الباحث القرآني
﴿إنَّ إبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً﴾ أي: مأمومًا مقصودًا يقصده الناس ليأخذوا منه الخير أو مؤتمًا به مقتدى فُعْلة بمعنى مفعول كرحلة ونخبة، أي: ما يرتحل إليه وما ينتخب أي يختار أو أمة لأنه وحده مؤمن والناس كلهم كفار، أو لكماله واستجماعه فضائل لا توجد إلا في أمة، ﴿قانِتًا﴾: مطيعًا، ﴿لله حَنِيفًا﴾، مائلًا عن الباطل، ﴿ولَمْ يَكُ مِنَ الُمشْرِكِينَ﴾ كما زعم قريش أنّهم على ملة إبراهيم وهم مشركون، ﴿شاكِرًا لِأنْعُمِهِ﴾ لقلائل نعمه فكيف بالكثير، ﴿اجْتَباهُ﴾ للنبوة، ﴿وهَداهُ إلى صِراطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ عبادة الله وحده، ﴿وآتَيْناهُ في الدُّنْيا حَسَنَةً﴾ هي كونه حبيب الخلائق ومن أولاده الأنبياء، ﴿وإنَّهُ في الآخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ﴾: جمعنا له خير الدارين ومن دعائه عليه السلام: ﴿وألحقني بالصالحين﴾ ﴿ثُمَّ أوْحَيْنا إلَيْكَ﴾: يا محمد، ﴿أنِ اتَّبِعْ﴾ أي: بأن أو تفسيرية، ﴿مِلَّةَ إبْراهِيمَ حَنِيفًا﴾ وهذا أدل دليل على عظمته فإن مثل أفضل الخلائق قاطبة مأمور باتباعه، ﴿وما كانَ مِنَ المُشْرِكِينَ﴾ كما يزعم قومك، ﴿إنَّما جُعِلَ السَّبْتُ﴾ فرض عليهم تعظيمه وترك الاصطياد فيه ﴿عَلى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾: اليهود، فإن موسى عليه السلام أمرهم بتعظيم الجمعة فأبوا إلا شرذمة منهم، وقالوا: نريد يومًا فرغ الله فيه من الخلق وهو السبت فأذن الله لهم في السبت وغلظ وشدد الأمر فيه عليهم فابتلاهم بتحريم صيده فما أطاعوا إلا الشرذمة التي رضوا بيوم الجمعة وعن قتادة اختلفوا فيه أي: استحله بعضهم وحرمه بعضهم، وقيل: أي: إنما جعل وبال السبت، أي: المسخ على الذين حرموه تارة وحللوه أخرى وهو الاختلاف، ﴿وإنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهم يَوْمَ القِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ فيجازي كل فريق بما يستحقه، ﴿ادْعُ إلى سَبِيلِ ربِّكَ﴾: دينه، ﴿بِالحِكْمَةِ﴾: بالقرآن، ﴿والمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ﴾: مواعظ القرآن وقيل المراد القول اللين بلا تغليظ وتعنيف، ﴿وجادِلْهُم بِالتي هي أحْسَنُ﴾ أي: من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال فليكن بالوجه الحسن برفق وحسن خطاب وقيل نسختها آية القتال، ﴿إنَّ رَبَّكَ هو أعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وهو أعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ﴾ أي: قد علم الشقي والسعيد وكتب ذلك عنده وفرغ منه فادعهم أنت إلى الله ولا تذهب نفسك على من ضل منهم حسرات فإنما عليك البلاغ، ﴿وإنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾ السورة مكية وهذه الآيات مدنية نزلت حين وقعت وقعة أحدٍ وفعلوا ما فعلوا بحمزة - رضى الله عنه - فحين نظر إليه رسول الله ﷺ قال والله لئن أظفرني لله بهم لأمثلن بسبعين مكانك فلما نزلت كفَّر عن يمينه، وعن بعضهم أن هذا أمر بالعدل في الاقتصاص والمماثلة في استيفاء الحق مطلقًا، ﴿ولَئِن صَبَرتمْ﴾: عن المجازاة بالمثلة، ﴿لَهُوَ﴾ أي: الصبر، ﴿خَيْرٌ للصّابِرِينَ﴾ من الانتقام للمنتقمين وعلى ما فسرنا الآية محكمة وعن بعضهم، هذا هو الأمر بالصبر عن القتال والابتداء به فنسخت بسورة براءة وعلى كل تقدير الآية في غاية المناسبة مع قوله: ”ادع إلى سبيل ربِّك“ الآية، ﴿واصْبِرْ وما صَبْرُكَ إلّا بِاللهِ﴾: بتوفيقه وعونه، ﴿ولا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾ على من خالفك وقيل: على ما فعل بالمؤمنين، ﴿ولا تَكُ في ضَيْقٍ مِمّا يَمْكُرُونَ﴾ في ضيق صدر من مكرهم فإن الله كافيك وناصرك، ﴿إنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ المحرمات أو الشرك بتأييده ومعونته، ﴿والَّذِينَ هم مُحْسِنُونَ﴾ في العمل وقيل: بالشفقة على خلقه.
اللهم اجعلنا منهم برحمتك الواسعة.
{"ayahs_start":120,"ayahs":["إِنَّ إِبۡرَ ٰهِیمَ كَانَ أُمَّةࣰ قَانِتࣰا لِّلَّهِ حَنِیفࣰا وَلَمۡ یَكُ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ","شَاكِرࣰا لِّأَنۡعُمِهِۚ ٱجۡتَبَىٰهُ وَهَدَىٰهُ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ","وَءَاتَیۡنَـٰهُ فِی ٱلدُّنۡیَا حَسَنَةࣰۖ وَإِنَّهُۥ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ","ثُمَّ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ أَنِ ٱتَّبِعۡ مِلَّةَ إِبۡرَ ٰهِیمَ حَنِیفࣰاۖ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ","إِنَّمَا جُعِلَ ٱلسَّبۡتُ عَلَى ٱلَّذِینَ ٱخۡتَلَفُوا۟ فِیهِۚ وَإِنَّ رَبَّكَ لَیَحۡكُمُ بَیۡنَهُمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ فِیمَا كَانُوا۟ فِیهِ یَخۡتَلِفُونَ","ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِیلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَـٰدِلۡهُم بِٱلَّتِی هِیَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِیلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِینَ","وَإِنۡ عَاقَبۡتُمۡ فَعَاقِبُوا۟ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبۡتُم بِهِۦۖ وَلَىِٕن صَبَرۡتُمۡ لَهُوَ خَیۡرࣱ لِّلصَّـٰبِرِینَ","وَٱصۡبِرۡ وَمَا صَبۡرُكَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَیۡهِمۡ وَلَا تَكُ فِی ضَیۡقࣲ مِّمَّا یَمۡكُرُونَ","إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِینَ ٱتَّقَوا۟ وَّٱلَّذِینَ هُم مُّحۡسِنُونَ"],"ayah":"إِنَّ إِبۡرَ ٰهِیمَ كَانَ أُمَّةࣰ قَانِتࣰا لِّلَّهِ حَنِیفࣰا وَلَمۡ یَكُ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق