الباحث القرآني
أثنى الله سُبْحانَهُ على إبْراهِيم خَلِيله بقوله تَعالى: ﴿إنَّ إبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا ولَمْ يَكُ مِنَ المُشْرِكِينَ (١٢٠) شاكِرًا لِأنْعُمِهِ اجْتَباهُ﴾
فَهَذِهِ أرْبَع أنواع من الثَّناء افتتحها بِأنَّهُ أمة، والأمة هو القدْوَة الَّذِي يؤتم بِهِ.
قالَ ابْن مَسْعُود والأمة المعلم للخير.
وَهِي فعلة من الائتمام كقدوة وهو الَّذِي يَقْتَدِي بِهِ.
والفرق بَين الأمة والإمام من وجْهَيْن:
أحدهما أن الإمام كل ما يؤتم بِهِ سَواء كانَ بِقَصْدِهِ وشعوره أو لا، ومِنه سمي الطَّرِيق إمامًا كَقوله تَعالى: ﴿وَإنْ كانَ أصْحابُ الأيْكَةِ لَظالِمِينَ (٧٨) فانْتَقَمْنا مِنهم وإنَّهُما لَبِإمامٍ مُبِينٍ (٧٩)﴾
أي بطرِيق واضح لا يخفى على السالك، ولا يُسمى الطَّرِيق أمة.
الثّانِي أن الأمة فِيهِ زِيادَة معنى وهو الَّذِي جمع صِفات الكَمال من العلم والعَمَل بِحَيْثُ بَقِي فِيها فَردا وحده، فَهو الجامِع لخصال تَفَرَّقت في غَيره فَكَأنَّهُ باين غَيره باجتماعها فِيهِ وتفرقها، أوْ عدمها في غَيره.
وَلَفظ الأمة يشْعر بِهَذا المَعْنى لما فِيهِ من المِيم المضعفة الدّالَّة على الضَّم بمخرجها وتكريرها، وكَذَلِكَ ضم أوله فَإن الضمة من الواو ومخرجها يَنْضَم عند النُّطْق بها، وأتى بِالتّاءِ الدّالَّة على الوحدَة كالغرفة واللقمة.
وَمِنه الحَدِيث "إن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل يبْعَث يَوْم القِيامَة أمة وحده"
فالضم والاجتماع لازم لِمَعْنى الأمة، ومِنه سميت الأمة الَّتِي هي آحاد الأمم لأنهم النّاس المجتمعون على دين واحِد أوْ في عصر واحِد.
الثّانِي قَوْله ﴿قانِتًا لله﴾ قالَ ابْن مَسْعُود القانت المُطِيع.
والقنوت يُفَسر بأشياء كلها ترجع إلى دوام الطّاعَة.
الثّالِث قَوْله ﴿حَنِيفا﴾ والحنيف المقبل على الله، ويلْزم هَذا المَعْنى ميله عَمّا سواهُ فالميل لازم معنى الحنيف لا أنه مَوْضُوعه لُغَة.
الرّابِع قَوْله ﴿شاكرا لأنعمه﴾ والشُّكْر للنعم مَبْنِيّ على ثَلاثَة أركان الإقرار بِالنعْمَةِ، وإضافتها إلى المُنعم بها، وصرفها في مرضاته، والعَمَل فِيها بِما يجب فَلا يكون العَبْد شاعِرًا إلّا بِهَذِهِ الأشياء الثَّلاثَة.
والمَقْصُود أنه مدح خَلِيله بأربع صِفات كلها ترجع إلى العلم والعَمَل بِمُوجبِه، وتعليمه ونشره، فَعاد الكَمال كُله إلى العلم والعَمَل بِمُوجبِه ودعوة الخلق إليه.
* [فَصْلٌ: مَنزِلَةُ الشُّكْرِ]
وَمِن مَنازِلِ ﴿إيّاكَ نَعْبُدُ وإيّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ مَنزِلَةُ الشُّكْرِ
وَهِيَ مِن أعْلى المَنازِلِ. وهي فَوْقَ مَنزِلَةِ الرِّضا وزِيادَةٌ. فالرِّضا مُنْدَرِجٌ في الشُّكْرِ. إذْ يَسْتَحِيلُ وُجُودُ الشُّكْرِ بِدُونِهِ.
وَهُوَ نِصْفُ الإيمانِ - كَما تَقَدَّمَ - والإيمانُ نِصْفانِ: نِصْفٌ شُكْرٌ. ونِصْفٌ صَبْرٌ.
وَقَدْ أمَرَ اللَّهُ بِهِ. ونَهى عَنْ ضِدِّهِ، وأثْنى عَلى أهْلِهِ. ووَصَفَ بِهِ خَواصَّ خَلْقِهِ. وجَعَلَهُ غايَةَ خَلْقِهِ وأمْرِهِ. ووَعَدَ أهْلَهُ بِأحْسَنِ جَزائِهِ. وجَعَلَهُ سَبَبًا لِلْمَزِيدِ مِن فَضْلِهِ. وحارِسًا وحافِظًا لِنِعْمَتِهِ. وأخْبَرَ أنَّ أهْلَهُ هُمُ المُنْتَفِعُونَ بِآياتِهِ. واشْتَقَّ لَهُمُ اسْمًا مِن أسْمائِهِ. فَإنَّهُ سُبْحانَهُ هو الشَّكُورُ وهو يُوَصِلُ الشّاكِرَ إلى مَشْكُورِهِ بَلْ يُعِيدُ الشّاكِرَ مَشْكُورًا. وهو غايَةُ الرَّبِّ مِن عَبْدِهِ. وأهْلُهُ هُمُ القَلِيلُ مِن عِبادِهِ. قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿واشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إنْ كُنْتُمْ إيّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [النحل: ١١٤] وقالَ ﴿واشْكُرُوا لِي ولا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: ١٥٢] وقالَ عَنْ خَلِيلِهِ إبْراهِيمَ ﷺ ﴿إنَّ إبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا ولَمْ يَكُ مِنَ المُشْرِكِينَ - شاكِرًا لِأنْعُمِهِ﴾ [النحل: ١٢٠-١٢١] وقالَ عَنْ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ ﴿إنَّهُ كانَ عَبْدًا شَكُورًا﴾ [الإسراء: ٣]
وَقالَ تَعالى: ﴿واللَّهُ أخْرَجَكم مِن بُطُونِ أُمَّهاتِكم لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ والأبْصارَ والأفْئِدَةَ لَعَلَّكم تَشْكُرُونَ﴾ [النحل: ٧٨] وقالَ تَعالى: ﴿واعْبُدُوهُ واشْكُرُوا لَهُ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [العنكبوت: ١٧] وقالَ تَعالى: ﴿وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٤٤] وقالَ تَعالى: ﴿وَإذْ تَأذَّنَ رَبُّكم لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأزِيدَنَّكم ولَئِنْ كَفَرْتُمْ إنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم: ٧] وقالَ تَعالى: ﴿إنَّ في ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكُورٍ﴾ [إبراهيم: ٥]
وَسَمّى نَفْسَهُ شاكِرًا وشَكُورًا وسَمّى الشّاكِرِينَ بِهَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ. فَأعْطاهم مِن وصْفِهِ. وسَمّاهم بِاسْمِهِ. وحَسْبُكَ بِهَذا مَحَبَّةً لِلشّاكِرِينَ وفَضْلًا.
وَإعادَتُهُ لِلشّاكِرِ مَشْكُورًا. كَقَوْلِهِ: ﴿إنَّ هَذا كانَ لَكم جَزاءً وكانَ سَعْيُكم مَشْكُورًا﴾ [الإنسان: ٢٢]
وَرِضا الرَّبِّ عَنْ عَبْدِهِ بِهِ. كَقَوْلِهِ: ﴿وَإنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾ [الزمر: ٧] وقِلَّةُ أهْلِهِ في العالَمِينَ تَدُلُّ عَلى أنَّهم هم خَواصُّهُ. كَقَوْلِهِ: ﴿وَقَلِيلٌ مِن عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: ١٣]
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ «أنَّهُ قامَ حَتّى تَوَرَّمَتْ قَدَماهُ. فَقِيلَ لَهُ: تَفْعَلُ هَذا وقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأخَّرَ؟ فَقالَ: أفَلا أكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟».
«وَقالَ لِمُعاذٍ واللَّهِ يا مُعاذُ، إنِّي لَأُحِبُّكَ. فَلا تَنْسَ أنْ تَقُولَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ: اللَّهُمَّ أعِنِّي عَلى ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسْنِ عِبادَتِكَ».
وَفِي المُسْنَدِ والتِّرْمِذِيِّ مِن حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ «كانَ يَدْعُو بِهَؤُلاءِ الكَلِماتِ: اللَّهُمَّ أعِنِّي ولا تُعِنْ عَلَيَّ. وانْصُرْنِي ولا تَنْصُرْ عَلَيَّ. وامَكْرُ لِي ولا تَمْكُرْ بِي. واهْدِنِي ويَسِّرِ الهُدى لِي. وانْصُرْنِي عَلى مَن بَغى عَلَيَّ. رَبِّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكّارًا لَكَ ذَكّارًا لَكَ رَهّابًا لَكَ مُطاوِعًا لَكَ مُخْبِتًا إلَيْكَ أوّاهًا مُنِيبًا. رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي. واغْسِلْ حَوْبَتِي. وأجِبْ دَعْوَتِي. وثَبِّتْ حُجَّتِي. واهْدِ قَلْبِي. وسَدِّدْ لِسانِي. واسْلُلْ سَخِيمَةَ صَدْرِي».
* [فَصْلٍ أصْلُ الشُّكْرِ في اللُّغَةِ]
* فَصْلٍ وأصْلُ الشُّكْرِ في وضْعِ اللِّسانِ: ظُهُورُ أثَرِ الغِذاءِ في أبْدانِ الحَيَوانِ ظُهُورًا بَيِّنًا. يُقالُ: شَكِرَتِ الدّابَّةُ تَشْكَرُ شَكَرًا عَلى وزْنِ سَمِنَتْ تَسْمَنُ سِمَنًا: إذا ظَهَرَ عَلَيْها أثَرُ العَلَفِ، ودابَّةٌ شَكُورٌ: إذا ظَهَرَ عَلَيْها مِنَ السِّمَنِ فَوْقَ ما تَأْكُلُ وتُعْطى مِنَ العَلَفِ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ حَتّى إنَّ الدَّوابَّ لَتَشْكَرُ مِن لُحُومِهِمْ أيْ لَتَسَمَنُ مِن كَثْرَةِ ما تَأْكُلُ مِنها.
وَكَذَلِكَ حَقِيقَتُهُ في العُبُودِيَّةِ. وهو ظُهُورُ أثَرِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلى لِسانِ عَبْدِهِ: ثَناءً واعْتِرافًا. وعَلى قَلْبِهِ: شُهُودًا ومَحَبَّةً. وعَلى جَوارِحِهِ: انْقِيادًا وطاعَةً.
والشُّكْرُ مَبْنِيٌ عَلى خَمْسِ قَواعِدَ: خُضُوعُ الشّاكِرِ لِلْمَشْكُورِ. وحُبُّهُ لَهُ. واعْتِرافُهُ بِنِعْمَتِهِ. وثَناؤُهُ عَلَيْهِ بِها. وأنْ لا يَسْتَعْمِلَها فِيما يَكْرَهُ.
فَهَذِهِ الخَمْسُ: هي أساسُ الشُّكْرِ. وبِناؤُهُ عَلَيْها. فَمَتى عُدِمَ مِنها واحِدَةً: اخْتَلَّ مِن قَواعِدِ الشُّكْرِ قاعِدَةٌ.
وَكُلُّ مَن تَكَلَّمَ في الشُّكْرِ وحْدَهُ، فَكَلامُهُ إلَيْها يَرْجِعُ. وعَلَيْها يَدُورُ.
فَقِيلَ: حَدُّهُ الِاعْتِرافُ بِنِعْمَةِ المُنْعِمِ عَلى وجْهِ الخُضُوعِ.
وَقِيلَ: الثَّناءُ عَلى المُحْسِنِ بِذِكْرِ إحْسانِهِ.
وَقِيلَ: هو عُكُوفُ القَلْبِ عَلى مَحَبَّةِ النِّعَمِ، والجَوارِحِ عَلى طاعَتِهِ، وجَرَيانُ اللِّسانِ بِذِكْرِهِ، والثَّناءِ عَلَيْهِ.
وَقِيلَ: هو مُشاهَدَةُ المِنَّةِ. وحِفْظُ الحُرْمَةِ.
وَما ألْطَفَ ما قالَ حَمْدُونُ القَصّارُ: شُكْرُ النِّعْمَةِ أنْ تَرى نَفْسَكَ فِيها طُفَيْلِيًّا.
وَقالَ أبُو عُثْمانَ: الشُّكْرُ مَعْرِفَةُ العَجْزِ عَنِ الشُّكْرِ.
وَقِيلَ: الشُّكْرُ إضافَةُ النِّعَمِ إلى مُولِيها بِنَعْتِ الِاسْتِكانَةِ لَهُ.
وَقالَ الجُنَيْدُ: الشُّكْرُ أنْ لا تَرى نَفْسَكَ أهْلًا لِلنِّعْمَةِ.
هَذا مَعْنى قَوْلِ حَمْدُونَ أنْ يَرى نَفْسَهُ فِيها طُفَيْلِيًّا.
وَقالَ رُوَيْمٌ: الشُّكْرُ اسْتِفْراغُ الطّاقَةِ.
وَقالَ الشِّبْلِيُّ: الشُّكْرُ رُؤْيَةُ المُنْعِمِ لا رُؤْيَةُ النِّعْمَةِ.
قُلْتُ: يَحْتَمِلُ كَلامُهُ أمْرَيْنِ.
أحَدُهُما: أنْ يَفْنى بِرُؤْيَةِ المُنْعِمِ عَنْ رُؤْيَةِ نِعَمِهِ.
والثّانِي: أنْ لا تَحْجُبَهُ رُؤْيَةُ نِعَمِهِ ومُشاهَدَتُها عَنْ رُؤْيَةِ المُنْعِمِ بِها. وهَذا أكْمَلُ. والأوَّلُ أقْوى عِنْدَهم.
والكَمالُ: أنْ تَشْهَدَ النِّعْمَةَ والمُنْعِمَ. لِأنَّ شُكْرَهُ بِحَسَبِ شُهُودِ النِّعْمَةِ. فَكُلَّما كانَ أتَمَّ كانَ الشُّكْرُ أكْمَلَ. واللَّهُ يُحِبُّ مِن عَبْدِهِ: أنْ يَشْهَدَ نِعَمَهُ، ويَعْتَرِفَ لَهُ بِها. ويُثْنِيَ عَلَيْهِ بِها. ويُحِبُّهُ عَلَيْها. لا أنْ يَفْنى عَنْها. ويَغِيبَ عَنْ شُهُودِها.
وَقِيلَ: الشُّكْرُ قَيْدُ النِّعَمِ المَوْجُودَةِ، وصَيْدُ النِّعَمِ المَفْقُودَةِ.
وَشُكْرُ العامَّةِ: عَلى المَطْعَمِ والمَشْرَبِ والمَلْبَسِ، وقُوتِ الأبْدانِ.
وَشُكْرُ الخاصَّةِ: عَلى التَّوْحِيدِ والإيمانِ وقُوتِ القُلُوبِ.
وَقالَ داوُدُ عَلَيْهِ السَّلامُ: يا رَبِّ، كَيْفَ أشْكُرُكَ؟ وشُكْرِي لَكَ نِعْمَةٌ عَلَيَّ مِن عِنْدِكَ تَسْتَوْجِبُ بِها شُكْرًا. فَقالَ: الآنَ شَكَرْتَنِي يا داوُدُ.
وَفِي أثَرٍ آخَرَ إسْرائِيلِيٍّ: أنَّ مُوسى ﷺ قالَ يا رَبِّ، خَلَقْتَ آدَمَ بِيَدِكَ. ونَفَخْتَ فِيهِ مِن رُوحِكَ. وأسْجَدْتَ لَهُ مَلائِكَتَكَ. وعَلَّمْتَهُ أسْماءَ كُلِّ شَيْءٍ. وفَعَلْتَ وفَعَلْتَ. فَكَيْفَ شَكَرَكَ؟ قالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: عَلِمَ أنَّ ذَلِكَ مِنِّي. فَكانَتْ مَعْرِفَتُهُ بِذَلِكَ شُكْرًا لِي.
وَقِيلَ: الشُّكْرُ التَّلَذُّذُ بِثَنائِهِ، عَلى ما لَمْ تَسْتَوْجِبْ مِن عَطائِهِ.
وَقالَ الجُنَيْدُ - وقَدْ سَألَهُ سَرِيٌّ عَنِ الشُّكْرِ، وهو صَبِيٌّ - الشُّكْرُ: أنْ لا يُسْتَعانَ بِشَيْءٍ مِن نِعَمِ اللَّهِ عَلى مَعاصِيهِ. فَقالَ: مِن أيْنَ لَكَ هَذا؟ قالَ: مِن مُجالَسَتِكَ.
وَقِيلَ: مَن قَصُرَتْ يَداهُ عَنِ المُكافَآتِ فَلْيَطُلْ لِسانُهُ بِالشُّكْرِ.
والشُّكْرُ مَعَهُ المَزِيدُ أبَدًا. لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: ٧] فَمَتى لَمْ تَرَ حالَكَ في مَزِيدٍ. فاسْتَقْبِلِ الشُّكْرَ.
وَفِي أثَرٍ إلَهِيٍّ: يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ «أهْلُ ذِكْرِي أهْلُ مُجالَسَتِي، وأهْلُ شُكْرِي أهْلُ زِيادَتِي، وأهْلُ طاعَتِي أهْلُ كَرامَتِي، وأهْلُ مَعْصِيَتِي لا أُقَنِّطُهم مِن رَحْمَتِي. إنْ تابُوا فَأنا حَبِيبُهُمْ، وإنْ لَمْ يَتُوبُوا فَأنا طَبِيبُهم. أبْتَلِيهِمْ بِالمَصائِبِ، لِأُطَهِّرَهم مِنَ المَعايِبِ».
وَقِيلَ: مَن كَتَمَ النِّعْمَةَ فَقَدْ كَفَرَها. ومَن أظْهَرَها ونَشَرَها فَقَدْ شَكَرَها.
وَهَذا مَأْخُوذٌ مِن قَوْلِهِ: ﷺ «إنَّ اللَّهَ إذا أنْعَمَ عَلى عَبْدٍ بِنِعْمَةٍ أحَبَّ أنْ يَرى أثَرَ نِعْمَتِهِ عَلى عَبْدِهِ».
وَفِي هَذا قِيلَ:
؎وَمِنَ الرَّزِيَّةِ أنَّ شُكْرِيَ صامِتٌ ∗∗∗ عَمّا فَعَلْتَ وأنَّ بِرَّكَ ناطِقُ
؎وَأرى الصَّنِيعَةَ مِنكَ ثُمَّ أُسِرُّها ∗∗∗ إنِّي إذًا لِنَدى الكَرِيمِ لَسارِقُ
* [فَصْلٌ دَرَجاتُ الشُّكْرِ]
[الدَّرَجَةُ الأُولى الشُّكْرُ عَلى المَحابِّ]
قالَ: وهو عَلى ثَلاثِ دَرَجاتٍ. الدَّرَجَةُ الأُولى: الشُّكْرُ عَلى المُحابِّ. وهَذا شُكْرٌ تَشارَكَتْ فِيهِ المُسْلِمُونَ واليَهُودُ والنَّصارى والمَجُوسُ. ومِن سِعَةِ رَحْمَةِ البارِي سُبْحانَهُ: أنْ عَدَّهُ شُكْرًا. ووَعَدَ عَلَيْهِ الزِّيادَةَ، وأوْجَبَ فِيهِ المَثُوبَةَ.
إذا عَلِمْتَ حَقِيقَةَ الشُّكْرِ وأنَّ جُزْءَ حَقِيقَتِهِ: الِاسْتِعانَةُ بِنِعَمِ المُنْعِمِ عَلى طاعَتِهِ ومَرْضاتِهِ: عَلِمْتَ اخْتِصاصَ أهْلِ الإسْلامِ بِهَذِهِ الدَّرَجَةِ. وأنَّ حَقِيقَةَ الشُّكْرِ عَلى المَحابِّ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِمْ.
نَعَمْ لِغَيْرِهِمْ مِنها بَعْضُ أرْكانِها وأجْزائِها، كالِاعْتِرافِ بِالنِّعْمَةِ، والثَّناءِ عَلى المُنْعِمِ بِها. فَإنَّ جَمِيعَ الخَلْقِ في نِعَمِ اللَّهِ، وكُلُّ مَن أقَرَّ بِاللَّهِ رَبًّا، وتَفَرَّدَهُ بِالخَلْقِ والإحْسانِ. فَإنَّهُ يُضِيفُ نِعْمَتَهُ إلَيْهِ، لَكِنَّ الشَّأْنَ في تَمامِ حَقِيقَةِ الشُّكْرِ. وهو الِاسْتِعانَةُ بِها عَلى مَرْضاتِهِ. وقَدْ كَتَبَتْ عائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها إلى مُعاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إنَّ أقَلَّ ما يَجِبُ لِلْمُنْعِمِ عَلى مَن أنْعَمَ عَلَيْهِ: أنْ لا يَجْعَلَ ما أنْعَمَ عَلَيْهِ سَبِيلًا إلى مَعْصِيَتِهِ.
وَقَدْ عُرِفَ مُرادُ الشَّيْخِ. وهو أنَّ هَذا الشُّكْرَ مُشْتَرَكٌ. وهو الِاعْتِرافُ بِنِعَمِهِ سُبْحانَهُ، والثَّناءُ عَلَيْهِ بِها، والإحْسانُ إلى خَلْقِهِ مِنها. وهَذا بِلا شَكٍّ يُوجِبُ حِفْظَها عَلَيْهِمْ والمَزِيدَ مِنها. فَهَذا الجُزْءُ مِنَ الشُّكْرِ مُشْتَرَكٌ. وقَدْ تَكُونُ ثَمَرَتُهُ في الدُّنْيا بِعاجِلِ الثَّوابِ. وفي الآخِرَةِ: بِتَخْفِيفِ العِقابِ. فَإنَّ النّارَ دَرَكاتٌ في العُقُوبَةِ مُخْتَلِفَةٌ.
* [فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثّانِيَةُ الشُّكْرُ في المَكارِهِ]
قال: وهَذا مِمَّنْ تَسْتَوِي عِنْدَهُ الحالاتُ: إظْهارًا لِلرِّضا. ومِمَّنْ يُمَيِّزُ بَيْنَ الأحْوالِ: لِكَظْمِ الغَيْظِ، وسَتْرِ الشَّكْوى. ورِعايَةِ الأدَبِ. وسَلُوكِ مَسْلَكِ العِلْمِ. وهَذا الشّاكِرُ أوَّلُ مَن يُدْعى إلى الجَنَّةِ.
يَعْنِي أنْ الشُّكْرَ عَلى المَكارِهِ: أشَدُّ وأصْعَبُ مِنَ الشُّكْرِ عَلى المَحابِّ. ولِهَذا كانَ فَوْقَهُ في الدَّرَجَةِ. ولا يَكُونُ إلّا مِن أحَدِ رَجُلَيْنِ:
إمّا رَجُلٌ لا يُمَيِّزُ بَيْنَ الحالاتِ: بَلْ يَسْتَوِي عِنْدَهُ المَكْرُوهُ والمَحْبُوبُ. فَشُكْرُ هَذا: إظْهارٌ مِنهُ لِلرِّضا بِما نَزَلَ بِهِ. وهَذا مَقامُ الرِّضا.
الرَّجُلُ الثّانِي: مَن يُمَيِّزُ بَيْنَ الأحْوالِ. فَهو لا يُحِبُّ المَكْرُوهَ. ولا يَرْضى بِنُزُولِهِ بِهِ. فَإذا نَزَلَ بِهِ مَكْرُوهٌ شَكَرَ اللَّهَ تَعالى عَلَيْهِ، فَكانَ شُكْرُهُ كَظْمًا لِلْغَيْظِ الَّذِي أصابَهُ، وسَتْرًا لِلشَّكْوى، ورِعايَةً مِنهُ لِلْأدَبِ، وسُلُوكًا لِمَسْلَكِ العِلْمِ. فَإنَّ العِلْمَ والأدَبَ يَأْمُرانِ بِشُكْرِ اللَّهِ عَلى السَّرّاءِ والضَّرّاءِ. فَهو يَسْلُكُ بِهَذا الشُّكْرِ مَسْلَكَ العِلْمِ. لِأنَّهُ شاكِرٌ لِلَّهِ شُكْرَ مَن رَضِيَ بِقَضائِهِ، كَحالِ الَّذِي قَبْلَهُ. فالَّذِي قَبْلَهُ: أرْفَعُ مِنهُ.
وَإنَّما كانَ هَذا الشّاكِرُ أوَّلَ مَن يُدْعى إلى الجَنَّةِ: لِأنَّهُ قابِلٌ لِلْمَكارِهِ - الَّتِي يُقابِلُها أكْثَرُ النّاسِ بِالجَزَعِ والسُّخْطِ، وأوْساطُهم بِالصَّبْرِ، وخاصَّتُهم بِالرِّضا - فَقابَلَها هو بِأعْلى مِن ذَلِكَ كُلِّهِ. وهو الشُّكْرُ. فَكانَ أسْبَقَهم دُخُولًا إلى الجَنَّةِ. وأوَّلَ مَن يُدْعى مِنهم إلَيْها.
وَقَسَّمَ أهْلَ هَذِهِ الدَّرَجَةِ إلى قِسْمَيْنِ: سابِقِينَ، ومُقَرَّبِينَ بِحَسَبِ انْقِسامِهِمْ إلى مَن يَسْتَوِي عِنْدَهُ الحالاتُ، مِنَ المَكْرُوهِ والمَحْبُوبِ، فَلا يُؤْثَرُ أحَدُهُما عَلى الآخَرِ. بَلْ قَدْ فَنِيَ بِإيثارِهِ ما يَرْضى لَهُ بِهِ رَبُّهُ عَمّا يَرْضاهُ هو لِنَفْسِهِ. وإلى مَن يُؤْثِرُ المَحْبُوبَ، ولَكِنْ إذا نَزَلَ بِهِ المَكْرُوهُ قابَلَهُ بِالشُّكْرِ.
* [فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثّالِثَةُ أنْ لا يَشْهَدَ العَبْدُ إلّا المُنْعِمَ]
قالَ الدَّرَجَةُ الثّالِثَةُ: أنْ لا يَشْهَدَ العَبْدُ إلّا المُنْعِمَ. فَإذا شَهِدَ المُنْعِمَ عُبُودِيَّةً: اسْتَعْظَمَ مِنهُ النِّعْمَةَ. وإذا شَهِدَهُ حُبًّا: اسْتَحْلى مِنهُ الشِّدَّةَ. وإذا شَهِدَهُ تَفْرِيدًا: لَمْ يَشْهَدْ مِنهُ نِعْمَةً، ولا شَدَّةً.
هَذِهِ الدَّرَجَةُ يَسْتَغْرِقُ صاحِبُها بِشُهُودِ المُنْعِمِ عَنِ النِّعْمَةِ. فَلا يَتَّسِعُ شُهُودُهُ لِلْمُنْعِمِ ولِغَيْرِهِ.
وَقَسَّمَ أصْحابَها إلى ثَلاثَةِ أقْسامٍ: أصْحابُ شُهُودِ العُبُودِيَّةِ. وأصْحابُ شُهُودِ الحُبِّ. وأصْحابُ شُهُودِ التَّفْرِيدِ. وجَعَلَ لِكُلٍّ مِنهم حُكْمًا، هو أوْلى بِهِ.
فَأمّا شُهُودُهُ عُبُودِيَّةً: فَهو مُشاهَدَةُ العَبْدِ لِلسَّيِّدِ بِحَقِيقَةِ العُبُودِيَّةِ والمِلْكِ لَهُ، فَإنَّ العَبِيدَ إذا حَضَرُوا بَيْنَ يَدَيْ سَيِّدِهِمْ، فَإنَّهم يَنْسَوْنَ ما هم فِيهِ مِنَ الجاهِ، والقُرْبِ الَّذِي اخْتُصُّوا بِهِ عَنْ غَيْرِهِمْ بِاسْتِغْراقِهِمْ في أدَبِ العُبُودِيَّةِ وحَقِّها، ومُلاحَظَتِهِمْ لِسَيِّدِهِمْ، خَوْفًا أنْ يُشِيرَ إلَيْهِمْ بِأمْرٍ، فَيَجِدَهم غافِلِينَ عَنْ مُلاحَظَتِهِ. وهَذا أمْرٌ يَعْرِفُهُ مَن شاهَدَ أحْوالَ المُلُوكِ وخَواصَّهم.
فَهَذا هو شُهُودُ العَبْدِ لِلْمُنْعِمِ بِوَصْفِ عُبُودِيَّتِهِ لَهُ، واسْتِغْراقِهِ عَنِ الإحْسانِ بِما حَصَلَ لَهُ مِنهُ القُرْبُ الَّذِي تَمَيَّزَ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ.
فَصاحِبُ هَذا المَشْهَدِ: إذا أنْعَمَ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ في هَذِهِ الحالِ - مَعَ قِيامِهِ في مَقامِ العُبُودِيَّةِ - يُوجِبُ عَلَيْهِ أنْ يَسْتَصْغِرَ نَفْسَهُ في حَضْرَةِ سَيِّدِهِ غايَةَ الِاسْتِصْغارِ، مَعَ امْتِلاءِ قَلْبِهِ مِن مَحَبَّتِهِ، فَأيُّ إحْسانٍ نالَهُ مِنهُ في هَذِهِ الحالَةِ. رَآهُ عَظِيمًا. والواقِعُ شاهِدٌ بِهَذا في حالِ المُحِبِّ الكامِلِ المَحَبَّةِ، المُسْتَغْرِقِ في مُشاهَدَةِ مَحْبُوبِهِ إذا ناوَلَهُ شَيْئًا يَسِيرًا. فَإنَّهُ يَراهُ في ذَلِكَ المَقامِ عَظِيمًا جِدًّا. ولا يَراهُ غَيْرُهُ كَذَلِكَ.
القِسْمُ الثّانِي: يَشْهَدُ الحَقَّ شُهُودَ مَحَبَّةٍ غالِبَةٍ قاهِرَةٍ لَهُ، مُسْتَغْرِقٌ في شُهُودِهِ كَذَلِكَ. فَإنَّهُ يَسْتَحْلِي في هَذِهِ الحالِ الشِّدَّةَ مِنهُ. لِأنَّ المُحِبَّ يَسْتَحْلِي فِعْلَ المَحْبُوبِ بِهِ.
وَأقَلُّ ما في هَذا المَشْهَدِ: أنْ يُخِفَّ عَلَيْهِ حِمْلُ الشَّدائِدِ، إنْ لَمْ تَسْمَحْ نَفْسُهُ بِاسْتِحْلائِها. وفي هَذا مِنَ الحِكاياتِ المَعْرُوفَةِ عِنْدَ النّاسِ ما يُغْنِي عَنْ ذِكْرِها، كَحالِ الَّذِي كانَ يُضْرَبُ بِالسِّياطِ ولا يَتَحَرَّكُ، حَتّى ضُرِبَ آخَرَ سَوْطٍ. فَصاحَ صِياحًا شَدِيدًا. فَقِيلَ لَهُ في ذَلِكَ. فَقالَ: العَيْنُ الَّتِي كانَتْ تَنْظُرُ إلَيَّ وقْتَ الضَّرْبِ كانَتْ تَمْنَعُنِي مِنَ الإحْساسِ بِالألَمِ. فَلَمّا فَقَدْتُها وجَدْتُ ألَمَ الضَّرْبِ.
وَهَذِهِ الحالُ عارِضَةٌ لَيْسَتْ بِلازِمَةٍ. فَإنَّ الطَّبِيعَةَ تَأْبى اسْتِحْلاءَ المُنافِي كاسْتِحْلاءِ المُوافِقِ.
نَعَمْ قَدْ يَقْوى سُلْطانُ المَحَبَّةِ حَتّى يَسْتَحْلِيَ المُحِبُّ ما يَسْتَمِرُّهُ غَيْرُهُ. ويَسْتَخِفَّ ما يَسْتَثْقِلُهُ غَيْرُهُ. ويَأْنَسَ بِما يَسْتَوْحِشُ مِنهُ الخَلِيُّ. ويَسْتَوْحِشَ مِمّا يَأْنَسُ بِهِ، ويَسْتَلِينَ ما يَسْتَوْعِرُهُ. وقُوَّةُ هَذا وضَعْفُهُ بِحَسَبِ قَهْرِ سُلْطانِ المَحَبَّةِ، وغَلَبَتِهِ عَلى قَلْبِ المُحِبِّ.
القِسْمُ الثّالِثُ: أنْ يَشْهَدَهُ تَفْرِيدًا. فَإنَّهُ لا يَشْهَدُ مَعَهُ نِعْمَةً ولا شِدَّةً.
يَقُولُ: إنَّ شُهُودَ التَّفْرِيدِ: يُفْنِي الرَّسْمَ. وهَذِهِ حالُ الفَناءِ المُسْتَغْرِقِ فِيهِ، الَّذِي لا يَشْهَدُ نِعْمَةً ولا بَلِيَّةً. فَإنَّهُ يَغِيبُ بِمَشْهُودِهِ عَنْ شُهُودِهِ لَهُ. ويَفْنى بِهِ عَنْهُ. فَكَيْفَ يَشْهَدُ مَعَهُ نِعْمَةً أوْ بَلِيَّةً؟
{"ayahs_start":120,"ayahs":["إِنَّ إِبۡرَ ٰهِیمَ كَانَ أُمَّةࣰ قَانِتࣰا لِّلَّهِ حَنِیفࣰا وَلَمۡ یَكُ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ","شَاكِرࣰا لِّأَنۡعُمِهِۚ ٱجۡتَبَىٰهُ وَهَدَىٰهُ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ"],"ayah":"إِنَّ إِبۡرَ ٰهِیمَ كَانَ أُمَّةࣰ قَانِتࣰا لِّلَّهِ حَنِیفࣰا وَلَمۡ یَكُ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق