الباحث القرآني

﴿وَلَبِثُوا۟ فِی كَهۡفِهِمۡ ثَلَـٰثَ مِا۟ئَةࣲ سِنِینَ وَٱزۡدَادُوا۟ تِسۡعࣰا ۝٢٥﴾ - قراءات

٤٤٦٨٠- عن قتادة، قال: في حرف عبد الله بن مسعود: (وقالُواْ لَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ) الآية. يعني: إنما قاله الناس، ألا ترى أنه قال: ﴿قُلِ اللهُ أعْلَمُ بِما لَبِثُواْ﴾؟[[أخرجه عبد الرزاق ١/٤٠٢، وابن جرير ١٥/٢٢٩. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم. (وقالُواْ لَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ) قراءة شاذة. انظر: البحر المحيط ٦/١١٢.]]٣٩٩٥. (٩/٥١٩)

٣٩٩٥ قال ابن كثير (٥/١٤٧): «وفي هذا الذي زعمه قتادة نظر، فإن الذي بأيدي أهل الكتاب أنهم لبثوا ثلاثمائة سنة من غير تسع، يعنون بالشمسية... ورواية قتادة قراءة ابن مسعود منقطعة».

٤٤٦٨١- عن حكيم بن عِقالٍ، قال: سمعت عثمان بن عفان يقرأ: ﴿ولَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ﴾ منونة[[أخرجه الخطيب في تاريخه ١١/٣٠٨. وهي قراءة العشرة ما عدا حمزة، والكسائي، وخلفًا العاشر، فإنهم قرؤوا: ‹ثَلاثَ مِاْئَةِ سِنِينَ› بإضافة ثلاثمائة إلى السنين غير منون. انظر: النشر ٢/٣١٠، والإتحاف ص٣٦٥.]]٣٩٩٦. (٩/٥١٩)

٣٩٩٦ اختُلِف في قراءة قوله: ﴿ثلاث مائة سنين﴾؛ فقرأها قوم: ﴿ثلاث مائةٍ سنين﴾ بالتنوين. وقرأ آخرون: ‹ثَلاثَ مِاْئَةِ سِنِينَ› بإضافة ثلاثمائة إلى السنين غير منون. وذكر ابنُ جرير (١٥/٢٣٢) أن قراءة التنوين بمعنى: ولبثوا في كهفهم سنين ثلاثمائة. وذكر ابنُ عطية (٥/٥٩٤) أن نصب ﴿سنين﴾ في قراءة التنوين على البدل من ﴿ثلاثمائةٍ﴾، أو عطف البيان، أو على التفسير والتمييز. ورجَّح ابنُ جرير (١٥/٢٣٢-٢٣٣) قراءة التنوين مستندًا إلى الأكثر لغة، فقال: «وذلك أن العرب إنما تضيف المائة إلى ما يفسرها إذا جاء تفسيرها بلفظ الواحد، وذلك كقولهم: ثلاثمائة درهم، وعندي مائة دينار. لأن المائة والألف عدد كثير، والعرب لا تفسر ذلك إلا بما كان بمعناه في كثرة العدد، والواحد يؤدِّي عن الجنس، وليس ذلك للقليل من العدد، وإن كانت العرب ربما وضعت الجمع القليل موضع الكثير، وليس ذلك بالكثير، وأما إذا جاء تفسيرها بلفظ الجمع فإنها تنوِّن، فتقول: عندي ألفٌ دراهمُ، وعندي مائةٌ دنانير. على ما قد وصفت». وذكر ابنُ عطية (٥/٥٩٤) أن من قرأوا بغير التنوين فكأنهم جعلوا ﴿سنين﴾ بمنزلة سنة، إذ المعنى بهما واحد.

﴿وَلَبِثُوا۟ فِی كَهۡفِهِمۡ ثَلَـٰثَ مِا۟ئَةࣲ سِنِینَ وَٱزۡدَادُوا۟ تِسۡعࣰا ۝٢٥﴾ - نزول الآية

٤٤٦٨٢- عن الضحاك بن مزاحم -من طريق الأجلح- قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿في كهفهم ثلاث مائة﴾ قيل: يا رسول الله، أيامًا، أم شهرًا، أم سنين؟ فأنزل الله: ﴿سنين وازدادوا تسعا﴾[[أخرجه ابن جرير ١٥/٢٣٠، وابن أبي حاتم ٧/٢٣٥٦ (١٢٧٦٧). وأورده الثعلبي ٦/١٦٥.]]. (٩/٥٢٠)

٤٤٦٨٣- وعن عبد الله بن عباس -من طريق الضحاك-، موصولًا[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٩/٥٢٠)

٤٤٦٨٤- قال مقاتل: نزلت ﴿ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة﴾، فقالوا: أيامًا أو سنين؟ فنزلت: ﴿سنين﴾[[تفسير الثعلبي ٦/١٦٥.]]. (ز)

﴿وَلَبِثُوا۟ فِی كَهۡفِهِمۡ ثَلَـٰثَ مِا۟ئَةࣲ سِنِینَ وَٱزۡدَادُوا۟ تِسۡعࣰا ۝٢٥﴾ - تفسير الآية

٤٤٦٨٥- عن علي أنه قال: عند أهل الكتاب أنهم لبثوا ثلاثمائة شمسية، والله تعالى ذكر ثلاثمائة قمرية، والتفاوت بين الشمسية والقمرية في كل مائة سنة ثلاث سنين؛ فيكون في ثلاثمائة تسع سنين؛ فلذلك قال: ﴿وازدادوا تسعا﴾[[تفسير البغوي ٥/١٦٥.]]. (ز)

٤٤٦٨٦- عن عبد الله بن عباس، قال: إنّ الرجل ليفسر الآية يرى أنها كذلك، فيهوي أبعد ما بين السماء والأرض. ثم تلا: ﴿ولبثوا في كهفهم﴾ الآية. ثم قال: كم لبث القوم؟ قالوا: ثلاثمائة وتسع سنين. قال: لو كانوا لبثوا كذلك لم يقل الله: ﴿قل الله أعلم بما لبثوا﴾. ولكنه حكى مقالة القوم فقال: ﴿سيقولون ثلاثة﴾ إلى قوله: ﴿رجما بالغيب﴾، فأخبر أنهم لا يعلمون. قال: سيقولون: ﴿ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا﴾[[عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم، وابن مردويه.]]. (٩/٥١٩)

٤٤٦٨٧- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- ﴿ولبثوا في كهفهم﴾، قال: بين جبلين[[أخرجه ابن جرير ١٥/٢٣٠.]]. (ز)

٤٤٦٨٨- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: ﴿ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا﴾، يقول: عدد ما لبثوا[[أخرجه ابن جرير ١٥/٢٣٠. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم.]]. (٩/٥٢٠)

٤٤٦٨٩- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: ﴿ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا﴾، قال: هذا قول أهل الكتاب، فرد الله عليهم: ﴿قل الله أعلم بما لبثوا﴾[[أخرجه ابن جرير ١٥/٢٢٩.]]٣٩٩٧. (٩/٥٢٠)

٣٩٩٧ ذكر ابنُ جرير (١٥/٢٢٨) أن قائلي هذا القول استشهدوا على صحة قولهم بأمرين: أحدهما: أن قوله: ﴿قُلِ اللَّهُ أعْلَمُ بِما لَبِثُوا﴾ لو كان ذلك خبرًا من الله عن قدر لبثهم في الكهف لم يكن لقوله: ﴿قُلِ اللَّهُ أعْلَمُ بِما لَبِثُوا﴾ وجه مفهوم، وقد أعلم الله خلقه مبلغ لبثهم فيه وقدره. والآخر: قراءة ابن مسعود: (وقالُوا ولَبِثُوا). وبنحوه ابنُ عطية (٥/٥٩٢). ووجَّه ابنُ جرير هذا القول ببيانه: «أن أهل الكتاب قالوا -فيما ذُكر- على عهد رسول الله ﷺ: أن للفتية من لدن دخلوا الكهف إلى يومنا ثلاثمئة سنين وتسع سنين. فردّ الله ذلك عليهم، وأخبر نبيه أن ذلك قدر لبثهم في الكهف من لدن أووا إليه إلى أن بعثهم ليتساءلوا بينهم، ثم قال -جلّ ثناؤه- لنبيه ﷺ: قل، يا محمد: الله أعلم بما لبثوا بعد أن قبض أرواحهم، من بعد أن بعثهم من رقدتهم إلى يومهم هذا، لا يعلم بذلك غير الله، وغير من أعلمه الله ذلك». وذكر ابنُ عطية أن قوله: ﴿ولبثوا﴾ الأول -على توجيه ابن جرير- يراد بها: في نوم الكهف، و﴿لبثوا﴾ الثاني يراد به: بعد الإعثار عليهم موتى إلى مدة محمد ﵇، أو إلى وقت عدمهم بالبلى. ثم ذكر أن البعض قال: إنه لما قال: ﴿وازدادوا تسعًا﴾ لم يدْر الناس أهي ساعات، أم أيام، أم جمع، أم شهور، أم أعوام. واختلف بنو إسرائيل بحسب ذلك، فأمره الله برد العلم إليه. ثم علَّق (٥/٥٩٣) بقوله: «يريد: في التسع، فهي على هذا مبهمة. وظاهر كلام العرب والمفهوم منه أنها أعوام».

٤٤٦٩٠- تفسير قتادة بن دعامة، قال: هذا قول أهل الكتاب، رجع إلى أول الكلام: ﴿سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم﴾. ويقولون: ﴿ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا﴾[[علَّقه يحيى بن سلام ١/١٨٠.]]. (ز)

٤٤٦٩١- عن عبد الله بن عبيد بن عمير -من طريق عبد العزيز بن أبي روّاد- قال: ﴿ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا﴾، قال: وتسع سنين[[أخرجه ابن جرير ١٥/٢٣٠.]]. (ز)

٤٤٦٩٢- عن مطر الورّاق -من طريق ابن شَوْذَب- في قول الله: ﴿ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين﴾، قال: إنما هو شيء قالته اليهود، فردَّه الله عليهم، وقال: ﴿قل الله أعلم بما لبثوا﴾[[أخرجه ابن جرير ١٥/٢٢٩.]]. (ز)

٤٤٦٩٣- قال مقاتل بن سليمان: ثم قالت النصارى أيضًا: ﴿ولبثوا في كهفهم﴾ رقودًا ﴿ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا﴾، فيها تقديم، لا تتغير ألوانهم، ولا أشعارهم، ولا ثيابهم[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٥٨٠.]]. (ز)

٤٤٦٩٤- قال يحيى بن سلام: قوله: ﴿ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة﴾ ثم أخبر ما تلك الثلاثمائة، فقال: ﴿سنين وازدادوا تسعا﴾ أي: تسع سنين[[تفسير يحيى بن سلام ١/١٨٠.]]٣٩٩٨. (ز)

٣٩٩٨ اختُلِف في قوله: ﴿ولبثوا في كهفهم...﴾ على قولين: الأول: أن هذا قول أهل الكتاب، فرده الله تعالى عليهم بقوله: ﴿قل الله أعلم بما لبثوا﴾. والثاني: أن هذا إخبار من الله تعالى عن مدة بقائهم في الكهف. ورجَّح ابنُ جرير (١٥/٢٣١-٢٣٢ بتصرف) مستندًا إلى ظاهر القرآن، ودلالة العقل القولَ الثاني الذي قاله مجاهد، وابن عمير، وابن إسحاق، والضحاك، وانتقد الأول، فقال: «الدالُّ على أنه -جلّ ثناؤه- ابتدأ الخبر عن قدر لبثهم في كهفهم ابتداء، فقال: ﴿ولَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وازْدادُوا تِسْعًا﴾، ولم يضع دليلًا على أن ذلك خبر منه عن قول قوم قالوه، وغير جائز أن يضاف خبره عن شيء إلى أنه خبر عن غيره بغير برهان؛ لأنّ ذلك لو جاز جاز في كل أخباره، وإذا جاز ذلك في أخباره جاز في أخبار غيره أن يضاف إليه أنها أخباره، وذلك قلب أعيان الحقائق وما لا يخيل فساده». وبنحوه ابنُ كثير (٩/١٢٦). وكذا رجَّحه ابنُ عطية (٥/٥٩٣). وانتقد ابنُ كثير (٩/١٢٦) ما استدل به أصحاب القول الأول مستندًا إلى الدلالات العقلية، وشذوذ قراءة ابن مسعود، فقال: «وفي هذا الذي زعمه قتادة نظر؛ فإن الذي بأيدي أهل الكتاب أنهم لبثوا ثلاثمائة سنة من غير تسع، يعنون بالشمسية، ولو كان الله قد حكى قولهم لما قال: ﴿وازْدادُوا تِسْعًا﴾... ورواية قتادة قراءة ابن مسعود منقطعة، ثم هي شاذة بالنسبة إلى قراءة الجمهور فلا يُحْتَجُّ بها».
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب