الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا في سَبِيلِ اللَّهِ﴾ قِيلَ: هم فُقَراءُ المُهاجِرِينَ، وفي (أُحْصِرُوا) أرْبَعَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهم مَنَعُوا أنْفُسَهم مِنَ التَّصَرُّفِ لِلْمَعاشِ خَوْفَ العَدُوِّ مِنَ الكُفّارِ، قالَهُقَتادَةُ، وابْنُ زَيْدٍ. والثّانِي: مَنَعَهُمُ الكُفّارُ بِالخَوْفِ مِنهم، قالَهُ السُّدِّيُّ. والثّالِثُ: مَنَعَهُمُ الفَقْرُ مِنَ الجِهادِ. والرّابِعُ: مَنَعَهُمُ التَّشاغُلُ بِالجِهادِ عَنْ طَلَبِ المَعاشِ. ﴿لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا في الأرْضِ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: يَعْنِي تَصَرُّفًا، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. والثّانِي: يَعْنِي تِجارَةً، قالَهُ قَتادَةُ، والسُّدِّيُّ. ﴿يَحْسَبُهُمُ الجاهِلُ أغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ﴾ يَعْنِي مِن قِلَّةِ خِبْرَتِهِ بِهِمْ، ومِنَ التَّعَفُّفِ: يَعْنِي مِنَ التَّقَنُّعِ والعِفَّةِ والقَناعَةِ. ﴿تَعْرِفُهم بِسِيماهُمْ﴾ السِّمَةُ: العَلامَةُ، وفي المُرادِ بِها هُنا قَوْلانِ: أحَدُهُما: الخُشُوعُ، قالَهُ مُجاهِدٌ. والثّانِي: الفَقْرُ، قالَهُ السُّدِّيُّ. ﴿لا يَسْألُونَ النّاسَ إلْحافًا﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنْ يَسْألَ ولَهُ كِفايَةٌ. (p-٣٤٧) والثّانِي: أنَّهُ الِاشْتِمالُ بِالمَسْألَةِ، ومِنهُ اشْتُقَّ اسْمُ اللِّحافِ. فَإنْ قِيلَ: فَهَلْ كانُوا يَسْألُونَ غَيْرَ إلْحافٍ؟ قِيلَ: لا; لِأنَّهم كانُوا أغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ، وإنَّما تَقْدِيرُ الكَلامِ لا يَسْألُونَ فَيَكُونُ سُؤالُهم إلْحافًا. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ في أهْلِ الصُّفَّةِ مِنَ المُهاجِرِينَ: لَمْ يَكُنْ لَهم بِالمَدِينَةِ مَنازِلُ ولا عَشائِرُ وكانُوا نَحْوَ أرْبَعِمِائَةٍ. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أمْوالَهم بِاللَّيْلِ والنَّهارِ سِرًّا وعَلانِيَةً فَلَهم أجْرُهم عِنْدَ رَبِّهِمْ ولا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هم يَحْزَنُونَ﴾ اخْتَلَفُوا في سَبَبِ نُزُولِها عَلى ثَلاثَةِ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّها نَزَلَتْ في عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وجْهَهُ، كانَتْ مَعَهُ أرْبَعَةُ دَراهِمَ فَأنْفَقَها عَلى أهْلِ الصُّفَّةِ، أنْفَقَ في سَوادِ اللَّيْلِ دِرْهَمًا، وفي وضَحِ النَّهارِ دِرْهَمًا، وسِرًّا دِرْهَمًا، وعَلانِيَةً دِرْهَمًا، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: أنَّها نَزَلَتْ في النَّفَقَةِ عَلى الخَيْلِ في سَبِيلِ اللَّهِ لِأنَّهم يُنْفِقُونَ بِاللَّيْلِ والنَّهارِ سِرًّا وعَلانِيَةً، قالَهُ أبُو ذَرٍّ، والأوْزاعِيُّ. والثّالِثُ: أنَّها نَزَلَتْ في كُلِّ مَن أنْفَقَ مالَهُ في طاعَةِ اللَّهِ. وَيَحْتَمِلُ رابِعًا: أنَّها خاصَّةٌ في إباحَةِ الِارْتِفاقِ بِالزُّرُوعِ والثِّمارِ، لِأنَّهُ يَرْتَفِقُ بِها كُلُّ مارٍّ في لَيْلٍ أوْ نَهارٍ، في سِرٍّ وعَلانِيَةٍ، فَكانَتْ أعَمَّ لِأنَّها تُؤْخَذُ عَنِ الإرادَةِ وتُوافِقُ قَدْرَ الحاجَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب