الباحث القرآني

﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أمْوالَهم بِاللَّيْلِ والنَّهارِ سِرًّا وعَلانِيَةً﴾ أي: يعُمُّون الأحوال بالخير، نزلت في ربط الخيل يعلفونها دائمًا في سبيل الله، أو في علي بن أبي طالب - رضى الله عنه - كان له أربعة دراهم فتصدق درهمًا ليلًا، ودرهمًا نهارًا، ودرهمًا سرًا، ودرهمًا علانية، ﴿فَلَهم أجْرُهم عِندَ ربِّهِمْ ولاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ في القيامة، ﴿ولا هم يَحْزَنُونَ﴾: على ما فات عنهم، قال تعالى: ”لا يَحْزُنُهُمُ الفَزَعُ الأكْبَرُ“ [الأنبياء: ١٠٣]، ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا﴾ لما ذكر الأبرار المخرجين للصدقات، شرع في ذكر أكلة الربا وأموال الناس بالظلم، وعبر عن الأخذ بالأكل، لأن الأكل أعظم المنافع، والربا شائع في المطعومات، ﴿لا يَقُومُونَ﴾ من قبورهم، ﴿إلّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ﴾ أي: إلا قيامًا كقيام المصروع، ﴿مِنَ المَسِّ﴾، أي: الجنون، وهو متعلق بـ لا يقومون، أو بيقوم، وفي الحديث ”مر عليه السلام ليلة الإسراء على قوم بطونهم كالبيوت، وأخبر أنّهم أكلة الربا“، ﴿ذَلِكَ﴾ أي: العقاب، ﴿بِأنهُمْ﴾: بسبب أنّهم، ﴿قالُوا إنَّما البَيْعُ مِثْلُ الرِّبا﴾: اعترضوا على أحكام الله، وقالوا: البيع مثل الربا، وإذا كان الربا حرامًا فلا بد أن يكون البيع كذلك، ﴿وأحَل اللهُ البَيْعَ وحَرَّمَ الربا﴾ يحتمل أن يكون تتمة كلام المعترض المشرك، ويحتمل أن يكون من كلام الله ردًّا عليهم، أي: اعترضوا، والحال أن الله فرق بين هذا وهذا، وهو الحكيم العليم، ﴿فَمَن جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِن رَبِّهِ﴾: بلغه وعظ من الله، ﴿فانْتَهى﴾: فاتعظ وتبع النهي حال وصول الشرع إليه، ﴿فَلَهُ ما سَلَفَ﴾ من المعاملة، أي: له ما كان أكل من الربا زمن الجاهلية، ﴿وأمْرُهُ إلى اللهِ﴾: يحكم يوم القيامة بينهم، وليس من أمره إليكم شيء، ﴿ومَن عادَ﴾ إلى تحليله وأكله، ﴿فأوْلَئِكَ أصْحابُ النّارِ هم فِيها خالِدُونَ﴾ لكفرهم، ﴿يَمْحَقُ اللهُ الربا﴾: يذهب بركته، فلا ينتفع في الدنيا والآخرة؛، قد ورد: ”ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلة“، ﴿ويُرْبِي الصَّدَقاتِ﴾: يكثرها وينميها، وقد ورد ”إن الله ليربي لأحدكم التمرة واللقمة، كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى يكون مثل أحد“، ﴿واللهُ لاَ يُحِبُّ﴾: لا يرتضي، ﴿كُلَّ كَفّارٍ﴾: مصر على تحليل الحرام ﴿أثِيمٍ﴾: فاجر بارتكابه، ﴿إن الذِينَ آمَنُوا﴾، بما جاء من الله، ﴿وعَمِلُوا الصّالِحاتِ وأقامُوا الصَّلاةَ وآتَوُا الزَّكاةَ﴾ عطفهما على الأعم لشرفهما َ، ﴿لَهم أجرُهم عِندَ رَبِّهِمْ ولاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ من آت، ﴿ولاَ هم يَحْزنونَ﴾ على فائت، ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾: اتركوا ما لكم على الناس من الزيادة على رأس المال بعد الإنذار، إن كنتم مؤمنين بشرع الله، كان بين ثقيف وبني مخزوم ربا في الجاهلية، فلما جاء الإسلام، طلبت ثقيف فتشاجروا فنزلت، ﴿فَإنْ لَمْ تَفْعَلُوا﴾ ولم تذروا ما بقي من الربا، ﴿فَأْذَنوا﴾: فاعلموا، ﴿بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ ورَسُولِهِ﴾، يقال يوم القيامة لآكل الربا: خذ سلاحك للحرب، أو لابد للإمام أن يستتيبهم، فإن تابوا وإلا وضع فيهم الحرب والسلاح، ﴿وإنْ تُبْتُمْ فَلَكم رُءُوسُ أمْوالِكم لا تَظْلِمُونَ﴾ بأخذ الزيادة، ﴿ولا تُظْلَمُونَ﴾ بوضع رءوس الأموال، وقيل فهم منه أن المصر، أي: على التحليل ليس له رأس ماله، لأنه مرتد وماله فيء، ﴿وإن كانَ ذُو عُسْرَةٍ﴾: وقع غريم ذو عسرة، ﴿فَنَظِرَةٌ﴾ أي: فعيكم تأخير، ﴿إلى مَيْسَرَةٍ﴾: يسار، لا كفعل الجاهلية إذا حل الدين، يطالب إما بالقضاء وإما بالربا، ﴿وأنْ تَصَدَّقُوا﴾ بإبراء رأس المال، ﴿خَيْرٌ لَكُمْ﴾: أكثر ثوابًا، وقيل: خير مما تأخذونه، ﴿إنْ كُنتُم تَعْلَمُونَ﴾ ما فيه من الأجر، ﴿واتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إلى اللهِ﴾: يوم القيامة، أو يوم الموت، ﴿ثُمَّ تُوَفّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ﴾ أي: جزاء ما عملت، ﴿وهم لا يُظْلَمُونَ﴾ بنقص ثواب وهذه آخر آية نزلت من القرآن، عاش النبي ﷺ بعدها تسع ليال، أو واحد وثلاثين يومًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب