)، وابن أبي حاتم ٧/٢٤٣٩ (١٣٥٦٢). قال الهيثمي في المجمع ٧/٦٧ (١١١٧٠): «رواه البزار، وفيه مَن لم أعرفه».]]. (١٠/٢٥٥)

٤٨٥١٦- عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ، في قوله: ﴿فإن له معيشة ضنكا﴾، قال: «عذاب القبر»[[أخرجه ابن حبان ٧/٣٨٨-٣٨٩ (٣١١٩)، وآدم بن أبي إياس -كما في تفسير مجاهد ص٤٦٧-، وابن أبي حاتم ٧/٢٤٣٩ (١٣٥٦٣)، والثعلبي ٦/٢٦٥. قال ابن كثير في تفسيره ٥/٣٢٤: «إسناد جيد».]]. (١٠/٢٥٦)

٤٨٥١٧- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «... وأَمّا الكافر فيؤتى في قبره مِن قبَلِ رأسه فلا يوجد شيءٌ، فيؤتى مِن قبَلِ رجليه فلا يوجد شيءٌ، فيجلِس خائفًا مرعوبًا، فيقال له: ما تقول في هذا الرجل الذي كان فيكم وما تشهد به؟ فلا يهتدي لاسمِه، فيقال: محمدٌ ﷺ. فيقولُ: سمعتُ الناسَ يقولون شيئًا، فقلتُ كما قالوا. فيُقالُ له: صدَقتَ، على هذا حَييت، وعليه مِتَّ، وعليه تُبعثُ -إن شاء الله-. ويُضَيَّق عليه قبرُه حتى تختلف أضلاعُه، فذلك قوله تعالى: ﴿ومنْ أعرَضَ عن ذكري فإنّ لهُ معيشةً ضنكًا﴾»[[أخرجه ابن حبان ٧/٣٨٠-٣٨٢ (٣١١٣)، والحاكم ١/٥٣٥ (١٤٠٣،١٤٠٤). وتقدم بتمامه مطولًا في تفسير قوله تعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنْيا وفِي الآخِرَةِ﴾ [إبراهيم:٢٧]. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط مسلم، ولم يخرجاه». وقال الهيثمي في المجمع ٣/٥٢ (٤٢٦٩): «رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده حسن».]]. (٨/٥٢٨)

٤٨٥١٨- عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا، في قوله: ﴿معيشة ضنكا﴾، قال: «عذاب القبر»[[أخرجه الحاكم ٢/٤١٣ (٣٤٣٩)، ويحيى بن سلّام ١/٢٨٦ وزاد: يلتئم على صاحبه حتى تختلف أضلاعه، وعبد الرزاق ٢/٣٧٩ (١٨٤٤) موقوفًا بلفظ: يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه، وابن جرير ١٦/١٩٦، ١٩٨ موقوفًا، وابن أبي حاتم ٧/٢٤٤٠ (١٣٥٧٠) بلفظ: «ضمة القبر». وأخرجه إسحاق البستي في تفسيره ص٢٨٢ مرفوعًا بلفظ: «المعيشة الضنك عذاب القبر، يلتهب على صاحبه، فلا يزال يعذب فيه، حتى يبعثه الله». قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط مسلم، ولم يخرجاه». وقال ابن كثير في تفسيره ٥/٣٢٣: «الموقوف أصح».]]. (١٠/٢٥٥)

٤٨٥١٩- عن عبد الله بن مسعود -من طريق القاسم بن عبد الرحمن- في قوله: ﴿فإن له معيشة ضنكا﴾، قال: عذاب القبر[[أخرجه يحيى بن سلّام ١/٢٨٦، وهناد (٣٥٢)، وابن جرير ١٦/١٩٨، والطبراني (٩١٤٣)، والبيهقي في عذاب القبر (٧٥). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (١٠/٢٥٨)

٤٨٥٢٠- عن عبد الله بن مسعود -من طريق مُخارِق بن سليم- قال: إذا حَدَّثتكم بحديث أنبأتُكم بتصديق ذلك مِن كتاب الله؛ إنّ المؤمن إذا وُضِع في قبره أُجْلِس فيه، فيُقال له: مَن ربُّك؟ وما دينك؟ ومَن نبيُّك؟ فيُثَبِّته الله، فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد ﷺ. فيُوَسَّع له في قبره، ويروح له فيه. ثم قرأ عبد الله: ﴿يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة﴾. فإذا مات الكافرُ أُجْلِس في قبره، فيُقال له: مَن ربُّك؟ وما دينك؟ ومَن نبيُّك؟ فيقول: لا أدري. قال: فيُضَيَّق عليه قبره، ويعذب فيه. ثم قرأ: ﴿ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا﴾[[أخرجه الطبراني (٩١٤٥)، والبيهقي في كتاب عذاب القبر (٩). وعزاه السيوطي إلى ابن جرير.]]. (٨/٥٢٦، ١٠/٢٥٧)

٤٨٥٢١- عن أبي هريرة -من طريق أبي سلمة- قال: يُضَيَّق على الكافر قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، وهي المعيشة الضنك التي قال الله: ﴿معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى﴾[[أخرجه ابن جرير ١٦/١٩٧.]]. (ز)

٤٨٥٢٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- في قوله: ﴿معيشة ضنكا﴾، قال: الشَّقاء[[أخرجه ابن جرير ١٦/١٩٣، وابن أبي حاتم -كما في التغليق ٤/٢٥٦-. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (١٠/٢٥٧)

٤٨٥٢٣- عن عبد الله بن عباس، في قوله: ﴿معيشة ضنكا﴾، قال: شِدَّة عليه في النار[[عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.]]. (١٠/٢٥٧)

٤٨٥٢٤- عن عبد الله بن عباس: أنّ نافع بن الأزرق قال له: أخبِرني عن قوله: ﴿معيشة ضنكا﴾. قال: الضَّنك: الشديدُ مِن كل وجه. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول: والخيلُ قد لحقَت بنا في مأزقٍ ضَنكٍ نواحيه شديد المقْدَمِ؟[[أخرجه الطستي -كما في الإتقان ٢/٩٣-.]]. (١٠/٢٥٧)

٤٨٥٢٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- قوله: ﴿ومن أعرض عن ذكري، فإن له معيشة ضنكا﴾، يقول: كل مال أعطيته عبدًا مِن عبادي قلَّ أو كَثُر لا يُطِيعُني فيه لا خير فيه، وهو الضنك في المعيشة. ويُقال: إنّ قومًا ضُلّالًا أعرضوا عن الحق، وكانوا أولي سَعَة من الدنيا مُكْثِرِين، فكانت معيشتهم ضَنكًا، وذلك أنّهم كانوا يَرَوْن أنّ الله ﷿ ليس بِمُخْلِفٍ لهم معايشهم مِن سوء ظنهم بالله، والتكذيب به، فإذا كان العبدُ يُكَذِّب بالله، ويُسِيءُ الظن به؛ اشْتَدَّت عليه معيشتُه، فذلك الضنك[[أخرجه ابن جرير ١٦/١٩٥. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم مختصرًا.]]. (١٠/٢٥٨)

٤٨٥٢٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق الثوري، عن رجل، عن سعيد بن جبير- قال: هي بلاء على بلاء[[أخرجه الثوري في تفسيره ص١٩٨، ولم ينص على الآية.]]. (ز)

٤٨٥٢٧- قال سعيد بن جبير: يسلبه القناعة حتى لا يشبع[[تفسير الثعلبي ٦/٢٦٥، وتفسير البغوي ٥/٣٠١.]]. (ز)

٤٨٥٢٨- عن قيس بن أبي حازم -من طريق إسماعيل بن أبي خالد- في قول الله: ﴿معيشة ضنكا﴾، قال: رِزْقًا في معصيته[[أخرجه ابن جرير ١٦/١٩٥.]]. (ز)

٤٨٥٢٩- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن جريج- ﴿معيشة ضنكا﴾: ضيقة؛ يُضَيَّق عليه قبره[[أخرجه إسحاق البستي في تفسيره ص٢٨٠، والبيهقي في عذاب القبر (٧٨) من طريق ابن أبي نَجِيح.]]. (١٠/٢٥٩)

٤٨٥٣٠- عن مجاهد بن جبر، في قوله: ﴿فإن له معيشة ضنكا﴾، قال: رِزقًا[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.]]. (١٠/٢٥٩)

٤٨٥٣١- عن الضحاك بن مزاحم، في قوله: ﴿معيشة ضنكا﴾، قال: ضَيِّقة[[عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.]]. (١٠/٢٥٨)

٤٨٥٣٢- عن الضحاك بن مزاحم، في قوله: ﴿معيشة ضنكا﴾، قال: العمل السَّيِّئ، والرِّزق الخبيث[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن أبي حاتم. وأخرجه ابن جرير ١٦/١٩٥ من طريق هارون بن محمد التيمي بلفظ: العمل الخبيث، والرزق السيئ، وفي رواية: الكسب الخبيث.]]. (١٠/٢٥٨)

٤٨٥٣٣- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق يزيد- في قوله: ﴿معيشة ضنكا﴾، قال: الضنك مِن المعيشة إذا وسَّع الله على عبده: أن يجعلَ معيشتَه من الحرام، فجعله الله عليه ضيقًا في نار جهنم[[أخرجه ابن جرير ١٦/١٩٥. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.]]. (١٠/٢٥٨)

٤٨٥٣٤- عن الحسن البصري -من طريق سعيد بن عوف- قال: المعيشة الضنك: جهنم[[أخرجه ابن جرير ١٦/١٩٤. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن أبي شيبة.]]. (١٠/٢٥٨)

٤٨٥٣٥- عن أبي صالح باذام -من طريق إسماعيل بن أبي خالد- في قوله: ﴿معيشة ضنكا﴾، قال: عذاب القبر[[أخرجه ابن جرير ١٦/١٩٧، والبيهقي في عذاب القبر (٧٤). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١٠/٢٥٨)

٤٨٥٣٦- عن قتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله: ﴿فإن له معيشة ضنكا﴾، قال: الضنك: الضيق، ضنكًا في النار[[أخرجه عبد الرزاق ٢/٢٠، وابن جرير ١٦/١٩٣-١٩٤.]]. (ز)

٤٨٥٣٧- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق إسماعيل بن أبي خالد- في قوله: ﴿معيشة ضنكا﴾، قال: عذاب القبر[[أخرجه ابن جرير ١٦/١٩٧.]]. (ز)

٤٨٥٣٨- عن مالك بن دينار، في قوله: ﴿معيشة ضنكا﴾، قال: يُحَوِّل اللهُ رزقَه في الحرام، فلا يطعمه إلا حرامًا حتى يموت، فيُعَذِّبه عليه[[عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.]]. (١٠/٢٥٨)

٤٨٥٣٩- عن الربيع [بن أنس]، قال: عذاب القبر[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١٠/٢٥٨)

٤٨٥٤٠- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فإن له معيشة ضنكا﴾، يعني: معيشة سوء؛ لأنّها في معاصي الله ﷿، الضنك والضيق[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٤٤-٤٥.]]. (ز)

٤٨٥٤١- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا﴾ فقرأ حتى بلغ: ﴿ولم يؤمن بآيات ربه﴾، قال: هؤلاء أهل الكفر. قال: ﴿معيشة ضنكا﴾ في النار؛ شَوْكٌ من نار، وزَقُّوم، وغِسْلِين، والضَّريع شوك من نار، وليس في القبر، ولا في الدنيا معيشة، ما المعيشة والحياة إلا في الآخرة. وقرأ قول الله ﷿: ﴿يا ليتني قدمت لحياتي﴾ [الفجر:٢٤]، قال: لمعيشتي. قال: والغسلين والزقوم شيء لا يعرفه أهل الدنيا[[أخرجه ابن جرير ١٦/١٩٤. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم مختصرًا.]]٤٣١٦. (١٠/٢٥٩)

٤٣١٦ أفادت الآثار اختلاف المفسرين في موضع المعيشة الضنك على أقوال: الأول: أنّ المعيشة الضنك في الدنيا، وفي صفتها قولان: أولهما: أنها بالكسب الحرام. وثانيهما: أن صاحبها ينفق من ماله على تكذيب منه بالخَلَف من الله، فتشتد لذلك عليه معيشته وتضيق. الثاني: أن المعيشة الضنك في البرزخ، وهي عذاب القبر. الثالث: أن المعيشة الضنك في الآخرة في جهنم، بأن جُعِل طعامهم فيها الضريع والزقوم. ورجَّح ابنُ جرير (١٦/١٩٨-١٩٩) مستندًا إلى السنة والسياق القولَ الثاني، وهو قول أبي سعيد الخدري، وابن مسعود، وأبي هريرة، وأبي صالح، والربيع، والسدي، وعلَّل ذلك بحديث أبي هريرة المرفوع الثالث المتقدم في آثار تفسير الآية، وبـ«أن الله -تبارك وتعالى- أتْبَع ذلك قولَه: ﴿ولَعَذابُ الآخِرَةِ أشَدُّ وأَبْقى﴾، فكان معلومًا بذلك أنّ المعيشة الضنك التي جعلها الله لهم قبل عذاب الآخرة». وانتقد ابنُ جرير (١٦/١٩٩) القول الثالث بأن «ذلك لو كان في الآخرة لم يكن لقوله: ﴿ولَعَذابُ الآخِرَةِ أشَدُّ وأَبْقى﴾ معنًى مفهوم؛ لأنّ ذلك إن لم يكن تقَدَّمه عذابٌ لهم قبل الآخرة، حتى يكون الذي في الآخرة أشدَّ منه؛ بطل معنى قوله: ﴿ولَعَذابُ الآخِرَةِ أشَدُّ وأَبْقى﴾». وانتقد مستندًا لدلالة العقل القول الأول بأنّ المعيشة الضنك إن «كانت لهم في حياتهم الدنيا فقد يجب أن يكون كل مَن أعْرَض عن ذكر الله مِن الكفار فإنّ معيشته فيها ضنكٌ، وفي وجودنا كثيرًا منهم أوسَع معيشةً من كثيرٍ من المُقْبِلين على ذكر الله -تبارك وتعالى- القابلين له المؤمنين؛ ما يدل على أن ذلك ليس كذلك». ووجَّه ابنُ عطية (٦/١٤٢) القول الثاني بقوله: «وحمل هذه الفرقة على هذا التأويل أنّ لفظ الآية يقتضي أن المعيشة الضنك قبل يوم القيامة بقوله: ﴿ونَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيامَةِ أعْمى﴾، وبقوله تعالى: ﴿ولَعَذابُ الآخِرَةِ أشَدُّ وأَبْقى﴾».

﴿وَنَحۡشُرُهُۥ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ أَعۡمَىٰ ۝١٢٤﴾ - تفسير

٤٨٥٤٢- قال عبد الله بن عباس: أعمى البصر[[تفسير الثعلبي ٦/٢٦٥، وتفسير البغوي ٥/٣٠١.]]. (ز)

٤٨٥٤٣- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: ﴿ونحشره يوم القيامة أعمى﴾، قال: عن الحُجَّة[[أخرجه ابن جرير ١٦/٢٠٠. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.]]. (١٠/٢٥٩)

٤٨٥٤٤- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق جابر- في قوله: ﴿ونحشره يوم القيامة أعمى﴾، قال: عَمِيَ عليه كلُّ شيء إلا جهنم. وفي لفظ قال: لا يُبصِر إلا النار[[أخرجه هناد (٢٢٥). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.]]. (١٠/٢٥٩)

٤٨٥٤٥- عن أبي صالح باذام، في قوله: ﴿ونحشره يوم القيامة أعمى﴾، قال: ليس له حُجَّة[[أخرجه عبد الرزاق ٢/٢١، وابن جرير ١٦/٢٠٠. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.]]. (١٠/٢٥٩)

٤٨٥٤٦- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ونحشره يوم القيامة أعمى﴾ عن حجته[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٤٥.]]. (ز)

٤٨٥٤٧- قال يحيى بن سلّام: قوله: ﴿ونحشره يوم القيامة أعمى﴾ يعني: عن حُجَّته. كقوله: ﴿ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به﴾ [المؤمنون:١١٧] لا حُجَّة له به[[تفسير يحيى بن سلّام ١/٢٨٩.]]٤٣١٧. (ز)

٤٣١٧ أفادت الآثارُ اختلافَ المفسرين في صفة العمى في قوله تعالى: ﴿ونَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيامَةِ أعْمى﴾ على قولين: الأول: أنه عمى البصيرة. وهو قول مجاهد، وأبي صالح، ومقاتل، ويحيى بن سلّام. الثاني: أنه عمى البصر. وهو قول ابن عباس، وعكرمة. ووجَّه ابنُ القيم القول الأول بقوله: «والذين قالوا: المراد به العمى عن الحجة إنما مرادهم: أنهم لا حجة لهم، ولم يريدوا أن لهم حجتهم عُمي عنها، بل هم عُمي عن الهدى، كما كانوا في الدنيا، فإنّ العبد يموت على ما عاش عليه، ويبعث على ما مات عليه». ورجَّح ابنُ جرير (١٦/٢٠١) مستندًا إلى دلالة العموم شمول معنى الآية، بأن الله «يحشره أعمى عن الحجة، ورؤية الأشياء، كما أخبر -جلَّ ثناؤه-، فعَمَّ ولم يَخْصُصْ». ورجَّح ابنُ عطية (٦/١٤٢) القول الثاني، فقال: «وهذا هو الأوجه». ولم يذكر مستندًا، ثم وجَّه -بناءً على هذا المعنى- قول مَن قال في قوله تعالى: ﴿ونَحْشُرُ المُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا﴾ [طه: ١٠٢]، بأنه في العين قائلًا: «وأما قوله: ﴿ونَحْشُرُ المُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا﴾ فمَن رآه في العين فلا بُدَّ أن يتأوَّلها مع هذا؛ إما أنها في طائفتين، وإما في موطنين». وكذا رجَّح ابنُ القيم (٢/١٩٣) مستندًا إلى الدلالة العقلية القولَ الثاني، وعلّل ذلك قائلًا: «فإنّ الكافر يعلم الحق يوم القيامة عيانًا، ويُقِرُّ بما كان يجحده في الدنيا، فليس هو أعمى عن الحق يومئذ». وانتقد ابنُ عطية مستندًا إلى الدلالة العقلية القول الأول قائلًا: «ولو كان هذا لم يُحِسَّ الكافر بذلك؛ لأنه مات أعمى البصيرة، ويُحشَر كذلك». ثم علَّق على كلا القولين بقوله: «مع أن عمى البصيرة حاصِلٌ في الوجهين».
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب