الباحث القرآني
أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ نظر اعتبار كَيْفَ خُلِقَتْ خلقا عجيبا، دالا على تقدير مقدر، شاهدا بتدبير مدبر، حيث خلقها للنهوض بالأثقال وجرها إلى البلاد الشاحطة [[«قوله إلى البلاد الشاحطة» أى البعيدة. أفاده الصحاح. (ع)]] فجعلها تبرك حتى تحمل عن قرب ويسر، ثم تنهض بما حملت، وسخرها منقادة لكل من اقتادها بأزمّتها: لا تعاز ضعيفا ولا تمانع صغيرا، وبرأها طوال الأعناق لتنوء بالأوقار. وعن بعض الحكماء. أنه حدث عن البعير وبديع خلقه، وقد نشأ في بلاد لا إبل بها، ففكر ثم قال: يوشك أن تكون طوال الأعناق، وحين أراد بها أن تكون سفائن البر صبرها على احتمال العطش، حتى إن أظماءها [[قوله «حتى إن أظماءها» في الصحاح. «الظمء» ما بين الوردين: وهو حبس الإبل عن الماء إلى غاية الورد، والجمع: الأظماء. (ع)]] لترتفع إلى العشر فصاعدا، وجعلها ترعى كل شيء نابت في البراري والمفاوز مما لا يرعاه سائر البهائم. وعن سعيد بن جبير قال: لقيت شريحا القاضي فقلت: أين تريد؟ قال: أريد الكناسة: قلت: وما تصنع بها؟ قال: أنظر إلى الإبل كيف خلقت. فإن قلت: كيف حسن ذكر الإبل مع السماء والجبال والأرض ولا مناسبة؟ قلت: قد انتظم هذه الأشياء نظر العرب في أوديتهم وبواديهم، فانتظمها الذكر على حسب ما انتظمها نظرهم، ولم يدع من زعم أن الإبل السحاب إلى قوله، إلا طلب المناسبة، ولعله لم يرد أن الإبل من أسماء السحاب، كالغمام والمزن والرباب والغيم والغين، وغير ذلك، وإنما رأى السحاب مشبها بالإبل كثيرا في أشعارهم، فجوز أن يراد بها السحاب على طريق التشبيه والمجاز كَيْفَ رُفِعَتْ رفعا بعيد المدى بالإمساك وبغير عمد. وكَيْفَ نُصِبَتْ نصبا ثابتا، فهي راسخة لا تميل ولا تزول. وكَيْفَ سُطِحَتْ سطحا بتمهيد وتوطئة، فهي مهاد للمتقلب عليها. وقرأ على بن أبى طالب رضى الله عنه: خلقت، ورفعت، ونصبت، وسطحت: على البناء للفاعل وتاء الضمير، والتقدير:
فعلتها. فحذف المفعول. وعن هرون الرشيد أنه قرأ: سطحت بالتشديد، والمعنى: أفلا ينظرون إلى هذه المخلوقات الشاهدة على قدرة الخالق، حتى لا ينكروا اقتداره على البعث فيسمعوا إنذار الرسول ﷺ ويؤمنوا به ويستعدوا للقائه. أى: لا ينظرون، فذكرهم ولا تلح عليهم، ولا يهمنك أنهم لا ينظرون ولا يذكرون إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ كقوله إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ. لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ بمتسلط، كقوله وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ وقيل: هو في لغة تميم مفتوح الطاء، على أن «سيطر» متعد عندهم. وقولهم: تسيطر، يدل عليه إِلَّا مَنْ تَوَلَّى استثناء منقطع، أى: لست بمستول عليهم، ولكن من تولى وَكَفَرَ منهم، فإن لله الولاية والقهر. فهو يعذبه الْعَذابَ الْأَكْبَرَ الذي هو عذاب جهنم. وقيل. هو استثناء من قوله فَذَكِّرْ أى: فذكر إلا من انقطع طمعك من إيمانه وتولى، فاستحق العذاب الأكبر وما بينهما اعتراض. وقرئ: إلا من تولى، على التنبيه. وفي قراءة ابن مسعود: فإنه يعذبه:
وقرأ أبو جعفر المدني: إيابهم، بالتشديد. ووجهه أن يكون «فيعالا» مصدر «أيب» فيعل من الإياب. أو أن يكون أصله أوابا: فعالا من أوّب، ثم قيل: إيوابا كديوان في دوّان، ثم فعل به ما فعل بأصل: سيد وميت. فإن قلت. ما معنى تقديم الظرف؟ قلت: معناه التشديد في الوعيد، [[قال محمود: «إن قلت: ما معنى تقديم الظرف؟ وأجاب بأن معناه التشديد في الوعيد ... الخ» قال أحمد: ومعنى ثُمَّ الدلالة على أن الحساب أشد من الإياب، لأنه موجب العذاب وبادرته.]] وأن إيابهم ليس إلا إلى الجبار المقتدر على الانتقام، وأن حسابهم ليس بواجب إلا عليه، وهو الذي يحاسب على النقير والقطمير. ومعنى الوجوب: الوجوب في الحكمة. عن رسول الله ﷺ «من قرأ سورة الغاشية حاسبه الله حسابا يسيرا» [[أخرجه الواحدي والثعلبي وابن مردويه بالإسناد إلى أبى بن كعب.]] .
{"ayahs_start":17,"ayahs":["أَفَلَا یَنظُرُونَ إِلَى ٱلۡإِبِلِ كَیۡفَ خُلِقَتۡ","وَإِلَى ٱلسَّمَاۤءِ كَیۡفَ رُفِعَتۡ","وَإِلَى ٱلۡجِبَالِ كَیۡفَ نُصِبَتۡ","وَإِلَى ٱلۡأَرۡضِ كَیۡفَ سُطِحَتۡ","فَذَكِّرۡ إِنَّمَاۤ أَنتَ مُذَكِّرࣱ","لَّسۡتَ عَلَیۡهِم بِمُصَیۡطِرٍ","إِلَّا مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ","فَیُعَذِّبُهُ ٱللَّهُ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَكۡبَرَ","إِنَّ إِلَیۡنَاۤ إِیَابَهُمۡ","ثُمَّ إِنَّ عَلَیۡنَا حِسَابَهُم"],"ayah":"وَإِلَى ٱلۡجِبَالِ كَیۡفَ نُصِبَتۡ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق