الباحث القرآني

(p-٤٦)ولَمّا فَرَغَ مِن هَذِهِ التَّرْبِيَةِ في أثْناءِ القِصَّةِ وخَتَمَها بِالتَّرْجِيَةِ في الهِدايَةِ لِلْأرْشَدِ، وكانَ عِلْمُ مُدَّةِ لَبْثِهِمْ أدَقَّ وأخْفى مِن عِلْمِ عَدَدِهِمْ، شَرَعَ في إكْمالِها مُبَيِّنًا لِهَذا الأخْفى، عاطِفًا عَلى قَوْلِهِ ﴿قالُوا رَبُّكم أعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ﴾ [الكهف: ١٩] أوْ عَلى ”فَأْوُوا إلَيْهِ“ الَّذِي أرْشَدَ إلى تَقْدِيرِهِ قَوْلُهُمْ: ﴿فَأْوُوا إلى الكَهْفِ﴾ [الكهف: ١٦] كَما مَضى، المَخْتُومُ بِنَشْرِ الرَّحْمَةِ وتَهْيِئَةِ المِرْفَقِ بَعْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿إذْ أوى الفِتْيَةُ﴾ [الكهف: ١٠] المَخْتُومِ بِقَوْلِهِمْ ﴿وهَيِّئْ لَنا مِن أمْرِنا رَشَدًا﴾ [الكهف: ١٠] فَقالَ بَيانًا لِإجْمالِ ﴿سِنِينَ عَدَدًا﴾ [الكهف: ١١] مُحَقِّقًا لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلِ اللَّهُ أعْلَمُ بِما لَبِثُوا﴾ [الكهف: ٢٦] ﴿ولَبِثُوا في كَهْفِهِمْ﴾ نِيامًا ﴿ثَلاثَ﴾ [أيْ ] مُدَّةَ ثَلاثِ ﴿مِائَةٍ سِنِينَ﴾ شَمْسِيَّةً بِحِسابِ اليَهُودِ الآمِرِينَ بِهَذا السُّؤالِ، وعَبَّرَ بِلَفْظِ السَّنَةِ إشارَةً إلى ذَمِّها بِما وقَعَ فِيها مِن عُلُوِّ أهْلِ الكُفْرِ وطُغْيانِهِمْ بِما أوْجَبَ خَوْفَ الصِّدِّيقِينَ وهِجْرَتَهم وإنْ كانَ وقَعَ فِيها خِصْبٌ في النَّباتِ وسَعَةٌ في الرِّزْقِ، وذَلِكَ يَدُلُّ عَلى اسْتِغْراقِ الكُفْرِ لِمُدَّةِ نَوْمِهِمْ. ولَمّا كانَ المُباشِرُونَ لِلسُّؤالِ هُمُ العَرَبَ قالَ: ﴿وازْدادُوا تِسْعًا﴾ [أيْ -] مِنَ السِّنِينَ القَمَرِيَّةِ إذا حُسِبَ الكُلُّ بِحِسابِ القَمَرِ، لِأنَّ تَفاوُتَ ما بَيْنَ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ والقَمَرِيَّةِ عَشْرَةُ أيّامٍ وإحْدى وعِشْرُونَ ساعَةً وخُمْسا ساعَةٍ كَما تَقَدَّمَ في النَّسِيءِ مِن بَراءَةٍ، فَإذا حُسِبَتْ زِيادَةُ السِّنِي القَمَرِيَّةِ عَلى الثَّلاثِمِائَةِ الشَّمْسِيَّةِ بِاعْتِبارِ نَقْصِ أيّامِها (p-٤٧)عَنْها كانَتْ تِسْعَ سِنِينَ، وكَأنَّ مُدَّةَ لَبْثِهِمْ كانَتْ عِنْدَ اليَهُودِ أقَلَّ مِن ذَلِكَ أوْ أكْثَرَ، فَقالَ عَلى طَرِيقِ الجَوابِ لِسُؤالِ مَن يَقُولُ: فَإنْ قالَ أحَدٌ غَيْرَ هَذا فَما يُقالُ لَهُ؟
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب