قوله: ﴿ذٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ (مُهْلِكَ) ٱلْقُرَىٰ (بِظُلْمٍ)﴾ إلى ﴿(يَعْمَلُونَ)﴾ [الآيتان].
﴿ذٰلِكَ﴾ في موضع رفع على معنى: الأمر ذلك، هذا مذهب سيبويه. وهو عند الفراء في موضع نصب، (المعنى: فعل) ذلك.
والمعنى: لم يكن ربك - يا محمد - مهلك القرى بشرك من أشرك وأهل القرى غافلون عن شرك من أشرك، فمعنى ﴿بِظُلْمٍ﴾: بشرك قوم آخرين فيهم، وهذا مِثْلُ: ﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ﴾ [فاطر: ١٨].
وقيل: المعنى: لم يكن الله يعاجل قوماً بالعقوبة قبل أن يرسل إليهم الرسل، ولم يكن بالذي يأخذهم غفلة، [فيقولوا]: ما جاءنا من بشير ولا نذير، فيظلمهم.
* * *
وقوله: ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَٰتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ﴾ أي: ولكل عامل - في طاعة أو معصية - منازل ومراتب يبلغه الله إياها، إن خيراً فخيراً وإن شراً (فشراً) وليس الله بغافلٍ عما يعملون.
وروي عن النبي أنه قال: "الدَّرجةُ في الجنَّةِ فوقَ الدرجةِ كما بين السماءِ والأرض، وَإِنَّ العَبْدَ - من أهلِ الجنةِ - لَيَرْفَعُ بصرَهُ فَيَلْمَع له برقٌ يكاد يَخطَف بصرَهُ، فيقول: ما هَذا؟ فيقال له: هذا نورُ أخيكَ فلان. فيقول: أخي فلان!، كنا في الدُّنيا نعمَلُ جميعاً، وقد فُضِّلَ عَليَّ هَكذا! فيُقالُ: إِنَّهُ أفضلُ منكَ عملاً. ثم يُجْعَلُ في قلبِه الرِضى فَيَرْضى بمنزلتِهِ
{"ayahs_start":131,"ayahs":["ذَ ٰلِكَ أَن لَّمۡ یَكُن رَّبُّكَ مُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمࣲ وَأَهۡلُهَا غَـٰفِلُونَ","وَلِكُلࣲّ دَرَجَـٰتࣱ مِّمَّا عَمِلُوا۟ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا یَعۡمَلُونَ"],"ayah":"ذَ ٰلِكَ أَن لَّمۡ یَكُن رَّبُّكَ مُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمࣲ وَأَهۡلُهَا غَـٰفِلُونَ"}