الْآيَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا - قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} [الكهف: 25 - 26].
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ مَالِكٌ: الْكَهْفُ مِنْ نَاحِيَةِ الرُّومِ. وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ مُعَاوِيَةَ غَزْوَةَ الْمَضِيقِ نَحْوَ الرُّومِ، فَمَرَرْنَا بِالْكَهْفِ الَّذِي فِيهِ أَصْحَابُ الْكَهْفِ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.
وَاسْمُ الْجَبَلِ الَّذِي فِيهِ الْكَهْفُ بنجلوس. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْكَهْفُ الْغَارُ فِي الْوَادِي، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
وَقَالَ قَوْمٌ: إنَّ الْكَهْفَ فِي نَاحِيَةِ الشَّامِ عَلَى قُرْبٍ مِنْ وَادِي مُوسَى، يَنْزِلُهُ الْحُجَّاجُ إذَا سَارُوا إلَى مَكَّةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ: " أَمْ حَسِبْت أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ ". ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ بَابَ " حَدِيثُ الْغَارِ " وَذَكَرَ عَلَيْهِ خَبَرَ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ آوَاهُمْ الْمَطَرُ إلَى غَارٍ، وَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: «وَاَللَّهِ لَا يُنْجِيكُمْ إلَّا الصِّدْقُ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي قَوْلِهِ: {قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا} [الكهف: 26]
هِيَ الْحُجَّةُ: لِأَنَّ قَوْلَهُ: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ} [الكهف: 25] مِنْ كَلَامِهِمْ. وَقَدْ قَدَّمْنَا فِيمَا قَبْلُ سُكْنَى الْجِبَالِ وَدُخُولَ الْغِيرَانِ لِلْعُزْلَةِ عَنْ الْخَلْقِ وَالِانْفِرَادِ بِالْخَالِقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَة الْفِرَار مِنْ الظَّالِمِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِيهِ جَوَازُ الْفِرَارِ مِنْ الظَّالِمِ:
وَهِيَ سُنَّةُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ، وَحِكْمَةُ اللَّهِ فِي الْخَلِيقَةِ. وَقَدْ شَرَحْنَاهَا فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ.
{"ayah":"وَلَبِثُوا۟ فِی كَهۡفِهِمۡ ثَلَـٰثَ مِا۟ئَةࣲ سِنِینَ وَٱزۡدَادُوا۟ تِسۡعࣰا"}